(صُنع في السودان) ..
وطن ضجرت منه المآسي..!!
(2)
وطن ضجرت منه المآسي..!!
(2)
قضية دارفور صنعة بأيدي سودانية مائة المائة.. من أول رصاصة فيها الى آخر يومياتها التي أوصلتها الى منضدة محكمة الجنايات الدولية.. بكل الدمار وفيضانات الدم والتشريد والفضائع التي تحملها.. ورغم ثقل فواتيرها الآن الا أنها كانت معضلة سهلة المفردات يمكن التعامل ومعالجتها بكل يسر..
البداية ..!!
في خضم الصراع الذي اشتعل بين جناحي حزب المؤتمر الوطني .. ثم نتج عنه انسلاخ مجموعة الدكتور حسن الترابي تحت راية حزب جديد هو المؤتمر الشعبي.. بدأت تصفية حسابات ضارية..واشتعل صراع مرير كان في طريقه ليصبح صداماً دموياً في شوارع الخرطوم نفسها.. لولا – حسب ما كتب البروفسير مصطفي ادريس في مذكرته قبل عدة شهور – لولا أن الطرفين كانا يتبادلان الاختراق ويعلمان جيدا مداخل الطرف الآخر .. ومع ذلك سالت دماء في النيل الابيض والخرطوم وطالت موجات من الاعتقال العنيف عضوية المؤتمر الشعبي لم تستثن حتى زعيمه الترابي.. ثم أحبطت الحكومة عملاً انقلابياً اتهمت به الشعبي ولم يكن معروفاً حجمه..وكشف عن مخازن سلاح في عدة أماكن من ولاية الخرطوم.. كان من بينها قريتي (الخليلة)..
هنا ..في خضم الصراع .. قفزت دارفور الى الواجهة.. الحكومة في البداية وصفة الأعمال العسكرية المضادة بأنها (عصابات نهب مسلح) ..واستسهلت حلها بالبندقية.. حتى صُدم الرأى العام السوداني بحادثة اجتياح مدينة الفاشر ودك الطائرات الحربية وهي جاثمة على أرض المطار بل وأسر ضباط كبير من القوات المسلحة برتبة لواء.. ولأول مرة أدرك الرأى العام السوداني أن الأمر لم يكن فعلاً (عصابات نهب مسلح)..
وبعيداً عن يوميات الصراع وتاريخه الأجدر أن نرصد ماوراء العقل الباطن للصراع.. منهج التفكير الذي أداره..
في الحال بدأت الخرطوم ممارسة التعتيم الإعلامي على ما يجري في دارفور.. وصدرت أوامر صارمة للصحف أن لا (خبر أو تعليق أو مادة رأي) حول مايجري في دارفور.. ومورست رقابة قبلية دقيقة منعت تماماً أى صوت غير الصوت القارع لطبول الحرب...
كان واضحاً أن المشيئة التي تدير ملف دارفور ..وصلت مرحلة الأنفراد الكامل بالأمر وأنها قررت استلهام رأيها وحده وقفل الباب تماماً أمام أى بصيرة.. ومن هنا بدأ الرتق يزداد اتساعاً.. وتحولت حرب العصابات المحدودة بعملياتها الخاطفة الى حرب مفتوحة تماماً.. نسخة منقحة ومزيدة لحرب الجنوب التي كانت لتوها صمت زئير مدافعها..
وأصبح مايدور وفي دارفور مادة لكل صحف العالم الا السودان.. وبدأ الإعلام الدولي ينهمر على دارفور.. مئات من وكالات الأنباء ومراسلي الصحف الدولية يحجون إلى السودان..ويدبجون التقارير والتحقيقات.. والإعلام في الخرطوم مكتوم تماماً أنفاسه.. فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. التي يديرها عقل واحد قرر أنه الأول والأخير في تصريفها..
وفجأة يسمع الناس في الخرطوم لأول مرة بمصطلح (جنجويد) وعجزت بعض الألسن حتى عن نطقه لغرابة تركيب حروفه المدججة بـ(الجن).. لكن المصطلح اكتسب شرعية دولية.. ودخل الى القواميس وأضيف الى الأدب السياسي الدولي وبدأ يتطبع في ألسنة الناس.. وحاز السودان على الملكية الفكرية للمصطلح..
واكتشف الناس في الخرطوم – وأيضا فجأة – أن حرب( عصابات النهب المسلح) التي تحولت إلى (تمرد) انتقلت إلى مرحلة ثالثة جديدة .. تلمع فيها أسماء القبائل وترسم خطا أحمر بين فريقين أطلق على أحدهما (القبائل العربية) وعلى الآخر (القبائل الأفريقية).. اتضح أن الحرب تحولت إلى (أهلية) بكمل ما تحمل الكلمة من معاني..
ولم يتغير الوضع في الخرطوم.. يمسك بلجام فرس الحرب ..عقل واحد.. يكتم تماما أى أنفاس أخرى.. أو رأي ناصح أو حتى مشفق.. وبدا كما لو أن القيادة السياسية تفضل حربا يعقبها استسلام أكثر من سلام يجر تسوية سياسية..
وازداد اهتمام العالم .. كولن باول وزير خارجية أمريكا السابق وصفها بأنها أسوأ كارثة بشرية في كوكب الأرض.. وزار السودان.. وجاءت من بعده كونداليزا ايس أكثر من مرة..و أصبح فرضاً دولياً على كل زعيم سياسي في كل دول العالم أن يثبت أمام شعبه أنه زار دارفور..ولأول مرة في تاريخ السودان تتقاطر الوفود الرفيعة.. عشرات من وزراء الخارجية من كل الدول الكبرى..أمريكا – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا وغيرها..
وانتظم حتى تلاميذ المدارس الصغار في العالم أجمع في حملة تبرعات بمصروفاتهم اليومية لصالح أطفال دارفور.. وتقاطرت المنظمات الدولية.. وأصحبت دارفور أشهر من السودان.. بل وصار اسم (دارفور) معلماً دولياً يوضح أين تقع دولة اسمها السودان..
كل ذلك .. والخرطوم مكتومة الأنفاس يمنع تماماً نشر خبر أو تعليق أو رأى حول ما يجري في دارفور..في خضم الصراع الذي اشتعل بين جناحي حزب المؤتمر الوطني .. ثم نتج عنه انسلاخ مجموعة الدكتور حسن الترابي تحت راية حزب جديد هو المؤتمر الشعبي.. بدأت تصفية حسابات ضارية..واشتعل صراع مرير كان في طريقه ليصبح صداماً دموياً في شوارع الخرطوم نفسها.. لولا – حسب ما كتب البروفسير مصطفي ادريس في مذكرته قبل عدة شهور – لولا أن الطرفين كانا يتبادلان الاختراق ويعلمان جيدا مداخل الطرف الآخر .. ومع ذلك سالت دماء في النيل الابيض والخرطوم وطالت موجات من الاعتقال العنيف عضوية المؤتمر الشعبي لم تستثن حتى زعيمه الترابي.. ثم أحبطت الحكومة عملاً انقلابياً اتهمت به الشعبي ولم يكن معروفاً حجمه..وكشف عن مخازن سلاح في عدة أماكن من ولاية الخرطوم.. كان من بينها قريتي (الخليلة)..
هنا ..في خضم الصراع .. قفزت دارفور الى الواجهة.. الحكومة في البداية وصفة الأعمال العسكرية المضادة بأنها (عصابات نهب مسلح) ..واستسهلت حلها بالبندقية.. حتى صُدم الرأى العام السوداني بحادثة اجتياح مدينة الفاشر ودك الطائرات الحربية وهي جاثمة على أرض المطار بل وأسر ضباط كبير من القوات المسلحة برتبة لواء.. ولأول مرة أدرك الرأى العام السوداني أن الأمر لم يكن فعلاً (عصابات نهب مسلح)..
وبعيداً عن يوميات الصراع وتاريخه الأجدر أن نرصد ماوراء العقل الباطن للصراع.. منهج التفكير الذي أداره..
في الحال بدأت الخرطوم ممارسة التعتيم الإعلامي على ما يجري في دارفور.. وصدرت أوامر صارمة للصحف أن لا (خبر أو تعليق أو مادة رأي) حول مايجري في دارفور.. ومورست رقابة قبلية دقيقة منعت تماماً أى صوت غير الصوت القارع لطبول الحرب...
كان واضحاً أن المشيئة التي تدير ملف دارفور ..وصلت مرحلة الأنفراد الكامل بالأمر وأنها قررت استلهام رأيها وحده وقفل الباب تماماً أمام أى بصيرة.. ومن هنا بدأ الرتق يزداد اتساعاً.. وتحولت حرب العصابات المحدودة بعملياتها الخاطفة الى حرب مفتوحة تماماً.. نسخة منقحة ومزيدة لحرب الجنوب التي كانت لتوها صمت زئير مدافعها..
وأصبح مايدور وفي دارفور مادة لكل صحف العالم الا السودان.. وبدأ الإعلام الدولي ينهمر على دارفور.. مئات من وكالات الأنباء ومراسلي الصحف الدولية يحجون إلى السودان..ويدبجون التقارير والتحقيقات.. والإعلام في الخرطوم مكتوم تماماً أنفاسه.. فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. التي يديرها عقل واحد قرر أنه الأول والأخير في تصريفها..
وفجأة يسمع الناس في الخرطوم لأول مرة بمصطلح (جنجويد) وعجزت بعض الألسن حتى عن نطقه لغرابة تركيب حروفه المدججة بـ(الجن).. لكن المصطلح اكتسب شرعية دولية.. ودخل الى القواميس وأضيف الى الأدب السياسي الدولي وبدأ يتطبع في ألسنة الناس.. وحاز السودان على الملكية الفكرية للمصطلح..
واكتشف الناس في الخرطوم – وأيضا فجأة – أن حرب( عصابات النهب المسلح) التي تحولت إلى (تمرد) انتقلت إلى مرحلة ثالثة جديدة .. تلمع فيها أسماء القبائل وترسم خطا أحمر بين فريقين أطلق على أحدهما (القبائل العربية) وعلى الآخر (القبائل الأفريقية).. اتضح أن الحرب تحولت إلى (أهلية) بكمل ما تحمل الكلمة من معاني..
ولم يتغير الوضع في الخرطوم.. يمسك بلجام فرس الحرب ..عقل واحد.. يكتم تماما أى أنفاس أخرى.. أو رأي ناصح أو حتى مشفق.. وبدا كما لو أن القيادة السياسية تفضل حربا يعقبها استسلام أكثر من سلام يجر تسوية سياسية..
وازداد اهتمام العالم .. كولن باول وزير خارجية أمريكا السابق وصفها بأنها أسوأ كارثة بشرية في كوكب الأرض.. وزار السودان.. وجاءت من بعده كونداليزا ايس أكثر من مرة..و أصبح فرضاً دولياً على كل زعيم سياسي في كل دول العالم أن يثبت أمام شعبه أنه زار دارفور..ولأول مرة في تاريخ السودان تتقاطر الوفود الرفيعة.. عشرات من وزراء الخارجية من كل الدول الكبرى..أمريكا – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا وغيرها..
وانتظم حتى تلاميذ المدارس الصغار في العالم أجمع في حملة تبرعات بمصروفاتهم اليومية لصالح أطفال دارفور.. وتقاطرت المنظمات الدولية.. وأصحبت دارفور أشهر من السودان.. بل وصار اسم (دارفور) معلماً دولياً يوضح أين تقع دولة اسمها السودان..
واكتشف الناس في الخرطوم أنهم ليسوا بعيدين عن الحرب عندما كشفت أوراق امتحان الشهادة السودانية.. بفعل التمرد في مدينة جبل الطينة في أقصى غرب دارفور.. وأعيدت الامتحانات في غمار احساس شعبي كبير أن المأساة اتخمت بالكوارث..
ألهاكم التكاثر.. حتى زرتم المقابر..!!
وبدأ مجلس الأمن يتحرك بسلسلة قرارات .. بدأت بالقرار 1547 في11 يونيو 2004 [ حول إنشاء بعثة الأمم المتحدة ا لمتقدمة في السودان (UNAMIS) ]
وتلاحقت حتى اليوم.. وظلت الخرطوم دائما تتحدث عن مؤامرة دولية.. واستهداف.. وأن دارفور آمنة لا تستحق كل هذا الاهتمام الدولي.. ثم بدأت مغالطات في حجم الكارثة.. الاعلام الدولي يتحدث عن (300) ألف قتيل وأكثر.. وترد عليه الحكومة السودانية بأن القتلي (عشرة آلاف) فقط لا غير.. وتحاجج الحكومة أن لو كان الرقم كما قال الاعلام الدولي فأين المقابر؟ ولم تجب على السؤال المضاد .. وأين مقابر الـ(10) آلاف..؟؟
ثم بدأ المنحي الخطر – دولياً- في مارس عام 2005 عندما صدر قرار مجلس الأمن رقم 1593 القاضي بتحويل ملف دارفور إلى محكمة الجنايات الدولية في (لاهاي) للقصاص من الذين ساهموا في الكوارث الإنسانية في الحرب..وتحدثت الأخبار عن قائمة الـ(51) من الذين طالهم الاتهام بذلك..
رغم أن القرار كان صافرة انذار رنانة تصم الأذان.. الا أن الحكومة قابلتها بمزيد من الإمعان في (تهوين) الموقف.. أحد مستشاري محكمة الجنايات الدولية زار السودان بعد القرار وعقد مؤتمراً صحافياً داخل مقر الأمم المتحدة السابق في حي (جاردن سيتي) بالخرطوم.. سألته كيف المخرج من هذه القضية.. رد أن الأمر سهل للغاية.. ايقاف الشحن السياسي – وكانت مظاهرات الخرطوم تملأ الشوارع ضد الامم المتحدة – والتفرغ للمواجهة القانونية.. وقال أن أى تحقيق جنائي واجراءات عدلية داخل السودان توقف تماما الحراك الدولي الجنائي.. باعتبار أن العدالة الدولية مكملة للعدالة القومية..و ليست بديلا لها..والقاعدة القانونية تحتم تحريم محاكمة المتهم في نفس الجريمة مرتين..
لكن المنهج الحكومي في التعاطي مع القضية استمر في مسلكه.. بل وازداد حساسية نحو أى نقد أو مراجعة..
وطفرت مسألة إرسال قوات أجنبية لحماية المدنيين في دارفور.. قوات أفريقية من الإتحاد الأفريقي .. اعترضت الحكومة في البداية ثم رخضت.. ثم بعد فترة أصر المجتمع الدولي على إرسال قوات دولية.. لكن الحكومة واجهتها بسيول من القسم المغلظ أن لا يدخلنها جندي أجنبي واحد (الحكومة افترضت أن الأفريقي ليس أجنبياً).. لكن الحكومة عادت ووافقت على القوات الأممية.. ووصل قسم منها الى دارفور..
أواصل في الحلقة الثالثة ...باذن الله ..
هناك 9 تعليقات:
its good to know about it? where did you get that information?
im here because of few cents for you. just dropping by.
what happened to the other one?
im here because of few cents for you. just dropping by.
thats amazing story.
its good to know about it? where did you get that information?
i think you add more info about it.
اعتقد انك تضع يدك على الجرح نحن فى انتظار بقية الحلقات
لله درك يا باشمهندس عثمان , لو كان هناك عاقل واحد من المؤتمر اللاوطنى لحلت هذه المشكلة من سنين خلت .. وولكن يا ويل من حكام الذين لايخافون الله ويدعون أنهم اسلاميون .. كيف تجيب يا اسلامى من مقتل 1300 من حفظة كتاب الله الكريم فى قرية (كنجو) فى جبل مرة 40 من حفظة قتلوا فى يوم واحد يا اسلامى الله اكير ولله اصبحنا لا ندرى ما معنى الاسلامى اجيبونى يرحمكم الله ؟
إرسال تعليق