(أن نتحدث..!!)
في حفل الأفطار الرمضاني الذي أقامته جماعة أنصار السنة المحمدية أمس الأول.. الأستاذ على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية قال (إن من أشد الإيلام أن نتحدث عن دولة الشرع وتجسيد معاني الإسلام ويكون مآلنا إلى هذا الإحتراب يضرب بعضنا رقاب بعض ونحن الذين تجمعنا كلمة التوحيد..)..
حسناً.. هذا إقرار مطلوب وبإلحاح منذ فترة طويلة.. فطريق الإصلاح يبدأ من هنا .. من الإعتراف بالخطأ ثم النظر في أسبابه فتقويمه.. والأستاذ على عثمان هنا كان دقيقاً للغاية .. في عبارة (أن نتحدث..) التي وردت في السياق.. فذلك إعتراف بأن (دولة الشرع وتجسيد معاني الإسلام ..) ظلت صامدة في خانة (أن نتحدث!!) تعاني من فاقة الفعل التابع للقول.. ولو نظر السيد نائب الرئيس بالتحديد لقضية دافور نفسها .. المثال الأعظم على خطل المنهج .. لوجدها مترعة حتى النخاع بالقول المشفوع بالقول.. مع غياب الإرادة والفعل الجاد..
وصف نائب الرئيس الحال بأنه (..ويكون مآلنا إلى هذا الإحتراب يضرب بعضنا رقاب بعض ونحن الذين تجمعنا كلمة التوحيد..) فعلاً المشهد برهان ساطع على خطأ كبير في منهج التفكير.. فإذا كانت حرب الجنوب محمولة على شعارات وبواعث الدين عصب قوامها.. لكن دارفور حرب يحترب فيها المسلمون وتسيل دماؤهم بأيديهم.. رغم أنف كلمة (التوحيد) التي أشار إليها نائب الرئيس..
مقالة نائب الرئيس هذه تعبر عن رشيد وحصافة تفكير.. إلا أن أخشى ما أخشاه أن تكون مشهداً في ذات ما عناه السيد النائب .. حلقة في مسلسل (أن نتحدث..) التي استخدمها النائب في فاتحة الجملة..فنظل في حالة (نتحدث..) و (نتحدث..) بينما أهالي دارفور في المعسكرات وتنمو أجيال من اليافعين تحمل بطاقة عائلية عنوانها معسكر (كلما) أو(أبوشوك) .. أو غيرهما.. ونحن (نتحدث..) في مناسبات الافطار على موائد شهية..!!
ماهو الفعل الموجب للخروج من حالة (الإحتراب يضرب بعضنا رقاب بعض..)؟؟ بالتأكيد لا يمكن افتراض أن ذات المنهج الذي أنجب الحرب قادر على أن يلد منها السلام..و(لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ...). وتغيير النفس محكوم ببنود واضحة سافرة معلومة تماما للجميع.. أولها الإقرار بفشل المنهج وخطأه.. المنهج الذي أخفق أن يعتبر السودان ملة واحدة.. وأن الحكمة ضالة المؤمن لا يحتكرنها أحد..
على كل حال لا فائدة من البكاء على الأطلال طالما أن الدموع لا تبني مهدوما.. الأوجب أن نصلح الحال بأعجل ماتيسر.. فنتخلص من مقام (أن نتحدث.. عن دولة الشرع وتجسيد معاني الإسلام..) ونتحول الى (أن نعمل ..) ويقيني أن (العمل!!) لبناء (دولة الشرع وتجسيد معاني الإسلام).. لا يمكن أن يتم بدون (الإنسان) .. من هنا نبدأ.. من (الإنسان) أولا .. وثانيا ..وعاشرا .. هل ذلك كثير على (إنسان) السودان ؟؟
هناك 3 تعليقات:
الاستاذ الفاضل
عثمان ميرغنى
نشكرك كثيرا على هذا الجهد الكبير و محاولة الارتقاء بالكتابة الصحفية الى افاق اوسع..
هل تذكر ما قاله يان برونك بأن السودان (تتحكم فيه مراكز قوى)..ففى الدولة هناك من يقول و هناك من يعمل جاهدا ليجعل هذا القول قولا لا اكثر..فى الحقيقة مقال رائع ومعبر
رجل الدولة يعمل ولا يتكلم..
تماما كما قلت اخ عثمان المشكلة في منهج العقول منهج التفكير الرسمي البائس الذي يعتقد ان كل مشكلة سوف تعتني بنفسها بمجرد ذكرها علي لسان مسؤول او تكريم مسؤول بزيارة منطقتها
لا يفهم علي عثمان لماذا حدث ماحدث او حتي لماذا يستمر مايحدث في الحدوث..
هو يسأل بكل براءة ويستغرب بكل حسن نية ويتأسف بكل بساطة عن الحديث عن ضرب بعضنا بعضا(لاحظ اللغله المتعالية)...
لا يسأل نفسه ابدا ولو للحظة السؤال البسيط جدا والعميق جدا لماذا؟ لماذا حدث كل هذا؟ كيف حدث كل هذا؟ ما الذي اسهمنا فيه نحن بأفعالنا-كحكومة- لكي يحدث مايحدث..
عندما يزور علي عثمان طبيبا بقصد العلاج من زكام, وقبل ان يوصف له المضاد الحيوي سيقول انه استحم وخرج في جو بارد او تعرض للتكييف في احد مكاتبه وياللغرابه لايلقي باللوم علي الفيروس المسبب للزكام, ولكن مشاكل السودان كل شئ مخطئ ماعدا هو ومن معه لايفكر بعمق في لماذا حدثت وتحدث هذه المشاكل؟
وان كان يفكر ويعرف فالمصيبة اعظم؟ ببساطه لانه يملك الكثير ولا ينزل علي واقع الافعال شيئا...
كم مرة صرح سيادته بانه المحارب للفساد وان اي يد تمتد للفساد ستقطع..
هل كان يكذب؟ ام انه لايعلم حجم الفساد الاداري والمالي الموجود في حكومته؟
ام انه يعرف ولكنه يغرر بالشعب ويترك كل شئ علي حاله؟..
هل يعتبر السيد علي عثمان ان ماقدمه بالتنازل عن منصب النائب الاول لاجل السلام هو كل مايمكنه تقديمه للسودان؟
هل يملك علي عثمان هذا البلد ونحن ابناء لديه علينا ان نحترم ونوقر ابانا مهما كان؟
الا يعلم السيد علي ان كلماته تتبخر في الهواء دون حتي ان تحترم من قبل الشعب؟
الا يعرف علي عثمان انه بامكانه ان يفعل ولا يتحدث يفعل ويدع الشعب فقط يقيم؟
متي يسأل نفسه لماذا؟ ومتي يحترم عقول الناس ؟ متي يجد علي عثمان الشجاعه الكافية ليقول ويفعل مايمليه الضمير ويستريح حتي لو او صله فعله للقبر؟
ام ترى هو مستريح فيما هو فيه ويكتفي فقط بالتحدث..
ليت علي عثمان يتذكر ان فايروس الزكام تتم مساعدته من قبل الشخص المصاب نفسه وكذا مشاكل الوطن..
الغطرسة تنسي المرء ان يفكر بعقل وبعمق وشجاعه وليس في سياسيي اليوم من يملك الشجاعه ابدا...
ملحوظة:
اعتقد ان علي عثمان بنفسه يعاني مشاكل سياسية كثيرة تماما مثل هذا الوطن لذلك لا اتوقع منه شيئا في ظل مشاكله السياسية والحزبية والتنظيمية الخاصة وليته استراح واراح السودان...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قبل ان اكتب اي تعليق
اريد ان احييك استاذي عثمان مرغني و ان اعبر لك عن مدى اعجابي بكتاباتك
و ان اخبرك بان كل يوم جديد افتتحه بعمودك ثم اقرأ باقي الأخبار الا اذا حجبت السوداني أو احتجبت أنت.
و لو كان الأمر بيدي لعينت لك مديرا اداريا فظا يستوضحك ايما استيضاح مع كل احتجابة.
و من ثم احييك على هذه الفكرة الرائعة لانه كلما احسست اني اريد أن اناقشك في أمر قلت: "هسي ده يصلوهو كيف"
و كان الله في عونك . لأنه بعد شهر او شهرين أتنبأ بأن السودان سيأتي ليشتكي لك هنا كشيخ من شيوخ الصوفية كما قلت لك كان الله في عونك .
لست هنا بصدد المجاملة بل للتعبير عن احساس قارئ لكاتبه المفضل عن اعجابه تحياتي و أعدك بالتواصل
م.مختار معاوية مختار
إرسال تعليق