حيران .. حيران ..!!
عثمان حسين.. فنان لن يتكرر.. لكن ليس هو موضوعي اليوم.. والدليل – دليل استحالة تكراره- في ليلة تكريمه قبل أيام قلائل في مسرح قاعة الصداقة.. توالى على الخشبة نجوم الغناء وأدوا أغنيات عثمان حسين.. أستطيع أن أجزم أن الجماهير التي مالت طرباً ورقصت.. كانت (تشغل) في كواليس ذاكرتها الصوت الحقيقي.. فأغنيات عثمان حسين.. حتى لو غنيتها أنا العبد الفقير إلى الله.. ولو انتجت شريط كاسيت بصوتي .. في أوله وغلافه أغنية (شجن) ..بصوتي المتواضع.. فسينفذ الشريط من الأسواق في الساعات الاولى.. ليس لجمال صوتي وبراعة تقليد عثمان حسين.. لكن لأن الأغنية من روعة وقوة شحنة وجدانياتها.. لا تُسمع بصوت المقلد مهما أبدع.. في الذاكرة دائما يغني الصوت الحقيقي.. لعثمان حسين.. أغاني عثمان حسين لا تُسمع بالأذن .. بل بأثير (لا)سلكي سحري.. يجعلها تسري في إحساس السامع بصوته هو.. لا بصوت المقلد مهما كان صوت المقلد خشناً.. من قائمة أنكر الأصوات..
في أغنية (خاطرك الغالي).. يسترجع عثمان حسين كلمة (حيران) عدة مرات .. في كل مرة بوجع وألم وأنين ضاج..
(حيران أسائل نفسى إيه كان السبب أصل الخصام
يمكن يكون فى حقك إتلومت فى ساعة ملام
لكن ده ما أظن يكون.. أنا قلبى ليك حفظ الغرام
ما أظن من عرف الهوي.. يعرف عداوة مع السلام)
بالتأكيد، لما كتب الشاعر عوض أحمد الخليفة الكلمات.. لم يكن يظن أبداً أن عثمان حسين سيفصل كلمة (حيــــران) بكل هذه الأهات لتصبح هي في حد ذاتها أغنية داخل أغنية..كانت مجرد كلمة بين ضفتي قصيدة. لكن اللحن المحير.. استرجعها مكررة بعدة اجترارات محيرة.
وأنا مثله.. (حيررررران) .. على حد قوله.. حيرة حقيقية غير مجازية.. كيف تعمل مؤسسات رسمية على انتاج قانون .. قانون الصحافة.. بصورة عرجاء لا ريب في عرجتها..ولا تحتاج الى بطل ليقول أن القانون أعرج.. فيذهب القانون عبر مساره.. حتى يصل – أي والله- الى قبة البرلمان .. ثم تجري معركة حامية الوطيس هناك.. فيها انسحابات ومفاوضات خلف الغرف المغلقة . وتنتهي في النهاية بقانون يجاز بالاجماع.. يلغي غالبية المواد العرجاء التي كانت في مسودة مشروع القانون.. أنا (حيرررران) ممطوة على ما غناها عثمان حسين.. لماذا من الأصل كل المعركة.. هل من قلة المعارك والمصائب.. أم تسلية..رغم أنف الفواجع..
وأنا (حيررران) بنفس أهة عثمان حسين.. من الانتخابات في السودان.. في وقت كل العالم تغطيه أخبار الانتخابات في كل دوله.. إنتخاباتنا.. مصيرها في يد المطر وفصل الخريف.. في بلد بعض أجزائه تعيش (10) شهور في السنة تحت زخات المطر.. وانتخابات ستنجب حكومة تعيش لعام واحد فقط.. انتخابات كلفتها مليار ومائة مليون دولار.. يدفعها شعب يحتاج لكل دولار ليعيش.. شعب ما (عرف عداوة مع السلام)..
هناك تعليق واحد:
الأخ عثمان،
للمرّة الثانية يحمل مقالك تلميحا طفيفا بحتمية إنفصال الجنوب، من قال أن الإنتخابات ستدوم نتائجها لمدّة سنة واحدة؟!! أتمنّى أن تتوغل أكثر في هذا الموضوع (كما فعلت بمقال يوم 3 يونيو) و تساعدنا على إزالة الأقنعة و تحدّثنا عن حال البلد شمالا و جنوبا و الحكم و هويمِش الحريات المتاح اليوم عقب مغادرة الحركة الشعبية لمؤسسة الحكم
إرسال تعليق