الجمعة، 15 مايو 2009

شهادة زور 15 مايو 2009

شهادة.. زور..!!

نهار أمس، (ارتكبت) سيارة تاكسي.. من مدينة بحري قاصداً الخرطوم.. في المنحنى المفضي لمدخل كبرى المك النمر.. كان ثلاثة من شرطة المرور يوقفون السيارات لفحص الترخيص ورخصة القيادة.. سائق التاكسي لم يبد عليه التردد سار مستقيماً في إتجاه مدخل الكبري.. رغم أن هناك أكثر من شارع جانبي كان متاحاً تجنب الشرطة عبرها..
شرطي المرور أشار لسائق التاكسي بالتوقف.. إنصاع السائق.. سألته قبل أن يترجل وقد أوقف التاكسي على جانب الطريق في مدخل الكبري.. (هل لديك أية مخالفات..) رد بسرعة ( نعم .. السيارة غير مرخصة ..)
انتظرت داخل التاكسي.. أترقب المفاوضات الجارية على بعد أمتار بين سائق التاكسي والشرطي.. كنت أسمع التوسلات الحانية من السائق.. لا يرتد لها أى صدى.. سوى جملة واحدة ..(قطعنا ليك تذكرتين..)..! عبارة تعني بالأرقام (60) ألف جنيهاً بالتمام والكمال.. صوت قطع (التذكرتين) كان آخر أمل توقف بعده سائق التاكسي عن التوسل.. ونطق بالجملة الأخيرة ..( والله ما عندي قروش..)
جاءني الشرطي .. بكلمات مهذبة طلب مني أن أبحث عن وسيلة نقل أخرى.. لأنه قرر إقتياد التاكسي وسائقه إلى قسم الشرطة.. يسمونها (حجز العربة).. في لحظة كنت أنظر بكل أسى لمسافة فادحة.. بين النص.. وروح القانون..!!
بنص القانون..صاحب التاكسي لا يجوز له قيادته قبل تجديد الترخيص.. بروح القانون .. صاحب التاكسي لا يستطيع قيادة هذه السيارة إلى الأبد.. لسبب بسيط أن التاكسي نفسه لا يصلح للترخيص ولا حتى لحمل الـ(بني أدميين).. فهو تحفة تاريخية .. من نفس موديل العربة التي دخل بها كتشنر باشا الى الخرطوم..
في ثوان قبل مغادرتي للتاكسي، كان متاحاً لي نظرتين فقط.. الأولى لوجه الشرطى الذي نفذ القانون وليس بيده أن يفعل غير ذلك.. والثانية لوجه سائق التاكسي الذي كنت أواسيه ببضع كلمات يقمن صلبه.. فرد عليَّ بكل إستسلام (خليها .. على الله) .. طبعاً نِعم بالله.. لكني كنت أرى في وجهه المتعب المنهك صورة أطفال صغار في البيت .. ينتظرونه ليحصد من عرق كل النهار وبضعاً من الليل حتى يشتري لهم الطعام..أي طعام لا يهم.. فإذا بالمسكين في حاجة قهرية لـ(60) ألفا من الجنيهات.. للخروج بسيارته من المأذق..
أيهما (صاح) وأيهما (غلط).. القانون الذي يفترض أن صلاحية السيارة تمر عبر الترخيص السنوي.. أم المواطن المقهور ..الذي لا سبيل له سوى العيش – خلسة - في الهامش الذي يتخفى من القانون..
لا يمكن لعاقل أفتراض أن (ترخيص) مثل هذا التاكسي يعني صلاحيته.. فهو فلتة تاريخية لا علاقة له بعصرنا.. دابة صفراء، معجزة أنها تسير.. و(الترخيص) في حقها لا يعني أكثر من رسوم يدفعها صاحب التاكسي المعدم للحكومة..
سيدي والي الخرطوم الجديد.. والله العظيم يسألك الله ويحاسبك على جوع أطفال صغار والدهم لا يستطيع أكل عيشه الا بالتخفي من القانون.. والحل سهل – جداً – في يد الحكومة أن تفعله. فقط اذا أيقنت أنها مسؤولة عن توفير – لا نزع- لقمة العيش لمواطنيها..!!
كيف الحل.. سأقول لكم ..!!

ليست هناك تعليقات: