علامة تعجب..!!
نحن السودانيين، حساسيتنا عالية – جداً – لأي حالة إشتباه بالإساءة إلينا عربياً.. قد نتقبل النقد أو حتى الإساءة بدرجة أقل حدة .. لو جاءت من أوروبا أو حتى أفريقيا.. لكن من الوطن العربي.. هنا للأمر وجه آخر..
في تقديري أن سبب حساسيتنا – العربية -، شعور في دواخلنا أننا دولة عربية من الدرجة الثانية (انضمام دول أفريقية سوداء بعدنا لجامعة العربية أنقذنا من السقوط إلى الدرجة الثالثة).. وأن العرب، يعاملوننا ويعتبرونا دخلاء على عروبتهم..
وحساسية شعبنا – العربية - تبدو لي سافرة في رد الفعل العفوي لجمهورنا السوداني عندما – مثلاً- تتجرأ فضائية عربية وتعرض كوميديا تقدم شخوصاً سودانية.. موسومة ببعض العبارات أو السلوكيات السودانية الشهيرة.. كأن يستخدم مثلاً كلمة (زول) بطريق ساخرة .. رغم أننا هنا في الداخل نستهلك في النكات الشعبية أطناناً من السخرية على القبائل السودانية .. الجعليين .. الشايقية..الفلاتة.. الدينكا.. الرباطاب، وتبدع الفرق الكوميدية السودانية في توليد النكات وتقليد اللهجات الخاصة بهذه القبائل..
بالأمس تلقيت في بريدي رسالة صادقة في غضبها.. من مجموعة من السودانيين المقيمين في الشقيقة دولة الكويت.. تستعر غاضباً على الصحفي الكويتي فؤاد الهاشم.. والذي يكتب عموداً باسم (علامة تعجب) في صحيفة الوطن الكويتية..ويقولون أنه أساء للسودانيين تكراراً وبما يشبه (الإستهداف) والحقد على السودانيين ..ولا يقف الغضب على الصحفي الكويتي بل يمتد بحرقة وألم للسفارة السودانية في الكويت .. لإعتقادهم أنها تقرأ مثل هذه الإساءة للسودانيين وتسكت..
قرأتُ ثلاثة أعمدة مما كتبه فؤاد الهاشم..كل عمود ثلاث مرات.. وبصراحة فشلت في العثور على (الإساءة) التي أغضبت مرسلي الرسالة .. صحيح أن بعض ما أورده فؤاد الهاشم يختلف معه فيه سودانيين كثر.. لكن ما كتبه لا يخرج مطلقاً من حيز (الرأي) ..الذي لا يفسد للود قضية.. ولا يشترط فيه الصواب.. وللحقيقة لو ردت عليه السفارة السودانية سيكون ذلك فعلاً (علامة تعجب!).. لأن التعامل مع الرأي العام.. في القضايا التقديرية هي من صميم واجبات من يعملون في مؤسسات الرأي العام الجماهيري.. ولا شأن لـ(الرسمي) بها..
إنتقاد حكومة السودان.. لا يعني مطلقاً إساءة للسودانيين .. فهنا في الداخل وفي صحفنا هذه ننتقد الحكومة.. ويمكنني أن أكتب منتقداً حكومة الكويت أو أي مؤسسة كويتية دون أن يعني ذلك إساءة لشعب الكويت.. هذا هو (الرأي) .. الذي يحتمل الصواب والخطأ..
حرية التعبير بمعناها الصحيح، تحتمل مثل هذا النقد بلا أدنى حساسية..ولو طلب الأخوة السودانيين العاملين في الكويت مثالا للنوع الآخر من النقد الذي هو في حقيقته اساءة بالغة لشعبنا السوداني.. فهو بالتحديد ما كتبه الأستاذ أحمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة (السياسة) الكويتية مباشرة بعد تحرير الكويت في العام 1991.. الغضب حينها ألهمه مفردات إساءة موجهة مباشرة إلى جبين الشعب السوداني لا حكومته..تلك كانت إساءة بالغة وليس نقداً أو رأياً بأي حال من الأحوال..وشتان ما بين النقد و الشتائم..!!
هناك تعليقان (2):
يؤسفني أن أقول لك يا استاذي الجليل، إنك اختصرتَ شكل قراءتك لمقالات الهاشم في "نقده" الموجه للحكومة ، وتجاهلتَ ما رآه سودانيو الكويت من اساءة للشعب السوداني ، وهي اساءة يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، رغم أنك قرأت المقالات ثلاث مرات لكل مقال. وإلا ماذا تكون كلمات الهاشم في وصفنا بالشعب الجائع والمريض والأسود والجاهل، إنْ لم تكن اساءة؟
ويؤسفني ـ مرة أخرى ـ أن أقول إنك خذلت هؤلاء الذين توسموا فيك شكلاً من الانتصار لما أصابهم. ففي تقديري أنهم حين أرسلوا إليك ما أرسلوا فلأن يدهم مغلولة لا يستطيعون الكتابة بها في مؤسسات الرأي العام الجماهيرية في الكويت. وحسب علمي فإن أحد هؤلاء المقيمين السودانيين حاول ذلك وكتب تعقيبين للكاتب الكويتي ، لكن من دون أن تهتم جريدة الوطن بالتعقيبين. وهؤلاء السودانيين حين استشعروا جبن السفارة في التعامل مع هذا الكاتب، لجأوا إليك لتلتقط قفاز هذه "القضية التقديرية" كما تقول في عمودك الأخير. لكنك جنحتَ وأوحيت للقراء بأن مرسلي الرسالة إليك من الكويت "زعلانين" فقط لأن أحدهم انتقد الحكومة. وهذا غير صحيح ، كما تلاحظ. لأنهم يعرفون جيداً أن الحكومة تحتمل النقد والسب وما شابه ذلك بجلد تمساح عجوز. "وتضحك ولا هاميها شي".
وبالطبع ، يا سيدي الكريم، نحتمل التهكم بين بعضنا بعضاً كسودانيين، ولكن يصعب جداً أن نبتلع ذلك من غيرنا، وهذا طبعٌ أصيل ومتشابه في نفوس بشر آخرين . ويصعب ابتلاع مثل ذلك التهكم خصوصاً حين تكون مقيماً في بلد هذا الـ "غير" .. لأنك ستكون أقرب الناس إلى معرفة واقعه وسلوكه تجاهك وتجاه بلدك الوافد منه. فحين كتب فؤاد الهاشم قادحاً المصريين في أحد مقالاته وقال إن سعر المصري يساوي ثمن غسالة كورية ثمنها 120 دينار ، انتصرت الصحافة المصرية لشعبها الذي أغضبه وأهانه ما قاله الهاشم. لكن ماذا نفعل نحن السودانيين!! يبدو أننا أقل ثمناً من ذلك ، سواء لدى الغريب أو لدى حكومتنا التي شتمنا مرةً أحد مسؤوليها قائلاً إننا كنا "شحادين" قبل مجيئ الإنقاذ.. ويبدو الآن أننا أرخص من كل ذلك ، في ذهنية مثقفينا وموجهي الرأي العام في البلد.
شكراً جزيلاً يا أستاذ عثمان. كثر الله خيرك . ما قصرتَ.
نزار السمندل / الكويت
خيبت ظننا يا استاذ لانو كلا مك كانو ما كلام سودانى اهانو شعبو اكتر من مرة سواء كان فى المسلسلات او فى المنتديات فالعرب دوما يسخرون من لهجتنا ويقلدونها بطريقة بشعة ومضحكة هذا غير تعليقاتهم على لوننا ويصفونا بالكسل والخمول ....نعم الجعلى يسخر من الغرابى والغرابى يسخر من الشايقى هذا مقبول لاننا سودانيين فى بعضنا لكن الاساءة تجى من برة هذا غير مقبول ...ما عارف اقول فيك شنو يا استاذ يا سبحان الله بعدده كله طلعتنا نحن الغلطانين راجع نفسك انت عندك مشكلة لانك ما عندك غيرة كافية على شعبك
إرسال تعليق