الأعزاء .. معذرة للتوقف لأكثر من شهر عن تحديث المدونة.. حيث ان بداية العمل في الصحيفة الجديدة "التيار" استنزفت جهدا ووقتا ثمينا
نواصل التواصل... في هذه المدونة .. كما تجدون الصحيفة الجديدة التي صدرت نسختها الورقية يوم 17 أغسطس 2009 .. لكن الموقع الالكتروني تأخر وم يبدأ الا اليوم الخميس 1 أكتوبر 2009
تجدون الموقع على العنوان :
http://www.altayarnews.net/
الخميس، 1 أكتوبر 2009
الثلاثاء، 11 أغسطس 2009
11 اغسطس 2009 فاصل ونواصل
فاصل.. ونواصل..!!
أرجو أن يتقبل القارئ الكريم اعتذاري.. فبعد أكثر من ثلاثة أعوام من اللقاء اليومي معكم على الصفحة الأخيرة في صحيفة السوداني .. أستأذنكم اليوم في الانتقال إلى مرحلة جديدة..امتداداً لمدرسة (السوداني) في صحيفة جديدة .. صحيفة (التيار) التي نحلم بأن تكون إضافة للصحافة السودانية ..
صلتي مع صديقي الأستاذ محجوب عروة مؤسس صحيفة السوداني بدأت في مدرسة (الرأي العام) التي كان يرأس مجلس إداراتها حينما انضممت لها في العام 1997 قادماً من مدرسة حسين خوجلي في صحيفة (ألوان) .. ثم شاء الله أن ينتقل محجوب عروة إلى مدرسة (الصحافة) فأنتقل إليها بعده في أكتوبر 2005.. ثم أن نجتمع معاً في (السوداني) التي ثابرنا على مسيرتها .. في اليسر والعسر ..وعشنا نهاراتها ولياليها متحدي الهم.. ودخلنا السجن معاً.. وصفقنا لكل نجاح تحقق.. معاً..
ليس بعيداً عن مدرسة (السوداني) سنحاول – والتوفيق من الله – أن نؤسس لجيل جديد من الصحافة السودانية.. أطلقنا عليه (الجيل الخامس).. ليس جيلاً عمرياً.. بل جيلاً مهنياً.. جيل فيه محاولة الخروج قليلاً على بعض الثوابت المتعارف عليها..مثلا، قمنا باختيار الصحفيين عن طريق الإعلان المفتوح في الصحف، ثم استقبال طلبات التقديم عبر الإنترنت.. وكان المتعارف عليه في الصحف السودانية التوظيف عبر الاتصال المباشر الذي في أحيان كثيرة يغضب الصحف التي ينتقل بعض صحافيها إلى الصحف الجديدة.. كان كثير من الزملاء الصحفيين يقولون لي لماذا نقدم طلباً للعمل.. ولماذا عبر الانترنت.. ولماذا نخضع للمعاينة.. وكنت أقول لهم .. لان ذلك بالضبط هو ما ننتقد الحكومة حينما لا تفعله في وظائفها.. ولأن ذلك بالضبط هو الذي نلح في تسميته بـ(الشفافية) ..
شرفني زملائي برئاسة تحرير (التيار) .. ورغم القلق النبيل من مثل هذه المسؤولية.. إلا أن ثقتي في توفيق الله.. يعضدها اليقين بأن الهدف الأسمى هو (الإنسان).. المواطن السوداني الذي ينظر للصحافة بتقدير كبير وينتظرها أن تنطق بلسانه وتحمي حقوقه وتنصفه.. صحافة لا يقرأها القارئ بعينيه..بل يسمعها بأذنه .. ويشم أنفاسها..بقلبه..!!
وإذ أترك هذه المساحة.. هنا في الركن الأيمن الأعلى في الصفحة الأخيرة من حبيبتي (السوداني) لا أجد عزاء.. إلا أن صحيفة (التيار) ستحتضن العمود في ذات الصفحة .. بذات الرسالة.. وذات العشق..!!أستودعكم الله هنا .. على موعد أن نلتقي في صحيفة (التيار) صباح الأحد القادم 16 أغسطس 2009.. باذن الله .. وهو ولي التوفيق..
11 اغسطس 2009 جلسة ما منظور مثيلا
جلسة .. ما منظور مثيلا..!!
الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم.. شرفنا بزيارة قرية الخليلة.. يرافقه معتمد الخرطوم بحري الأستاذ موسي عمر.. تجول على أجمل شواطئ السودان.. التقى وتحدث مع المواطنين.. كفاحاً وعلى الهواء مباشرة.. كثير منهم لم يعلموا أن الذي صافحهم وتحدث معهم هو حاكم الخرطوم إلا بعد حين..ثم جلس على شاطئ النيل (جلسة ما منظور مثيلا..) على قول شاعرنا عبيد عبد الرحمن في رائعة الكاشف.. وصبر على السمع.. البصير..
تقدم بعض المواطنين للوالي بمطالب.. عادية كأي قرية في السودان لا تخرج من الخدمات الأساسية.. صحة .. تعليم .. وغيرهما.. الوالي كان يسمع أكثر – كثيراً- مما يتكلم.. يصغي بكل انتباه.. ولا يضجر من ضجيج المطالب مهما كانت.. وينظر لكل مواطن .. بلا أدني حاجة لقياس (طوله .. وعرضه).. بل أحياناً كثيرة.. كأني بهم يستلهم الحكمة من أفواه الناس.. كان يهتم أن يفصل في كل مسألة.. واذا احتاج لمعلومات يطلب من معاونيه الاتصال بالهاتف بالمسؤول عن الملف المعني.. ويستعين به في اتخاذ القرار السليم .. كل المطالب تقريبا إما استجاب لها أو أقنع المطالبين بخيار أنسب غيرها.. أو اقنعهم –برضاء كامل - بلا جدوى المطالبة بها..
نموذج جديد لإدارة الناس..منهج تفكير يضع (الإنسان) في صدر الحركة والسكون.. أن يكون هو هدف التنمية لا ضحيتها.. لا يعقل كلما فتحت الحكومة مشروعا للتنمية كتبت على جوانبه الدم.. لا حاجة لاستعادة اسماء المشاريع الشهيرة للتذكير بها.. ففي كل مشروع.. كان هناك ضحايا.. بعضهم.. قبل أن يبدأ.. وأغلبهم قبل أن ينتهي..حتى بدت أحيانا الصورة وكأن المشاريع تقتات بالجماجم.. جماجم الناقمين المخنوقين بالغضب والغبن..
والإنسان السوداني – لحسن الحظ – شديد الحساسية لما يمسه.. يحتفي بتكريمه ولو بشق كلمة.. ويغضب ويأنف.. إذا مسه التجاهل .. تكفيه كلمة طيبة - مجرد كلمة لا غير- فيتحمل الضنك والشقاء بكل سعة صدر.. يطأ على نفسه بكل عزة نفس.. من أجل غيره..
لو فهم الناس هذا الشعب.. لما احتاج السودان أن يظل في قائمة الدول الراعية للبؤس والشقاء.. كنا أحق بأن نكون واحة الاستقرار والرفاهية في أفريقيا ..بما نملك من موارد طبيعية وأفضل منها البشرية.. شعب المكون الأخلاقي سمته الأولى.. محاط بقوائم طويلة من (العيب) التي تمنع الإنسان أن يتحرك أدنى مماهو مطلوب من الإنسان... لا كبعض غيرنا من الشعوب التي تخطت حواجز العيب وصار مجرد السير في شوارعها .. نهارا ضرب من المخاطرة.. وليلا.. انتحار..
بكل صدق.. المنهج الذي يتبعه الدكتور عبد الرحمن الخضر.. في حكم ولايته يستحق الاستنساخ .. في أجهزة الدولة الأخري .. هذا هو النموذج الرائد للحكم الرشيد..
ليته يتمدد..ليته لا يتبدد..
الجمعة، 7 أغسطس 2009
7 اغسطس 2009 الناس السفلي
الناس ..السفلي ..!!
قبل عدة سنوات .. كنت في حاجة ماسة لبعض المعلومات الرسمية لكتابة مقال مهم .. اتصلت بكل أدب بالجهة الرسمية .. بأدب طلبوا مني أن أحضر لهم خطابا رسميا من الصحيفة .. بادب أكثر من أدبهم أحضرته لهم.. بعد يوم او اثنين طلبوا مني بأدب أن اذهب لمقابلة موظف مهم في الوزارة بعد أن تم تخويله رسميا بالإجابة على اسئلتي ومدي بالمعلومات المطلوبة ..
اتصلت هاتفيا بالموظف المهم ..طلب مني أن اتصل بسكرتيرته لتحديد موعد للحضور الى مكتبه .. الذي كان يبعد عن مكتبي مائة متر فقط لا غير ..السكرتيره حددت لي موعدا بعد اسبوع كامل .. بكل أدب واحترام وافقت وانتظرت الاسبوع كاملا ..
ولأن الموظف المهم .. من فرط اهميته أعطتني سكرتيرته الموعد بالدقيقة والثانية .. فقد كنت في غاية الحزم والصرامة وأنا أدخل الى مكتبه في الموعد المحدد بالدقيقة والثانية.. بالطبع بعد اسبوع كامل من الانتظار..
السكرتيره .. التي كانت تتحدث في دردشة هاتفيه .. واصلت محادثتها قليلا الى أن احست ببعض الحرج من وقوفي امامها .. فأغمضت عين سماعة الهاتف بيسراها وبكل برود قالت لي أنه خرج قبل قليل .. قلت لها والموعد الذي انتظرته اسبوعا كاملا .. ردت بعفوية ..لكنه خرج ..!!
رجعت الى مكتبي .. بعد عدة ساعات اتصل بي الموظف المهم هاتفيا .. وقدم لي عذره المعًّلب.. عرض على أن نحدد موعدا آخر .. شكرته واعتذرت له ..
مباشرة اتجهت الى الأبواب الأخرى .. فاعلو الخير الذين لا يتطلب الاتصال بهم تحديد موعد ولا الوقوف أمام مكاتب السكرتيرات.. (الناس التحت) .. بصراحة هالتني كمية المعلومات التي حصلت عليها ..خدمة التوصيل حتى المكتب .. Door to Door.. وأحيانا مع المعلومات المطلوبة اخرى هدية .. على نسق أطلب معلومة نعطيك الثانية مجانا ..
داعبت أحدهم بعد ان شرحت له حكاية الخطاب الرسمي ومواعيد الموظف الكبير والسكرتيره ثم الخروج بلاشيء .. رد على بعفوية:
-( لكن يا استاذ انت الغلطان ..)
فاجأني التعليق ..واصل حديثه:
( سعادتو ..) يقصد الموظف المهم ( مشغول .. وليس لديه وقت .. وبصراحة ..) ونظر الى متمعنا رد فعلي ( بصراحة حتى لو عندو الوقت ..هو ما عندو المعلومة ..) الاجابة أذهلتني ..لكنه قدم الشرح ( نحن الصغار ديل .. عندنا الوقت .. وعندنا المعلومات .. ماتضيعو زمنكم .. ولا زمن الكبار..)ومن يومها فعلا سمعت النصيحة .. صرت لا أضيع زمن الكبار ..عندما احتاج الى معلومات .. لا أكتب خطابا من الصحيفة .. ولا أذهب الى مكتب إدارة (الإيلام!!) .. ولا أضيع زمن الكبار وسكرتيراتهم .. فاعلوا الخير يقدمون كل شيء بأعجل ماتيسر .. وبكل سعادة .. أطلقت عليهم من عندي (السُفُلي ) .. كالجن في سرعة استجابتهم للمطلوب ..
الخميس، 6 أغسطس 2009
6 أغسطس 2009 الا الروح الرياضية
إلا .. الروح الرياضية..!!
في وصف أقرب للطرفة..أمس الأول.. مولانا أبيل ألير.. رئيس المفوضية العامة للانتخابات.. مخاطباً اجتماع للأحزاب السياسية.. طالبهم (بالتحلي بالروح الرياضية!!).. حسب نص الخبر ..
والحقيقة أن مولانا ابيل الير.. يبدو أنه لا يقرأ الصحف الرياضية.. أو صفحات الرياضة في الصحف السياسية والاجتماعية.. وإلا لطالبهم بأي شيء ..إلا (الروح الرياضية!!)..
و(الروح الرياضية !!) التي قصدها مولانا ابيل.. يقصد بها تلك اللحظات التي تلي مباشرة صافرة الحكم.. عندما ينقسم الملعب لفريقين .. منتصر .. ومهزوم.. ففي الملعب الرياضي غالبا.. يصفر الجمهور قليلا. ثم لا يلبث أن يأخذ طريقه إلى الخارج.. لكن في الملعب السياسي هناك أمثلة أخرى.. نموذج كينيا.. فقط عشرة ألاف قتيل .. و(شوية) ألاف أخرى فقدوا بيوتهم.. وضعفهم جرحي.. ونموذج زمبابوي.. وأخيرا نموذج ايران.. تنتهي المباراة ولا تنتهي مرارة الهزيمة..
وصحيح كان واضحا أن مولانا ربما لم يكن يقصد أن يقول للأحزاب (استعدوا.. وتقبلوا النتيجة..) لكن الأوضح والأصح .. أن ما لم يكن يقصده .. هو الذي فهمته وكانت تتخوف منه الأحزاب..لسبب بسيط ..أن الجميع في الملعب السياسي يخاف – جدا- من الحاجة لممارسة (الروح الرياضية..)
الملعب السياسي – في أي بلد في العالم - قريب الشبه من الملعب الرياضي.. فيه حارس مرمى ومدافعون أشداء .. وأجنحة ولاعبون وسط.. ومهاجمون..
وفي الملعب السياسي – أيضا – كما الرياضي.. جمهور .. بعضهم في المنصة و آخرون في الدرجات من الأعلى إلى أسفل الشعبية..
وفي الملعب السياسي – أيضا – كما الرياضي .. حكم .. ورجلا خط .. وفاولات.. وضربات جزاء.. وطرد من الملعب.. وإنذار..
في الملعب الرياضي .. يلعب (11) لاعبا ويتفرج عليهم الآلاف في المدرجات..و في ملعبنا السياسي أيضا يلعب (11) وفي رواية أقل.. ويتفرج عليهم (40) مليون..!!
في الملعب الرياضي .. الحارس يقبض الكرة بيديه.. بينما يركل الباقون بأرجلهم.. في الملعب السياسي.. أيضاً يقبض الحارس ..ويركل اللاعبون..بأرجلهم..
في الملعب الرياضي.. يهتف الجمهور (التحكيم.. فاشل) في الملعب السياسي يهتف الجمهور ( التفشيل.. حاكم..)
في الملعب الرياضي..الجمهور .. جمهور يدفع عند الدخول.. في الملعب السياسي.. يدفع في الدخول.. وعند الخروج.. وبينهما ..في الملعب الرياضي.. المباراة لها وقت محدد.. وزمن بدل الضائع.. في الملعب السياسي..المباراة أيضا لها زمن محدد.. وقت بدل ضائع..
الأربعاء، 5 أغسطس 2009
5 اغسطس 2009 اسهل عمل .. القتل
أسهل عمل..القتل..!!
في أخبار تصدرت الصفحات الأولى لصحف الأمس.. معركة واحدة.. في منطقة صغيرة جداً ومحدودة .. استمرت لساعة واحدة تقريباً.. كان حصيلتها حوالي (185) مواطناً من جنوب السودان.. بينهم (100) امرأة وطفل..
المجزرة وقعت في ولاية جونقلي بجنوب السودان ..بالتحديد في منطقة (مارينق) جنوب غربي أكوبو.. بين قبيلتي المورلي والنوير.. وبالحساب البسيط .. من بداية العام حتى اليوم أهدرت الاشتباكات القبلية في جنوب السودان أكثر من (1000) روح بريئة.. وبالمنطق .. لا يعني ذلك احتراقاً قبلياً في الجنوب فحسب.. بل يعني أن مؤهلات الحرب لا زالت أعلى كثيراً من إرادة السلام..
حصد (185) في ساعة زمن لا يعني قوة الغضب وحده..بل قوة السلاح وتوفره وإجادته بصورة مرعبة .. تجعل الرماية ومحاصرة المستهدفين ومنعهم من الفرار وسحقهم عملاً غاية في الإحكام بدليل أرقام الحصاد الدموي.. ومثل هذا الوضع ليس من الحكمة افتراض أن قوة أخرى أكثر شراسة تستطيع فرض السلام وحقن الدماء.. فمهما بلغ عدد الجيش الشعبي وتسليحه لا يستطيع أن يكون في كل شبر من الجنوب.. ولن يوفر حرساً لكل مواطن في الجنوب.. والحل الوحيد المتوفر هو ليس نزع السلاح من أيدي المواطنين.. بل نزع الغل.. وزرع الحياة..
عندما تستوي فرص الحياة والموت .. يصبح سهلاً صناعة الخراب.. والمدهش أن الجنوب الذي عاش في ظل الحروب نصف قرن كامل.. منذ أغسطس 1955 وحتى اليوم.. كان الظن أن أول ما سيتحقق بعد توقيع اتفاق السلام أن تهدر ماكينات التعمير في كل بقعة منه.. وتنهمر الأموال والأيدي العاملة الباحثة عن الرزق إليه.. فيصبح هديراً متواصلاً ليل نهار لتعويض الذي ضاع وفات.. و يعزز هذا الظن الموارد البترولية الضخمة التي ضختها اتفاقية قسمة الثروة إليه.. لكن النتيجة بعد أربع سنوات من اتفاق السلام.. لا سلام.. صحيح توقفت الحرب (الرسمية!) بين الجيش القومي .. والجيش الشعبي.. وصحيح لم تعد الدبابات هي التي تتحرك في الأحراش أو المدن.. لكن الحرب تحولت إلى ميدان آخر.. القبائل تلتهم بعضها بعضاً.. ليس في الغابة بل حتى في إستاد مدينة ملكال نفسها..
والذي يحزن أكثر.. قلة الإكتراث القومي هنا.. هناك خاطر وطني منفصم تماماً.. لا يحس في هذه الأرقام.. أرقام القتلى .. بالهلع أو حتى القلق.. بينما تبث وكالات الأخبار الأجنبية تصريحات السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ويعلن فيها قلقه.. في تقديري أن الإنفصال السياسي المعنوي تحقق حتى قبل الاستفتاء على تقرير المصير.. إذ لفت بعد صدور حكم محكمة التحكيم الدولية في قضية أبيي.. كانت التصريحات واللقاءات السياسية في الشمال كلها مع قبيلة المسيرية.. وكأني بقبيلة دينكا نقوك ضمت إلى دولة أخرى..
انتهت الحرب.. نعم .. لكن السلام لا يزال ينتظر دوره ..!!
الثلاثاء، 4 أغسطس 2009
4 اغسطس 2009 حب من طرف واحد
حب من طرف واحد..!!
(ملحوظة : الجزء المكتوب بالأحمر حذفته الرقابة من النسخة المطبوعة)
كلما رأيت مشروعا جديدا يفتتح.. أو يوضع له حجر الأساس.. ثم شاهدت الاحتفالات الحكومية به.. أحس بسؤال خناق.. يكاد يخنقني.. هل فعلا الحكومة مقتنعة أن مشاريع التنمية هذه هي ما ينقص الشعب.. وأنها بانجازها تقدم له خدمة مستحقة.. يجب تقديرها إذا أتيح للشعب إلقاء بطاقته الانتخابية في صندوق الانتخابات..
هناك مشكلة (تفاهم) حقيقية بين الحكومة والشعب.. لا تحتاج إلى بطل لاكتشافها إذا تمعنت في الخطاب الجماهيري للحكومة.. كلما افتتحت الحكومة مشروعاً ربتت على كتف الشعب .. وزجرته بقوة ليتذكر حسن صنيعها..وصحيح حكومة الإنقاذ قدمت من المشاريع الكبيرة والصغيرة كثيراً.. وتمددت مشروعاتها في مختلف المجالات.. لكن هل ذلك كل ما هو مطلوب لإسعاد الإنسان السوداني؟؟ هل تستطيع الحكومة أن تنال ثقة الشعب إذا أجريت انتخابات (نزيهة).. شفافة.. ممتطية ظهر الانجازات الكبيرة التي نجحت في إكمالها أو تلك التي في الطريق؟؟
بصراحة ..الإجابة ..لا ..لأن أهم عنصر مطلوب لإكمال الصلات الطبية بالشعب لا يزال مفقوداً ..ولا أقول ذلك افتراضاً أو تقديراً من وحي الانطباع العام.. لكني أملك البرهان الأكيد في يدي.. وهو أن الحكومة حتى هذه اللحظة لا تسمح بالنشاط السياسي المفتوح .. خاصة في ولاية الخرطوم..وهو ما يعني أن الحكومة تدرك أن أي اتصال سياسي جماهيري مفتوح .. يهز موقفها الجماهيري ..مع كل الانجازات ومفاتيح الحركة والسكون التي تحملها الحكومة.. لكن مجرد قيام ندوة جماهيرية.. أو أي عمل مفتوح يتصل بالشعب مباشرة.. يطيح بمكتسبات هذه الانجازات بل أحياناً يجعلها بنداً في لائحة انتقاد الحكومة.. لماذا لا تنجح الحكومة في إنشاء جسر مع المواطن كما تنشئ الجسور فوق النيل .. (وما أكثر الجسور التي أنجزتها هذه الحكومة..خمسة في الخرطوم .. وواحد في رفاعة.. وثلاثة في ولاية نهر النيل ..و جسر مروي – كريمة . .و دنقلا – السليم) .. مع كل هذه الجسور لم تنجح الحكومة في بناء جسر متين مع المواطن.. ودائماً كلما أغدقت الحكومة انجازاتها زاد عمق جراح المواطن تجاهها..
السبب لأن المعامل الجماهيري في تفكير الحكومة متدني لأبعد مدى.. إحساس الحكومة بالفرد والإنسان السوداني فيه خلل كبير.. وربما تفترض الحكومة أن المواطن راض عن ما تفعل كلما فعلت فيه معروفا.. والحقيقة أن المواطن لا يكاد يحس بأنه معني بما ينجز.. وفي أحيانا كثيرة تبدو الحكومة في نظره طرف.. وهو الطرف الآخر.. علاقة تقابل لا تعاضد.. علاقة مجابهة لا مواجهة.. علاقة تجعل المواطن يبتلع كلمة (نحن) التي ينطق بها خطاب الحكومة العامة .. على أنها تعنى طرفا آخر غريب عنه..لا جزء منه ..
من الحكمة.. أن تراجع الحكومة علاقتها بالمواطن.. فهي تخسر كل يوم على خسارتها فيه.. ولكن المشكلة الأكبر أن الحكومة تعتبر مثل هذا الحديث مجرد نقد من أجل النقد..
كلما رأيت مشروعا جديدا يفتتح.. أو يوضع له حجر الأساس.. ثم شاهدت الاحتفالات الحكومية به.. أحس بسؤال خناق.. يكاد يخنقني.. هل فعلا الحكومة مقتنعة أن مشاريع التنمية هذه هي ما ينقص الشعب.. وأنها بانجازها تقدم له خدمة مستحقة.. يجب تقديرها إذا أتيح للشعب إلقاء بطاقته الانتخابية في صندوق الانتخابات..
هناك مشكلة (تفاهم) حقيقية بين الحكومة والشعب.. لا تحتاج إلى بطل لاكتشافها إذا تمعنت في الخطاب الجماهيري للحكومة.. كلما افتتحت الحكومة مشروعاً ربتت على كتف الشعب .. وزجرته بقوة ليتذكر حسن صنيعها..وصحيح حكومة الإنقاذ قدمت من المشاريع الكبيرة والصغيرة كثيراً.. وتمددت مشروعاتها في مختلف المجالات.. لكن هل ذلك كل ما هو مطلوب لإسعاد الإنسان السوداني؟؟ هل تستطيع الحكومة أن تنال ثقة الشعب إذا أجريت انتخابات (نزيهة).. شفافة.. ممتطية ظهر الانجازات الكبيرة التي نجحت في إكمالها أو تلك التي في الطريق؟؟
بصراحة ..الإجابة ..لا ..لأن أهم عنصر مطلوب لإكمال الصلات الطبية بالشعب لا يزال مفقوداً ..ولا أقول ذلك افتراضاً أو تقديراً من وحي الانطباع العام.. لكني أملك البرهان الأكيد في يدي.. وهو أن الحكومة حتى هذه اللحظة لا تسمح بالنشاط السياسي المفتوح .. خاصة في ولاية الخرطوم..وهو ما يعني أن الحكومة تدرك أن أي اتصال سياسي جماهيري مفتوح .. يهز موقفها الجماهيري ..مع كل الانجازات ومفاتيح الحركة والسكون التي تحملها الحكومة.. لكن مجرد قيام ندوة جماهيرية.. أو أي عمل مفتوح يتصل بالشعب مباشرة.. يطيح بمكتسبات هذه الانجازات بل أحياناً يجعلها بنداً في لائحة انتقاد الحكومة.. لماذا لا تنجح الحكومة في إنشاء جسر مع المواطن كما تنشئ الجسور فوق النيل .. (وما أكثر الجسور التي أنجزتها هذه الحكومة..خمسة في الخرطوم .. وواحد في رفاعة.. وثلاثة في ولاية نهر النيل ..و جسر مروي – كريمة . .و دنقلا – السليم) .. مع كل هذه الجسور لم تنجح الحكومة في بناء جسر متين مع المواطن.. ودائماً كلما أغدقت الحكومة انجازاتها زاد عمق جراح المواطن تجاهها..
السبب لأن المعامل الجماهيري في تفكير الحكومة متدني لأبعد مدى.. إحساس الحكومة بالفرد والإنسان السوداني فيه خلل كبير.. وربما تفترض الحكومة أن المواطن راض عن ما تفعل كلما فعلت فيه معروفا.. والحقيقة أن المواطن لا يكاد يحس بأنه معني بما ينجز.. وفي أحيانا كثيرة تبدو الحكومة في نظره طرف.. وهو الطرف الآخر.. علاقة تقابل لا تعاضد.. علاقة مجابهة لا مواجهة.. علاقة تجعل المواطن يبتلع كلمة (نحن) التي ينطق بها خطاب الحكومة العامة .. على أنها تعنى طرفا آخر غريب عنه..لا جزء منه ..
من الحكمة.. أن تراجع الحكومة علاقتها بالمواطن.. فهي تخسر كل يوم على خسارتها فيه.. ولكن المشكلة الأكبر أن الحكومة تعتبر مثل هذا الحديث مجرد نقد من أجل النقد..
الأحد، 2 أغسطس 2009
2 اغسطس 2009 مؤشر السودان
مؤشر السودان..!!
الواقع الآن.. يحتاج لحصة حساب تحصي عدد السودانيين الذين ينطبق عليهم مصطلح (نازح).. وكذلك الذين ينطبق عليهم مصطلح (لاجيء) ..في تشاد أو بريطانيا كلهم سواء..فكلهم سودانيون محرمون من نعمة الوطن.. ولا أقصد أولئك الذين كانوا تحت طائلة هذا المصطلح وانصلحت أوضاعهم في الجنوب أو الشرق.. بل الرقم الحالي الماثل أمامنا..
ثم حساب آخر.. لعدد الأجانب الذين نستضيفهم بسبب المشكلات التي أفرزت (النزوج واللجوء) .. لا أقص الأجانب اللاجئين لبلادنا .. ولا العاملين في بلدنا..بل الأجانب الذين تسببت في وجودهم في بلادنا كوارثنا التي أفضت إلى النزوح واللجوء..
مثلا.. القوات الأممية التي جاءت بموجب اتفاق السلام الشامل في نيفاشا عام 2005.. ثم القوات الهجين التي جاءت بسبب دارفور.. وجيوش الأجانب العاملين في منظمات العون الإنساني..
بحساب أرقام كل هؤلاء.. نحصل على معادلة رقمية حسابية دقيقة تصلح أن تكون (مؤشراً) مثل المؤشرات التي تستخدم في البورصات المعروفة.. مؤشر داوجونز في أمريكا.. نيكاي في اليابان.. داكس في ألمانيا..وغيرها..
ومثلما لكل الـ(مؤشرات) العالمية أسماء ..فلنطلق علي مؤشرنا هذا (مؤشر السودان) .. ولنحسب به بعد ذلك حالنا السياسي..
المؤشر الذي نحصل عليه.. لحساب الاستقرار السياسي في البلاد.. كلما ارتفع رقم الذين هم تحت طائلة (نازج أو لاجيء) .. هبط (مؤشر السودان).. وكلما زاد عدد حجم الوجود الأجنبي المرتبط بالقوات والمنظمات.. زاد حجم الـ(لا) استقرار السياسي أيضا..وهبط (مؤشر السودان).. والعكس صحيح طبعا..
وحيث أن الموسم قادم.. موسم الانتخابات والدعاية السياسية .. فالأجدر أن تعتمد الأحزاب السياسية في برامجها الانتخابية على (مؤشر السودان) .. وتعلن فيه وعودها الانتخابية..
مثلا حزب سياسي يكتب في دعايته الانتخابية ( نعمل على رفع مؤشر السودان) وهي عبارة تعني قفل ملفات النازحين واللاجئين السودانيين.. والاستغناء عن خدمات جميع القوات الأجنبية.. وكذلك منظمات العون الانساني الأجنبية..
(مؤشر السودان) ليس فقط للدعاية الانتخابية.. بل ليذكر السودانيين كلهم.. أن الإستقرار في بلادهم لا تصنعه مجرد النوايا الحسنة المرفوعة فوق هامات الإعلام أو البيانات الصحفية.. هناك أرقام.. والحساب ولد.. ليبرهن أي حزب سياسي على مدى قدرته على تحقيق الاستقرار السياسي .. وتلقائيا.. رفاهية الشعب السوداني..
من الآن أحسبوا الرقم:
التنمية = مقلوب((نازحون+ لاجئون) سودانيون+ (قوات+منظمات) أجنبية)
والحساب ولد ..!!
السبت، 1 أغسطس 2009
1 اغسطس 2009 نشتري ونبيع المجد بأغلى ثمن
نشتري (ونبيع!!) المجد.. بأغلى ثمن ..!!
المبعوث الأمريكي الخاص للسودان.. السيد سكوات غرايشن قال في جلسة استمتاع أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.. أنه لم ير دليلا على ارتباط السودان بالإرهاب..وأنه حان الوقت لاخراجه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.. وهي كوبا والعراق وسوريا وايران وشطبت كوريا من القائمة بعد تفكيك برنامجها النووي. وقال المبعوث الأمريكي.. وهو جنرال عسكري سابق "ان اجهزة استخباراتنا لم تقدم على الاطلاق اي دليل ملموس يشير الى ان السودان دولة داعمة للارهاب..انه قرار سياسي".
وطبعا.. المبعوث الأمريكي لم يأت بجديد .. فالسودان لم يتهم بأي عمل ارهابي في أي دولة في العالم.. ورغم عنف الهجمات التي وقعت في سبتمبر 2001 الا أن أحدا من السودانيين لم يكن مشاركا فيها لا بصفة مباشرة .. أو غير مباشرة..
ولأن المبعوث الأمريكي أصلا جنرال.. وعسكري يدرك تماما معني الإرهاب.. ويعرف كيف يقرأ التقارير الاستخبارية فلربما يكون هو الأقرب للحكم بانتفاء أية صلة للسودان بالارهاب.. لكن تبقى المشكلة هنا.. وليس في أمريكا..أتدرون كيف؟؟
ذات الأخبار التي نقلت تصريحات المبعوث الأمريكي .. نشرت تصريحات مسوؤل سوداني كبير..السيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية.. يطلب (بل الأجدر يتوسل ) فيها لأمريكا أن تبقى السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب.. و(لا) تتعجل بقرار إخراجه منها أو تطبيع علاقاتها..
وقال اموم لدى مخاطبته لجنة الشؤون الأفريقية بالكونغرس الأميركي، أن المؤتمر الوطني لم يركز على حل القضايا المتعثرة في اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب وأنه اتخذ الاتفاقية كسانحة لتطبيع علاقته مع الإدارة الأميركية الحالية، وان هنالك محاولة للتطبيع معهم. وقال «يجب ألا يتم مكافأتهم قبل تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وحل أزمة دارفور».
ولو كان باقان أموم .. في مقاعد المعارضة ربما كان اللوم أقل..مع بقاء حالة كونه خارقا للعرف الوطني.. لكنه مسؤول كبير في حزب حاكم.. وهو حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ثاني اثنين في القصر الجمهوري ومجلس الوزراء والبرلمان بغرفتيه..
ويعلم أموم أن أي عقوبات على (الوطن) السودان.. لا تقع على رأس (الوطني) الحزب.. بل على رأس المواطن الذي يدفع فاتورة المقاطعة الاقتصادية الأمريكية.. وأن بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للأرهاب .. علاوة على أنه إجراء ظالم.. فهو يعطل مصالح الأهالي قبل الحكومة..ويبقى العيب جسيما.. أن يطالب الجنرال الأمريكي برفع اسم السودان من القائمة السوداء.. ويطالب الرجل الذي كان قبل شهور قليلة وزير رئاسة مجلس الوزراء.. أن يظل السودان مقاطعا.. وفي القائمة السوداء..
مثل هذه السلوك .. علاوة على فقره الاستراتيجي .. لأن الادارة الأمريكية أصلا لا تأخذ بمثل هذه الشهادة المجروحة.. فهو أيضا يكشف إلى مدى تكمن المشكلة والأزمة .. فينا.. الساسة الذين يحكمون الوطن ..(بأغلى ثمن) كما تقول كلمات النشيد الوطني السوداني ..ثمن يدفعه الناس لا الساسة..
الجمعة، 31 يوليو 2009
31 يوليو 2009 بره الشبكة
بره الشبكة..!!
لا تقرؤوا الأخبار التي تُنشر في الصحف.. بل حدقوا وتأملوا فيها..لا، بل حاولوا إعادة قراءتها بـ(المقلوب) .. ستستمتعوا بالدهشة..على رأي شاعرنا الدوش (وأمتع نفسي بالدهشة)..
أمس خرجت معظم أخبار الصحف بالعنوان الرئيسي (تخفيض رسوم الحج).. بل وبعض زملائنا الأفاضل زفوا للحجاج البشرى .. بـ(تخفيض رسوم الحج).. وفي صحيفتنا (السوداني) عنوان الخبر (تخفيض رسوم القطاعات والإعاشة وإلغاء رسوم السجل المدني).. بالله تأملوا معي بعين جاحظة (مبحلقة) هذا الخبر..
تخفيض سعر الخبز.. ممكن.. تخفيض الضرائب على التجار والأعمال ..ممكن.. تخفيض سعر الكهرباء.. أيضا ممكن .. تخفيض الجمارك.. (برضو) ممكن.. لكن تخفيض رسوم الحج !!!..استغفر الله العظيم..
وتعالوا معي لتفحصوا تفاصيل التخفيض - تخفيض رسوم الحج طبعاً - أولاً .. تخفيض رسوم القطاعات.. (واحد متلقي حجج) سيسأل ماهي القطاعات؟. وستأتيه إجابة غاضبة (بسبب سذاجة السؤال).. أنها (قطاع الخرطوم – قطاع الجزيرة- قطاع البحر الأحمر..وهكذا) .. وطبعاً سيثور السؤال الأكثر سذاجة .. وما لهؤلاء ورسوم الحج .. !! لا إجابة.. إلا بسرد قصة الجعلي..
قيل أن رجلاً ركب في (الباص السياحي) الذي ينقل المسافرين عبر المدن.. في المقعد المقابل له فتاة عروس جميلة.. مد يده اليها بالتحية .. صافحته بيديها المخضبتين بالحناء .. كل ذلك والعريس (الجعلي الحمش) جالس بجوارها.. وفي لحظة غيرة لافحة ..سأل العريس عروسته (من يكون هذا الرجل) .. ردت عليه بكل عفوية (لا أعرفه .. ظننت أنه أحد أصدقائك..) هنا غلى الدم في عروق (الجعلي الحمش) وفي ثورة عارمة صرخ في الرجل ( بتعرفها من وين ؟؟)
الرجل رد عليه بكل برود ( ها المغفل دا .. السمح دايرلو عِرفه..)
وعوداً لموضوع الرسوم.. للسؤال المغفل عن سبب تسمية الرسوم، برسوم القطاعات.. (هي أسماء الرسوم تحتاج لعرفه..)
لكن (كلو ..كوم..وكوم آخر) رسوم الإعاشة .. حسب الخبر كانت (2000) ريال.. والآن خُفضت إلى (1000) ريال.. حسناً.. أرجوكم تأملوا في هذه الرسوم (رسوم إعاشة!!) .. يعني الحكومة حددت أن الحاج ليعيش يحتاج إلى (2000) ريال.. لكنه الآن – كرماً من الحكومة – وافقت تخفيض (معيشته) إلى (1000) ريال.. من الأصل لماذا وكيف الحكومة حددت الإعاشة.. وعلى أي أساس اكتشفت أن (الإعاشة!) انخفضت ولا لزوم لما كانت تطلبه لها..
ورسوم السجل المدني.. التي قيل أنها ألغيت..ماهي من الأصل.. وهل يدفعها غير الحجاج.. و أسمعوا مني آخر تخفيض..حسب الخبر.. تخفيض الرسوم الإدارية لهيئة الحج والعمرة من (200) جنيها.. إلى (150)..
ولا تنتهي الإثارة حتى أخر رمق في الخبر.. الزميلة صحيفة الأحداث قالت في آخر سطر (وأعلن عن تخفيضات كبيرة في رسوم الحج للأعوام المقبلة تدريجيا..)..
بالله عليكم في غير السودان يمكن أن يحدث مثل هذا.. ومع ذلك ربنا (يديكم طولة العمر) لتسمعوا من الحجاج بعد رجوعهم..!!
الخميس، 30 يوليو 2009
30 يوليو 2009 لا حول ولا قوة الا بالله
لا حول ولاقوة الا بالله ..
قررت الحكومة أمس العفو عن بعض السجناء وأطلقت سراح البعض .. وتركت الحسرة في قلوب كثيرين كانوا يأملون أن يشملهم العفو... ولكن ..
ويحق للحكومة أن تعفو عمن تشاء.. وتحجب العفو عمن تشاء.. ويحق لكل مسجون في أي قضية كانت.. جنائية أو سياسية أن يفرح بالافراج عنه .. فالحرية أغلى ما يملك الإنسان.. وأقصى ما يمكن لانسان أن يكابده أن يسلب القدرة على الحركة والسعي.. ويظل عمرا بين أحضان السجون . لكن ألا يجدر السؤال بكل عفوية وبراءة...
مامعني أن يتمدد العفو لمن يرتكب جريمة دون جريمة أخرى... بعبارة أخرى حينما صدرت تصريحات بأن الحكومة بصدد العفو عن السجناء.. قيل في صدر الاعلان أن العفو لن يشمل أصحاب جرائم بعينها .. وهي جرائم المخدرات .. والمحكومين في الحق الخاص.. لأن الحكومة لا تنوب عن أصحاب الحق الخاص.. فماهي طبيعة الجريمة التي عوقب عليها المحكومين على ذمة قضايا تخزيم السلاح الشهييرة قبل حوالى سبعة أعوام..
تلك قضية سياسية.. في حق الحكومة نفسها.. فهل لا تغفر الحكومة حقها.. وتتغاضي عن الجرائم التي تمس المجتمع الأخرى..
اذا كانت الحكومة تأمل أن يتنازل أصحاب الحق الخاص.. فيعفو عن من ظلمهم ونال العقوبة ..فلماذا لا تعفو هي عن من ظلمها وارتكب جريمة (سياسية).. خاصة اذا كان سبق للحكومة نفسها أن تفضلت بالعفو عن نفس المحكومين في هذه الق ية من العسكريين.. بينما ضنت بالعفو على المدنيين .. رغم أنهم يقضون العقوبة في ذات الجريمة..
من الحكمة أن يدرك الناس أن معايير العدل عند الله لا تقام على أية موازين سوى الحق المبين.. واذا كانت الحكومة تحجب العفو (عند المقدرة).. فقط لأن طالبي العفو (لا مقدرة لهم).. فإن الله يمتحن الحكومة بأن يضعها في ذات الموقف الذي ترفضه.ز
لا أعرف لماذا ترفض الحكومة العفو عن المحكومين في قضايا السلاح.. رغم أنهم ما أطقوا رصاصة واحدة منها.. بينما عفت و(ستعفو!) عن كثيرين.. أطلقوا الرصاص والقنابل.. وأسقطوا الطائرات.. وتلطهت أيديهم بدماء شهداء كثيرين من الجيش وغيره من القوات النظامية..
العفو قيمة لا ثمن لها عند الله في الدنيا وفي الآخرة.. وحض عليه الدين ..بل واعتبرها قرضا حسنا.. لله.. فلماذا يبدو الغضب والتغابن هنا أكبر كثيرا من الحلكم والعفو..
لماذا .. يرفض البشر بينهم ..ما يتوسلون لنيله من الله..!!
الله الذي سمى نفسه الغفور.. والغفار.. والرحيم.. والرحمن..!!
الأربعاء، 29 يوليو 2009
29 يوليو 2009 خشاش الارض
خشاش الأرض ..!!
عطفاً على حديث الأمس.. عن شبابنا المسلوب.. جيوش الخريجين الجرارة التي تستهلك موارد الأسرة في التعليم .. حتى اذا ما تخرجوا وفرحوا في حفل التخريج بلبس (الروب) .. ثم انتقلوا للحياة الضجاجة.. اكتشفوا أنهم أضاعوا العمر في تعليم هو من قبيل ( لزوم ما لا يلزم).. تعليم لتخريج (شباب شوارع) ..
قلت بالأمس أنه ليس مطلوبا من الحكومة أن توفر لكل شاب وظيفة.. فالموظفون في الحكومة هم أيضا في حكم (العطالة المقََّنعة) ..عاطلون في أثواب عاملين.. ليس مطلوبا أكثر من العبارة الشريفة التي أرسى قيمتها العليا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (تأكل من خشاش الأرض..) عندما ذكر قصة المرأة التي دخلت النار في قطة ما أطعمتها ولا تركتها تأكل من (خشاش الأرض).. ليس مطلوباً أكثر من أن تترك الحكومة شبابها لـ(يأكلوا من خشاش الأرض..) .. كيف سأقول لكم ..
المجتمع المتعافي.. هو الذي يوفر فرصة العيش الكريم لمن يملك القدرة على العمل.. المانع الأوحد الحائل بين المرء وكسب الرزق هو الإرادة الذاتية.. أن يكون كسولا مائع الكرامة.. يفتح المجتمع الباب على مصراعيه لكل قادر ليعمل.. ويكس عافيته على قدر همته وطموحه..
لنأخذ مثالا واحدا مهما.. قطاع البناء والتشييد.. هو أوفر قطاعات العمل استيعابا لطاقات الشباب.. لأنه علاوة على الفرض الوافرة التي يتحها في سوق العمل.. يتميز بتنوع مجالات العمل... للعامل العادي .. أو الماهر .. أو الفني.. أو المهندس .. ومجالات أخرى كثيرة مساعدة أوحواليها.. هذا القطاع تخنقه الحكومة خنقا. بالرسوم الفلكية التي تفرضها على مواد البناء.. الحكومة تنظر فقط لما يدخل جيبها عن طريق (البث المباشر) من الجمارك وغيرها.. ولا تنظر أبدا للضائع من عافية الوطن بسبب تقليص هذا القطاع .. فكلما بهظت أسعار مواد البناء .. تشظف الراغبون فيه.. فيقل العمل.. وتقل الشركات العاملة .. لا تبقى إلا الشركات الحكومية أو صحاب الحقوق المجاورة من المحظوظين أولاد المحظوظين..
لو أطلقت الحكومة سراح هذا القطاع.. وتركت مواد البناء في مستوى أوضاعها في العالم .. فإن النتيجة ليس فقط أن شعب السودان (المكتول كمد) سيجد مساكن لائقة فحسب... بل ستتحرك ماكينة كبيرة جبارة هادرة في كل موقع ومدينة وقرية.. تفتح مئات الآلاف من فرض العمل.. بالعمل المباشر في البناء.. أو غير المباشر كالنقل مثلا..
عندما تنظر الحكومة بـ(نظارتها الطبية) فلا ترى أبعد من جيبها.. وتطارد قطاع البناء بالرسوم والجبايات.. ستكسب مالا ضخما يكتنز في ارقام الموازنة .. لكن في المقابل تبيع مستقبل شعبها.. الذي يتحول شبابه يوما بعد يوم.. إلى بقايا محرومين في وطنهم الكبير.. يأكلون الحسرة ويشربون الندم.. فيلتهمهم سوق متوحش كبير.. اسمه سوق المخدرات..
يا كل هؤلاء وأولئك.. الشباب يضيع من بين أيديكم.. عمدا مع سبق الاصرار والترصد.. شباب صار يتمنىي إحدى الحسنيين.. إما (اللوتري).. إلى أمريكا.. أو (عبور السلك) إلى إسرائيل..
تصوروا.. إسرائيل التي كانت مطلب (المنايا) للشهداء.. صارت (أمنيات) للشباب..و(حسب المنايا أن يكن أمانيا..) على قول الشاعر..
الثلاثاء، 28 يوليو 2009
28 يوليو 2009 اضطهاد الأحلام
أضطهاد الأحلام
في عتمة وضجيج (أبيي) وأخواتها من الأزمات الأخرى. تدفن كثير من المشكلات الأكبر .. كثيرون يظنون أن الطافي على سطح الأحداث هو الأوجب بالنظر والاهتمام.. بينما تحترق البلاد من جوفها وتلتهب.. وتأكل عمقها..
في بلادنا مشكلة وأزمة كبيرة ولا بواكي عليها.. أزمة الشباب المتسكع في طرقات الإحباط ينتظر وظيفة أو مورد رزق ..مئات بل ملايين من الشباب القادر على العمل.. المترع بالعافية والقدرة على العرق..
خريجون من الجامعات أو المعاهد .. أو الذين غادروا الدراسة في محطة الثانوي أو دونها كلهم في النهاية يبحثون عن عمل شريف يقتاتون به أولا.. ويفتحون به منفذا للمستقبل ثانيا.. لكن المتاح في كل اتجاه لا يمنح الوظيفة ولا العمل الحر..
الوظيفة العامة .. وكما قال الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم.. لا تكفي لاستيعاب كل الشباب.. أما العمل الحر.. في ٍ(سوق الله أكبر).. فهو إما طريق سريع لدخول السجون.. أو طريق بطيء للموت افلاسا وجوعا..
ما أن يستجمع الشاب همته ويختار عملا يقتات به.. حتى ولو كان مجرد (طبلية) صغيرة فيها فتات السلع.. حتى تهجم عليه الجيوش المدججة بالجبايات.. حرب غير متكافئة.. لا يجدي فيها الهرب أو الاقدام.. يستوى فيها الشجاع والجبان.. فالنتيجة واحدة.. يدفع الشاب كلما يكسبه .. ويستدين عليه زيادة.. ليطعم أفواه الجباة الجائعة الشرهة..
رسوم.. لا يهم اسمها..فأسهل عمل تسمية الرسوم.. ولا يهم قانونيتها.. لأن جباتها لا ينتظرون قانونا.. ولا منطق تحديد كمها أو كيف تجمع لأن المطلوب هدف واحد لا يتزحزح.. تحقيق الربط .. عقلية الأفندية التي تحكم العمل الديواني المربوطة بالمربوط..
وكانت النتيجة .. ما نشهده الآن.. انتشار هائل وواسع للمخدرات في أوساط الشباب.. كثيرون لا يدرون أن المخدرات أوسع انتشارا من صحف الخرطوم.. عالم كامل ينمو في الظلام.. يجذب اليه التجار والسماسرة والمستهلكين معا..
لا أعلم إلى أي مدى أولو الأمر يدركون حجم هذا الخطر الكبير.. خطر أكبر من (أبيي) وتحكيمها وكل بترولها .. واذا كانوا يعلمون – وأشك – لا أدري في أي درجة من سلم الأولويات تختزن هذه المشكلة.. إلى أي مستقبل هي مدخرة.. مستقبل يأتي بعد أن يصبح شبابنا بقايا (المزاج) .. والأحباط..
بكل صراحة.. الحكومة تضيق أبواب الرزق بسياستها.. واذا لم تدرك حتمية الانتقال السريع إلى دولة متصالحة مع شبابها.. لا توظفهم لكنها لا تعتقل أحلامهم.. تسمح لمن يريد العمل الحر.. أن يأكل من خشاش الارض
السبت، 25 يوليو 2009
25 يوليو 2009 فن الشجاعة
(فن الشجاعة..)
يوم الجمعة.. لم يعد ذلك اليوم المسترخي الذي ترتاح فيه الأجسام من رهق الأسبوع الشاق.. غالب المناسبات السعيدة تحولت تلقائياً من الخميس، الذي عُرف في الماضي بأنه (صفقة ورقيص).. إلى يوم الجمعة.. أمس فاتني أن (أجامل) بعض أعز الأصدقاء في أفراحهم بسبب التزامن الكامل في التوقيت.. لكن ليس هذا موضوعي اليوم..
في زواج إبنة أخي عصر أمس..وقبل عقد القران.. بدأت فرقة من أبناء جعل تغني بالإيقاع المعروف في ديار الجعليين.. إيقاع (الدلوكة).. والجعليون أصلا ما اشتهروا بفن الغناء المساس بالحنان والوجدان.. غالب إن لم تكن كل أغانيهم ينطبق عليها الوصف السياسي(مجزرة!!) وحمام دماء..وليس أدل على ذلك من أغنية الفنان الكابلي الشهيرة لـ ( بنونه بنت المك نمر)
ماهو الفافنوس ماهو الغليد البوص
ود المك عريس خيلا بجن عركوس
أحيّ علي سيفه البحد الروس
ما دايرالك الميته أم رمادا شح
دايراك يوم لقى بدميك تتوشّح
الميت مسولب والعجاج يكتح
أحيّ علي سيفه البسوي التح
فجمالهم.. وابداعهم في الشجاعة وقت الحرب.. والكرم عند السلم.. ونادر أن يغردوا – مثل أبناء عمومتهم الشايقية- في مفاتن الغزل أو التحنان..
لم أفهم كلمة واحدة من الأغاني التي كان المغني يشدو بها.. لكن مع ذلك غاص المكان تماما في زحام العارضين ( من العرضة) بعضهم يحمل سيوفا وأخرون سياطا.. والبقية يلوحون بأيدهم كأنما يتخيلون السيف أو السوط فيها.. وبعض الشباب الرشيق يتقافزون في الهواء عاليا ثم يهبطون إلى الأرض بحركات متتابعة وهم يجرون في مسار دائري حول المكان..
في لحظة لمحت أحد الشباب يخلع (الجلابية) .. ثم (الفنيلة الداخلية) التي تغطي ظهره ليصبح عاري الصدر والظهر تماما.. ويتقدم إلى وسط الدائرة.. لم تمض دقيقة واحدة.. وكأنما هناك سباق .. حتى بدأ بقية الشباب .. وكلهم من أعمار يافعة.. يخلعون ملابسهم ويربطون (الجلابية) في الخصر ..وتتعري ظهورهم كاملة..
بعض الأمهات.. وربما الآباء المشفقون على أبنائهم بدأوا يدخلون إلى الحلبة ويدفعون أبناءهم -المتعرين- دفعا للخروج من الحلبة.. لكن هيهات .. الشباب يقاومون بشدة ويرفضون الخروج.. تؤازرهم زغاريد النساء اللائي يحطن بالحلبة ويتفرجن على المشهد..
في وسط الحلبة رجل يمسك بالسوط بمنتهي الاشتهاء.. يتقدم إليه الشاب العاري الصدر.. فـ(يركز) أمامه في تحد .. يرفع الرجل السوط عاليا وينزل به على الظهر العاري.. في الحال تندفع الدماء وتسيل على الظهر.. لا يتحرك الشباب ولا (يرمش).. ويظل في مكانه يتلقى الجلد إلى أن يتدخل بعض الواقفين في الحلبة ويدفعونه دفعا للخروج والتوقف علن تلقى (السياط)..
في أقل من عشر دقائق كانت ظهور الشباب تسيل منها الدماء الغزيرة.. أدهشني للغاية أن بعضهم تبدو على ظهورهم العارية أثار (سياط) قديمة.. يبدو أنهم جُلدوا في مناسبة فرح سابقة..
الكبار .. حول الحلبة يبدو أنهم إما فرح سعيد بأن الشباب مثابرون على عاداتهم القديمة.. ويتوارثون (فن الشجاعة).. أو معترضون على التشبث بعادات لا تناسب الزمن..لكن بصراحة الغالبية الكاسحة .. كانوا من النوع الأول..
الجمعة، 24 يوليو 2009
24 يوليو 2009 (فلاش ..باك..)
(فلاش باك..!!)
فرحت الحكومة في الشمال باقتراب حكم محكمة التحكيم الدولية في (لاهاي) كثيراً مما كانت تأمل فيه.. السيد الدرديري محمد أحمد رئيس الجانب الحكومي المترافع أمام محكمة العدل الدولية .. قال (استعدنا حوالي عشرة آلاف كيلو مترا مربعاً.. وفقدنا أربعة آلاف ..) .. وهو فرح لم يكن ليتم لولا الجهد القانوني الكبير والتعامل الجاد و(الخلاق) مع قضية .. وتفهم الطرفين لما يمكن أن تفتحه من أبواب الجحيم إذا تمادت في تعقيداتها..
أليس الأجدر – في غمرة فرح الحكومة بحكم المحكمة – طرح سؤال عفوي ..سؤال استدراكي فيه ما يشبه (الفلاش باك).. الرجوع لأحداث سلفت ومحاولة تخيل سيناريو مختلف لواقعها الذي سارت عليه..
سؤال بسيط هو.. إذا كان ممكناً سلوك المسار القانوني وحصد مثل هذه النتيجة..وإذا كان لدينا مثل هذا التفهم (القانوني) لمشكلة (أبيي).. ولدينا الصبر على ارتقاء سلمها القانوني في أعلى المحافل القانونية في العالم.. أما كان متاحاً أيضاً قبل أكثر من أربع سنوات عندما صدر قرار مجلس الأمن رقم 1593 (31 مارس 2005) بتخويل المحكمة الجنائية الدولية النظر في اتهامات تتعلق بقضية دارفور.. أن نفعل نفس الأمر.. ونرتقي السلم القانوني ..
ألم يكن ممكناً التعامل من أول لحظة مع ذلك القرار بنفس هذه الجدية (القانونية!!) لا بالهتافية السياسية .. وبدلا م حشد المظاهرات وإضاعة الوقت والجهد والمال في المسيرات التي ضجت بها شوارع الخرطوم.. ألم يكن ممكنا قهر ذلك (البعبع).. دون انتظار للشيطان حتى يكبر وينتفخ ويصل المرحلة القاسية التي نكابدها الآن .. فتجتنب البلاد كلها شره المستطير الذي يمسك الآن بخناق البلاد ويربك أوضاعها..
أين كان كل خبراء القانون والسياسة في بلادنا ؟. عندما بدأت كرة ثلج الجنائية الدولية تتدحرج..؟؟ ألم يكن ممكناً حينها التعامل مع القضية وهي نطفة في رحم الجنائية بـ(لاهاي) لإفراغها من جنين النفق المظلم الذي حشرت فيه بعد ذاك البلاد بأكملها..
إذا كان ممكناً الوصول إلى مثل هذه النتائج في (لاهاي) .. فلماذا تحاصرنا (لاهاي) الأخرى بكل هذه الشراسة.. أين كان خبراؤنا قبل أن تبلغ الأزمة نصابها القانوني ..
لا أقول ذلك من باب (لو) التي تفتح باب الشيطان.. لأن فقط تذكرة وعبرة لمنهج تفكيرنا.. الذي في أحيانا كثيرة كما لو يبحث وينقب عن الكوارث تنقيبا.. وكلما خرجنا من حفرة .. ألتهمتنا أكبر منها.. ليتنا نعيد النظر في منهج تفكيرنا.. حتى نقطع نسل المآسي التي تحتفي بنا..!!
الخميس، 23 يوليو 2009
23 يوليو 2009 قطار الوحدة
قطار الوحدة
أخيراً.. محكمة العدل الدولية منحت السودان فرصة لا تقدر بثمن للحاق بقطار (الوحدة!!) ..أصدرت قراراً يعيد ترسيم حدود منطقة (أبيي) المتنازع عليها..( أن ما صدر اليوم عن المحكمة فيه إقرار بان هناك مخالفات ارتكبها الخبراء وتجاوزوا صلاحياتهم في ترسيم الحدود في اتجاهات ثلاثة أقواها في الاتجاهين الشرقي والغربي ، والذي ادخل مناطق لم تكن أصلاً تابعة لدينكا نقوك في خارطة الحدود التي تقدم بها الخبراء وكذلك رسم منطقة مشتركة ما بين الدينكا والمسيرية تسمى منطقة القوز فقسمها مناصفة بين الدينكا والمسيرية) على حسب نص البيان الذي صدر من وزارة الخارجية السودانية..
والمحكمة في حكمها هذا أعادت المنطقة بكاملها إلي المسيرية بمعني أن الحدود الشمالية صارت هي خط عرض 10:10 ش وليست 10:35 .. وهي المناطق التي تضم غالب حقول النفط وعلى رأسها هجليج ..
فور إعلان الحكم صدرت تصريحات من الجانبين المتحاكمين أكد فيه ما ظلا يرددانه من قبولهما تراضياً بالحكم والعمل على تنفيذه.. لكن الأجمل من كل ذلك التأكيد على أن مصير السكان هناك.. دينكا أو مسيرية أصلا ليس مرتبطا لا بقرار المحكمة ولا بتقرير مصير المنطقة في العام 2011 حتى ولو – لا قدر الله – انفصل جنوب السودان.. فاتفاقية السلام شملت ضمنت للسكان حقوقهم في المرعى والتنقل حتى عبر الحدود السياسية..إن حدثت..
الفرصة متاحة الآن للطرفين.. الحكومة الاتحادية في الشمال .. والحركة الشعبية أن يستثمرا ما تبقى من الزمن لتمديد حالة التراضي هذه.. وإنقاذ الوطن من الكارثة القادمة.. كارثة الانشطار إلى وطنين في العام 2011..
وأول ما يجب على الطرفين إدراكه الآن.. (أبيي) نفسها.. فهي رغم أنها ترفد الجانبين بالثروة التي اقتسماها إلا أنها لا تزال بؤرة الحرمان والشقاء.. مطلوب (مشروع مارشال) إسعافي لإخراج أهلها إلى عالم يناسب ما يستخرج من ثروة في أراضيهم..
إذا ظل الإنسان – دائماً – آخر من تصله خيرات بلده.. فإن المصيبة ليست في انفصال جزء من الوطن.. بل في إنفصام شخصية الوطن نفسه.. عندما يتحول إلى جنة وجحيم.. جنة للمترفين أصحاب (الحظ السعيد!).. وجحيم للغالبية الجرارة التي تقتات بالصمت.. وتصمت بالغبن والحسرة..
الأربعاء، 22 يوليو 2009
22 يوليو 2009 هل يسقط الـ Prototype
هل يسقط الـ(Prorotype)
ربما تقرأ هذه السطور قبيل ساعات من صدور قرار محكمة العدل الدولية بـ(لاهاي).. أو ربما تطالعها بعد (كشف المستور) وإعلان القرار.. لكن في كل الأحوال ..أسألك.. عندما تلفت وسائط الإعلام والأخبار حول قضية (أبيي) وتسلط الأضواء عليها.. وتبعث بمندوبيها وموفديها بالكاميرات إلى منطقة (أبيي).. ثم تبث الصور.. هل شاهدتم (أبيي) .. تلك المفترى عليها...
تسمع الرنين المتوالي.. (أبيي.. أبيي) بعض القنوات والإذاعات ينطقها صحيحة وبعضها يعجمها .. يطويها ويفردها كما يروق للسانه.. ثم تنظر في الشاشات وصور الصحف لترى (أبيي) فإذا بها بعض أكواخ من جذوع الأشجار.. تلتحف سيقان النباتات المجففة.. ورجال ونساء يكدحون ويقاسون شظف العيش وشقاء الحال..
أين (أبيي) .. هل تلك هي الصورة الحقيقية لما يجب أن تكون عليه المنطقة التي تهب السودان كله حوالي (80%) من موارده الاقتصادية.. موطن الذهب الأسود..
بالله عليكم .. أما كان أجدى بالشريكين من أول يوم اتفقا على قسمة السلطة والثروة، قبل أربع سنوات.. أن يضعا كل ثقلهما في تقديم نموذج (انتقالي) عالي الجودة في هذه المنطقة.. ضخ التنمية في إنسان المنطقة ونزع أثمال الحياة عنه وإبداله عيشاً وحياة تكبت نزوات العنف والحرب فيه.. فالإنسان الذي يعيش مستقراً في موطنه.. وينظر صباحاً في وجوه أطفاله وهم يذهبون إلى المدرسة.. ويتطلع لمستقبل يراهم فيه يحققون أحلام حياته.. مثل هذا الإنسان لا يقارف العنف بل يزرع الحياة في كل خطواته..
التعايش في (أبيي) ممكن (ونص وخمسة).. بل هو أسهل من الحرب أو التقاتل.. لكن المشكلة أننا نخطب ونصرح هنا في الخرطوم .. الذي قدمناه للمنطقة لا يكبت نيران الحرب اذا اشتعلت.. بل يجعل الشرارة العرضية – كما حدث قبل عدة شهور – بداية حريق يقتات بالأرواح البريئة..
لا يهم قرار محكمة العدل الدولية .. جنوبية أو شمالية.. لا يغير من واقع الشقاء شيئاً .. إلا إذا أدرك الطرفان أن (أبيي) يمكن أن تصبح واحة تمتد بين الشمال والجنوب.. استثمار مزيد من الأموال في تنمية الحياة والإنسان فيها.. توفير مدخلات دورة اقتصادية لا تتطلب العيش لهثا وراء غبار الأبقار المترحلة بحثا عن المرعى.. توفير بنية تحتية من طرق وموارد مياه ثابتة وخدمات التعليم والصحة.. وتغيير نمط الحياة التي تنتهي مع آخر خيط نور قبل الظلام..
(أبيي) كانت.. قبل القرار.. المشروع الرائد (Prototype) .. لما يجب أن تكون عليه وحدة الجنوب بالشمال.. فإذا سقط هذا النموذج.. سقطت الوحدة..
الثلاثاء، 21 يوليو 2009
21 يوليو 2009 تعسير الطلاق
(تعسير الطلاق)..!!
في سياق الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج.. قال السيد الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي،أنَّ (نسبة الزواج بين الشباب لا تتجاوز «25%»، وَالطلاق «33 %»،..) وقال المهدي (أن الأسر تعاني مآسٍ من آثار الحروب الأهلية، العطالة، الفاقد التربوي، انهيار الريف، ترييف المدن، أزمة السكن، الغلاء ، الضرائب والرسوم. ودعا لتيسير الزواج ضمن منظومة إجراءات تعالج تلك المشاكل...)
ويحمد للصادق المهدي اهتمامه (الإجتماعي) .. وربما هو من الساسة القلائل الذين تظهر لهم الصحف أخباراً في مجالات أخرى غير السياسة.. كأهتمامه بقضايا المياه والبيئة وغيرها..
لكن الذي لفت نظري في حديثه .. الرقمان ..نسبة الزواج بين الشباب .. ثم نسبة الطلاق.. (25%) زواج.. ينهار ثلثها بنسبة طلاق (33%) ..
ويصبح عملياً ليست المشكلة في الزواج.. بل في الطلاق.. بمعنى أن الداخلين الى القفص سرعان ما يخرجون (لم أقل يطيرون).. بعيداً عنه.. وتصبح المشكلة ليس في كيف ندخل أكبر عدد من الشباب إلى القفص..بل كيف نحافظ على أكبر عدد من الذين ولجوا إليه.. على رأي المثل الشعبي (الجفلن خلهن.. أقرع الواقفات..)
بعبارة أخرى.. أن ما يعرف بـ(تيسير الزواج) هو في الحقيقة معركة في لا معترك.. فالشباب لا يعاني من (البوابة).. بوابة القفص الذهبي.. والواقع الإجتماعي تغير كثيرا في السودان.. كثير – جدا- من الأسر باتت ترحب بتحويل إجراءات الخطوبة الى (عقد قران) دون سابق إنذار أو ترتيب.. وحكاية المهر و(الشيلة) الثقيلة لم تعد تعكر مزاج غالبية الأسر السودانية.. ويستطيع أي شاب راشد عاقل بتمتع بشرط الجدية.. ان يلج القفص بكل سهولة.. لكن تبقى المشكلة الكبرى.. مشكلة ما بعد شهر العسل.. حينما يكتشف العروسان الجانب الآخر من الحياة .. ويسمعان لأول مرة بسعر كيلو اللحم والخضروات ومصروفات الإيجار والكهرباء و(هلم جرا.. على قول المهدي )..
عندها يدرك العروسان أن القفص الذهبي، هو في الأصل حديد (16 لينيه) .. ثم يتوغلان أكثر في الحياة.. فيغنيان معاً ( اللي شبكنا يخلصنا..) ويتحولان من نسبة الـ(25%) زواج ... إلى نسبة الـ(33%) طلاق..
تيسير الزواج يجب أن يتم بـ(تعسير الطلاق) .. جعل الحياة سهلة في متناول أي شاب.. ليس بالمفهوم الاشتراكي العتيق، بل بالمفهوم السديد أن يكون في إمكان الأسرة أن تحيا بيسر في المستوى الذي يتناسب مع ظرفها.. لأن الواقع اليوم أن الحياة لم تعد ممكنة في أي مقام أو مستوى..
(تعسير الطلاق) يعني إتاحة أكبر عدد من الوظائف..للجميع.. أن يصبح حد الرزق لكل مواطن قدرته على العمل..الطموح سقفه المؤهلات والقدرات.. ولحسن الحظ ذلك ممكن وسهل جداً.. لا يحتاج إلا تغيير المفاهيم التي تقوم عليها الدولة.. أن نتحول من دولة يديرها الموظفون بعقلية (الأفندية!!) إلى دولة عصرية تديرها مفاهيم مصلحة الإنسان أولا..
الاثنين، 20 يوليو 2009
20 يوليو 2009 فقط لا غير
فقط.. لا غير..!!
بعد يومين اثنين، تصدر محكمة العدل الدولية بـ(لاهاي) قرارها بشأن تقرير مصير منطقة (أبيي).. والقرار لن يكون – بالطبع – بالتراضي.. قسمة بين الطرفين المتخاصمين.. فالحكم يمنح ويمنع.. طرف لصالح الآخر..
وبغض النظر عن الترقبات والتسريبات الإعلامية.. من السهل استباق القرار والتنصت على عواقبه قبل أن يعلن..استراق البصر بين مسامات المشهد السياسي لمعرفة كيف ستتجه الرياح بعد صدور القرار.ز
ولبسط المسألة وتبسيطها.. أنظر من هما المتخاصمين في (لاهاي) .. طرفا الحكم المتشاركين في قسمة السلطة والثروة..حزبا المؤتمر الوطني ..والحركة الشعبية لتحرير السودان.. والفريقان هما ليسا بالضبط .. المسيرية والدينكا.. الموجودون على الأرض في المنطقة.ز
وعندما يصدر قرار محكمة العدل الدولية.. سيحمل شارة النصر للمؤتمر الوطني.. أو للحركة الشعبية.. وهما ليسوا بالضبط.. المسيرية والدينكا..
وربما يرضى المؤتمر الوطني بنتيجة الحكم .. وكذلك تفعل الحركة الشعبية اذا صدر ضد أي منهما لصالح الآخر.. لكن تذكر دائما أنهم ليسوا بالضبط المسيرية و الدينكا.
ومنا تولد الأزمة والمعضلات..!!
طالما في الميدان.. على الأرض أناس ليسوا هم بالضبط المتخاصمين في لاهاي.. فلا يمكن أبدا الرهان على استيعاب القرار أو التجمل بالصبر النبيل لمن يخسر.. الواقع سيكون في يد المتأثرين بالقرار على الأرض ..الذين يعلم الجميع أنهم لا يمكن أن يكونوا سكانا في خارطة مقسمة .. تقسم منقطة (أبيي) على أي أساس أو بأي قرار أممي أو حتى ولو من محكمة العدل الكونية ومقرها في كوكب المريخ..
بكل بساطة ستصدر المحكمة قراراً .. لا يمكن أن يكون حلاً الا إذا أدرك الطرفان المتخاصمان (ومقرهما الخرطوم) أن لسكان (أبيي) مصالح مستدامة لا يمكن جزأتها أو التغاضي عنها بالحكمة أو حتى بالقوة..
وتكون اكارثة أكبر اذا قرر سكان (الخرطوم) من الطرفين المتخاصمين الى المحكمة الدولية أن يصبحا جزءا من المعركة أو الحريق الذي قد يندلع عفويا أو ترصدا في منطقة (أبيي) مع الساعات الأولى للصدمة.. صدمة القرار والخسارة لطرف لصالح الآخر..
الحل الوحيد المتاح.. أن يكون القرار إفتراضياً.. يرسم حدود المنطقة نظرياً ولا يقترب منها طبيعيا أو عملياً.. وتظل (أبيي) منطقة منزوعة الإنتماء الجغرافي.. يملكها سكانها أصالة عن أنفسهم.. ونيابة عن مصالحهم ..
فقط .. لا غير..
الأحد، 19 يوليو 2009
19 يوليو 2009 بالعمل لا بالعمايل
بالعمل.. أم بـ(العمايل) ..!!
تتردد بعض الأحاديث الآن عن تعديل وزاري مرتقب .. تعديلا للوزارة التي لم يمض عليها الا بضعة أشهر .. ولا أريد هنا أن أكرر ما يقال عن سرعة دوران عجلة التعديلات الوزارية .. وتعاقب الوزراء علي الوزارة الواحدة خلال فترة وجيزة ..ولكن لنطرح السؤال الأهم ..من هو الوزير ..؟؟
هل الوزير في بلادنا هو الوجه السياسي الممثل لوزارة معينة .. يشارك في اجتماعات مجلس الوزراء ويترافع عن وزارته ويدلي بالرأي المؤسسي للوزارة في القضايا القومية .أم الوزير هو ذلك الرجل الملهم الذي كلما انتقل الي وزارة جديدة يتلقي الالهام كفاحا بالخطط والبرامج والتعديلات التي يدخلها علي الوزارة الجديدة ويقوم بتغيير أطقمها من الاستقبال الي الوكيل .. حتي وان كان بعيدا عن تخصص الوزارة... من هو الوزير ؟ ..
هل الوزير هو الممثل الشرعي لحزبه وداخل حزبه لاقليمه وداخل أقليمه لعائلته .. فهو حلقة في مسلسل طويل من التوازنات والترضيات السياسية .. التي تمنحه حصانة من الفشل ..فيظل يتحول من حقيبة وزارية الي أخري .. مع كل تعديل وزاري .. بمنطق التوازن أيا كان نوعه .. أم أن الوزير . تكنوقراطي افتقده التخصص والمهنه ولم تكسبه الوزارة .. كان ماهرا عالما في تحصصه فجاء الي الوزارة بلا مواهب ادارية أو تنفيذية .. فأصبح كالحمار يحمل أسفارا ..
هل الوزير هو المصمم Designer لجميع انجازات وبرامج وزارته بينما تعمل الأطقم الفنية تحته (بتوجيه السيد الوزير) ولتنفيذ ما يطلبه فتنحدر الخطط والبرامج من أعلي الي أسفل .. فيقدم الوزير النصح والمشورة الي مستشاريه الفنيين .. ويطلب منهم الالتزام ببرامجه (هو) والمزاج العام الذي يسايره .. ثم يقوم بتنحية كبار الموظفين الذين لايوافقون علي سياسته (هو) بحجة أنهم معوقون للعمل العام وحجر عثرة أمام الانجاز فيفصلهم (للصالح العام !!) .. أم أن الوزير هو واجهة القرار الأعلي Interface التي فقط تمهر ما تتفق عليه المؤسسات الهيكلية في وزارته . هل لكل وزارة مواصفات قياسية محددة للوزير الذي يحتمل أن يشغلها أم أن "الوزارة بالوزير" .. فيتم تعيين الأسماء الطنانة الرنانة ذات الخلفيات السياسية البراقة في الوزارات السيادية الهامة .. وتترك بقايا الوزارات لوزراء الفرصة الأخيرة من الترضيات السياسية والجهوية .. فيجد كبار موظفي الوزارة انفسهم في الرمضاء تحت حجر ضخم من (الجهل) الممزوج بالعزة بالاثم يرددون "أحد ..أحد" .. من يعين الوزير في الوزارة .. ومن يقيله .. عمله ..أم ( عمايل) غيره ..
السبت، 18 يوليو 2009
18 يوليو 2009 هل نسيناهم
هل نسيناهم
في كوبر.. خلف الأسوار لا يزال المحكومين في قضية تخزين السلاح الشهيرة ينتظرون.. بعد أن صدرت أكثر من مرة تصريحات بأنهم سيغادرون السجن في احتفالات الذكري العشرين لتولي الانقاذ الحكم..
وكتبت عنهم كثيرا ليس لمجرد المطالبة بالعفو عنهم واطلاق سراحهم فحسب.. بل للمحافظة على قضيتهم في أذهان المسوؤلين حتى لا ينسوهم خلف القضبان.. ومع ذلك مرت ست سنوات تقريبا.. نفس المدة التي قضاها سامي الحاج في المعتقل.. ولم يخطروا.. ويبدو كما لو أنهم صاروا قضية منسية..
هؤلاء الشباب لم يكونوا وحدهم في القضية.. كان معهم ثلة من العسكرين.. وهم بحكم التخصص أكثر حساسية في القضية.. وشملهم عفو رسمي وأطلق سراحهم منذ حوالى ثلاثة سنوا أو أكثر.. بينما ظل المدنيون في السجن.. وانهي نصفهم مدتهم حسب الحكم الصادر عليهم .. خمس سنوات وخرجوا .. وظل في السجن البقية الذين تصل بعض أحكامخم لأكثر من عشر سنوات..
العدل قيمة لا تقبل أي حسابات أخرى.. و بـ(العدل) .. هؤلاء الشباب لا يستحقون كل هذه الفترة خلف القضبان.. لأن غيرهم من الذين ارتكبوا جرائر عظيمة.. في حق الوطن ومواطنيه في مختلف الحروب في الجنوب أو الغرب أو الشرق.. تمتعوا بالعفو ..بل وبعضهم نال حوافز ومكافآة على حصائد ما فعل خلال فترة المعارضة.. جاه ومناصب ومال و قائمة من ما خفي أعظم..
بعضهم تلوثت يديه بدماء قواتنا المسلحة.. وبعضهمبدمءا المدنيين العزل من السلاح.. وشملهم العفو.. ورجعوا الى بلادهم .. ولا ضير في ذلك.. فالصلح خير.. وعفا الله عما سف طالما أن ذلك ثمن السلام وحقن الدماء.. لكن لماذا لا يتمدد العفو للضعفاء الذين لم يقتلوا ولم تتلوث أيديهم بدماء مواطنيهم.. لماذا تضن الحكومة على الشباب الذين ماقتلوا باعوضة ولا يطلبون بعد فك سراحهم وظيفة ولا مالا ولا جاها ..
سنة الله .. من ضن بالعدل وهو يملكه.. حاجه الله للعدل.. ومن ضن بعفوه عند المقدرة.. حاجه الله للعفو.. في الدنيا والأخرة معا.. فلماذا نضن عليهم بعدل العفو.. هل لأنهم ضعفاء لا يملكون الا الانتظار خلف القضبان بلا وجيع أو بواكي..
عندما مكن الله الحكومة من بعض مقاتلي حركة العدل والمساواة... وقبل أن يكملوا شهرهم الأول في السجن.. تعالت بعض الأصوات تطلب فك سراحهم فدية للسلام.. وفي مفاوضات دارفور في الدوحة.. تصر حركة العدل والمساواة على أبداء حسن النوايا باطلاق سراح محكوميها في السجون.. قبل أي تفاوض.. ولم تعترض الحكومة من حيث المبدأ لكنها طلب إرجاء الخطوة إلى ما بعد الوصول لاتفاق السلام.. وسياتي هذا السلام باذن الله.. وربما قريبا جدا.. فهل سيستمر بعدها المحكومين في قضية السلاح.. في السجن ..لأنهم بلا بواكي ولا حزب أو حركة مسلحة تقايض سراحهم بالسلام..متى يطلق سراح هؤلاء الشباب.
الجمعة، 17 يوليو 2009
17 يوليو 2009 كارثة
كارثة ..!!
هل أنتم في ذهول مثلي.. من وقع الخبر الذي نشرته صحف أمس .. يقول النبأ أن وزارة البنى التحتية.. وهي وزارة جديدة استحدثت في ولاية الخرطوم.. وقعت عقدا بقيمة (30) مليون دولار .. مع بنك قطر الوطني لتمويل مشروع (جديد!!).. تصوروا.. ماهو المشروع (الجديد!!) .. توسيع شارع النيل في المنطقة بين كبري المك نمر.. وكبري توتي.. وطولها حوالى كيلومترين..
وزير البنى التحتية يرتكب خطأ جسيماً.. ليس في ترتيب (أولويات) حاجات سكان ولاية الخرطوم.. في المياه وغيرها..بل في كونه يدرك جيداً أن هناك مخطط هيكلي (Master Plan) لولاية الخرطوم .. دفعت فيه الحكومة دم قلبها (بالأحرى دم قلب شعبها الفقير المدقع) وجلبت شركة استشارية ايطالية .. ويعكف مئات من الخبراء والمختصين في تخطيط المدن .. ومنذ عدة سنوات في وضع الخارطة الهيكلية للخرطوم.. وشارفت الخارطة على الاكتمال ..لم يتبق لها الا بعضعة أسابيع لترى النور.. فلماذا وزير البنى التحتية .. وهو الذي لم يدخل الا الوزارة الا قبل أسابيع قليلة ..(مستعجل) لمثل هذه المشاريع التي تصنع أمرا واقعا قد يتناقض تماما مع المخطط الهيكلي للخرطوم.. وربما يمنع الاستفادة من الواجهات النهرية..
لماذا وزير البنى التحتية في عجلة من أمره يحاول استباق إجازة المخطط الهيكلي الذي يرأس لجنته العليا والي الخرطوم نفسه.. إما أن الأمر جهل بالمخطط .. أو تجاهل له.. ولا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار..
وحتى لو سفهنا المخطط الهيكلي للخرطوم.. فهل يعلم وزير البنى التحتية أن المنقطة التي سيقيم فيها هذا الطريق هي أهم المناطق التاريخية في السودان.. و(كورنيش النيل) فيها بنى منذ حوالى مائة عام ويمثل تحفة رائعة رغم أنف الوزارات السيادية التي تمنع الفرجة والسياحة والتصوير في هذه المنطقة..
ثم ماهي بالضبط المشكلة التي يحاول حلها وزير البنى التحتية..هل ثبت له بالبرهان القاطع أن زحام المرور حله في توسيع شارع النيل بطريق يأكل من مجري ومنظر النيل الازرق .. ومن قال للوزر أن (توسعة طريق) تعني مساحته وعرضه.. ألا يعلم وزير البنى التحتية أن التوسعة يمكن أن تتم بسحب الحركة الزائدة عنه .. تخطيط الشوارع الأخرى بحيث لا يمر بشارع النيل الا الباحث عن متعة (النيل).. فالحركة العابرة حاليا في شارع النيل كلها تقريبا .. للعبور بين أقصى غرب الخرطوم الى وسط و أقصى شرق الخرطوم.. ونادر جدا أن تستهدف النيل نفسه..
وألا يمكن تحقيق هذه التوسعة بنقل الوزارات والمصالح الحكومية من واجهة النيل إلى مناطق أخرى ..
(دا كلو كوم..) وكوم آخر.. إلى مثل هذه الدرجة أموال حكومة ولاية الخرطوم فائضة لمثل هذه المشاريع..!!
الوالي قال أن أكبر مشكلة تواجه ولايته هي مياه الشرب.. وليس توسعة 2 كيلومتر من شارع النيل بـ(30) مليون دولار..
الخميس، 16 يوليو 2009
قرار مستعجل 16 يوليو 2009
قرار مستعجل.. !!
نصيحة لوجه الله .. أقدمها .. مجاناً .. لحزب المؤتمر الوطني ..الذي يبدو حتى اللحظة الحزب الوحيد الذي يعمل سرا وجهرا .. في الإستعداد للإنتخابات.. والبقية إما أصلا غير مصدقين أن تكون هناك إنتخابات .. أو (مكضبين الشينة).. ويرجون أن ال يصابوا بمكروه في عزيز لديهم..
نصيحتي هي .. أن أحد أكبر المخاطر التي ستضرب الحملة الانتخابية لحزب المؤتمر الوطني .. بل ربما تنسفها نسفا.. هو (شرطة المرور) ..وقبل الدخول في التفاصيل.. أوجزها في عبارة سهلة الفهم.. شرطة المرور هي الوجه المباشر من السلطة الذي يلتقي بالجماهير من أبكر الفجر إلى آخر الليل..
لو كان حزب المؤتمر الوطني يلتقي بالجماهير في ليالي سياسية.. كل يوم .. ولو كان في كل صبح يصدر بيانا مدججا بالأرقام ..قول للناس كيف كانوا .. وأين أصبحوا بفضل الانجازات في الطرق والجسور والسدود.. ولو كان الوطني يستغل كل نشرات الأخبار في الإذاعة والتلفزيون ليذكر الناس بما قدمه لهم.. فإن شرطة المرور بكفاءة عالية تمسح كل ذلك .. وبأضعافه.. في الطريقة التي تتعامل بها في الشارع مع المواطن..
وراء كل أنة وحشرجة صادرة من صدر مواطن مكلوم.. فعل ومسلك أقدمت عليه شرطة المرور.. التي قال لي أحد قيادتها أن ما ترتكبه من مخالفات للقانون ..أكثر مما يرتكبه السائقون في الشارع..
والمشكلة سهلة - جدا - بقدر ما هي مدمرة - جدا-.. سهلة لأن حلها سهل جدا .. ومدمرة لأنها تحطم إحساس العلاقة المتآزرة بين السلطة والشعب.. تجعلها علاقة (توم اند جيري) .. تربص وترصد .. وما اختلت سلطة بمواطن الا كان الشيطان ثالثهما..
الحل سهل جدا من سطر واحد .. خطاب يرسله والي الخرطوم لمدير شرطة الخرطوم نصه التالي ( بهذا تقرر منع أي شرطى من استلام أي اموال من الجمهور في الطريق.. وعلى شرطة المرور البحث عن أي وسيلة أخرى لتحصيل المخالفات المروري..)
بصراحة مبدأ السماح لشرطي في الشارع أن يحصل على مال من جيب مواطن ..هو مفسدة.. بغض النظر أن كان المال رسوما أو مخالفات أو غيرها.. لا يجب السماح بأي (تعاملي مالي ) بين أي سلطة.شرطة أو غيرها .. في قارعة الطريق.. المال محله المكاتب والبنوك وأي وسيلة أخرى مناسبة تختارها الشرطة لاستلام المال من الجمهور..
أسألك بالله .. يا سعادة مدير الشرطة.. في أي دولة في العالم هل سمعت بشرطة تقف في قارعة الشارع تحمل الإيصالات لجباية المال من المواطن ..
سيدي والي الخرطوم.. لا تنتظر مشروعات وأمنيات الشرطة في خطة خمسية أو عشرينية تتخلص فيها من حكاية جباية الأموال في الشارع.. ليس فقط من أجل الشعب وحمايته.. بل أضعف الايمان لحماية حزبكم من سخط الناس..
مطلوب قرار يغرق المراكب .. يأمر الشرطة فورا بعدم استلام أي مال من جيب المواطن في الشارع.. المال يدفع في المكاتب أو عبر البنوك فقط.. لأنها الوسيلة الرسمية الوحيدة للتعامل مع المال العام..
الثلاثاء، 14 يوليو 2009
تخضير الخرطوم 14 يوليو 2009
تخضير.. الخرطوم..!!
ظهر أمس الأول .. التقيت بالدكتور عبد الرحمن الخضر.. والي الخرطوم ..الذي لا يزال حتى اللحظة متبوع بصفة (الجديد).. في مكتبه.. لم يكن حوارا صحفيا بل كان لقاء للتفاكر.. واستلهام نظرة من أقرب نقطة للوالي الجديد..
سألته .. هل كان يعلم باختياره واليا للخرطوم قبل إعلان الخبر..قال لي أنه سمع بعض الأقاويل قبل إعلانه بيوم أو يومين.. وحزن كثيرا.. فذهب والتقى بأحد الشخصيات القيادية المتصلة بالقرار السياسي.. وأفضى إليه برفضه للمنصب وقال الخضر للمسؤول البارز..( والله لو كان الانتحار مباحاً.. لفضلت الانتحار على تولي منصب والي الخرطوم..).. المسؤول الكبير قال له أن اختيار الولاة لا يتم الا بتمعن وتفحص .. ومع ذلك وعده بالنظر في أمر اعتذاره..
ثم كان ما كان.. سمع الخضر بخبر تكليفه بالمنصب مثله والناس من الإعلام.. وكانت هزة كبيرة له لأنه توقع أن اعتذاره قُبل.. حتى أسرته فوجئت بالنبأ تماما.. وانخرطوا في بكاء مرير.. لأنهم ولقرابة العشرين عاما – حسب تعبير الخضر – ما ذاقوا طعم الاستقرار الأسري.. إلا بعد تركه كرسي والي القضارف.. آخر ما شغله من مناصب تنفيذية..
الوالي الجديد .. يشعر بأن ولاية الخرطوم بقدر ضخامة اسمها وموقعها الدستوري.. والقومي.. لكن مشاكلها أضخم .. من تولى أمرها ركب ظهر (فيل!!) ظمآن أراد الشرب من النهر فعض التمساح خرطومه .. والتشبيه من عندي..
صحيح أنها ولاية الضجيج الإعلامي والصيت.. فيها القصر الجمهوري.. والتلفزيون ..والهلال والمريخ.. والسلام روتانا.. وبرج الفاتح.. لكن في المقابل .. فيها واحد من كل ستة سودانيين.. وفيها أم بده والحاج يوسف ومايو و (الخليلة!! لزوم رفع الحرج..)
ربما أكثر ما سرني.. اهتمام الوالي (آخر مرة أقول لكم فيها.. الجديد).. بالإنسان.. أبرهن على ذلك باستجابته الكريمة لما كتبته هنا عن اضمحلال مملكة تاكسي الخرطوم.. وتحول العاملين فيه إلى بقايا مهنة.. سيارات لا أكثر منها تهالكا إلا غالب أصحابها..
ذكر لي الولي أنه التقى بإدارة شركة جياد للسيارات..وأنهم سيقدمون دفعة أولى من (300) سيارة تاكسي مكيفة أنيقة.. سيتم تمليكها لأصحاب سيارات التاكسي العاملة حالياً بعد حساب قيمة سيارة التاكسي القديمة واستبدالها.. المعادلة ستجعل تاكسي الخرطوم جاذبا للركاب.. الذين هجروا لرداءة السيارات وتهالكها وبؤسها.. وستجعل أصحاب التاكسي أكثر قدرة على الكسب المربح.. كل ذلك علاوة على تجميل وجه العاصمة بسحب القديم منها..
لكن الوالي يرى أن ماء الشرب هي أولوية قصوى لا تقبل التأجيل.. ومشاكل عطالة الشباب.. والنقل العام.. البصات الدائرية التي طال انتظارها .. و .. وقضايا كثيرة .. متراكمة.. أدعو الله أن يسخر لها عبد الرحمن الخضر..
الاثنين، 13 يوليو 2009
التعافي 13 يوليو 2009
التعافي ..!!
الشيخ د.العبيد عبد الوهاب..أستاذ بكلية الآداب جامعة الخرطوم..حافظ للقرآن .. ليس مجرد عالم يختزن العلم في صدره، بل شعلة نشاط وقاد.. يلقي المحاضرات حيثما تيسر له الوصول.. ودروس في بعض المساجد تبدأ فجراً بعد الصلاة مباشرة..حبه لنشر العلم حبب فيه شباب كثيرون.. توسموا فيه القدوة والنموذج .. تأثروا به كثيراً..
لم يكن انعزالياً أو عازلاً للآخرين.. شهد له بعض من أقرب أصدقائه ومعارفه بأنه كان خفيف الروح ومتسامحاً بأوفر تصالح مع الذات والآخر.. يعيش دنياه كأنه يعيش أبداً، ويعمل لآخرته كأنه يموت غداً.. له أسرة زوجة وأطفال، كما لكل الناس.. يحبهم ويمازحهم .. ويسعى بكسبه لتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.. يتمنى أن يراهم في كنف عيش كريم وتعليم مستقيم ..
ربما للشيخ العبيد رؤيته الخاصة وتقديره المستند على ما يقرأه ويعتقد به.. لكن ذلك لم يشيد جداراً عازلاً بينه والناس والمجتمع.. لا في مسلكه ولا في اتصاله بالآخر..صحيح أن كثيرين في الماضي والحاضر اشتطوا في فهم بعض أوجه الدين، وافترضوا أن المجتمع المدني المتخالط بمفاهيم العصر، شيطان لا يستقيم الإيمان إلا بالتعوذ منه واجتنابه وهجره وإنكاره بالقلب والجسد.. وأوغل البعض في الاعتقاد بوجوب إزالة مثل هذا المجتمع من الوجود.. فنتج عن ذلك كثير من العنف الجسدي والروحي معاً.. عنف كان أبشع فيه، أن الغرب جعل الوصمة فيه على الدين لا المتدينين ..
لكن الشيخ العبيد، لم يبعد عن مجتمعه قط.. لا روحاً ولا جسداً.. يسامر ويمازح ويخالط ويبيع ويشتري ويمشي في الأسواق.. ولا يأنف أن يصلي خلف من هم أقل منه علماً .. ويجهر بحبه لزوجته وأولاده..
لا أكتب هذه الكلمات لأدفع عنه تهمة، أو لأدمغ غيره بتهمة.. أكتبها فقط – والله العظيم – بإحساس المسؤولية عن إزالة لبس (إعلامي!!) اعترى سيرة الشيخ الشهيد.. الذي أحببته – جداً – دون أراه يوما أو سمعه .. إلا من وصف وشهادة رجال أثق في تقديرهم و قربهم منه .
و ليت الدولة، تدرأ عنها عبء المواجهة مع شباب مخلص وصادق في نواياه.. بأن تقترب منهم أكثر.. وتوفر لهم النصيحة بأوسع ما تيسر.. وترفع الغبن عن النفوس بتبني أسرة وأطفال الشيخ العبيد.. توفر لهم بيتاً يأويهم.. وليس مطلوباً إلا التكفل بما تبقى من قيمة بيت متواضع .. جمع الخيرون رُبع قيمته (مائة ألف جنيهاً) .. ولا يرهق خزينة الدولة أن توفر الباقي.. ليس مجرد سكن لأسرته..بل (سكن!) للنفوس المحتقنة بالأسى أن تدرك أن الشيخ في مقام كريم في آخرته ودنياه معاً..
والله على ما أقول شهيد..
الأحد، 12 يوليو 2009
كرة الشراب 12 يوليو 2009
(كرة الشُرَّاب!!)
مجموعة من الأحزاب البارزة المعارضة..تحالفت على التحرك خطوة إلى الأمام في الملعب السياسي.. عقلية قانونية ما، أوحت إليهم أن المادة (216) من الدستور الانتقالي لعام 2005 تمنح الحكم شرعية تنتهي في منتصف ليل التاسع من يوليو 2009 المكمل لأربع سنوات منذ بداية الفترة الانتقالية.
تحالف الأحزاب المعارضة الذي مثله قادته ..السيد الإمام الصادق المهدي، الدكتور حسن الترابي، الأستاذ محمد إبراهيم نقد، السيد مبارك الفاضل المهدي .. وبقية زعامات المعارضة.. وغاب عنهم بحزبه مولانا السيد محمد عثمان الميرغني..طالب بإعلان حكومة قومية تشارك فيها كافة الأحزاب.. وإلا الإنسحاب من المؤسسات الدستورية.. وهو - عملياً - إجراء رمزي لأن غالبية هذه الأحزاب ليست في منظومة المؤسسات الدستورية.. كما هددوا بمقاطعة الإنتخابات القادمة إذا لم تستجب لهم الحكومة ..
الخطوة من الناحية السياسية لا غبار عليها.. بل ربما تعني أن الحملة الانتخابية بدأت عملياً وفي الميدان مباشرة.. وتحرك المياه الراكدة في الملعب السياسي الخامل.. لكنها في المقابل لم توفق في اختيار نقطة الانطلاق.. لأن البدهي أن المحاججة القانونية مكانها المحكمة الدستورية.. ويزداد الأمر بشاعة و قتامة بتصريحات منسوبة لشخصية قانونية رفيعة في المعارضة.. برر فيها التغافل عن سلوك طريق المحكمة الدستورية بأنهم لا يثقون فيها..!! ويدهشني مثل هذا السلوك من الساسة.. كيف سيحكمون وطنا يلعنون مؤسساته.. ألم يكن الأجدى انتظار قرار المحكمة قبل لعنها.. وماذا لو اشتكوا إليها وصدر قرارها في صالحهم.. هل يرسخ ذلك قاعدة قانونية جديدة أن نزاهة المحكمة رهن قرارها.. فهي نزيهة لمن تحكم لصالحه .. وغير نزيهة لمن تحكم ضده ..
من الصعب – على الأقل لمثلي – التطاول على خبير دستوري مثل الدكتور حسن الترابي.. هو أكثر تخصصا وفقها في هذا المضمار القانوني الدستوري.. لكني أحتار.. إذا سلمنا جدلا بأن الدستور ينهي شرعية الحكومة في 9 يوليو، فهل في المقابل ينص على أن تخلفها (حكومة قومية) ؟ فالمادة (216) التي تحتج بها المعارضة تنص على (تُجرى انتخابات عامة على كل مستويات الحكم في موعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية).. لم تضع شرطاً جزائياً اذا لم يتحقق خلال الفترة المحددة.. لم يغ شرعية الحكومة، كما لم يعلن شرعية (حكومية قومية) بديلة..
ثم .. هو الأهم .. هب أن الحكومة الحالية تنازلت وطوعا عم الحكم اليوم.. وسلمته لتحالف الأحزاب المعارضة.. هل هلي جاهزة للحكم.. ليس حكم السودان طبعا.. بل حكم محلية الخرطوم فقط لا غير..
على كل حال هي خطوة حميدة.. لأنها تحرك الملعب و تحول المعارضة إلى قلب الملعب.. حتى ولو كان (دافوري) ..
الجمعة، 10 يوليو 2009
الشفقة تطير 10 يوليو 2009
الشفقة .. تطير..!!
أكثر ما يدهشني ..فينا.. رغم أنا شعب راقي في أخلاقه، خاصة في الذي يتعلق بالآخر.. نحب الخير ونسعى بشهامة في قضايا الآخرين.. إلا أن سلوكنا العام في بعض المنحيات يبدو متخلفا – جداً -..
بالأمس كنت في (طابور) لنيل خدمة عامة.. وجدت أمامي في الصف رجل وفتاة شابة.. أخذت موقعي بعدهما.. جاء شاب ووقف خلفي وبكل ثقة وعفوية مد يده بالورقة التي فيها الى الموظف خلف الشباك.. لسان حال المشهد يقول (لا أري في المكان غيري) ..
في مثل هذه المواقف يعتريني إحساس أن هناك شيئا ما خطأ.. مثلا ربما يكون مرتكب هذا الفعل قادم لتوه من مشفى الأمراض العقلية.. أو ربما مخلقو فضائي هبط علينا من كوكب آخر.. ولا يرى بعينيه الا نفسه.. أو أنه – وهذا هو الأرجح – يعتقد أن الوقفين أمامه ينتظرون (المواصلات) .. وليس الخدمة المقدمة من النافذة..
تأملته بنظرة عجلى.. أي والله شاب مكتمل الصفات .. عاقل راشد.. قمصيه (مكوي سيف) .. شعره (مسرح) .. و (كمان متريح) بعطر باريسي.. إذن أي نالمشكلة..
قلت له بكل أدب .. (نحن أمامك..) .. كدت أصعق لما وجدته يكاد يفغر فاه من الدهشة.. وكأنه يقول لي (طيب.. ما أنا عارف.. وشايفكم كمان)..
أين المشكلة في مثل هذا السلوك ؟؟
جلافة.. لا .. لاني بعد ذلك رأيته يمازح بكل خفة دم بعض من هم في المكان.. جهل .. لا .. لأنه من ملامحه واضح أنه متعلم .. وربما جداً.. أين المشكلة؟؟
في تقديري.. أن تكالب الظروف على الشعب السوداني (لاحظ جيدا أنني لم أقل ماهي هذه الظروف.. وتركتها على ذمتكم ..) دمغت العقل السوداني بإحساس أن (الحياة فرصة..) لا سبيل للحصول عليها إلا يتخطي الرقاب.. تماما كما يفعل كثير من المصلين يوم الجمعة.. يأتون المسجد متأخرين قبيل الإقامة بدقائق معدودة .. ويتخطون رقاب المصلين بحثا عن (أبرد) موقع داخل المسجد..
الإحساس العام عند الشعب السوداني أن حقك.. ليس حقك إلا بما ملكت يمينك.. تأخذ حقك عنوة واقتدارا..و الذي ينال حقه لا يناله إلا بالعضل والقدرة على فرض الأمر الواقع..
أنظر كيف يخرج المصلون من المسجد يوم الجمعة.. استخدام (الكتف القانوني) شائع في التدافع للخروج بعد الصلاة.. في ضمير المتدافعين إحساس أنه لو لم يخرج قبل الآخرين ربما لما خرج..
في لجان المعاينات للوظائف.. الإحساس العام عند المتقدمين لها أن الاختيار هبة (العضل) .. عضل الواسطة.. وأن حقك ليس بحقك الا بما ملكت يمينك.. بالقوة الاجتماعية أو المالية أو .. الى آخر الـ(أوات) الخطرة...
هذه الثقافة المبيتة Built in في الضمير السوداني .. سببها ضعضعة الإحساس بأن الحق المكتسب طبيعيا لا يضيع مهما كان الظرف..
والحل.. تنمية الإحساس بالمساواة والعدل..أن يحس كل مواطن أنه مساو ومنصور في حقه بال حاجة ..للعضل.. أو (قوة العين) ..
الخميس، 9 يوليو 2009
رخصة عمرة 9/7/2009
رخصة عمرة ..!!
تعود الساقية لدورتها .. الهيئة العامة للحج والعمرة أعلنت عن موسمي عمرة رمضان والحج لهذا العام.. وحديث – مكرر – عن النظر في وكلات السفر المؤهلة لتقديم خدمات العمرة والحج.. وترتيبات هنا وهناك.. يحفظها الناس جميعاً.. تماما كما يحفظون القصص وحكاوي الرعب التي ترتد علينا بعد انتهاء موسمي العمرة والحج..
لا حاجة للاستقصاء عن مدى ما يقدم للحجاج أو المغتربين من خدمات.. ولا حاجة أيضا للجدل العقيم حول ما حصل أو يحصل للحجاج.. المطلوب هو الإجابة المباشرة عن السؤال السهل البسيط.. ماهي المشكلة .. التي تطلبت انشاء هيئة للحج والعمرة..؟؟
فالمنطق الحياتي الحتمي.. أن وراء كل (حل!) مشكلة.. والعكيش ليس صحيحا .. فليس بالضرورة أن يكون وراء كل مشكلة .. حل..
إذا كانت هيئة الحج والعمرة هي حل مشكلة تعترض الحجاج والمعتمرين.. فما هي المشكلة التي تطلبت هذا الحل..
الحج أو العمرة.. هو أحد شعائر الدين الإسلامي التعبدية الشخصية.. بمعنى أن أداء الشعيرة واجب لا يكامل أداؤه الا بإرادة وعزم ونية الحاج أو المعتمر.. وبعبارة أخرى.. لو حصل الحاج أو المعتمر على ترخيص رسمي وكل الدمغات الحكومية وشهادة من هيئة المواصفات والمقايسس على أن حجه أو عمرنه مطابقة للمواصفات القياسية المطلوبة فإن ذلك لا يعني شيئا بغير ما يفعله ويمارسه الحاج بنفسه في المشاعر المقدسة.. إذن الحكومة.. ليس لها علاقة بالشعيرة .. فماذا تبقى من الحج أو العمرة إذن ؟؟ تبقى السفر والاقامة والترحال بين المشاعر..
يصبح السؤال الحتمي البسيط.. وما علاقة الحكومة بالسفر والاقمة والترحال.. لماذا لا تنشأ الحكومة (هيئة السفر الى مصر) .. فالسودانيون الذين يسافرون سنويا إلى مصر أضعاف أضعاف من يحجون أو يعتمرون.. لماذا لا تشرف الحكومة على (تفويج) المصطافين الى مصر..؟؟
بنظرة مجردة من العطب.. لا يجد عاقلا سببا لتدخل الحكومة .. بل وإنشاء هيئة كاملة .. متفرغة للحج والعمرة.. لا هي وكالة سفر.. ولا هي دولة مقر.. ولا هي مسؤولة عن ترحال الحجاج والمعتمرين في أرض الحجاز.. فهنا في السودان وكالات سفر.. عملها الأساسي تقديم خدمات السفر للمواطنين .. وهناك في السعودية وكالات أخرى عملها تقديم نفس الخدمات على أرض المملكة وكل يمكن أن يحدث هو تنسيق (تجاري) بين هذه الوكالات وتلك.. تماما كما قد تفعل وكالات سفر في السودان مع أخرى في مصر..
الدولة المتحضرة الكبيرة هي التي تحكمها حكومة صغيرة.. لا تتدخل في عمل وأعمال المجتمع.. تترك الشعب يمارس حك ظفره بيده.. وللحكومة من المشاغل ما يكفي ..فلماذا تجهد نفسها بالتدخل بين المرء وشعيرة ربنا..
أقول لكم السبب.. أم أتركه لتقديركم ..!!
السبت، 4 يوليو 2009
أعواد الثقاب 4 يوليو 2009
عود الثقاب..!!
في العاصمة المثلثة.. تنتشر هذه الأيام لافتات قماشية عجيبة.. في مداخل الكباري الرئيسية ومعابر السيارات المهمة.. مكتوب عليها عبارات من قبيل ( والله لن يفلت الجناة..) ..( لن ترتاح يا سفاح) .. وعبارات أخرى تتحدث عن فتح ملف حادثة في الثمانينات راح ضحيتها طالبين (الأقرع وبلل)..
صحيح بعض الجرائم لا تسقط بالتقادم.. لكن الأصح أن أي جريمة التعامل معها من صميم اختصاصات جهة واحدة فقط.. هي القضاء.. والقضاء لا يتعامل مع الشعارات المكتوبة على لافتات القماش.. هناك إجراءات محكومة بالقانون يعلمها الجميع.. وهي وحدها التي تقتص من أي مجرم .. وتفرض الخضوع لنواميس العدالة..
وإذا سمحنا بمثل هذه الروح أن تتفشى.. فليس الأقرع وبلل وحدهما اللذين قتلا في صراعات سياسية..وليس من قتلوا في الصراعات السياسية وحدهم القتلى الذين يتبعهم طالبوا الثأر.. هناك جرائم أخرى كثيرة يتطاير منها لظى الغبينة.. سنفتح باباً لا يفضي إلا للجحيم.. وتملأ مداخل الكباري والطرقات لافتات كثيرة أخرى تتحدث عن جناة .. وتتطالب بالثأر والدم..لافتات لا تكلف كاتبيها إلا بضع أمتار من أرخص قماش.. وبدلاً من أن تكون عرائض النيابات والمحاكم هي من يبحث عن الجناة.. سيصبح من كتبوا اللافتات هم القضاة.. وهم منفذوا الأحكام.. وليأتي يوم .. يصبح العنوان الرئيسي في كل الصحف السودانية..(الحريق..!!) ..
الشريعة والقانون .. لا يعطيان غير القاضي حق القصاص.. وحتى القاضي يمنحه القانون الأمر بقرار من المحكمة بالقصاص وليس بالتلويح او كتابة شعارات في الشارع العام تتحدث عن القصاص.. حتى لا يتحول المجتمع إلى نصفين .. ضحايا بالأصالة.. وضحايا بالوكالة..
ولو افترضنا حسن النوايا في من كتبوا اللافتات.. وأنهم أرادوا الحق وضلوا الوسيلة.. لكن كم مسؤول مر أمام هذه اللافتات وقرأ ما بها ؟. هل يسمح القانون والنظام لكل من يملك حق دفع قيمة لافتة قماشية أن يكتب ما يشاء.. ويعلقه في المكان الذي يرضيه.. ؟؟ هل ترضى الدولة بمنهج القصاص الشعبي.. خصخصة المحاسبة الجنائية..
معظم النار من مستصغر الشرر.. والغفلة لا تنجب الا الندم.. والدول التي تحولت الى غابات حروب ودماء مثل الصومال ولبنان وغيرهما .. لم تقع في الفتنة بين ليلة وضحاها أو بضغطة زر.. كلهم سلكوا ذات الدرب.. خطوة خطوة إلى أن غرقوا في بحور الدماء.. في لبنان مثلا.. حرب أهلية دامت خمسة عشر عاما.. وصلت حد القتل بالهوية... يقف المسلحون في الطرقات ليفتشوا بطاقات الناس الأبرياء العابرين.. فيقتلوا فورا كل من لا ينتمي الى الطائفة.. هذه الحرب الضروس كانت شرارتها التي أسعلتها مجر حادث صغير تعرضت له حافلة ركاب..
بالله عليكم لا تروجوا ثقافة أخذ القانون باليد.. نحن دولة فيها مرجعيات قانونية .. فلماذا الحديث عن محاسبة.. وإفلات من القانون..!!
ألم تقروؤا تلك اللفتات .. تلك إذن، المصيبة الأكبر..
الخميس، 2 يوليو 2009
هجير العودة 3 يوليو 2009
هذه السطور كتبتها عندما كنت في السنة الأولى بكلية الهندسة.. بعد عودتي من القاهرة إلى قريتي الخليلة في أول عطلة صيفية..!
هجير .. العودة ..!!
وأخيراً عدتُ .. ها أنا ذا ... يحتويني الدعاش العابر في تراخٍ .. أعود إلى الأرض.. إلي قرارة قرارة نفسي .. أحس بأنني صغير .. أكاد اجهش بالبكاء .. تعتصرني الذكرى والسلوى .. وكأن الزمن الآبق الذي خطفني من هنا.. لم يك إلا لحظات حلم تداعى بين يقظة ونوم.. إرتماء في بعض الـ(لا) وعي.. ثم إرتداد لبؤرة الوعي ..
كل شئ هنا يعرفني .. الهواء والأرض و التراب .. حتى الدواب الغادية في الطرقات .. أحس بها كلها تحضتنني .... تستغرق في عبير ثيابي .. عندما كنت أسير علي حافة الجدول المرتفع .. أطل عليَّ عمي مصطفى وهو فوق حماره الأبيض .. ترجل وحياني واحتضنني .. في عينيه كان العمق الآسر للماضي.
صحيح زحف الزمان و افترس الدهر الجامح عفوية الملامح وصفاء الطلعة .. ورسم خطوطه في غير استحياء.. حتي حماره الأبيض رماني بنظرة تلوح لي بالتحيه..
-"خبارك طولت الغيبة كده؟؟ "
رسم عمي مصطفي علامة الإستفهام في أذني .. ودفع إلى وجداني كل الإحساس بعجلة الزمان.. هل فعلاً طالت غيبتي؟. لم أكن أدرك تسابق خطوات الزمن عندما كنت بعيداً عنهم .. في تواتر الأحداث دفنت كل ملامس الزمن ..
- "كيف حالك؟ يا عمي مصطفي؟!" ..رددت علي سؤاله بسؤال ..
- "زي الزفت كل شئ بطال.."
قالها وهو يضغط علي كل حرف ... ثم يلتفت يساراً ليبصق التمباك الذي كانت تفيض به شفته السفلى..
-"و الله يا ولدي أرض الله الواسعة بقت زي خرم الإبره .. نودي راسنا وين ما عارفين"
لم يكن عمي مصطفي في حاجة لمزيد من الأسئلة ... راح يسكب كل الجوي كأنما اختزنه ليملأ به صدر أول من يسأله عن حاله .
" حتي السماء عدم المطر .. الأرض يا ولدي ما بقي فيها طعم .. شيتا زي الصحراء "
ثم إلتفت إليَّ في إستدراك متكلف..
-"إلا قول لي يا ولدي.. أنت جيت إجازة ولا قاعد معانا.."
اخترق السؤال جدار قلبي .. لم أكن مستعدا .. أعابر أنا أم مقيم .. هل جئتُ للأرض ام الناس .. لو كنت عابراً .. فأنا واحد من كثيرين عبروا .. ولو كنت مقيماً .. رموني بتلك النظرات الغريبة .. كمن ينعون فيَّ الطموح و الأمل .
"والله ما عارف يا حاج مصطفي .."
أودعت السر في المجهول .. وأرحت ذهني من عبء الإجابة.. رمقني عم مصطفي من خلف حاجبين نهضا في استدارة على وجه مكدود بالكدر ..
كان في نظرته ينهرني.. يزجرني .. يلهمني الإجابة التي أخشاها ..
حتي الحمار الأبيض رفع رأسه في إستجلاء .. كأنما يقول لي بالسر الذي أعرفه ولا أدركه .. الأرض أم الناس .. " حتى السماء عدم المطر .. و الأرض بقت زي الصحراء" .. في الأرض عشق قديم كنت دفنته فيها قبل سفري.. وفي كل منعرجاتها ذكرى .. تناديني للبقاء .. هنا .. لأتشبث بها كالغريق يقبض علي الطوق .. في الناس .. الإحساس العجيب بالبؤس.. النظرات الحركات واللأ هات .. الملل .. الرتابة .. البطء ..آبار العواطف التي جفت وأصبحتُ لا أرى فيها إلا آثاراً لحنان كان هنا.. ثم هجر ..
أول بطاقة تصويت في تقرير المصير 2 يوليو 2009
أول بطاقة تصويت في تقرير المصير..
الفريق أول سلفاكير ميارديت .. النائب الأول لرئيس السودان.. ورئيس حكومة الجنوب والحركة الشعبية لتحرير السودان .. فجر مفاجأة خطيرة.. للغاية.. قال في خطاب ألقاه أمس الأول في الكنيسة الرومانية الكاثولكية بمدينة جوبا..أن العقيد معمر القذافي الزعيم الليبي .. أجتمع به في (الثالثة صباحاً!!).. خلال زيارة سلفاكير إلى ليبيا الأسبوع الماضي.. وتعهد له بدعم (إنفصال!!) الجنوب إذا اختار شعب الجنوب ذلك..
ربما حتى هنا ليس هناك ما يستوجب الدهشة.. لكن – حسب سلفكاير- قال له القذافي أنه كان خطأ من البداية الإحتفاظ بالجنوب جزءا من السودان.. إذ كان الأفضل إما فصله دولة مستقلة.. أو ضمه إلى أي من دول شرق أفريقيا..
والحقيقة.. لا تثريب على الزعيم الليبي في دعمه لإنفصال الجنوب (إذا اختار أهل الجنوب الانفصال).. فذلك حق مدعوم محلياً ودولياً بموجب إتفاق السلام الشامل الذي وقع في العاصمة الكينية نيروبي.. في 9 يناير 2005 .. بل ليس القذافي وحده من يدعم إنفصال الجنوب (إذا اختار أهل الجنوب الإنفصال) فأخيه الرئيس عمر البشير نفسه سيدعم ذلك – بحكم الدستور واتفاق السلام – وسيسافر الرئيس البشير إلى جوبا للإحتفال مع أهل الجنوب بقيام دولتهم الجديدة.. فكل ذلك مكتوب في اتفاق السلام وبضمانات محلية ودولية..ولكن ..!!
الزعيم معمر القذافي أرتكب خطأ كبير في حق السودان.. إذ منح نفسه بطاقة تصويت في تقرير مصير الجنوب .. رغم أن السودانيين في الشمال أنفسهم لا يحق لهم التصويت في تقرير مصير الجنوب.. و قطع القذافي بأن جنوب السودان ليس جزءا من السودان وكان الأولى فصله أو ضمه لشرق أفريقيا منذ أيام الاستعمار البريطاني..
مثل هذا القول من القذافي .. لا يجعله مجرد داعم مشفق لاتفاق السلام وتقرير المصير ..بل يحوله الى لاعب أساسي في فريق الإنفصال.. وهو أمر لا يضر بشمال السودان كما يتبادر إلى الأذهان.. بل بجنوب السودان نفسه، عندما يتأثر تقرير المصير برياح خارجية.. فلا يصبح المواطن الجنوبي هو وحده صاحب الحق في تقرير مصيره..
وخطورة الأمر .. أن ما قاله القذافي، لا يبدو مجرد رأي عابر.. أفضى به لضيفه.. فحسب سلفاكير أن القذافي طلبه للإجتماع الساعة الثالثة صباحاً.. في عز الليل.. وهي إشارة إن لم تكن مهمة في السياق لما ذكرها سلفاكير في خطابه.. التوقيت نفسه يعني أن الأمر إستراتيجية ليبية في التعامل مع السودان.. وتعني أن ليبيا ليست مجرد راعٍ لدولة جديدة في السودان، بل محرض لأهل الجنوب أن يختاروا الإنفصال.. مع وعد بجائزة من مشروعات التنمية التي وعدهم بها القذافي حسب تصريحات سلفكاير..
أتمنى .. أن لا يكون ما نسب للقذافي صحيحاً..فكيف يكون – وهو حاليا رئيس الاتحاد الأفريقي - مروجاً لتقسيم إحدى دوله.. في حين تقطع المادة رقم (4) (أ) و(ب) المباديء الأساسية من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي باحترام سيادة دول الاتحاد وحدودها السياسية التي نالت الاستقلال بموجبها..
الأربعاء، 1 يوليو 2009
كونفدرالية الشخصية 1 يوليو 2009
كونفدرالية الشخصية ..
عندما كنت أعمل (مهندس كمبيوتر) في دولة عربية شقيقة.. تصادف أن كنت أعالج أحد الأجهزة في مكتب موظف كبير السن من دولة عربية أخرى شقيقة.. وكان أمامه شاب حديث التخرج من الدولة العربية التي كنا فيها ..ويبدو أن الموظف كان يباشر تدريبا خاصا للشاب.. سمعت الموظف الكبير يقول للشاب (أجلس يا ابني..) .. لكن الشاب يتجاهل الرجاء ويظل واقفا يستمع لمدربه بضجر واضح على وجهه .. وظل الحال كذلك .. كل دقيقة أو دقيقتين يردد الرجل الكبير (أجلس يا بني) .. لكن الشاب يظل واقفا وكأنه لم يسمع الرجاء.. ضجر رجل آخر كان في المكتب يبدو أنه صديق الموظف الكبير فقال له ( أتركه.. يبدو أنه لا يريد الجلوس) .. هنا رد الموظف بسرعة ( أنا مش عاوزه يجلس عشان يرتاح.. لكن عشان أنا عارف الشتيمة شغالة من جوه..) ويقصد ان الشاب المتضجر من التدريب يلعنه في سره.. وطلب الجلوس هو مجرد محاولة لتملق الشاب حتى لا يمارس (اللعن السري) .. داخل صدره..
في داخل كل منا إنسان آخر ينطق ويتحرك ويحب ويكره .. يمدح أو يعلن سراً.. وليس في ذلك مشكلة.. فتلك فطرة الله التي خلق الناس عليها.. لكن المشكلة الكبرى أن تتباعد المسافة بين الإنسان في داخلنا.. ومسلكنا الخارجي.. فينطق اللسان بغير ما يقصد الجنان.. وينظر الإنسان في غير المكان الذي قصده.. ويبتسم في موضع التكشيرة .. ويضحك في لحظة البكاء..
مثل هذه الحالة يسميها علماء النفس (إنفصام شخصية).. أن يعيش الإنسان بنفسين.. نفس نقيض نفس..
لكن الشعوب كالإنسان.. تصاب أيضا بإنفصام في الشخصية..تكابد (كونفدرالية الشخصية).. فتنطق بلسان وتفكر قلب آخر.. قلب يكره في لحظة الشكر والمدح..
أقصى حالات الإنفصام عندما يكتم الناس مايجب أن يقوله.. فيحق فيهم الوصف الذي يقول (ليس المشكلة في ما نقول .. لكن المشكلة في ما لا نقول) المكتوم في الصدور .. حتى ولو لم ينطق به جهرا..
أي دولة عاقلة راشدة.. تحرص على توحيد عقل ولسان شعبها.. حتى يقول ما يريد أن يقوله.. فتصبح الطاقة الكامنة في الصدور نظيفة خضراء قابلة للتعامل الشفاف بلا أدنى ريب أو تردد..
لكن في بعض الدول .. التي تفترض أن الإنسان مسير لا مخير.. تضع مواطنها دائما في حالة (صمت أثيري) حتى ولو تكلم.. فهو يتلفظ بالمطلوب منه رسمياً.. والذي لا يجلب له المتاعب على أدنى تقدير.. ومثل هذه الحالة تراكم من المكتوم في الصدور وتجعل منها قنابل موقوته قد تنفجر أن لم يكن اليوم فغدا..
أليس الأجدر أن نفتح الخياشيم على اتساعها.. حتى لا يحدث ما سردته عليكم في القصة التي افترعت بها هذه السطور..
الثلاثاء، 30 يونيو 2009
غب الحالتين ..ضائع 30 يونيو 2009
في الحالتين.. ضائع ..!!
لا أعتقد أن السيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان قد فهم تصريحات الأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر.. فالسيد أموم نقلت عنه صحف الأمس أن تصريحات الطاهر (لعب بالنار) ..
الطاهر صرح قبل عدة أيام أن البرلمان حينما يشَّرع قانون الاستفتاء سيجتهد أن يجعل من الإنفصال قراراً صعباً.. لأن اتفاقية السلام الشامل ألزمت الشريكين بالعمل لجعل (الوحدة خياراً جاذباً) ..
وفي تقديري أن ما قاله الطاهر سديد.. وليس بسيط للغاية.. فقرار وحدة/إنفصال سيكون نتيجة مباشرة لعد البطاقات التي يلقي بها شعب جنوب السودان في صناديق الاستفتاء على تقرير المصير في شهر يوليو من العام 2011.. والحساب ولد.. حينها لن يكون الا النظر المباشر في الأرقام.. وهي العملية التي لن يكون في الإمكان التدخل فيها بالقانون أو بغيره.. لكن كلما هو قبل (ليلة التنفيذ).. ليلة التصويت.. سيكون تحت لافتة (جعل الوحدة خيار جاذب) الذي نص عليه اتفاق السلام.. وهي عبارة تعني بالضرورة (جعل الإنفصال خيار غير جاذب) .. وأقل ما يمكن فعله لتحقيق ذلك .. أن لا يكون القانون نفسه مطية لشهوة الانفصال.. بل أداة لرشد الوحدة.. وهذا لا يعني اطلاقا حرمان أهل الجنوب من قرارهم.. فالقرار في يد كل من يدخل خلف الستار ليضع البطاقة في الصندوق.. دون وعد أو وعيد..
وفي تقديري أن السيد باقان اموم .. بتصريحاته هذه، ربما يكشف بعض الـ(لا) شعور في استراتيجية الحركة الشعبية.. الرغبة في أن تسير الرياح بأعتى ما تيسر في الاتجاه الدافع نحو الانفصال.. حتى ولو لم يكن ذلك رغبة غالبية اهل الجنوب.. وفي مثل هذا التفكير خطأ جسيم.. لأنه يشعل النيران في (مصير التقرير) مباشرة بعد انتهاء (تقرير المصير).. فليس كل أهل الجنوب رغبتهم الإنفصال..
الأجدر .. بل ومن الحكمة.. أن ننظر - من الجنوب أو الشمال – لعملية تقرير المصير ببصيرة لا غريزة.. فالمطلوب من هذه العملية أن تحقق أمنية شعب السودان في المستقبل المستقر المتحضر الآمن ..مستقبل في وطن أو وطنين لا يهم.. فقط الذي يهم أن لا يكون الإنفصال نفسه بلاء جديداً بعد بلاءات الوحدة التي دامت لأكثر من خمسين عاماً تحت فرقعة السلاح وهدير سيول الدماء..سيكون سهلاً لأهل الجنوب أن يقرروا بملء حريتهم، الوحدة أو الإنفصال.. فقط إذا رشد الساسة ونظروا بكل تجرد إلى المستقبل.. لكن إذا أصر الساسة على ممارسة (الأبوية) على شعوبهم.. واستبطنوا (الوصاية) على مصير شعوبهم.. سيكون المصير.. في الحالتين.. ضائع ..!!
الاثنين، 29 يونيو 2009
Case Study 29 يونيو 2009
Case Study
حالة تصلح للدراسة المخبرية والعملية.. هل شاهدتم أو سمعتم الحوار الذي أجراه التلفزيون مع المشير عمر البشير رئيس الجمهورية ونقلته الإذاعات حياً؟؟
ما هي الرسالة الإعلامية التي قصد التلفزيون إرسالها للمتلقين.. أم هل هو مجرد عمل روتيني كل عام في موسم الاحتفالات بأعياد الإنقاذ؟؟
رئيس الجمهورية رمز وطني رفيع لا يتاح الحوار معه (وعلى الهواء مباشرة!!) إلا في حدود ضيقة للغاية.. فإذا أتيح لجهاز إعلامي مثل هذه الفرصة، فإنه من العبث وهدر الفرص أن تقدم للرئيس أسئلة هي أقرب للأجابات. أو أن يسأل من أشياء سبق له الحديث عها كثيرا في مثل هذه المناسبات.. مثل المقارنات في الأوضاع قبل وبعد الإنقاذ.. فمثل هذا الخطاب استهلك بكثرة الترداد في مثل هذه المواسم .. ثم ان عمر الإنقاذ الآن (20) عاماً وهي مساحة زمنية أجدر أن تقاس بمراحلها لا بما قبلها.. فلو كان الماضي يصلح مقاساً بصورة مطلقة ربما لأصبح مناسباً مقارنة الاقتصاد في ما قبل المهدية ..الفاصل الزمني هنا أكبر من أي مقارنة.. وكذلك الـ(20) عاماً لا تصلح لاسترجاع المقارنات..
ولو كان هناك خبراء يعكفون على مثل هذه الفرص التي تتاح للحديث (على الهواء مباشرة ) لأعلى شخصية سيادية في البلاد، ربما لنصحوا بأن لا يكون الرئيس هو من يطري ويثني على فترة حكمه.. الأنسب أن يكون ذلك على لسان آخرين.. أما الرئيس فهناك قضايا متراكبة يريد الشارع السوداني أن يسمع رأيه فيها..
الرئيس البشير من أفضل الروؤساء العرب والأفارقة قدرة على الحوار الإعلامي.. يجيد فهم السؤال ويجيد تسديد الإجابة بتجميع المعلومات بصورة منطقية ثم طرحها بسلاسة وعمق.. لكن المشكلة أن الإعلاميين الرسميين يظنون أنهم يحسنون صنعا عندما يفرغون اسئلة حوراتهم من كل شيء.. (ربما خوفاً على الرئيس منها ..) فتكون النتيجة أن الرسالة الإعلامية المقصودة من الحوار تذهب في اتجاه طائش يضل هدفه..المفترض في الإعلام الحكومي.. وبمناسبة الذكرى العشرين لتولي حكومة الإنقاذ السلطة.. أن يستلهم المطلوب في المرحلة الحالية.. الخطاب السياسي الذي يتناسب مع الزمن.. وهو خطاب مفرداته سهلة يمكن إلتقاطها من أقرب (شارع عام).. من المواطن الذي في رأسه ألف سؤال وسؤال يود لو اتيح للرئيس الرد عليها مباشرة على الهواء.. فيصبح الإعلام الرسمي ناقل نبض الجماهير.. لا حاجب صد الجماهير..الأجدر أن تكون مثل هذه المناسبة فرصة .. لإمتصاص الأسئلة التي تئن بها صدور المواطنين خاصة في القضايا ذات الحساسية الشعبية العالية..!!
الأحد، 28 يونيو 2009
السبت، 27 يونيو 2009
النفخ في الكير 28 يونيو 2009
النفخ.. في الكير..!!
في خبر تمهيدي قبل نشر الحوار في صحيفة الرأي العام.. الدكتور أمين حسن عمر رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات الدوحة .. قال (أنّ الحكومة إن أرادت حشد قوة للقضاء على حاملي السلاح لفعلت..) لكنه عزا إحجام الحكومة عن ذلك لأسباب إنسانية تتعلق بالخوف من النزوح واللجوء للمتأثرين بالحرب..
لا أدري هل حسب د. أمين حساب مثل هذه الكلمات جيداً، أم أنه افترض أن الخطاب الإعلامي ليس بحاجة لأي حساب.. فالعبارة التي نُسبت إليه.. تمنح الإحساس بأن المفاوضات مجرد خيار (ثانوي) .. وأن هناك خيار آخر في متناول اليد لكنه مؤجل تحسبا وخشية تفاقم الضغط الإنسانية على المواطنين..
ولو فطن د. أمين حسن عمر ورجع ببصره قليلاً إلى الوراء أيام كان مع الوفد المفاوض في نيافشا.. لرأي بحر دماء تمدد لعشرين عاما كاملة.. ثم ما لاح في آخر نفقه ضوء إلا بعد أن جلس الطرفان حول طاولة المفاوضات.. ولو استمرت حرب الجنوب عشرين عاما أخرى.. لما تحقق ما قاله أمين (حشد قوة للقضاء على حاملي السلاح)..
ولو حسب أمين وزن كلماته قليلا.. ربما أدرك أن (حاملي السلاح) الذين في الإمكان (القضاء عليهم!!) هم أيضاً مواطنون سودانيون كل نطقة دم تسيل منهم محسوبة من (بنك دم) الوطن.. وأن أي حكومة سديدة راشدة تنظر لحقن دماء مواطنيها أياً كانوا.. في معسكرات النزوح أو معسكرات التمرد.. وأي مفاوضات أو تسوية سلمية ..أو مجرد كلمة طيبة (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء..) هي ليست مجرد أمنية، بل مطلب ومسعى ورجاء وأمل لا يصدن عنه يأس أو ضجر.. أو- بالأحرى – كِبر..(بكسر الكاف.. حتى لا تخلط الكلمة مع اسم والي شمال دارفور)
في تقديري- وأرجو أن يتسع صدر أمين حسن عمر- أن مثل هذه اللهجة ونهج التفكير هو الذي أنجب كل الفواجع المزمنة التي تطأطي رأسنا بين الأمم.. الإحساس العميق أننا أمتين.. أمة فوق..فوق، هناك في العليين.. تنظر من شرفة إلى أمة تحت.. تحت، هناك أسفل سافلين..
أمة ملهمة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. وأمة متلقية صامتة.. تنتظر الفرج..!!
الأجدر، أن السلام غاية الوصول إليه عبر طريق الصلح .. أفضل ألف مرة من الوصول إليه عبر الدماء.. حتى ولو طان مشوار الدماء ..ساعة.. ومشوار الصلح ألف ساعة..
فالدم الذي يسيل .. مهما توصل بعده الأطرف الى سلام .. يظل حاميا في الصدور.. يحتقن رغم التعافي والتصالح.. وربما يدفن في باطن الأرض كبذرة شجرة تنمو وتثمر في المستقبل أجيالا ترضع الحقد والتغابن .. والترصد..
ليت د. أمين يراجع نهج تفكيره.. ألم نبلغ النصاب القانوني من الدماء بعد..!!
أين المشكلة 27 يونيو 2009
أين المشكلة..!!
مجلس الوزراء أجاز يوم الخميس (أمس الأول) مشروع قانون المرور لعام 2009.. وحسب تصريحات السيد الأمين العام لمجس الوزراء أن القانون يحوي (عقوبات!!) جسيمة تصل للسجن من سنة الى خمس سنوات .. والغاء الرخصة.. وغرات أخرى باهظة..
ولان القانون الجديد.. ليس مجرد تعديل للقانون السابق – حسب ما فهمت من سياق الخبر – بل هو قانون كامل (كرت وكرتونة) .. فمن المنطق أنه جاء لحل مشكلة.. فالقوانين لا تسن لمجرد أنها قوانين والسلام.. القانون – أي قانون – هو معالجة تشريعية لحل مشكلة.. تنظيم وضع معين بصورة محددة ..فإذا كانت أهم سمات القانون الجديد هي (العقوبات!!) .. فالأجدر فهمه أن المشرع قصد حل مشكلة المخالفات المرورية والحوداث التي تنتج عنها بـ(العقوبات!) .. ويعني ذلك منطقياً. ان المشرع يؤمن أن ما يحتاجه المرور والشارع هو حزمة (عقوبات!!) ليس إلا.. بعدها ينصلح الحال.. سجن السائقين حتى خمس سنوات.. وارهقا جيوبهم بالغرامات الثقيلة.. ستجعل أصحاب الحافلات التي تملأ شوارع الخرطوم.. يمشون (على العجين دون أن يلخبطوه) على رأي المثل.. يسيرون على مهل في الشارع.. لا يتخطون فوق الرصيف.. ولا يتسابقون فوق ظهر كبري شمبات.. وإذا زاحمنهم سيارة .. أخرج سائق الحافلة يده من الشباك وقال للآخر (تفضل والله إنت الكبير..).
هل كان العيب في قانون المرور.. وغراماته وخلوه من السجن.. هل ذلك هو السبب في تكدس السيارات في الطرقات وتجمدها في وسط الخرطوم.. أم هل السبب في حوادث طريق مدني أو التحدي .. أن العقوبات لا تكفي لردع الصواريخ عابرة الولايات التي تجري في الطريق السريع .. (هل قلت الطريق السريع!. أين هو الطريق السريع في السودان ؟؟).
لنفرض أن قانون المرور تطور أكثر.. وصارت عقوبة المخالفات المرورية الإعدام شنقا حتى الموت. هل يحل ذلك مشكلة الطرق والمرور ؟.
هل شرطة المرور المنتشرة في الشوارع .. لتنظيم المرور أم (جباية) مخالفات المرور.؟ أيهما (المخالفة!) .. أن يقود سائق سيارته بسرعة .. ام ايقاف شرطة المرور السيارات في (عز الزحمة) .. وفي منتصف الطريق للبحث عن الأوراق الرسمية للمركبة أو سائقها..
أيهما المخالفة.. أن يتخطى سائق سيارة أمامه .. في مكان لا يجوز فيه التخطي.. ام أن لا يجد السائق في الطريق لافتة ترشده لما يجب أن يفعله أو لا يفعله..
أيهما المخالفة ..لا يرخص السائق سيارته.. ام أن ترخص الشرطة لرجالها حق استلام المال نقدا في الشارع .. ويتفرج الناس على مناظر رجل الشرطة بلبسه الأبيض يحمل حقيبة سوداء.. ليجمع بها مال المخالفات ..في عرض الطريق.
أيهما يخالف القانون .. سائق بلا رخصة .. ام شرطي يسحب الرخصة ويأخذها في جيبه ..!
المشكلة ليست في القانون .. بل في فهم المشكلة ..!!.
الجمعة، 26 يونيو 2009
توجيه نائب الرئيس 26 يونيو 2009
توجيه نائب الرئيس ..!
ما كنت أظن أن الأستاذ على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية.. بكل مشغولياته المتراكبة.. بوسعه التأمل في فضاء آخر غير السياسة.. فيتذكر أن السودان وطن النسيان.. ما أن يطوي مبدعيه ورواده الأفذاذ تحت الثرى.. ثم لا يقصرون في المأتم والتأبين وطقوس (يوم الشكر العظيم) .. حتى تغمر الذاكرة أستار الظلام.. فتنسى..
قبل عدة أيام تلقيت اتصالاً من مكتب الأستاذ كمال عبد اللطيف وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء.. للإجتماع به في مكتبه.. تصورت أي موضوع لهذا الإجتماع .. إلا أن يكون توجيهاً من السيد نائب الرئيس واستجابة لمقترح من الدكتور جعفر ميرغني .. للنظر في تخليد ذكرى الفنان عثمان حسين .. ليس بحفل أو تأبين أو كلمات مبثوثة في الأثير المجاني.. بل بمجمع معماري يضم في جنباته مسرحاً ومكتبة ومسجداً وحديقة مفتوحة ..صدقة جارية تصعد لروحه.. ومعلما حضارياً راسخاً يثبت اسمه للأجيال السودانية القادمة..
وأضاف كمال عبداللطيف لقائمة التخليد.. إطلاق اسم الفنان عثمان حسين على أحد اهم شوارع العاصمة.. ولو لم تخني الذاكرة أو الوصف الجغرافي ..فالمقصود باقتراح كمال عبد اللطيف، أحد أهم شوارع حي السجانة الذي كان يسكنه الفنان ..الشارع العابر من الغرب الى الشرق أمام القسم الأوسط والإمدادات الطبية وجنوب حديقة القرشي وشمال مركز التدريب التابع لمجموعة سوداتل للاتصالات.. ويواصل حتى حديقة الأوزون ليلتقي مع شارع محمد نجيب .. وأرجو أن لا أكون أخطأت في الوصف الجغرافي.. أو في الشارع المقترح..
وعثمان حسين.. ليس مجرد مطرب غنى وأغدق على المكتبة الفنية السودانية بحرير لا يضاهى من الألحان التي ترصع جيد كلمات مختارة بعناية لشعراء.. كل منهم نال جائزة (نوبل) الفنية .. بغناء عثمان حسين لشعره..
عثمان حسين أحد رواد الوحدة الوطنية.. أنظر كيف يختلف الناس على الساسة.. وأنظر صنائع الساسة في بلدنا الذي تمزق بالحروب.. لكن الفن الراقي.. عصارة الوجدان السوداني الخالصة.. يسري في عروق السودانيين من وإلى أقصى أركانه الأربعة.. لا تقهره حدود ولا إتفاقيات سلام شامل ولا حكم كونفدرالي ..
الفن والرياضة.. كلاهما إبداع.. وكلاهما من مفردات الوحدة الجاذبة.. ولو استخدما بذكاء لكانا الترياق الذي يعصم هذه البلاد من ويلات السياسة والساسة.. والإستثمار في ترفيع المبدعين ليس هدراً في عراء (الفياقة!!) .. هو تمتين لنسيج البلد الممزق..
غزل كلمات أغنية..ثم تلحينها .. ثم الإمعان في عجنها بعسل الترنيم.. عمل لا يهبه الله الا لإنسان مقصود.. نعمة من نالها استحق الخلود في ذاكرة الأجيال..
عثمان حسين..ابداع سيتمدد عبر الأجيال.. حتى ولو انسحب الجسد من دنيا الناس..
الأربعاء، 24 يونيو 2009
اللهم لا حسد 24 يونيو 2009
اللهم.. لا حسد..!!
هل عيب أن يكون في مجتمعنا السوداني أغنياء..؟ بصراحة يلفت نظري كثيراً أن الضمير العام السوداني يفترض في الثراء رديفاً للحرام.. أي أن المال يظل حلالا طالما صاحبه في شظف يسير أو عسير.. لكن إذا أنعم الله عليه بمال غزير.. يصبح في الأمر نظر..
دعوني أكسر خاطر الضمير السوداني الشعبي مباشرة فأقول لكم .. مقياس رفاهية المجتمع كله تقاس بعدد أثريائه.. كلما زاد عدد الأثرياء المتخمين بالمال .. صاراحظ المجتمع كله أفضل..
الأثرياء هم قوة الدفع الدافقة التي تحرك الإقتصاد.. فإذ افترضنا أن (عفة!) المجتمع في فقره المدقع.. هنا يصبح إقتصاد فقراء.. لا يرفع حال البلد ولا يوفر مستقبلا لأجياله ..
وربما أكشف لكم سراً.. أن السبب في الإحساس الدفين في المجتمع السوداني أن الثراء عيباً مشوباً بالشبهات.. وأن الأثرياء هم إما لصوص أو بالبلدي (حرامية).. أن أجيالا كثيرة في الماضي تربت في كنف الحكومة.. يدخل التلميذ في المدرسة الحكومية ويقيم في (الداخلية) تطبخ له الحكومة طعامه وربما تغسل له ملابسه..أذكر في مدرسة الكدرو المتوسطة.. رغم أننا كنا طلابا (خارجيين) أي لا نقيم في الداخلية مثل زملائنا من أهل القرى الأبعد.. إلا أننا كنا نحظى بوجبة الفطور مجانا في المدرسة اسوة بطلاب الداخلية.. وأي وجبة هي.. أشهى أنواع الجبنة الرومية المستوردة والساردين والبيض وغيرها..
مثل تلك الحياة خرجت أجيالا ترى في الحكومة الأب والأم..وترى أن المال يجب أن يكون كله في يد الحكومة.. وكلما ظفرت بمواطن سوداني بسط الله له في الرزق.. ثارت في النفوس شبهات الحرام..
لو كان في المجتمع السوداني .. ألف مواطن فقط قادرين على تعليم أطفالهم في مدرسة رسومها في العام تفوق الـ(50) مليون جنيها.. فذلك يعني أن في بلادنا ألف مليونير.. يعني ألف مصنع أو شركة كبيرة.. يعني عشرات الآلاف من فرص العمل والرزق الكريم.. والعكس صحيح.. إذا لم يكن في السودان كله مواطن واحد قادر على تعليم أبنائه في أغلى المدارس.. فعين ذلك أننا بلد من الفقراء .. الذين يسألون العالم الحافا.. يعيشون على الاغاثات والهبات من محسني العالم الأثرياء..
لا يجب أن يكون في المجتمع أي إحساس بالكراهية لمن وسع الله له في رزقه.. فمن رزقه ترزق أفواه كثيرة.. وأدعوا للأثرياء أن يزيدهم الله عددا ونعمة.. فاقتصادات الدول الكريمة.. يديرها أصحاب الأعمال .. ولو نضب معين القادرين على تأسيس الأعمال والتجارة والصناعة الكبيرة.. نصبح جميعا.. شعباً من مستحقي الزكاة..
الثلاثاء، 23 يونيو 2009
تأليم 23 يونيو 2009
(تأليم..!!)
عاد التلاميذ الى المدارس.. وعادت بعض المدارس الحكومية الى فرض الرسوم على الطلاب..رغم أنف قرارات وزارة التربية والتعليم.. ورغم أنف مجانية التعليم الحكومي.. ورغم أنف أولياء الأمور الذين لا يعرفون السبب الذي يجعل بعض المدارس الحكومية فوق القانون ..
الرسوم .. من باب التحايل .. لا تأخذ المسمى المباشر .. تطلق عليها ادارات المدارس أسماء أخرى من قبيل.. رسوم مجلس الآباء.. رسوم كل عام دراسي وأنتم بخير..المهم رسوم والسلام... وفي نهاية الأمر تتجمع لتصبح مبلغاً كامل العنفوان لا يستطيع غالب الآباء تدبيره.. ولو كانوا من الأصل يملكونه لما تكبدوا عناء ارسال أطفالهم الى مدرسة حكومية..
المواطن السوداني مذبوح مرتين.. مرة بضجيج التصريحات الحكومية التي تقسم بالله أن التعليم مجاني .. وتطلب من المواطن أن يشتكي إذا طالبته ادارة المدرسة بالرسوم.. وهم يعلمون والمواطن يعلم.. والله يعلم.. أن الحكومة تؤمن بمدأ (الشكوى لغير الله مذلة) فأذنها ثقيلة عن سماع الشكوى .. خاصة اذا كانت في الجبايات ..
ومرة ثانية .. بمنهج التحايل المدرسي الذي لا يغلب أبدا في ابتداع المسميات الجديدة للرسوم.. والمسنود دائما بحجج تجعل الآباء في مقام (الدفع.. أو الدفع) دفع الرسوم .. او دفع أطفالهم خارج أسوار المدرسة..
إذا كانت وزارة التربية والتعليم تركت المدارس تقتات من خشاش الأرض.. من جيوب الفقراء المعدمين الذين لجأوا اليها كملاذ جبري حتمي لا غيره الا الشارع.. فالأجدر أن لا تخدش أحسايس الناس بالتصريحات التي تتحدث عن مجانية التعليم..ربما الأفضل أن يقولوا (شبه مجاني)..أو ( مجاني بنهكة التعليم الخاص).. أي وصف يسمح للناس بأن لا يناطحوا ادارة المدرسة عندما تأمرهم بدفع الرسوم عن وهم صاغرون..لأن العملية (التربوية) لا تحتمل مثل هذا التناقض بين القول والفعل..
ربما لا يصدق بعض الكبار .. أن في غالبية الأسر في السودان .. لا تملك ..ليس مجرد رسوم تعليم أطفالها..بل حتى قيمة وجبة الإفطار.. يذهب صغارهم الى المدارس لا يحملون سوى الأمل.. ويمضي النهار كلهم عليهم ببطون خاوية.. على سياق ما حكاه لي رجل عصامي يتبوأ الآن منصبا رفيعاً.. قال أنه لما كان في المدرسة الإبتدائيية. وكان لا يملك قيمة وجةب الإفطار.. كان يذهب الى الحمام ويظل فيه مختبأ من بقية زملائه حتى تنتهي (فسحة الفطور).. فكبرياؤه تمنعه أن ينتظر زملاءه يتصدقون عليه بلقيمات تقمن صلبه..
بل الأمر ربما أسوأ من هذا.. والله العظيم .. بعض الأسر تقسم التعليم بين أطفالها.. يذهب للمدرسة في هذا العام أحدهم.. ويظل إخوانه في المنلز. ثم في العام التالي يذهب آخر ويمكث في البيت من ذهب الى المدرسة في العام السابق..
أدرك أن كثير من المسئولين لا يصدقون أم هذا الحال ..هو عرضحال شعبهم.. وتلك هي المصيبة الأكبر.. أنهم لا يعلمون ..!!
الاثنين، 22 يونيو 2009
يا شعبا تسامى 22 يونيو 2009
يا شعباً تسامى..!!
بكل أسى.. أضع بين أيديكم أربع صور متقاطعة.. تحكي في مجملها (الواقع الراهن) ..
الصورة الأولى .. اتصال هاتفي من مواطن سوداني يعمل ويقيم في الشقيقة المملكة العربية السعودية.. في إحدى مناطق الحدود المتاخمة للبحر الأحمر من جهة البر المواجه للسودان.. حكى لي قصة غريبة للغاية.. قال أنهم – يقصد السودانيون في المنطقة التي يقيم بها – تعودوا بين الحين والآخر على دفن بضع وعشرين جثة لشباب وشابات سودانيين.. يلقون حتفهم خلال محاولتهم التسلل عبر البحر الى السعودية... قال لي أنهم دفنوا في هذا الشهر وحده حوالي (25) جثة..
هم ضحايا عمليات التهريب عبر (السنابيك) حسب قوله.. والكلمة تعني جمع (سنبوك) وهي مركب تقليدي يستخدم في البحر الأحمر ..
قال لي مهاتفي ..أن أحد الناجين حكى لهم تجربته .. وكيف أنه رأي بأم عينيه جثث الموتى يلقى بها في عرض البحر بلا أدنى تردد خوف المسؤولية .. فالمهربون يقبضون ثمن كل حمولة المركب من البشر.. بلا ايصالات تضمن حق الوصول لا للأرواح ولا الجثث على حد سواء..
المواطن السوداني قال لي أنهم اتصلوا بالسفارة السودانية أكثر من مرة .. لكن (الخط أُغلق في وجههم..) ثم أرسلوا خطابات بـ(الفاكس) ولا جدوى.. وأن المسلسل مستمر .. هاربون عبر البحر.. يتحولون إلى جثث.. ويدفنون في صمت بلا وجيع..
الصورة الثانية، مشابهة..وهناك ليس بعيداً عنهم.. سودانيون أخرون يتسللون عبر الصحاري ويقتحمون الأسوار الشائكة و(المكهربة) للدخول إلى اسرائيل.. قليل منهم ينجح في العبور سالماً.. وكثير منهم يلتهمهم إما رصاص حرس الحدود أو السجون لمن يلقى القبض عليه قبل التسلل..
صورتان في مقابل صورتين آخرتين.. صورة وفدي الحكومة وحركة العدل والمساواة وقد علقا المفاوضات في الدوحة.. وأدليا بتصريحات إعلامية أتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن فشل الجولة.. عاد الوفدان، الأول إلى الخرطوم والثاني إلى مهجره ..أقصى ما عاناه الوفدان، غربة الأسبوعين في فنادق الشقيقة دولة قطر.. ووعثاء السفر بالطائرة .. وخلف مفاوضاتهم المملة شعب كامل يقيم في معسكرات النزوج واللجوء.. ينظر وينتظر لاشيء.. الا رحمة الله..
وصورة رابعة وأخيرة.. هناك في واشنطون .. وفدان من حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يتفاوضان حول (عوارض) إتفاق السلام الشامل.. الوسيط الأمريكي يسعى بينهما كل على حده.. وهما الشريكان في القصر الجمهوري اللذان يحكمان شعبنا..
الصورتان الأخيرتان تعنيان ..أن الجنوب لا زال بعد أربع سنوات سلام، في أزمة.. وأن دارفور بعد (6) سنوات حرب.. يزداد أزمة.. وبين الأزمتين شعب مرسوم في الصورتين.. الأولتين ..شعب يموت في البحر الأحمر هربا للسعودية.. وفي الأسلاك الشائكة ..هرباً إلى إسرائيل..
السبت، 20 يونيو 2009
لمن يهمه الأمر 20 يونيو 2009
لمن يهمه الأمر..!!
في يوم الأربعاء 26 أغسطس 2009 القادم باذن الله تحل الذكري الـ(40) لرحيل الزعيم إسماعيل الأزهري.. وعلمت من البروفسير اسماعيل الأزهري أحد أفراد أسرته الكريمة.. نيتهم الأحتفال بالذكرى بصورة غير تقليدية.. وأقترحت عليه تحويل منزل الزعيم الأزهري في أمدرمان الى متحف باسمه.. يحوي مقتنياته الخاصة.. وصوره التذكارية النادرة .. والوثائق التي خطها بيده.. وكل ما يرتبط بحقبته السياسية..
لكن البروفسير اسماعيل الازهري رأي أن فكرة المتحف أجدر بها نادي الخريجيين في أمدرمان. الموقع الذي انطلقت منه الحركة الوطنية في مسارها المفضي لميلاد الأحزاب السودانية..
وفي تقديري.. أن هذه الحكومة كانت الأكثر مبادرة في تكريم بعض رموزنا التاريخية .. فخلدتهم بتسمية بعض الجامعات الجديدة بأسمائهم.. ومنها جامعة الزعيم الأزهري.. أحد أبرز الجامعات السودانية .. ويزداد مع الأيام تألقها وتحوز على سمعة أكاديمية مرموقة..
لكن جامعة الزعيم الأزهري ربما لا تحمل من الأزهري وحقبته التاريخية إلا اسمه.. ولو تقدمت خطوة إلى الأمام وأنشات قسماً مختصا في الدراسات السياسية المرتبطة بتاريخنا الحديث.. وتخصصت في تلك الفترة ربما قدمت شيئاً له مدلول بالأزهري..
تخليد الشخصيات الوطنية التي ترتبط بالعمل الوطني العام.. سمة توقهرا الشعوب المستنيرة.. ليس من باب التقديس أو التمجيد الذاتي الشهصي الضيق. بل من أجل حفظ التاريخ في وجدان أنسان الحاضروالمستقبل..فالأمم التي تنمحي ذاكرتها بسرعة ولا تحفظ الا يوميات عهدها الماثل بين يديها .. هي أمم فاقدة جذور.. منبتة (مقطوعة من شجرة)..
ولاننا في السودان لم نتعود على ثقافة (التماثيل) .. ونحت الشهصيات العامة في تماثيل تشيد في الشوارع أو الحدائق العامة.. فالأجدر أن نحفظ سيرة الشخصيات التاريخية بتوثيق حي .. ثلاثي الأبعاد..
أقول هذا رغم علمي الحزين بالطريقة التي وثقنا بها عهد الخليفة عبد الله التعايشي مثلاً.. فبيته الذي يعد تحفة تاريخية غالية الثمن.. مهمل متروك لمحاسن الصدف لتحافظ عليه ومقتنياته.. والحي الذي يقع فيه بيت الخليفة .. والبيوت التي تجاوره تحولت الآن الى رياض أطفال ومكاتب حكومية متهالكة تفقد كل يوم زهو التاريخ وتتحول إلى حطام لا هو من الحاضر في شكله وزنيته ولا هو مع الماضي في أصالته..
هل تصدقوا .. حاولت يوما تصوير الواجهة الخارجية لبيت الخليفة في أم درمان.. فمنعني رجال الحراسة الرسمية .. لأن الغرفة الخارجية مستغلة بالحراسة.. حيث يسري عليها قانون ( ممنوع الاقتراب أو التصوير)..
الأجدر أن ندرك أن التاريخ قيمة مستردة الثمن.. كل ما ننفقع في توثيقه يعود علينا بأضعافه .. فهو قبلة الزوار والسياح..
هل سنري متحف الزعيم الأزهري.. في ذكراه الأربعينيه..!! سؤال أتركه لمن يهمه الأمر..
الجمعة، 19 يونيو 2009
الحملة 19 يونيو 2009
(الحملة!!) ..!!
الأستاذ عبد الباسط سبدرات وزير العدل.. في تصريحات صحفية دشن (حملة!!) على الشركات و الأعمال التي وُصفت بأنها وهمية.. (الحملة!!) - حسب الوزير- تمنح الشركات فسحة ثلاثة أشهر لتوفيق أوضاعها وإلا طالتها إجراءات رسمية، منها شطب سجلها.
بصراحة.. لم أفهم أصلاً معنى (حملة!!) في موضوع مستمر لا يجوز في مقامه أصلاً (حملة!!)..
ولعلمي الأكيد بحساسية وزارة العدل عموما لكل ما أكتبه هنا.. إذا جاء ذكرها.. لكني لا أقصد الا بذل النصح والنقد البناء.. وبدون (حساسيات) أقول للسيد الوزير.. أن الأعمال الاقتصادية بمختلف مسمياتها (شركة،إسم عمل، شراكة ،توكيل) هي حزمة ما يُطلق عليه اصطلاحاً (القطاع الخاص الوطني).. وهو الركن الأساسي للإقتصاد بإفتراض أننا دولة تتبع سياسيات السوق الحر ومدمنة خصخصة.. ومطلوب فعلاً ضبط سجلات الأعمال بدرجة تمنح القطاع الخاص مصداقية ذاتية.. ولكن ..!!
عندما يقف وزير العدل شخصياً، وأمام كل الإعلام يرجم الشركات والأعمال الوطنية بأنها (نائمة في مقابر البكري وأحمد شرفي).. وأن ما لا يقل عن 25% منها وهمية.. وأن قانون الشركات العامل في السودان (مثل العنقاء وأصابته لعنة الفراعنة..) .. ولا يبخل عليها بقدر من السخرية والتندر.. ثم يعلن الويل والثبور بعد ثلاثة أشهر لمن يضبط متلبساً بالوهمية.. ألا تقذف تصريحات وزير العدل إقتصادنا بحجر .. مثل الحجر الذي قال بيان الشرطة أنه أصاب أحد المطلوبين في رأسه وأودى به.. وما هو الإقتصاد الوطني سوى هذه الشركات والأعمال..
بلادنا تعج بالمستثمرين وتنتظر غيرهم ليأتوا ويغرسوا أموالهم في تربتها .. فهل يجرؤ مستثمر أجنبي (أو حتى محلي) على دفن أمواله في بلد يلعن فيها وزير العدل شركاتها وأعمالها .؟؟ هل يجرؤ مستثمر على ركوب الطائرة إلى بلد وهو يسمع وزير العدل فيه يلعن ويسخر من (قانون الشركات).. الذي يفترض أن المستثمر آت ليعمل تحت ظله..
حسناً.. لنفترض أن حديث وزير العدل صحيح.. وأن الشركات والأعمال وهمية.. هل من الحكمة أن يصبح ذلك مادة إعلامية ساخرة.. و(حملة!) أم تطوير نظم وإجراءات تقلل من الوهمي وتطور الحقيقي من الأعمال..
وماذا تعني (حملة!).. هل سيذهب مفتشو الوزارة إلى مقار (63) ألف شركة ليتكأدوا من وجودها .. ثم ماذا بعد (الحملة!!) إذا اختفت هذه الشركات مرة أخرى.. أو وُلدت شركات وأعمال جديدة من النوع الذي يسمى (وهمي!!).. هل سيدشن الوزير كل ثلاثة أشهر حملة جديدة..؟؟
إصطلاحاً.. كلمة (سجل) لا تكتسب دقتها إلا من وجود آلية Process تسمح بتحديثه بصورة مستمرة وليس موسمياً عن طريق (حملة!!) .. و(الحملة!!) لا تعني تحديث السجل طالما أنها تنهي بنهاية (الحملة!!) .. فهي ليست Process مستمر..
سيدي وزير العدل .. بالله عليك.. لا تشتم القطاع الخاص السوداني ..وإذا كان لديك تحفظات على بعض بنود القانون.. أصلحها بهدوء.. فتحت (قانون الشركات) الذي شتمته تعمل شركات سامقة وناجحة جداً..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)