حكومة (قومية) ..أم (قوية) ..!!
كلما اشتدت الأزمات بالبلاد سارع البعض بتقديم الحل الأسهل المعلب في جملة واحدة (حكومة قومية)..هذا استسهال للمشكلة وللحل أيضاً.. حل مشكلات السودان في حكومة (قوية!!).. وليس (قومية!!) .. فقد تنشأ حكومة قومية لكنها ضعيفة تقتات على كفاف السلطة.. فتنهار البلاد تحتها..
قرأت في بعض صحف الأمس خبراً أن بعض القوى السياسية المعارضة كثفت نشاطها السياسي للضغط لتكوين (حكومة قومية!) .. والمصطلح يعني حكومة (كل الأحزاب) إلا من أبى.. ويصبح الإفتراض الهندسي الذي بُنى عليه الحل.. أن المشكلة أصلاً في دخول (كل الأحزاب) إلى الحكومة فإذا حُلت مشكلة الأحزاب .. حُلت مشكلة السودان .
السودان بلد مترامي الأطراف..في مرحلة غليان ما قبل التكوين والثبات.. ويحتاج إلى حكومة (قوية!!) بمفردات القوة الحقيقية.. وليس مجرد قوة العضل والخنق والركل.. وتجمع الأحزاب في حكومة واحدة لا يمكن أن ينتج عنه (حكومة قوية) إلا إذا كانت الأحزاب قوية.. فهل أحزابنا (قوية!) لتلد حكومة قوية.. أم أن فاقد الشيء لا يعطيه..
حكومة (قوية!).. هي حكومة تستلهم القرار من نخاع الشعب.. وترتفع أنفاسها بأنفاسه.. اذا غضبت يغضب لها ثلاثون مليون سوداني لا يسألونها فيم غضبت.. حتى ولو كانت حكومة حزب واحد.. فالعبرة ليست بتكاثر الأحزاب في القصر ومجلس الوزراء .. العبرة بتكاثر تعاطف الشعب واحساسه بالولاء و(الصفاء!) تجاه من يحكمونه..
الذي يحيرني ويربكني أن جدلية (حكومة قومية) هذه تكاد تكون أيضاً أحد تعويذات قضية دارفور.. فأعجب كثيراً أن أرى مداولات سياسية تتحدث عن حل مشكلة دارفور بتقديم مقعد لـ(نائب رئيس) من دارفور.. واقليم واحد.. هل تلك هي المشكلة التي أُريق على جوانبها الدم.. وفاضت على عتباتها أنهار اليُتم والترمل والإدماء والتشريد والتحطيم والحريق والدمار..فقط من أجل كرسي (نائب رئيس) ومناصب دستورية أخرى في المركز والاقليم..هل كانت تلك مشكلة أهالي دارفور؟؟
البحث عن حكومة (قوية!) يبدأ من داخل أسوار الأحزاب..إصلاح سياسي يحول الأحزاب إلى مؤسسات ديموقراطية حقيقية .. يتنافس كوادرها على قيادتها ومؤسساتها قبل أن يتنافسوا على البرلمان .. والسلطة .. دلوني على حزب سوداني واحد (فقط لا غير) .. يستطيع (رجل من صلب رجل) أن ينافس رئيس الحزب..!!
أحزاب (قومية!) قبل الحكومة القومية.. منابر سياسية ملك مشاع للبلد الدخول إليها والخروج منها ليس نزعاً لرداء الدين أو زلفى له.. أحزاب تتعايش داخل أسوارها مدارس سياسية متعددة الألوان والأمزجة.. كيف لأحزاب لا تتحمل التعايش داخلها أن تحكم وطناً مشكلته الأولى والكبرى التعايش بين مفرداته المتلاومة..بعد أكثر من نصف قرن استـ(غ)ـلال يجدر بنا أن نكون أمة رشيدة لا تقتات من الشعارات والمصطلحات دون النظر إلى مضمونها وتفاصيلها.. مامعنى حكومة قومية؟؟ توسيع لعبة الكراسي ليجلس الجميع..!! هل تلك هي مشكلة (أهل السودان!!) ؟؟
هناك 4 تعليقات:
مفهوم الحكومة القومية مفهوم يميل للرومانسية و مفعوله العملي قد يكون معدوم أو حتى سلبي! و دائما ما تأتي فترة تتحول فيها الأحداث مع مثل هذه الحكومات إلى مسرحيات سمجة سيئة الإخراج بممثلين ثقيلي الظل و عاجزين عن إمتاع الجمهور... بعد فترة طبعا سيبدأ الجميع بالتململ و لوم بعضهم البعض و إتهام بعضهم البعض بالفساد و هلم جرا!! نحن كشعب نميل لمثل هذه الحلول المثالية شكلا! قيمنا عامة كثيرا ما يكسوها اللون الوردي تغلب عليها روح المشاركة أكثر من روح التملك، و هي قيم جميلة و صحيحة لكنها تسمح لبعض الأجسام الطفيلية بالتسلق و التملق و الإستغلال و الإستفادة بغير وجه حق.
في نظر الاحزاب, المشاركة في الحكومة اي حكومة, قومية انقلابية او منتخبة تعني المشاركة في المغنم اموال, سيارات, وسلطة.لا مشاركة بغرض تطبيق برامج او تحسين حياة المواطن اليومية.
الحكومة القومية الراشدة تاتى من شعب واعى وراشد كل من اتى بقوة فى الحكم هو فرد من افراد الشعب وكل من اتى بانتخاب اتى باغلبية الشعب اتى من شعبنا المخدوع من قبل من بيوتات وزعما وقيادات احزاب اغرغوه فى الجهل فلتبدا الصحافة بتوعية الشعب حتى يستنير ثم نطلب منه ات ياتينا بحكومات راشدة
الفاتح عبد المطلب
كل حاكم اتى بمفرده الى الحكم فهو من الشعب ووعيه من الشعب, وكل حاكم اتى بواسطة الشعب فهو على درجة وعى الشعب كل البيوتات والزعماء والقيادات السابقة والحالية هى التى اغرقت الشعبى فى عدم الوعى فى من هو الاصلح .
الحاكم الراشد الواعى ياتى من الشعب الواعى, يجب على الصحافة ان تعمل على توعية الشعب ومحو غبار الجهل الدى تركه على رؤسهم السياد.
الفاتح عبد المطلب
إرسال تعليق