بيدي.. لا بيد عمرو.!!
السيدة سيما سمر.. المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان.. طالبت في تقريرها الحكومة ببعض الأعمال التمهيدية لإصلاح البيئة الانتخابية.. اهمها اتاحة حريات التعبير والتجمع السلمي..
و رغم أن الحكومة انتقدت تقرير سيما سمر..إلا أن واقع الحال – الإنتخابي- فعلا يستحق مثل هذا التوجه.. فالبلاد تتجه نحو بداية حقيقية للإنتخابات .. بعد أن أعلنت المفوضية العامة للإنتخابات الدوائر الإنتخابية وبدأت حمى الإنتخابات تسري (ربما ببرود) في مفاصل المجتمع السوداني ..
والإنتخابات ليست مجرد بطاقة تودع في صندوق الإقتراع.. هي عملية ممتدة وطويلة تعتمد كلياً على مستوى الثقة بين الأطراف المتنافسة.. في كونها عملية نزيهة مبرأة من التدليس.. فإذا توفرت في الأجواء أية مؤشرات تكبح الإحساس بحرية الإرادة السياسية للناخبين.. فإن أسهل ما يمكن جنيه من الإنتخابات هو مزيد من الأزمات والعراك حول صدقية العملية..
ولا يجوز افتراض أن الزمن هنا يمكن أن يلعب لصالح طرف ضد الآخرين.. فقد يظن البعض أن الإبقاء على كوابح التعبير والعمل السياسي أطول فترة قبل الانتخابات، يمكن أن يسهم في رفع فرص النجاح لحزب المؤتمر الوطني.. لكن هذا محض وهم.. إذ أن انهيار الثقة في العملية الإنتخابية أمر لا يمكن افتراض أنه لا يحدث إلا في تخوم الأيام الأخيرة للعملية الانتخابية..لا.. فكلما أحس الشعب بأن الأجواء ليست مهيئة لإنتخابات نزيهة وحرة .. اهتزت رغبته في المشاركة فيها.. وقد يأتي موسم تأسيس سجل الناخبين.. وهي العملية السابقة للانتخابات .. ولا تجد مراكز التسجيل أمامها الا القلة التي لديها مصالح مباشرة مع الانتخابات.. ويكتفي غالبية الشعب بالفرجة – من منازلهم – تماما كما يتفرجون على بطولة كأس القارات الآن.. من منازلهم..
إذا كان حزب المؤتمر الوطني يعمل بهمة لتحقيق أعلى فوز ممكن في الانتخابات، فهو يفسد على نفسه استحقاق هذا الفوز اذا رضي بأن تستمر القيود على حرية التعبير والعمل السياسي أطول ماتيسر..فهو يغرس بذلك شجرة الشك.. وستنمو إلى حين لحظة الإقتراع.. وحينها تلد الصناديق (شرعية!) يمد لها الشارع لساناً طويلاً..
الأجدر أن تأخذ الحكومة تقرير سيما سمر بجدية أكثر.. وتمحو هذه الصورة الشائهة بأعجل ما تيسر ( ليست بالطبع أعجل ما تيسر التي ابتكرتها شورى الوطني في زمن المفاصلة مع الترابي)
وأي يوم يمضي.. على هذا الحال .. يمحو درجة من صدقية الانتخابات القادمة .. فلينظر أهل القرار كم من الدرجات يريدون جمعها .. لهزيمة كل المقاصد التي بنيت على أساسها فكرة الإنتخابات.. والتي عليها ستهدر الدولة أكثر من مليار دولار.. عداً نقداً..!!
هناك تعليق واحد:
بمناسبة "الصورة الشائهة" التي قمت بذكرها يا أستاذ عثمان:
هناك مشكلة stigma مع نظام الإنقاذ و صورته في مخيلة الشعب. عقدان من الزمان من الحكم المنفرد كفيلة بتوليد قدر لا يستهان به من اللاثقة. سيتضطر الكيزان لفعل المزيد لكسب ثقة الشعب: رؤية نفس وجوه وزراء و حكام سنة 1989 بحكومة سنة 2009 و بلوائح إنتخابات سنة 2010 بالتأكيد لا يعطي المؤتمر الوطني أو العملية الإنتخابية (بإعتبارهم القائم الرئيسي على الإنتخابات) أي مصداقية أو صورة جديدة أمام الشعب!!
إرسال تعليق