سيناريوهات الأزمة ..!!
المحكمة الجنائية الدولية.. عقدت أمس جلستها الأولى للبحث في مذكرة الإدعاء التي طالب فيها بتوجيه الاتهام وتوقيف المشير عمر البشير رئيس الجمهورية.. وهي جلسة اجرائية بروتكولية يستوضح فيها القضاة الثلاثة (وللدقة هن ثلاث قاضيات) .. بعض أوجه الاتهام وللسؤال ان كان هناك مزيد من الأدلة ..والتعرف على امكانية مثول من يوجه اليه الاتهام أمام المحكمة دون الحاجة لاستصدار أمر توقيف..وحسب المتوقع.. فقد يستغرق القضاة بعد ذلك شهرين أو ثلاثة للوصول الى اصدار قرار بتأكيد وجود (البينة المعقولة) للمضي قدما في الإتهام.. أو رفض الإدعاء..
طبعا.. إذا تحقق الأخير ورفضت الهيئة الإبتدائية للقضاة الإدعاء.. يصبح (يا دار ما دخلك شر) .. وتنتهي تماماً أزمة المحكمة الجنائية إلا إذا عاودت الصدور في إتهامات جديدة لنفس المتهمين السابقين أو لآخرين جدد.. أما إذا ما رأت الهيئة القضائية الابتدائية توفر البينة المعقولة التي تستدعي المضي قدماً في إجراءات المحكمة فهنا تنفتح مرحلة جديدة في الأزمة.. ويصبح المسار الصاعد نحو التصعيد في أوجه..
ولا يملك أحد - كائناً من كان - نسخة من السيناريوهات المتوقع حدوثها في حال تحقق الاحتمال الثاني..لكن من السهل رسم صورة عامة لها..ففي مسار دارفور.. ستجد الحركات المسلحة نفسها في موقف قوى يسمح لها بالمزايدة على أى دعوة للمفاوضات والحوار.. وستستعصم بالإجراءات الدولية.. وتسقط المكون السوداني الداخلي وتتجه الى مزيد من التدويل.. وربما التصعيد العسكري .. وقد (أقول ربما) تنفض بعض الحركات التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة.. عن العملية السلمية .. وتحاول أن تسترجع مقاعدها في صف المعارضة المسلحة لتعديل مواقفها السابقة..هذا المسار الدارفوري قد يمضي على هذه الوتيرة الخطرة حتى موعد صدور الإدعاء الجديد ضد بعض قادة حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان على خلفية الهجوم العسكري على القوات الأفريقية في منطقة (حسكنيتة) والذي أودى بحياة (12) من الجنود النيجيريين.. وفي حال صدور وثيقة الادعاء ضد قادة الحركتين.. فإن أى مذكرة توقيف بحقهم تعني مباشرةً الدول الأوروبية التي تستضيفهم.. مما يجعل القضية تدخل طوراً أكثر تعقيداً عندما لا يكون أمامهم سوى خيار الاحتماء ببعض دول الجوار الأفريقي لتجنب التوقيف الدولي..
وطالما أن مفاوضات السلام متوقفة تماما.. ولا يبدو في الأفق بشائر تحرك جدي من الأطراف في اتجاه التسوية السياسية السلمية.. فقد تتحول قضية دارفور كلها الى ملف كبير متعدد الأوجه في أدراج الجنائية الدولية.. وعندها يصبح الحديث عن السلام ضرباً من المستحيل.. إلا إذا حدثت معجزة أو خوارق تغير خارطة طريق الأزمة كلها ..
هناك تعليق واحد:
الأخ عثمان، لا أعتقد أن الموضوع سيركن إلى أجل غير مسمى داخل أدراج المحكمة الجنائية. منذ قرار الأمم المتحدة بأخذ الموضوع إلي المحكمة الجنائية أصبح من الظاهر أن أعداء حكومة السودان قد وجدو ضالتهم و (ما حيعدوها على خير)! الأحداث الأخيرة أخذت الموضوع إلى منحنى خطير و يصعب التنبؤ بأي نهاية سعيدة لأي من السيناريوهات المحتملة! الخطر المباشر على الدولة و مجتمعها المدني و هيئتها كدولة (و هيئتنا كشعب) نابع أكثر من الآثار الإقتصادية و ليس الأمنية. أي عقوبات إقتصادية من بعض أو كل المجتمع الدولي ستكون شرسة و ستستهدف معدة المواطن أولا!
إرسال تعليق