في يوم الزيارة ..!!
نقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) أمس خبراً عجيباً.. يقول أن هيئة الأحزاب والتنظيمات السياسية أعلنت أنها قدمت مقترحاً للحكومة لدعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لزيارة السودان.. (في إطار ترقية وتطوير العلاقات بين البلدين..) حسب نص الخبر..
لا أدري.. هل تدرك هيئة الأحزاب معنى مثل هذا الخبر.. أم يقينها بأن (سوق السياسة) في السودان يحتمل أي كلام .. والسلام..!! يجعلها تبث في أثير الأخبار دون تبصر بالمنطق السياسي..أي كلام..!!
أولاً .. يا هيئة الأحزاب.. السودان لا يزال – رغم أنف الحقيقة – مدرجاً في القائمة الأمريكية السوداء للدول التي تُتهم بأنها ترعى الإرهاب.. ونتعرض لمقاطعة أمريكية إقتصادية من جانب واحد منذ العام 1997 .. فكيف سيزور رئيس أمريكا السودان ..قبل إزالة هذه المتاريس؟
ثانياً.. ألم تر هيئة الأحزاب كيف يزورنا المسؤولون الأمريكيون في الفترة الأخيرة.. ألم يلاحظوا شيئاً في برنامج زيارة السيد جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي الذي زار السودان يوم الأربعاء 15 أبريل 2009 لثلاثة أيام..
هل سيفعل أوباما – إذا لبى الدعوة .. ما فعله "كيري"..؟
هل قرأت هيئة الأحزاب ما كتبه السيد "جون كيري" في صحيفة (بوسطن هيرالد) الأمريكية اليومية Boston Herald في مقاله يوم 27 أبريل 2009 بعد عودته من زيارة السودان ..؟؟
صحيح أنه دعا للتعامل المباشر Engagement مع قضايا السودان في دارفور وعلاقة الجنوب والشمال.. لكنه في المقابل استخدم مفردة تطيح تماماً بفرص التقارب بين البلدين اذا لم تزاح بواسطة الادارة الأمريكية .. إذ ذكر في مقاله بالحرف (but the consequences of the genocide remain unresolved.)
من الحكمة أن تدرك هيئة الأحزاب أن زيارة الرئيس الأمريكي ليست جزءاً من مطلوبات تطبيع العلاقات بين البلدين.. بل – إذا حدثت يوماً ما في عهد رئيس أمريكي ما – فهي غالباً في سياق ما بعد التطبيع.. ولو حدثت المعجزة وجاء الرئيس الأمريكي أوباما للسودان في الوقت الراهن فأغلب الظن أن البيت الأبيض سيعلن أنها (زيارة إلى دارفور).. وليس السودان.. وسيكون في استقباله بمطار الفاشر السيدعثمان محمد يوسف كبر والى شمال دارفور .. وعندما تطالب هيئة الأحزاب (السياسية!!) الحكومة بتقديم الدعوة للرئيس الأمريكي فإن المطلوب مراجعته فعلاً كلمة (سياسية!!) المذكورة في إسم هذه الهيئة.. فلا يمكن توقع مثل هذا الطلب من هيئة (سياسية!!) ..