أرجو قبول اعذتاري عن تعطل النشر في المدونة خلال الأيام الماضية .. وذلك بسبب تعطل اتصالات الانترنت في السودان .. ثم عودتها بصورة متقطعة ..
أتمنى أن نواصل ابتداء من اليوم النشر.. وأتمنى أن لا تعاود الشبكة تعطلها..
نع تقديري
عثمان ميرغني
الأربعاء، 31 ديسمبر 2008
31 ديسمبر 2008 - اللعب مع الكبار ..!!
اللعب.. مع الكبار..!!
لفت نظري في الأخبار المصورة التي عرضتها قناة الجزيرة مساء أمس.. لمظاهرات الشعوب العربية أن غالبها كان يهتف (بالروح ..بالدم .. نفديك يا غزة..) .. تصوروا .. أين وصلت القضية.. قضية العرب والمسلمين الأولى..التي نهتف لها أيام كنا طلاباً في المدارس..(بالروح بالدم نفديك يافلسطين..).. تصوروا فلسطين التي هتفنا لها صارت اليوم مجرد (غزة)!!..
كان العرب يرفعون أيديهم بالدعاء (اللهم أنصر فلسطين..) اليوم تحول الرجاء (اللهم أنصر غزة).. ياترى هل يأتي يوم يهتف العرب (بالروح بالدم ..نفديك يا شارع صلاح الدين في غزة..) وتصبح آمال العرب وأحلامهم مجرد شارع في مدينة غزة..!!
يا عالم يا عربي.. هذه استراتيجية متقنة التخطيط والتصميم والتنفيذ.. لا تعيشوا الدراما واليوميات .. انظروا في الأفق لتروا إتجاه المسير.. الذي فعله العرب – بل الفلسطينيون أنفسهم - بأيديهم لتنفيذ الإستراتيجية الإسرائيلية أكثر كثيراً مما فعلته إسرائيل نفسها.. صنعوا سلطة في قطعتين غير متجاورتين من الأرض.. ثم تقاتلوا فيها حتى قسموها الى قسمين .. كل قسم يلعن الآخر بأعنف مما تلعنه اسرائيل نفسها.. "عباس" في رام الله.. و"هنية" في غزة.. ثم وقعوا تهدئة مع اسرائيل وفشلوا – الطرفان – في توقيع تهدئة بين فتح وحماس ..
وتجتمع السلطة في رام الله إسرائيل لبحث السلام.. وتفشل في الجلوس على طاولة واحدة مع حماس في القاهرة..
لا يهم من الجاني ومن المجني عليه في حرب فتح وحماس.. ولا يهم من الظالم ومن المظلوم.. ولا يهم أيهما أقرب إلى الله فتح أم حماس.. الأهم من كل ذلك أن نتيجة ما ارتكبه الإثنان .. صنعت الواقع العربي اليوم.. الواقع الذي يهتف لـ(غزة) بعد أن كان يهتف لفلسطين.. هذا الواقع لم تدفع فيه إسرائيل درهماً.. هو هدية مجانية من فتح وحماس معاً..
عالم اليوم لا تحكمه الحروب والعضلات.. بل الإستراتيجيات.. أمريكا لم تغزو موسكو لتسقط (الإتحاد السوفيتي) .. هي استراتيجية ناعمة ملساء حولت روسيا إلى دولة بصفة مراقب في حلف شمال الأطلنطي .. بعد أن حولت عاصمة حلف "وارسو" إلى دولة في حلف الناتو..
عندما أرادت أمريكا أن تغزو الصين.. وتخترق عزلتها الـ(ماوية) في السبعينات.. لم ترسل لها الصواريخ والبوارج.. أرسلت فريقاً رياضياً في لعبة كرة تنس الطاولة.. وقال كيسنجر وزير خارجية أمريكا.. آنئذ..( لقد حققت الرياضة ما عجزت عنه السياسة..) ومضت الإستراتيجية حتى تحولت الصين الشيوعية إلى أعتى دولة رأسمالية شريكها الأول اقتصادياً ..أمريكا.
والآن إسرائيل تمارس نفس الإستراتيجية.. قسمت فلسطين إلى ضفة وقطاع..مؤمنين ضد كفرة.. وألهمت العرب أن نصف فلسطين مع إسرائيل ضد نصفها الآخر.. وسيأتي يوم تتوسط فيه إسرائيل بين الضفة والقطاع وتطلب منهما ضبط النفس..!!
كتبتُ هنا قبل هذا وقلت ليت مؤتمر قمة عربي ينعقد لساعة واحدة ويخرج ببيان مشترك من سطر واحد يقول..(قررنا استخدام العقول العربية لرسم استراتيجية .. تطرد إسرائيل من المنطقة في عام 2050) ..
مطلوب إستراتيجية عربية عميقة البصر.. !!
لفت نظري في الأخبار المصورة التي عرضتها قناة الجزيرة مساء أمس.. لمظاهرات الشعوب العربية أن غالبها كان يهتف (بالروح ..بالدم .. نفديك يا غزة..) .. تصوروا .. أين وصلت القضية.. قضية العرب والمسلمين الأولى..التي نهتف لها أيام كنا طلاباً في المدارس..(بالروح بالدم نفديك يافلسطين..).. تصوروا فلسطين التي هتفنا لها صارت اليوم مجرد (غزة)!!..
كان العرب يرفعون أيديهم بالدعاء (اللهم أنصر فلسطين..) اليوم تحول الرجاء (اللهم أنصر غزة).. ياترى هل يأتي يوم يهتف العرب (بالروح بالدم ..نفديك يا شارع صلاح الدين في غزة..) وتصبح آمال العرب وأحلامهم مجرد شارع في مدينة غزة..!!
يا عالم يا عربي.. هذه استراتيجية متقنة التخطيط والتصميم والتنفيذ.. لا تعيشوا الدراما واليوميات .. انظروا في الأفق لتروا إتجاه المسير.. الذي فعله العرب – بل الفلسطينيون أنفسهم - بأيديهم لتنفيذ الإستراتيجية الإسرائيلية أكثر كثيراً مما فعلته إسرائيل نفسها.. صنعوا سلطة في قطعتين غير متجاورتين من الأرض.. ثم تقاتلوا فيها حتى قسموها الى قسمين .. كل قسم يلعن الآخر بأعنف مما تلعنه اسرائيل نفسها.. "عباس" في رام الله.. و"هنية" في غزة.. ثم وقعوا تهدئة مع اسرائيل وفشلوا – الطرفان – في توقيع تهدئة بين فتح وحماس ..
وتجتمع السلطة في رام الله إسرائيل لبحث السلام.. وتفشل في الجلوس على طاولة واحدة مع حماس في القاهرة..
لا يهم من الجاني ومن المجني عليه في حرب فتح وحماس.. ولا يهم من الظالم ومن المظلوم.. ولا يهم أيهما أقرب إلى الله فتح أم حماس.. الأهم من كل ذلك أن نتيجة ما ارتكبه الإثنان .. صنعت الواقع العربي اليوم.. الواقع الذي يهتف لـ(غزة) بعد أن كان يهتف لفلسطين.. هذا الواقع لم تدفع فيه إسرائيل درهماً.. هو هدية مجانية من فتح وحماس معاً..
عالم اليوم لا تحكمه الحروب والعضلات.. بل الإستراتيجيات.. أمريكا لم تغزو موسكو لتسقط (الإتحاد السوفيتي) .. هي استراتيجية ناعمة ملساء حولت روسيا إلى دولة بصفة مراقب في حلف شمال الأطلنطي .. بعد أن حولت عاصمة حلف "وارسو" إلى دولة في حلف الناتو..
عندما أرادت أمريكا أن تغزو الصين.. وتخترق عزلتها الـ(ماوية) في السبعينات.. لم ترسل لها الصواريخ والبوارج.. أرسلت فريقاً رياضياً في لعبة كرة تنس الطاولة.. وقال كيسنجر وزير خارجية أمريكا.. آنئذ..( لقد حققت الرياضة ما عجزت عنه السياسة..) ومضت الإستراتيجية حتى تحولت الصين الشيوعية إلى أعتى دولة رأسمالية شريكها الأول اقتصادياً ..أمريكا.
والآن إسرائيل تمارس نفس الإستراتيجية.. قسمت فلسطين إلى ضفة وقطاع..مؤمنين ضد كفرة.. وألهمت العرب أن نصف فلسطين مع إسرائيل ضد نصفها الآخر.. وسيأتي يوم تتوسط فيه إسرائيل بين الضفة والقطاع وتطلب منهما ضبط النفس..!!
كتبتُ هنا قبل هذا وقلت ليت مؤتمر قمة عربي ينعقد لساعة واحدة ويخرج ببيان مشترك من سطر واحد يقول..(قررنا استخدام العقول العربية لرسم استراتيجية .. تطرد إسرائيل من المنطقة في عام 2050) ..
مطلوب إستراتيجية عربية عميقة البصر.. !!
الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008
30 ديسمبر 2008 - الشعب البطل ..!!
الشعب.. البطل..!!
في حلكة دياجي الواقع العربي.. وكلما حلت كارثة جديدة..يسطع الشعب المصري كالبدر في الليلة الظلماء.. انظروا للمشهد العربي والإسلامي في رد فعله على مجازر غزة.. دائماً رد الفعل الأقوى.. أمواج التعاطف الهادر تأتي من كنانة مصر.. في كل أرجائها.. يخرج الشعب المصري بلا حاجة لمن يحمله بالسيارات إلى موقع التظاهر.. وترعد الحناجر بلا حاجة لمن ينمق لها الهتافات..!! فتبدو – غالباً – عفوية..رنانة.. مباشرة.. حتى في الاستطلاعات الجماهيرية العابرة التي تلتقطها شاشات الفضائيات ومايكرفونات الإذاعات.. تبدو إنفعالات المواطن المصري أنضج عاطفة وأضج تعبيراً..
الإستراتيجيات الغربية التي تعكف على رسم صورة المستقبل لعالم تحكمه نقطة مركزية.. تفترض أن مصر خرجت من مدار الفلك العربي.. ليلة تصافح الرئيس أنور السادات مع مناحيم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي – آنئذ – في منتجع كامب ديفيد.. وأن العالمين العربي والإسلامي صارا جسم فيل برأس عصفور.. وأن حالة الغضب والرضا لدى العرب سيان، لم يعد وزنها يثقل ميزان الإستراتيجيات الدولية في الشرق الأوسط..
وافترضت الإستراتيجية الدولية.. أن زرع سفارة اسرائيلية في القاهرة.. بمثابة "عملية زرع قلب" في جسم العرب.. لكن سقط سهواً من تلك الإستراتيجيات حساب (شعب مصر).. فهو قيمة لا يمكن إعادة تدويرها Recycling.. وعبر التاريخ هو الذي صنع تاريخ العرب والمسلمين.. وحتى في حروب إسرائيل هو الذي كان يضخ الدماء والشباب.. ودكت الحروب مدنه الكبرى في شواطئ البحر الأحمر والأبيض.. وهُجر الملايين وتشردوا سنين طويلة.. في 1948.. ثم 1956.. ثم 1967.. ثم أخيراً 1973.. وما بينها.. ليس في مصر أسرة بلا شهيد أو جريح من حروب اسرائيل.. ومع ذلك ما ضجر (شعب مصر) الحِمل الثقيل.. يئن كلما أصاب العرب مكروه في أي بقعة أو بلد.. ويخرج في الشوارع باكياً قهر الأمم وقصر ذات اليد.. اليد التي لا تستطيع أن تنقذ جريحاً ينزف حتى الموت خلف معبر رفح..
الذي حدث ولا يزال يجري في غزة هو مجرد "يوم من يوميات المعركة".. ربما يتكرر كل بضعة أشهر أو سنين.. مجرد دراما تنتهي بأرقام شهداء وجرحى ودمار.. لكن الذي لم تحسبه اسرائيل.. أن الشعوب العربية وحتى إشعار آخر..لم تدخل المعركة بعد.. وأن كل الذي يحدث الآن هو مجرد (سحب على الرصيد) وسيأتي يوم الحساب.. رد الديون المستحقة..
في كراسة الحساب السياسي الإسرائيلي.. كتبوا " ما تبقت لنا إلا سوريا" بإفتراض ساذج أن سفارة في القاهرة وأخرى في عمان لا ينقصهما إلا سفارة في دمشق ويُغلق ملف القضية.. وترتاح وزارة الدفاع الإسرائيلية.. لكن كراسة الحساب لم تحسب الشعوب العربية.. وعلى رأسها المصري.. من هنا يبرز الثقب في الإستراتيجية الدولية..
يوم الحساب.. آتٍ لا محالة..!!
في حلكة دياجي الواقع العربي.. وكلما حلت كارثة جديدة..يسطع الشعب المصري كالبدر في الليلة الظلماء.. انظروا للمشهد العربي والإسلامي في رد فعله على مجازر غزة.. دائماً رد الفعل الأقوى.. أمواج التعاطف الهادر تأتي من كنانة مصر.. في كل أرجائها.. يخرج الشعب المصري بلا حاجة لمن يحمله بالسيارات إلى موقع التظاهر.. وترعد الحناجر بلا حاجة لمن ينمق لها الهتافات..!! فتبدو – غالباً – عفوية..رنانة.. مباشرة.. حتى في الاستطلاعات الجماهيرية العابرة التي تلتقطها شاشات الفضائيات ومايكرفونات الإذاعات.. تبدو إنفعالات المواطن المصري أنضج عاطفة وأضج تعبيراً..
الإستراتيجيات الغربية التي تعكف على رسم صورة المستقبل لعالم تحكمه نقطة مركزية.. تفترض أن مصر خرجت من مدار الفلك العربي.. ليلة تصافح الرئيس أنور السادات مع مناحيم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي – آنئذ – في منتجع كامب ديفيد.. وأن العالمين العربي والإسلامي صارا جسم فيل برأس عصفور.. وأن حالة الغضب والرضا لدى العرب سيان، لم يعد وزنها يثقل ميزان الإستراتيجيات الدولية في الشرق الأوسط..
وافترضت الإستراتيجية الدولية.. أن زرع سفارة اسرائيلية في القاهرة.. بمثابة "عملية زرع قلب" في جسم العرب.. لكن سقط سهواً من تلك الإستراتيجيات حساب (شعب مصر).. فهو قيمة لا يمكن إعادة تدويرها Recycling.. وعبر التاريخ هو الذي صنع تاريخ العرب والمسلمين.. وحتى في حروب إسرائيل هو الذي كان يضخ الدماء والشباب.. ودكت الحروب مدنه الكبرى في شواطئ البحر الأحمر والأبيض.. وهُجر الملايين وتشردوا سنين طويلة.. في 1948.. ثم 1956.. ثم 1967.. ثم أخيراً 1973.. وما بينها.. ليس في مصر أسرة بلا شهيد أو جريح من حروب اسرائيل.. ومع ذلك ما ضجر (شعب مصر) الحِمل الثقيل.. يئن كلما أصاب العرب مكروه في أي بقعة أو بلد.. ويخرج في الشوارع باكياً قهر الأمم وقصر ذات اليد.. اليد التي لا تستطيع أن تنقذ جريحاً ينزف حتى الموت خلف معبر رفح..
الذي حدث ولا يزال يجري في غزة هو مجرد "يوم من يوميات المعركة".. ربما يتكرر كل بضعة أشهر أو سنين.. مجرد دراما تنتهي بأرقام شهداء وجرحى ودمار.. لكن الذي لم تحسبه اسرائيل.. أن الشعوب العربية وحتى إشعار آخر..لم تدخل المعركة بعد.. وأن كل الذي يحدث الآن هو مجرد (سحب على الرصيد) وسيأتي يوم الحساب.. رد الديون المستحقة..
في كراسة الحساب السياسي الإسرائيلي.. كتبوا " ما تبقت لنا إلا سوريا" بإفتراض ساذج أن سفارة في القاهرة وأخرى في عمان لا ينقصهما إلا سفارة في دمشق ويُغلق ملف القضية.. وترتاح وزارة الدفاع الإسرائيلية.. لكن كراسة الحساب لم تحسب الشعوب العربية.. وعلى رأسها المصري.. من هنا يبرز الثقب في الإستراتيجية الدولية..
يوم الحساب.. آتٍ لا محالة..!!
الاثنين، 29 ديسمبر 2008
29 ديسمبر 2008 - الوهم
الوهم ..!!
العرب يخطئون الحساب.. وأحياناً كثيرة لأنهم من البداية يصنعون المسلمات والإفتراضات الخاطئة فيحصلون على الإستنتاجات الخطأ.. من هذه الأخطاء .. افتراضهم أن اسرائيل دولة قوية.. لا تقهر..
إسرائيل دولة ضعيفة للغاية.. عمقها الجغرافي ضيق للغاية فمساحتها حوالي (20) ألف كيلومتر مربع.. أقل قليلا من مساحة ولاية الخرطوم (الخرطوم مساحتها 22 ألف كيلومترمربع) .. وسكان اسرائيل حوالي (7) ملايين ..اليهود منهم حوالي (76%) بينما العرب 20%..
من أخطاء الحساب العربي .. الذي يردده العرب كثيرا أن اسرائيل تطمع في السيطرة على المساحة من النيل الى الفرات.. كيف ذلك واسرائيل بالكاد وبعد ان اعتصرت كل اليهود في العالم .. حتى اليهود الفلاشا من اثيوبيا.. لم تستطع ملء مساحتها الضيقة.. اسرائيل لا تطمع في جغرافية العرب، لكنها تخطط أن تصبح الدولة الأقوى عسكريا واقتصاديا وعلميا في محيطها الشرق الأوسطي بينما تستثمر محيطها العربي ليصبح السوق الأول لمنتجاتها و موردا للمواد الخام وعلى رأسها النفط..
الرؤية الإسرائيلية للمستقبل تقوم على التطويع لا التطبيع.. فالتطبيع مجرد حالة انحسار للحرب والدخول في جوار سلبي غير منتج.. تماماً كما هي العلاقة مع مصر حالياً.. فهي مجرد بروتوكولات دبلوماسية .. بينما تطمح اسرائيل لتطوير الواقع العربي لمرحلة (التطويع) التي تجعل اسرائيل في صلب دورة الإقتصاد العربي.. ومن مفاتيح حركة المال والأعمال في الشرق الأوسط.. ولهذا اكتفت اسرائيل في بعض الدول العربية بمكاتب تجارية .. لأنها تعلم أن السفارة.. لا أكثر من (السفارة في العمارة)..
كيف نهزم إسرائيل؟ .. اولا.. اقتصادياً.. بتصميم واقع اقتصادي ومالي لا يستوعب اسرائيل اطلاقا في المنظومة العربية..حتى ولو تمتعت اسرائيل بسفارات في بعض الدول العربية.. لكن يجب ان تغلق كل منافذ التعامل الاقتصادي.. فيظل الإقتصاد الاسرائيلي مربوطاً بحبال طويلة مع منظومات خارج المحيط العربي. في أوروبا وامريكا وآسيا..
أما عسكرياً.. فهو الأسهل.. فإسرائيل دولة لا يمكن أن تحارب في الأرض.. لا سبيل للمواجهة إلا من فوق سماوات بعيدة عن طريق الطيران.. تماماً كما تفعل في حربها في غزة وكما فعلت في لبنان .. حتى عملية اغتيال الشيخ احمد يس .. الرجل المقعد .. لم تجد اسرائيل سوى الطيران والصواريخ لتقوم بالمهمة.. والطيران مهما تفوق لا يحقق النصر.. لأن الهدف في النهاية في الأرض وليس في السماء ولابد من النزول اليه.. وبالواقع البشري والعسكري التقليدي لا مقارنة بين القوة العربية البشرية والاسرائيلية..
ثم أن الطيران امره سهل..فأسلحة حديثة قبل سنوات لم تكن الا بحوذة أعتى الدول . صارت اليوم بيد مليشيات أو حتى عصابات المافيا.. ومن السهل على العرب امتلاك أسلحة تحيد الطيران وتلغي دوره تماما.. ويصبح لابديل للحرب الا المواجهة التقليدية .. حتى ولو كانت الأسلحة واسعة الدمار.. إلا أن ضيق مساحة اسرائيل يجعل السلاح مهما كان متخلفاً مؤثرا جداً..
إسرائيل قوة (لا تقهر) في خيال العرب فقط.. لكنها حمل وديع.. فضحه حزب الله في حرب تموز 2006.
العرب يخطئون الحساب.. وأحياناً كثيرة لأنهم من البداية يصنعون المسلمات والإفتراضات الخاطئة فيحصلون على الإستنتاجات الخطأ.. من هذه الأخطاء .. افتراضهم أن اسرائيل دولة قوية.. لا تقهر..
إسرائيل دولة ضعيفة للغاية.. عمقها الجغرافي ضيق للغاية فمساحتها حوالي (20) ألف كيلومتر مربع.. أقل قليلا من مساحة ولاية الخرطوم (الخرطوم مساحتها 22 ألف كيلومترمربع) .. وسكان اسرائيل حوالي (7) ملايين ..اليهود منهم حوالي (76%) بينما العرب 20%..
من أخطاء الحساب العربي .. الذي يردده العرب كثيرا أن اسرائيل تطمع في السيطرة على المساحة من النيل الى الفرات.. كيف ذلك واسرائيل بالكاد وبعد ان اعتصرت كل اليهود في العالم .. حتى اليهود الفلاشا من اثيوبيا.. لم تستطع ملء مساحتها الضيقة.. اسرائيل لا تطمع في جغرافية العرب، لكنها تخطط أن تصبح الدولة الأقوى عسكريا واقتصاديا وعلميا في محيطها الشرق الأوسطي بينما تستثمر محيطها العربي ليصبح السوق الأول لمنتجاتها و موردا للمواد الخام وعلى رأسها النفط..
الرؤية الإسرائيلية للمستقبل تقوم على التطويع لا التطبيع.. فالتطبيع مجرد حالة انحسار للحرب والدخول في جوار سلبي غير منتج.. تماماً كما هي العلاقة مع مصر حالياً.. فهي مجرد بروتوكولات دبلوماسية .. بينما تطمح اسرائيل لتطوير الواقع العربي لمرحلة (التطويع) التي تجعل اسرائيل في صلب دورة الإقتصاد العربي.. ومن مفاتيح حركة المال والأعمال في الشرق الأوسط.. ولهذا اكتفت اسرائيل في بعض الدول العربية بمكاتب تجارية .. لأنها تعلم أن السفارة.. لا أكثر من (السفارة في العمارة)..
كيف نهزم إسرائيل؟ .. اولا.. اقتصادياً.. بتصميم واقع اقتصادي ومالي لا يستوعب اسرائيل اطلاقا في المنظومة العربية..حتى ولو تمتعت اسرائيل بسفارات في بعض الدول العربية.. لكن يجب ان تغلق كل منافذ التعامل الاقتصادي.. فيظل الإقتصاد الاسرائيلي مربوطاً بحبال طويلة مع منظومات خارج المحيط العربي. في أوروبا وامريكا وآسيا..
أما عسكرياً.. فهو الأسهل.. فإسرائيل دولة لا يمكن أن تحارب في الأرض.. لا سبيل للمواجهة إلا من فوق سماوات بعيدة عن طريق الطيران.. تماماً كما تفعل في حربها في غزة وكما فعلت في لبنان .. حتى عملية اغتيال الشيخ احمد يس .. الرجل المقعد .. لم تجد اسرائيل سوى الطيران والصواريخ لتقوم بالمهمة.. والطيران مهما تفوق لا يحقق النصر.. لأن الهدف في النهاية في الأرض وليس في السماء ولابد من النزول اليه.. وبالواقع البشري والعسكري التقليدي لا مقارنة بين القوة العربية البشرية والاسرائيلية..
ثم أن الطيران امره سهل..فأسلحة حديثة قبل سنوات لم تكن الا بحوذة أعتى الدول . صارت اليوم بيد مليشيات أو حتى عصابات المافيا.. ومن السهل على العرب امتلاك أسلحة تحيد الطيران وتلغي دوره تماما.. ويصبح لابديل للحرب الا المواجهة التقليدية .. حتى ولو كانت الأسلحة واسعة الدمار.. إلا أن ضيق مساحة اسرائيل يجعل السلاح مهما كان متخلفاً مؤثرا جداً..
إسرائيل قوة (لا تقهر) في خيال العرب فقط.. لكنها حمل وديع.. فضحه حزب الله في حرب تموز 2006.
الأحد، 28 ديسمبر 2008
28 ديسمبر 2008 - الغضب الساطع ..أت
الغضب الساطع .. آت ..!!
نفذت اسرائيل صباح امس أعنف هجوم لها على قطاع غزة.. ضربت (40) موقعاً امنياً وعسكرياً في نفس اللحظة.. لتخلف وراءها أكثر
من مائتي شهيد وضعفهم من الجرحي.. واعتبرت اسرائيل أنها مجرد (افتتاحية) ستمضي بمزيد من التدمير.. بينما اتهمت الفصائل الفلسطينية بعض الدول العربية بأنها (قبلت) فكرة الضربة.. وإزاحة حماس عن السلطة بالقوة العسكرية الاسرائيلية..
رغم أن الخبر كان صاعقاً للعالمين العربي والاسلامي.. إلا أن مؤشراته كانت سافرة مكشوفة.. عندما انتهت فترة التهدئة يوم الخميس الماضي ..أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر أنه أطلق يد الجيش للإطاحة بحكم حماس..
ولا جديد في الموقف العربي.. انهمرت الإدانات والشجب من كل حدب وصوب.. ودعوة عاجلة لإجتماع وزاري للعرب في الجامعة العربية.. غالباً سيخرج بـ(تأييد) للشعب الفلسطيني .. بينما تمضي الطائرات والدبابات الإسرائيلية في سحق أهالي قطاع غزة..
رغم أن إسرائيل نفست عن غضبها بهذه الضربة.. ورغم أنها تبدو – ظاهرياً- منتصرة .. إلا أن أي عاقل راشد يرى غباء وغيبوبة التصرف الإسرائيلي.. صحيح قتلت إسرائيل مئات من الشهداء.. لكنها منحت القضية الفلسطينية جذوة جديدة.. وبعد أن ضجرت الشعوب العربية والإسلامية من يوميات الخلافات الفلسطينية.. والعبث السياسي الدائر بين فتح وحماس.. إذ بإسرائيل تطلق صواريخها على السبات العربي وتوقظ الشعور القديم.. إحساس القضية الأول الذي أطفأته سنوات الركود والإنحطاط الهمة.. كل ضربة من مثل هذه تعيد قضية فلسطين إلى مكانها في الضمير العربي والإسلامي.. وتمنحها فترة صلاحية جديدة تسير بها سنوات قادمة.. تماما كالشعلة الأولمبية.. تمتد من جيل إلى جيل بمثل هذه الحماقات الإسرائيلية..
كل نقطة تنزف.. تحملها شاشات الفضائيات إلى أكثر من مليار مسلم في العالم.. تمنح الأجيال القادمة شهادة هوية وانتماء للقضية.. فلا تنمحي من أذهان الأطفال والشباب فيولد معها جيل جديد يمضي بها إلى أجيال قادمة..
لا يهم كم استشهدوا.. لكن الأهم كم ضمير استيقظ وانتبه.. قضية فلسطين لن تحل اليوم أو غداً.. هي إستراتيجية طويلة الأنفاس.. شرط استمرارها أن تغضب إسرائيل كل مرة فتذكر العرب أن الذي أمامهم لا يمكن أن يكون صديقاً.. مهما تنمقت الإتفاقيات..وأن اللغة الوحيدة التي يمكن لاسرئيل أن تفهمها هي اللغة التي تحاور بها معها حزب الله في لبنان.. فكانت النتيجة أن أطلقت له الأسرى .. وأطاحت بقيادات الجيش ورئيس الوزراء نفسه..
بقدر هدير القوة الذي تظهر به اسرائيل في مثل هذه الملمات.. حينما تضرب شعب غزة الأعزل.. فهي دولة ضعيفة للغاية لم تستطع هزيمة مليشيا حزب الله دعك عن جيش دولة نظامي..
من حسن حظ العرب أن اسرائيل تصر على ألا تخبو القضية.. مهما تكاثر فوقها الرماد..
نفذت اسرائيل صباح امس أعنف هجوم لها على قطاع غزة.. ضربت (40) موقعاً امنياً وعسكرياً في نفس اللحظة.. لتخلف وراءها أكثر
من مائتي شهيد وضعفهم من الجرحي.. واعتبرت اسرائيل أنها مجرد (افتتاحية) ستمضي بمزيد من التدمير.. بينما اتهمت الفصائل الفلسطينية بعض الدول العربية بأنها (قبلت) فكرة الضربة.. وإزاحة حماس عن السلطة بالقوة العسكرية الاسرائيلية..
رغم أن الخبر كان صاعقاً للعالمين العربي والاسلامي.. إلا أن مؤشراته كانت سافرة مكشوفة.. عندما انتهت فترة التهدئة يوم الخميس الماضي ..أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر أنه أطلق يد الجيش للإطاحة بحكم حماس..
ولا جديد في الموقف العربي.. انهمرت الإدانات والشجب من كل حدب وصوب.. ودعوة عاجلة لإجتماع وزاري للعرب في الجامعة العربية.. غالباً سيخرج بـ(تأييد) للشعب الفلسطيني .. بينما تمضي الطائرات والدبابات الإسرائيلية في سحق أهالي قطاع غزة..
رغم أن إسرائيل نفست عن غضبها بهذه الضربة.. ورغم أنها تبدو – ظاهرياً- منتصرة .. إلا أن أي عاقل راشد يرى غباء وغيبوبة التصرف الإسرائيلي.. صحيح قتلت إسرائيل مئات من الشهداء.. لكنها منحت القضية الفلسطينية جذوة جديدة.. وبعد أن ضجرت الشعوب العربية والإسلامية من يوميات الخلافات الفلسطينية.. والعبث السياسي الدائر بين فتح وحماس.. إذ بإسرائيل تطلق صواريخها على السبات العربي وتوقظ الشعور القديم.. إحساس القضية الأول الذي أطفأته سنوات الركود والإنحطاط الهمة.. كل ضربة من مثل هذه تعيد قضية فلسطين إلى مكانها في الضمير العربي والإسلامي.. وتمنحها فترة صلاحية جديدة تسير بها سنوات قادمة.. تماما كالشعلة الأولمبية.. تمتد من جيل إلى جيل بمثل هذه الحماقات الإسرائيلية..
كل نقطة تنزف.. تحملها شاشات الفضائيات إلى أكثر من مليار مسلم في العالم.. تمنح الأجيال القادمة شهادة هوية وانتماء للقضية.. فلا تنمحي من أذهان الأطفال والشباب فيولد معها جيل جديد يمضي بها إلى أجيال قادمة..
لا يهم كم استشهدوا.. لكن الأهم كم ضمير استيقظ وانتبه.. قضية فلسطين لن تحل اليوم أو غداً.. هي إستراتيجية طويلة الأنفاس.. شرط استمرارها أن تغضب إسرائيل كل مرة فتذكر العرب أن الذي أمامهم لا يمكن أن يكون صديقاً.. مهما تنمقت الإتفاقيات..وأن اللغة الوحيدة التي يمكن لاسرئيل أن تفهمها هي اللغة التي تحاور بها معها حزب الله في لبنان.. فكانت النتيجة أن أطلقت له الأسرى .. وأطاحت بقيادات الجيش ورئيس الوزراء نفسه..
بقدر هدير القوة الذي تظهر به اسرائيل في مثل هذه الملمات.. حينما تضرب شعب غزة الأعزل.. فهي دولة ضعيفة للغاية لم تستطع هزيمة مليشيا حزب الله دعك عن جيش دولة نظامي..
من حسن حظ العرب أن اسرائيل تصر على ألا تخبو القضية.. مهما تكاثر فوقها الرماد..
السبت، 27 ديسمبر 2008
27 ديسمبر 2008 - في انتظار العام الجديد
في انتظار العام الجديد..!!
مع بداية العد التنازلي لبداية العام 2009 تبدو الصورة السياسية شاحبة لدرجة الإغماق.. فالمتوقع مع بدايات الأيام الأولى للعام الجديد.. إن لم يكن قبل بدايته.. أن تعلن المحكمة الجنائية الدولية قرارها المرتقب بالموافقة على مذكرة الإتهام التي قدمها المدعي الدولي أوكامبو.. وهي الخطوة التي لا يعرف أحد ما سيحدث بعدها..
لكن أوكامبو ليس آت وحده.. فالأزمة المالية العالمية دخلت بلادنا عبر بوابة البترول.. الذي انحدرت أسعاره الى أعلى بقليل عن نصف الرقم المحدد في موازنة الدولة للعام 2009.. بما يعني أن الموازنة انهارت قبل أن تبدأ.. لتعمل وفق التدابير الإستثنائية التي تخرجها من كونها خطة وبرنامج لإدارة الدولة إلى خطة لإدارة الأزمة.. خاصة أن الموازنة كانت أصلا معالجة بحقن وريدي من بنود استثنائية..
وعلى خلفية مشهد العام تسعة.. أيضا ملامح فشل مؤتمر الدوحة قبل أن يبدأ.. وتأجيل حريق دارفور لأجل غير مسمى.. طالما أن الحركات وحتى قبيل غروب شمس العام ثمانية لا تزال تتحدث عن عمليات وتهديدات عسكرية في مناطق خارج جغرافية دارفور.
ولكن كل ذلك كوم.. وكوم آخر شبح اضمحلال فرص عقد الإنتخابات العامة.. فهي ليست مجرد عملية روتينية يمكن تأجيلها أو حتى تناسيها.. لأنها من صميم ترتيبات المرحلة الإنتقالية الحتمية.. فإذا تعسر (أو تعذر) قيامها.. بأي سبب.. فذلك يعني أن المتبقي من عمر الإنتقالية هو للمزيد من الإنهيار السياسي الذي قد يفض إتفاقية السلام الشامل فيبتر الجزء الجنوبي من الوطن..
وليست المشكلة في مبدأ أن ينفصل الجنوب لكن في الكارثة الأكبر أن يتم هذا الإنفصال بسيناريو سقوط الإتفاقية.. ففرق كبير بين أن ينفصل الجنوب بترتيبات انفصالية هادئة حسب إتفاق السلام.. وبين دق عنق الإتفاقية في سقوط عشوائي.. فيحدث الإنفصال عنوة بضغط الأمر الواقع..
من قراءة سهلة للتصريحات والخطاب العام المبثوث في الأثير السياسي.. لا يحتاج الأمر الى بطل لاكتشاف ان كواليس المشهد السياسي متأزمة إلى آخر مدى.. وأن الحال كنعامة أغلقت عينيها لكي لا ترى ما أمامها.. فالأحزاب تحول قادتها الى محللين سياسيين يتحدثون عن قضايا السودان وكأنهم في فنزويلا.. ويتحركون خطوة إلى الأمام وثلاث للخلف.. وكأن أسهل منها أن يتحركوا خطوتين للخلف فهو ليس مجرد تخلف.. بل تعقيد للتخلف..
عموما يناير القادم باذن الله.. شهر التبدلات والتحولات الكبرى.. ففيه يتحدد
نهائياً هل ستقام الإنتخابات أو تؤجل أو تنسى..!!
مع بداية العد التنازلي لبداية العام 2009 تبدو الصورة السياسية شاحبة لدرجة الإغماق.. فالمتوقع مع بدايات الأيام الأولى للعام الجديد.. إن لم يكن قبل بدايته.. أن تعلن المحكمة الجنائية الدولية قرارها المرتقب بالموافقة على مذكرة الإتهام التي قدمها المدعي الدولي أوكامبو.. وهي الخطوة التي لا يعرف أحد ما سيحدث بعدها..
لكن أوكامبو ليس آت وحده.. فالأزمة المالية العالمية دخلت بلادنا عبر بوابة البترول.. الذي انحدرت أسعاره الى أعلى بقليل عن نصف الرقم المحدد في موازنة الدولة للعام 2009.. بما يعني أن الموازنة انهارت قبل أن تبدأ.. لتعمل وفق التدابير الإستثنائية التي تخرجها من كونها خطة وبرنامج لإدارة الدولة إلى خطة لإدارة الأزمة.. خاصة أن الموازنة كانت أصلا معالجة بحقن وريدي من بنود استثنائية..
وعلى خلفية مشهد العام تسعة.. أيضا ملامح فشل مؤتمر الدوحة قبل أن يبدأ.. وتأجيل حريق دارفور لأجل غير مسمى.. طالما أن الحركات وحتى قبيل غروب شمس العام ثمانية لا تزال تتحدث عن عمليات وتهديدات عسكرية في مناطق خارج جغرافية دارفور.
ولكن كل ذلك كوم.. وكوم آخر شبح اضمحلال فرص عقد الإنتخابات العامة.. فهي ليست مجرد عملية روتينية يمكن تأجيلها أو حتى تناسيها.. لأنها من صميم ترتيبات المرحلة الإنتقالية الحتمية.. فإذا تعسر (أو تعذر) قيامها.. بأي سبب.. فذلك يعني أن المتبقي من عمر الإنتقالية هو للمزيد من الإنهيار السياسي الذي قد يفض إتفاقية السلام الشامل فيبتر الجزء الجنوبي من الوطن..
وليست المشكلة في مبدأ أن ينفصل الجنوب لكن في الكارثة الأكبر أن يتم هذا الإنفصال بسيناريو سقوط الإتفاقية.. ففرق كبير بين أن ينفصل الجنوب بترتيبات انفصالية هادئة حسب إتفاق السلام.. وبين دق عنق الإتفاقية في سقوط عشوائي.. فيحدث الإنفصال عنوة بضغط الأمر الواقع..
من قراءة سهلة للتصريحات والخطاب العام المبثوث في الأثير السياسي.. لا يحتاج الأمر الى بطل لاكتشاف ان كواليس المشهد السياسي متأزمة إلى آخر مدى.. وأن الحال كنعامة أغلقت عينيها لكي لا ترى ما أمامها.. فالأحزاب تحول قادتها الى محللين سياسيين يتحدثون عن قضايا السودان وكأنهم في فنزويلا.. ويتحركون خطوة إلى الأمام وثلاث للخلف.. وكأن أسهل منها أن يتحركوا خطوتين للخلف فهو ليس مجرد تخلف.. بل تعقيد للتخلف..
عموما يناير القادم باذن الله.. شهر التبدلات والتحولات الكبرى.. ففيه يتحدد
نهائياً هل ستقام الإنتخابات أو تؤجل أو تنسى..!!
الجمعة، 26 ديسمبر 2008
26 ديسمبر 2008 - جبر .. وكسر خواطر
جبر .. وكسر خواطر ..!!
لأول مرة في التاريخ ..تجبر خاطرنا.. وتكسر خاطر موظفي الحكومة.. أمانة مجلس الوزراء بقرارها أمس الغاء عطلة رأس السنة الهجرية.. بعد أن أُتخم شعب السودان بالعطلات في شهر ديسمبر هذا الممحوق..
القرار – طبعاً – أرضى الغالبية الكاسحة من أبناء الشعب الذين لا يعملون في دواوين الحكومة .. لكنهم يتكسبون من طاحونة الحياة الدائرة.. والتي تتعطل كثيراً بسبب تعطل الدولة في العطلات..
وحيث أن الموظفين أصلا يتمتعون بعطلة أسبوعية إضافية كل يوم سبت.. فقد تحول (ديسمبرهم) هذا العام إلى شهر منزوع البركة تماماً.. فبعد عشرة أيام بالتمام و الكمال عطلة عيد الأضحى المبارك.. جاءت عطلة عيد الميلاد المجيد يوم الخميس لتتمدد حتى الأحد بإعتبار أن السبت عطلة أسبوعية .. وكان المفترض أن تستمر العطلة حتى الإثنين .. احتفاء برأس السنة الهجرية (والسودان الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي كله التي تتعطل بمناسبة رأس السنة الهجرية).. ثم يأتي الخميس القادم بعطلة عيد الإستقلال لتمتد حتى الأحد..
أنا أقدر شعور موظفي الحكومة الذين ربما أغضبهم – جداً – قرار أمانة مجلس الوزراء .. واعتبروا القرار تعدياً صريحاً على حقهم في العطلة.. وأدرك أن موظفي الحكومة (لو الوُد ودهم) أن تستبدل عطلة يوم السبت الأسبوعية .. فيكون يوم السبت عملاً وبقية أيام الأسبوع عطلة..وبدلا من أن يقال (عطلة نهاية الاسبوع) .. يصبح (عمل نهاية الأسبوع..).. وأماني موظفي الحكومة تتفق مع الدراسات العديدة التي أجريت على ساعات العمل الرسمية واتضح ان الموظف في الحكومة عندنا يعمل في اليوم الواحد (22) دقيقة فقط. فطالما الحال كذلك .. فالأوجب جمع كل هذه الـ(22) دقيقة ليؤديها الموظف في يوم واحد .. هو يوم السبت من كل أسبوع.. ويرتاح من عناء العمل بقية أيام الأسبوع..
لكن المشكلة أن حياة الشعب خارج دواوين الحكومة ترتبط باستمرار دواوين الحكومة في العمل.. مثلا .. ستات الشاي..اللاتي يملأن فراغ موظفي الحكومة قبل ملء أكوابهم بالشاي والقهوة والحلبة.. وغاسلو السيارات.. الذين يغسلون أساطيل السيارات الحكومية وشبه الحكومية.. وأصحاب وعمال الكفتريات التي يشتري منها موظفو الحكومة الفطور لملأ الفراغ قبل ملء البطون.. ثم أصحاب حافلات المواصلات العامة..الذين يحملون موظفي الحكومة (من غير أصحاب الترحيل الجماعي) في رحلتي الذهاب والاياب..
على كل حال.. على رأي المثل السوداني (جري وطيران لا يجتمعان).. لا يمكن لشعب أن يتطلع لرفاه الحال من ثقب باب التعطل والخمول.. والتعطل هنا لا أقصد به مجرد عطلات الحكومة الكثيرة.. فتلك عطلات لموظفين أصلا عاطلون عن العمل.. لكني أقصد به أداء العمل بروح الأجير المغصوب الخاطر.. الذي يعمل على قدر العين التي تراقبه.. فإن غفلت أو غفت.. غفل وغفى..
الذي يعدكم اصلاح الحال .. بغير اصلاح الخدمة المدنية.. كاذب.. ومحتال (كمان)..!!
لأول مرة في التاريخ ..تجبر خاطرنا.. وتكسر خاطر موظفي الحكومة.. أمانة مجلس الوزراء بقرارها أمس الغاء عطلة رأس السنة الهجرية.. بعد أن أُتخم شعب السودان بالعطلات في شهر ديسمبر هذا الممحوق..
القرار – طبعاً – أرضى الغالبية الكاسحة من أبناء الشعب الذين لا يعملون في دواوين الحكومة .. لكنهم يتكسبون من طاحونة الحياة الدائرة.. والتي تتعطل كثيراً بسبب تعطل الدولة في العطلات..
وحيث أن الموظفين أصلا يتمتعون بعطلة أسبوعية إضافية كل يوم سبت.. فقد تحول (ديسمبرهم) هذا العام إلى شهر منزوع البركة تماماً.. فبعد عشرة أيام بالتمام و الكمال عطلة عيد الأضحى المبارك.. جاءت عطلة عيد الميلاد المجيد يوم الخميس لتتمدد حتى الأحد بإعتبار أن السبت عطلة أسبوعية .. وكان المفترض أن تستمر العطلة حتى الإثنين .. احتفاء برأس السنة الهجرية (والسودان الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي كله التي تتعطل بمناسبة رأس السنة الهجرية).. ثم يأتي الخميس القادم بعطلة عيد الإستقلال لتمتد حتى الأحد..
أنا أقدر شعور موظفي الحكومة الذين ربما أغضبهم – جداً – قرار أمانة مجلس الوزراء .. واعتبروا القرار تعدياً صريحاً على حقهم في العطلة.. وأدرك أن موظفي الحكومة (لو الوُد ودهم) أن تستبدل عطلة يوم السبت الأسبوعية .. فيكون يوم السبت عملاً وبقية أيام الأسبوع عطلة..وبدلا من أن يقال (عطلة نهاية الاسبوع) .. يصبح (عمل نهاية الأسبوع..).. وأماني موظفي الحكومة تتفق مع الدراسات العديدة التي أجريت على ساعات العمل الرسمية واتضح ان الموظف في الحكومة عندنا يعمل في اليوم الواحد (22) دقيقة فقط. فطالما الحال كذلك .. فالأوجب جمع كل هذه الـ(22) دقيقة ليؤديها الموظف في يوم واحد .. هو يوم السبت من كل أسبوع.. ويرتاح من عناء العمل بقية أيام الأسبوع..
لكن المشكلة أن حياة الشعب خارج دواوين الحكومة ترتبط باستمرار دواوين الحكومة في العمل.. مثلا .. ستات الشاي..اللاتي يملأن فراغ موظفي الحكومة قبل ملء أكوابهم بالشاي والقهوة والحلبة.. وغاسلو السيارات.. الذين يغسلون أساطيل السيارات الحكومية وشبه الحكومية.. وأصحاب وعمال الكفتريات التي يشتري منها موظفو الحكومة الفطور لملأ الفراغ قبل ملء البطون.. ثم أصحاب حافلات المواصلات العامة..الذين يحملون موظفي الحكومة (من غير أصحاب الترحيل الجماعي) في رحلتي الذهاب والاياب..
على كل حال.. على رأي المثل السوداني (جري وطيران لا يجتمعان).. لا يمكن لشعب أن يتطلع لرفاه الحال من ثقب باب التعطل والخمول.. والتعطل هنا لا أقصد به مجرد عطلات الحكومة الكثيرة.. فتلك عطلات لموظفين أصلا عاطلون عن العمل.. لكني أقصد به أداء العمل بروح الأجير المغصوب الخاطر.. الذي يعمل على قدر العين التي تراقبه.. فإن غفلت أو غفت.. غفل وغفى..
الذي يعدكم اصلاح الحال .. بغير اصلاح الخدمة المدنية.. كاذب.. ومحتال (كمان)..!!
الأربعاء، 24 ديسمبر 2008
24 ديسمبر 2008 - اتصالات الجنوب ..!!
اتصالات الجنوب..!!
في حديثه للصحفيين أمس – في برج الفاتح – قال الفريق الفاتح عروة العضو المنتدب لشركة زين للاتصالات.. أن لدى الشركة رغبة – مسنودة بعزيمة مالية وفنية قوية - لتمديد شبكة إتصالاتها في جنوب السودان.. وتوصيل خطوط الألياف الضوئية إلى مدن الإقليم وقراه.. وفي مايشبه التحدي قال الفاتح عروة أن زين هي الأكثر مالاً وخبرة والأقدر على الوصول إلى كل النقاط المستهدفة في الجنوب في أقل زمن ممكن..
النظرية التي بنى عليها الفاتح عروة تطلعه لبناء شبكة إتصالات في الجنوب.. رغم الضباب الحاجب للرؤية في الفترة القادمة.. التي ستشهد تقرير المصير بفرصتين متساويتين للوحدة والإنفصال.. تقوم على مبدأ أن الإستثمار في قطاع الإتصالات لم يعد محكوماً بالحدود الجغرافية.. بدليل أن شركة (زين) استحدثت ما أطلقت عليه (الشبكة الواحدة) فأصبح ممكناً الإتصال عبر مجموعة من الدولة بنفس قيمة المحادثة المحلية..
و في عالم الإتصالات الحديثة اليوم.. لم يعد معضلة أن تمدد الشبكة في الجنوب في حال بقائه (إقليم جنوب السودان) أو تحوله إلى (دولة تقع جنوب السودان).. فشبكة إتصالات زين ممتدة إلى يوغندا وكينيا ودول أخرى كلها مستقلة ولها علم ومقعد في الأمم المتحدة.
وفي تقديري أن مثل هذا الفهم سديد.. و فيه بُعد استراتيجي.. فالتعامل مع قضية تقرير المصير على أنها حاجز كبير وضخم يجب إنتظاره كإنتظار النطق بالحكم في قضية عقوبتها الإعدام.. يوقف عجلة الزمن والتنمية ويرهنها لموعد لا يجب أن يؤجل الحياة للشعب في الجنوب أو الشمال..
وكسب حساسية عالية في قضية تقرير المصير و جعلها ميقاتاً لميلاد أو ممات.. هو الذي يضعف الوحدة ويجعلها خياراً جاذباً للتفاصل وليس مجرد الانفصال.. لكن التعامل الطبيعي بين شطري الوطن خلال الفترة الإنتقالية الحالية.. والمضي قدماً في التنمية دون الإطراق لإحتمالات الإنفصال.. سلوك في حد ذاته يُفرغ قضية (وحدة/انفصال) من توترها وحساسياتها المفرطة .. ويجعل التفكير فيها مبنياً على منطق البحث عن الأفضل للشعبين.. بدلاً من الحال الماثل أمامنا الذي يبدو فيه خيار الإنفصال في نظر غالبية الجنوبيين نوعاً من العقوبة ضد الشمال أكثر منه تقريراً لمصير الجنوب..
فليت حكومة الجنوب تزيل العقبات التي تسمح لشركات الاتصالات في شمال السودان الإنتشار في قرى ومدن الجنوب لأن المستهدف هناك هو (الإنسان).. خاصة في المناطق التي بفعل تخلف شبكات الطرق جعلت المسافات بعيدة حتى ولو كانت قريبة.. وانتشار الإتصالات في الجنوب ليس مجرد ثرثرة على الهواء.. هو ترميم لنسيج العلاقات الإجتماعية التي ربما أثرت عليها سنوات الحروب..و علاوة على أنه مصدر دخل جديد للمواطنين في الجنوب.. فهو أيضاُ تغيير لنمط الحياة السائدة في قرى الجنوب..يؤثر كثيراً على وعي المواطن ويجعله أكثر تفاعلا مع محيطه الأكبر في جنوب السودان كله أو في الوطن الأكبر أو حتى على المستوى الدولي..
من الضروري للجنوب.. بغض النظر عن مصيره في الإستفتاء أن يبني شبكة إتصالات حديثة مترامية الأطراف في كل قراه قبل مدنه ..
في حديثه للصحفيين أمس – في برج الفاتح – قال الفريق الفاتح عروة العضو المنتدب لشركة زين للاتصالات.. أن لدى الشركة رغبة – مسنودة بعزيمة مالية وفنية قوية - لتمديد شبكة إتصالاتها في جنوب السودان.. وتوصيل خطوط الألياف الضوئية إلى مدن الإقليم وقراه.. وفي مايشبه التحدي قال الفاتح عروة أن زين هي الأكثر مالاً وخبرة والأقدر على الوصول إلى كل النقاط المستهدفة في الجنوب في أقل زمن ممكن..
النظرية التي بنى عليها الفاتح عروة تطلعه لبناء شبكة إتصالات في الجنوب.. رغم الضباب الحاجب للرؤية في الفترة القادمة.. التي ستشهد تقرير المصير بفرصتين متساويتين للوحدة والإنفصال.. تقوم على مبدأ أن الإستثمار في قطاع الإتصالات لم يعد محكوماً بالحدود الجغرافية.. بدليل أن شركة (زين) استحدثت ما أطلقت عليه (الشبكة الواحدة) فأصبح ممكناً الإتصال عبر مجموعة من الدولة بنفس قيمة المحادثة المحلية..
و في عالم الإتصالات الحديثة اليوم.. لم يعد معضلة أن تمدد الشبكة في الجنوب في حال بقائه (إقليم جنوب السودان) أو تحوله إلى (دولة تقع جنوب السودان).. فشبكة إتصالات زين ممتدة إلى يوغندا وكينيا ودول أخرى كلها مستقلة ولها علم ومقعد في الأمم المتحدة.
وفي تقديري أن مثل هذا الفهم سديد.. و فيه بُعد استراتيجي.. فالتعامل مع قضية تقرير المصير على أنها حاجز كبير وضخم يجب إنتظاره كإنتظار النطق بالحكم في قضية عقوبتها الإعدام.. يوقف عجلة الزمن والتنمية ويرهنها لموعد لا يجب أن يؤجل الحياة للشعب في الجنوب أو الشمال..
وكسب حساسية عالية في قضية تقرير المصير و جعلها ميقاتاً لميلاد أو ممات.. هو الذي يضعف الوحدة ويجعلها خياراً جاذباً للتفاصل وليس مجرد الانفصال.. لكن التعامل الطبيعي بين شطري الوطن خلال الفترة الإنتقالية الحالية.. والمضي قدماً في التنمية دون الإطراق لإحتمالات الإنفصال.. سلوك في حد ذاته يُفرغ قضية (وحدة/انفصال) من توترها وحساسياتها المفرطة .. ويجعل التفكير فيها مبنياً على منطق البحث عن الأفضل للشعبين.. بدلاً من الحال الماثل أمامنا الذي يبدو فيه خيار الإنفصال في نظر غالبية الجنوبيين نوعاً من العقوبة ضد الشمال أكثر منه تقريراً لمصير الجنوب..
فليت حكومة الجنوب تزيل العقبات التي تسمح لشركات الاتصالات في شمال السودان الإنتشار في قرى ومدن الجنوب لأن المستهدف هناك هو (الإنسان).. خاصة في المناطق التي بفعل تخلف شبكات الطرق جعلت المسافات بعيدة حتى ولو كانت قريبة.. وانتشار الإتصالات في الجنوب ليس مجرد ثرثرة على الهواء.. هو ترميم لنسيج العلاقات الإجتماعية التي ربما أثرت عليها سنوات الحروب..و علاوة على أنه مصدر دخل جديد للمواطنين في الجنوب.. فهو أيضاُ تغيير لنمط الحياة السائدة في قرى الجنوب..يؤثر كثيراً على وعي المواطن ويجعله أكثر تفاعلا مع محيطه الأكبر في جنوب السودان كله أو في الوطن الأكبر أو حتى على المستوى الدولي..
من الضروري للجنوب.. بغض النظر عن مصيره في الإستفتاء أن يبني شبكة إتصالات حديثة مترامية الأطراف في كل قراه قبل مدنه ..
الاثنين، 22 ديسمبر 2008
22 ديسمبر 2008 - الحل مع الاستقالة ..!!
الحل.. مع الإستقالة ..!!
لو كنت في مكان د. أزهري التجاني وزير الإرشاد والتوجيه لقدمت استقالتي فوراً.. تقرباً إلى الله وزلفى.. وكفارة لما حدث ويحدث لحجاج بيت الله من السودانيين.. فالذي سمعناه من قصص من القادمين منهم.. والذي لا يزال يجري في جدة للحجاج العالقين هناك يدمي القلب.. ويوجع الضمير..
قلنا مراراً أن الحج والعمرة من شعائر الله وليس الحكومة.. يؤديهما الحاج بكامل رغبته وحريته في السفر براً أو جواً كيفما يشاء وبالخطوط التي تعجبه.. وقلنا أن السفر إلى الحجاز لأداء الفريضة هو ذات السفر إلى أي جهة أخرى..وعدد السودانيين الذين يسافرون إلى القاهرة في الصيف أضعاف حجاج بيت الله فلماذا لا تشرف وزارة السياحة على سفر السياح إلى مصر وتحدد لهم أفواجهم التي إذا تأخروا منها أهدروا قيمة تذاكر السفر.. لماذا السفر هنا غير السفر هناك..
لماذا حجاج بيت الله من دون خلق الله المسافرين بالبحر والجو يتعرضون لمثل هذه المهازل الموجعة.؟؟ يدفعون في تذاكر السفر أعلى من القيمة العادية.. وتنزع منهم كبونات السفر ولا تسلم لهم إلا في المطار،فإما أن (يطير) الحاج في رحلته.. أو (تطير) تذكرته..لأنه لن يتسلم الكبون..و في بعض الأحيان وصل الحال أن أصرت هيئة الحج والعمرة على أن تبيع للحاج ملابس الإحرام وشنطة السفر..
من قال أن من شروط الحج السفر بالناقل الوطني؟؟ لماذا لا يُترك الحاج حراً يختار الطيران الذي يناسبه؟. ويختار وكالة السفر التي تعجبه في السعودية أو السودان.. وتظل العلاقة فردية بينه والوسائط التي يختارها لاكمال حجه..
ما الداعي من الأصل لـ(هيئة الحج والعمرة)..؟؟ هل الحكومة (ناقصة عمل وواجبات).. أليس لديها أولويات متراكمة في كل موقع ومجال.. فلماذا تصر الحكومة على عمل هو من صميم نشاط المجتمع ..
مشكلة واحدة تتكرر كل عام بحذافيرها بل في كل مرة تزداد سوءاً.. وفي هذا العام نال الحجاج (أجراً) لم يكن في الحسبان.. بالعذاب المرير الذي ذاقوه في مطار جدة في إنتظار سفر غير معلوم الميقات.. أما حجاج البحر فلهؤلاء قصة أخرى لم تكتمل فصولها بعد .. فبعد أن بددوا و أنفقوا كل صبرهم في ميناء سواكن قبل سفرهم إلى جدة.. واعتذرت لهم الشركة الناقلة أن بواخرها معطوبة.. ثم بالكاد وصولوا قبل قفل أبواب الحج.. انتظرهم مصير أكثر إيلاماً في العودة.. فعلقوا هناك في جدة حتى لحظة كتابة هذه السطور.. في إنتظار الفرج.. ووزيرنا في كامل عافية ضميره.. مستريح..!!
في مرة سابقة – وقبل موسم الحج - كتبتُ هنا وطالبتُ بحل (هيئة الحج والعمرة).. فعقب على حديثي الدكتور حسن أحمد طه - وهو من هو في موقع المسؤلية والعلم بخفايا الأمور – فقال (يجب قبل حل هيئة الحج والعمرة كشف حساباتها و معرفة أموالها من أين اكتسبتها وفيما أنفقتها ..)
بصراحة الحكومة فهمت الآية خطأ..(ليشهدوا منافع لهم..) فالمقصود منافع للحجاج.. لا للحكومة ..
لو كنت في مكان د. أزهري التجاني وزير الإرشاد والتوجيه لقدمت استقالتي فوراً.. تقرباً إلى الله وزلفى.. وكفارة لما حدث ويحدث لحجاج بيت الله من السودانيين.. فالذي سمعناه من قصص من القادمين منهم.. والذي لا يزال يجري في جدة للحجاج العالقين هناك يدمي القلب.. ويوجع الضمير..
قلنا مراراً أن الحج والعمرة من شعائر الله وليس الحكومة.. يؤديهما الحاج بكامل رغبته وحريته في السفر براً أو جواً كيفما يشاء وبالخطوط التي تعجبه.. وقلنا أن السفر إلى الحجاز لأداء الفريضة هو ذات السفر إلى أي جهة أخرى..وعدد السودانيين الذين يسافرون إلى القاهرة في الصيف أضعاف حجاج بيت الله فلماذا لا تشرف وزارة السياحة على سفر السياح إلى مصر وتحدد لهم أفواجهم التي إذا تأخروا منها أهدروا قيمة تذاكر السفر.. لماذا السفر هنا غير السفر هناك..
لماذا حجاج بيت الله من دون خلق الله المسافرين بالبحر والجو يتعرضون لمثل هذه المهازل الموجعة.؟؟ يدفعون في تذاكر السفر أعلى من القيمة العادية.. وتنزع منهم كبونات السفر ولا تسلم لهم إلا في المطار،فإما أن (يطير) الحاج في رحلته.. أو (تطير) تذكرته..لأنه لن يتسلم الكبون..و في بعض الأحيان وصل الحال أن أصرت هيئة الحج والعمرة على أن تبيع للحاج ملابس الإحرام وشنطة السفر..
من قال أن من شروط الحج السفر بالناقل الوطني؟؟ لماذا لا يُترك الحاج حراً يختار الطيران الذي يناسبه؟. ويختار وكالة السفر التي تعجبه في السعودية أو السودان.. وتظل العلاقة فردية بينه والوسائط التي يختارها لاكمال حجه..
ما الداعي من الأصل لـ(هيئة الحج والعمرة)..؟؟ هل الحكومة (ناقصة عمل وواجبات).. أليس لديها أولويات متراكمة في كل موقع ومجال.. فلماذا تصر الحكومة على عمل هو من صميم نشاط المجتمع ..
مشكلة واحدة تتكرر كل عام بحذافيرها بل في كل مرة تزداد سوءاً.. وفي هذا العام نال الحجاج (أجراً) لم يكن في الحسبان.. بالعذاب المرير الذي ذاقوه في مطار جدة في إنتظار سفر غير معلوم الميقات.. أما حجاج البحر فلهؤلاء قصة أخرى لم تكتمل فصولها بعد .. فبعد أن بددوا و أنفقوا كل صبرهم في ميناء سواكن قبل سفرهم إلى جدة.. واعتذرت لهم الشركة الناقلة أن بواخرها معطوبة.. ثم بالكاد وصولوا قبل قفل أبواب الحج.. انتظرهم مصير أكثر إيلاماً في العودة.. فعلقوا هناك في جدة حتى لحظة كتابة هذه السطور.. في إنتظار الفرج.. ووزيرنا في كامل عافية ضميره.. مستريح..!!
في مرة سابقة – وقبل موسم الحج - كتبتُ هنا وطالبتُ بحل (هيئة الحج والعمرة).. فعقب على حديثي الدكتور حسن أحمد طه - وهو من هو في موقع المسؤلية والعلم بخفايا الأمور – فقال (يجب قبل حل هيئة الحج والعمرة كشف حساباتها و معرفة أموالها من أين اكتسبتها وفيما أنفقتها ..)
بصراحة الحكومة فهمت الآية خطأ..(ليشهدوا منافع لهم..) فالمقصود منافع للحجاج.. لا للحكومة ..
السبت، 20 ديسمبر 2008
20 ديسمبر 2008 - هل لديكم أي أقوال أخرى..!
هل لديكم أي أقوال أخرى ..؟؟
قال السيد الأمام الصادق المهدي في خطبة الجمعة أمس بمسجد الهجرة بودنوباوي..( المطلوب بأعجل ما يكون عقد اجتماع قمة يضم الأمة، الاتحادي، الوطني، الشعبي، الشيوعي، الشعبية، والقوى الجديدة في الغرب والشرق...).. وذلك بعد أن سبقه بالقول أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بلاشك أت بما لا تشتهي السفن.. وأن حزب الأمة رغم أنه شكل لجنة لتدارس الخطة (ب) لما يجب عمله الا أن وحده لا يقدر على مواجهة الأزمة..
وبلا شكل السيد الصادق.. صادق في دعوته لتلك الأحزاب .. وفي تقديره أن المسألة أكبر من حزبه وبقية الأحزاب منفردة .. وأنها في حاجة ماسة لصف وطني متماسك.. يأمل الصادق أن يتحقق من اجتماع زعامات الأحزاب التي أشار اليها في خطبة الجمعة.. ولكن ..
سيدي الصادق.. أما آن لنا أن نعتبر من الماضي وندرك أن معطيات الحالة السودانية تكابد مشكلة سياسية مزمنة لا يجدر معها التفاؤل بمصل هذه اللقاءات الجامعة للأحزاب – ان حدثت - ..
أولا. سيدي الصادق.. اقناع قيادات جميع الأحزاب السودانية للإجتماع تحت سقف حجرة واحدة أمر أسهل منه اقناع أوكامبو أن يرفع سيفه عن رقبة السودان..
ثانياً.. أن تحققت أعجوبة (الخل الوفي) واجتمعوا تحت سقف واحد.. فيجدر بنا أن ننتظر معجزة أخرى وهي أن يتفقوا ليس على بيان مشترك أو خلاصة واحدة..بل على مجرد أجندة الاجتماع ..
ثالثا.. وأن اتفقوا على الأجندة ثم المضمون وخلصوا الى النهايات السعيدة التي ينتظرها الشعب.. ونثروا الدرر في بيانهم الختامي وتعانقوا وبكوا في اليوم الختامي وهم يتلون للشعب البيان الختامي .. ثم أقسموا عليه وتعاهدوا على العمل به.. فإن الوطن يكون قد دخل مباشرة الى حالة (الأكذوبة الكبرى)..
ليس في تاريخنا السياسي – يا سيدي الصادق – حالة اعتداد بالمواثيق المكتوبة، بل في يقيني أن منهج التفكير السياسي عندنا يقوم على أن (الشطارة) السياسية والحزبية تبنى دائماً على أنقاض الإتفاقات المهدرة.. وحتى لا أظلم الساسة فالعقلية السودانية دائماً لا تقيم وزنا ثقيلا للمكتوب من العهود.. وتستطبن أن غاية الاتفاق هو الوصول الى مرحلة كتابة المتفق عليه.. لا تنفيذه والالتزام به.. والبرهان على ذلك مسلسل الاتفاقات الحزبية أو السياسية الأخرى التي توقع في كل حلقات تاريخنا.. أين هي وكيف سارت حتى ماتت في المهد صبيا.. وآخرهم.. اتفاق التراضي الوطني.. الذي لم يتلاشي من الأثير صدى الأحتفال الكبير به في بيت الصادق المهدي.. أين ذهب التراضي.. ومجموعة (المصافيف).. واين.. وأين.. وأين..
إذن لماذا – سيد الصادق – نعيد اكتشاف العجلة.. لماذا نجرب المجرب.. لماذا ندعو الأحزاب للاجتماع ونحن نعلم أنها لا تتجتمع على صعيد واحد.. ولماذا ندعوها للاتفاق ونحن نعلم أنها لا تتفق.. واذا اتفقت لا تلتزم..
سيدي الصادق .. هل لديكم أى حلول أخرى.. قبل أن يقول التاريخ (انتهى الزمن..)..!!
قال السيد الأمام الصادق المهدي في خطبة الجمعة أمس بمسجد الهجرة بودنوباوي..( المطلوب بأعجل ما يكون عقد اجتماع قمة يضم الأمة، الاتحادي، الوطني، الشعبي، الشيوعي، الشعبية، والقوى الجديدة في الغرب والشرق...).. وذلك بعد أن سبقه بالقول أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بلاشك أت بما لا تشتهي السفن.. وأن حزب الأمة رغم أنه شكل لجنة لتدارس الخطة (ب) لما يجب عمله الا أن وحده لا يقدر على مواجهة الأزمة..
وبلا شكل السيد الصادق.. صادق في دعوته لتلك الأحزاب .. وفي تقديره أن المسألة أكبر من حزبه وبقية الأحزاب منفردة .. وأنها في حاجة ماسة لصف وطني متماسك.. يأمل الصادق أن يتحقق من اجتماع زعامات الأحزاب التي أشار اليها في خطبة الجمعة.. ولكن ..
سيدي الصادق.. أما آن لنا أن نعتبر من الماضي وندرك أن معطيات الحالة السودانية تكابد مشكلة سياسية مزمنة لا يجدر معها التفاؤل بمصل هذه اللقاءات الجامعة للأحزاب – ان حدثت - ..
أولا. سيدي الصادق.. اقناع قيادات جميع الأحزاب السودانية للإجتماع تحت سقف حجرة واحدة أمر أسهل منه اقناع أوكامبو أن يرفع سيفه عن رقبة السودان..
ثانياً.. أن تحققت أعجوبة (الخل الوفي) واجتمعوا تحت سقف واحد.. فيجدر بنا أن ننتظر معجزة أخرى وهي أن يتفقوا ليس على بيان مشترك أو خلاصة واحدة..بل على مجرد أجندة الاجتماع ..
ثالثا.. وأن اتفقوا على الأجندة ثم المضمون وخلصوا الى النهايات السعيدة التي ينتظرها الشعب.. ونثروا الدرر في بيانهم الختامي وتعانقوا وبكوا في اليوم الختامي وهم يتلون للشعب البيان الختامي .. ثم أقسموا عليه وتعاهدوا على العمل به.. فإن الوطن يكون قد دخل مباشرة الى حالة (الأكذوبة الكبرى)..
ليس في تاريخنا السياسي – يا سيدي الصادق – حالة اعتداد بالمواثيق المكتوبة، بل في يقيني أن منهج التفكير السياسي عندنا يقوم على أن (الشطارة) السياسية والحزبية تبنى دائماً على أنقاض الإتفاقات المهدرة.. وحتى لا أظلم الساسة فالعقلية السودانية دائماً لا تقيم وزنا ثقيلا للمكتوب من العهود.. وتستطبن أن غاية الاتفاق هو الوصول الى مرحلة كتابة المتفق عليه.. لا تنفيذه والالتزام به.. والبرهان على ذلك مسلسل الاتفاقات الحزبية أو السياسية الأخرى التي توقع في كل حلقات تاريخنا.. أين هي وكيف سارت حتى ماتت في المهد صبيا.. وآخرهم.. اتفاق التراضي الوطني.. الذي لم يتلاشي من الأثير صدى الأحتفال الكبير به في بيت الصادق المهدي.. أين ذهب التراضي.. ومجموعة (المصافيف).. واين.. وأين.. وأين..
إذن لماذا – سيد الصادق – نعيد اكتشاف العجلة.. لماذا نجرب المجرب.. لماذا ندعو الأحزاب للاجتماع ونحن نعلم أنها لا تتجتمع على صعيد واحد.. ولماذا ندعوها للاتفاق ونحن نعلم أنها لا تتفق.. واذا اتفقت لا تلتزم..
سيدي الصادق .. هل لديكم أى حلول أخرى.. قبل أن يقول التاريخ (انتهى الزمن..)..!!
الجمعة، 19 ديسمبر 2008
19 ديسمبر 2008 - متحف الزعيم ..!!
متحف الزعيم ..!!
ليت فاعل خير.. يقنع أسرة السيد الزعيم اسماعيل الأزهري.. أن توافق على إخلاء منزله وتحويله الى (متحف الزعيم الأزهري) .. والمحافة عليه بشكله الراهن .. مع وضع جميع مقتنيات الأزهري في نفس الأماكن التي كانت عليها أيام حياته..
مثلا حجرة نومه.. ومكتبه الذي كان يعمل أو يقرأ عليه في المنزل.. بعض ملابسه إن وجدت..أطقم البدل والأحذية.. ومتعلقاته الأخرى.. ومكتبته .. مع الصور التي لابد أنها موجود في الحفظ والصون في قسم التصوير في المقر " السابق" لوزارة الإعلام.. مقر وزار ة الثقافة حاليا.. لوحة تاريخية متكاملة تضيء فترة حياة الزعيم الأزهري والتاريخ الذي عاصره..
لا ألعم لماذا نطمس فترات مهمة من تاريخنا وندعها تتسرب من بين أيدينا بهذه العفوية.. أخوننا المصريين في شمال الوداي برعوا في نحت تاريخهم على جدران الوطن.. ليس التاريخ البعيد فحسب الذي صانه لهم الفراعنة في الاهرامات و أبي الهول وغيرها.. بل حتى التاريخ المار قريباً منا.. مثلا فيلا أمير الشعراء أحمد شوقي.. والتي أطلق عليها شوقي (كرمة ابن هانيء) .. تحولت بعد مماته الى متحف يضم مقتنيات شاعرنا الكبير وصوره وذكرياته.. يرى الزائر فيها حجرة نومه والأمكان التي كان يجلس فيها لحظات اعتصار رحيق الشعر من عبقرية الخيال..
وفيلا أم كلثوم كوكب الشرق.. تحولت الى (متحف أم كلثوم) رغم أنها توفيت عام 1974 ..بعد الزعيم الأزهري الذي توفي عام 1969.. فأصدرت الحكومة – أنئذ- بيانا بهاتا خجولا ينعي فيه (المواطن اسماعيل الأزهري..) وقال عن سيرته الذاتية أنه كان معلما للرياضيات.. كأنما اغماض العين يدفن التاريخ..
ليس مقصودا من مثل هذا التمجيد.. تقديس المشاهير .. بل حفظ التاريخ وتحديد العلامات الثابتة فيه.. فرجل مثل أحمد شوقي لم يكن مجرد مواطن مصري يقرض الشعر.. هو ومضة من التاريخ من الغباء أن يترك ضياؤها يضمحل مع تراكم السنين.. فكم مرة في التاريخ يهب الله الأمم أحمد شوقي أو أبي الطيب المتنبي .. أو حافظ ابراهيم.. أو التجاني يوسف بشير .. أو أبي القاسم الشابي.. أو عبد الله الطيب.. أو عثمان حسين.. أو فتح الرحمن البشير..
إذا وافقت أسرة الزعيم الأزهري على تحويل منزله الى (متحف الزعيم الأزهري).. تكون وهبت ذاكرة الأمة السودانية – خاصة للأجيال الوليدة أو الاقدمة – فرصة أن تمتد روح الأزهري اليهم فيعيشوا معه حياته ويتسلهموا تاريخ الوطن من مسيرة حياته..
وعملياً.. يجدر بالدولة أن تمنح الحكومة أسرة الأزهري منزلا خيراً منه (مادياً وليس أدبياً).. في موقع مميز يعوضهم عن الدار التي أخلوها.. فيربح الوطن كنزا تاريخيا يصبح مزار وقبلة السياح والمواطنين.. وتربح أسرة الأزهري مقاما أفضل ..
أتمنى أن توافق أسرة الأزهري على الفكرة ..ولا تنسوا أن اليوم هو التاريخ الذي أعلن فيه الأزهري الاستقلال من داخل البرلمان!!
ليت فاعل خير.. يقنع أسرة السيد الزعيم اسماعيل الأزهري.. أن توافق على إخلاء منزله وتحويله الى (متحف الزعيم الأزهري) .. والمحافة عليه بشكله الراهن .. مع وضع جميع مقتنيات الأزهري في نفس الأماكن التي كانت عليها أيام حياته..
مثلا حجرة نومه.. ومكتبه الذي كان يعمل أو يقرأ عليه في المنزل.. بعض ملابسه إن وجدت..أطقم البدل والأحذية.. ومتعلقاته الأخرى.. ومكتبته .. مع الصور التي لابد أنها موجود في الحفظ والصون في قسم التصوير في المقر " السابق" لوزارة الإعلام.. مقر وزار ة الثقافة حاليا.. لوحة تاريخية متكاملة تضيء فترة حياة الزعيم الأزهري والتاريخ الذي عاصره..
لا ألعم لماذا نطمس فترات مهمة من تاريخنا وندعها تتسرب من بين أيدينا بهذه العفوية.. أخوننا المصريين في شمال الوداي برعوا في نحت تاريخهم على جدران الوطن.. ليس التاريخ البعيد فحسب الذي صانه لهم الفراعنة في الاهرامات و أبي الهول وغيرها.. بل حتى التاريخ المار قريباً منا.. مثلا فيلا أمير الشعراء أحمد شوقي.. والتي أطلق عليها شوقي (كرمة ابن هانيء) .. تحولت بعد مماته الى متحف يضم مقتنيات شاعرنا الكبير وصوره وذكرياته.. يرى الزائر فيها حجرة نومه والأمكان التي كان يجلس فيها لحظات اعتصار رحيق الشعر من عبقرية الخيال..
وفيلا أم كلثوم كوكب الشرق.. تحولت الى (متحف أم كلثوم) رغم أنها توفيت عام 1974 ..بعد الزعيم الأزهري الذي توفي عام 1969.. فأصدرت الحكومة – أنئذ- بيانا بهاتا خجولا ينعي فيه (المواطن اسماعيل الأزهري..) وقال عن سيرته الذاتية أنه كان معلما للرياضيات.. كأنما اغماض العين يدفن التاريخ..
ليس مقصودا من مثل هذا التمجيد.. تقديس المشاهير .. بل حفظ التاريخ وتحديد العلامات الثابتة فيه.. فرجل مثل أحمد شوقي لم يكن مجرد مواطن مصري يقرض الشعر.. هو ومضة من التاريخ من الغباء أن يترك ضياؤها يضمحل مع تراكم السنين.. فكم مرة في التاريخ يهب الله الأمم أحمد شوقي أو أبي الطيب المتنبي .. أو حافظ ابراهيم.. أو التجاني يوسف بشير .. أو أبي القاسم الشابي.. أو عبد الله الطيب.. أو عثمان حسين.. أو فتح الرحمن البشير..
إذا وافقت أسرة الزعيم الأزهري على تحويل منزله الى (متحف الزعيم الأزهري).. تكون وهبت ذاكرة الأمة السودانية – خاصة للأجيال الوليدة أو الاقدمة – فرصة أن تمتد روح الأزهري اليهم فيعيشوا معه حياته ويتسلهموا تاريخ الوطن من مسيرة حياته..
وعملياً.. يجدر بالدولة أن تمنح الحكومة أسرة الأزهري منزلا خيراً منه (مادياً وليس أدبياً).. في موقع مميز يعوضهم عن الدار التي أخلوها.. فيربح الوطن كنزا تاريخيا يصبح مزار وقبلة السياح والمواطنين.. وتربح أسرة الأزهري مقاما أفضل ..
أتمنى أن توافق أسرة الأزهري على الفكرة ..ولا تنسوا أن اليوم هو التاريخ الذي أعلن فيه الأزهري الاستقلال من داخل البرلمان!!
الخميس، 18 ديسمبر 2008
18 ديسمبر 2008 ديوان المراجعة الاختيارية
ديوان المراجعة (الاختيارية!) ..
لا أجد في نفسي – إطلاقاً- أي حرص للتعليق على تقارير المراجع العام التي تحتفي بها عناوين الأخبار بعد كل تقرير يقدمه الى المجلس الوطني.. ولا أذكر أن سبق لي التعليق على تقارير المراجع العام.. أتدرون ما السبب .. حسناً أرجوكم تقبلوه بسعة صدر..!
مامعنى تقارير المراجع العام؟ نظرياً تعني أن جهة محايدة مستقلة عن الجهاز التنفيذي تولت نيابة عن الشعب مراجعة حسابات الأموال العامة.. لترفع تقريرها إلى المجلس النيابي – نيابة عن الشعب – فالشعب هو مالك البلاد وأصولها ومن حقه الإطمئنان الى وضع ممتلكاته والمحافظة عليها..
لكن .. ويا ويح (لواكن) هذه البلاد .. هل ديوان المراجعة القومية جهة محايدة مستقلة ؟؟ وهل يقوم – فعلاً- نيابة عن الشعب بمراجعة الأموال العامة ؟؟ وعلى هذا .. هل تقاريره تعكس الحقيقة.. أم (ماتيسر!!) من الحقيقة..
الإجابة على هذه الأسئلة – بكل حزن وأسى – تجعل الإستماع لتقارير المراجع والتعويل عليها في القياس.. قياس مدى صون المال العام .. ضرباً من الرهق (غير الخلاق) .. والدليل على ذلك بسيط وسهل.. فعندما يقول تقرير المراجع العام أن (37) وحدة حكومية لم تقدم حساباتها لخمس سنوات متتالية.. وأن (96) لم تقدم حساباتها هذا العام .. يصبح السؤال العفوي الساذج.. وإذن ديوان مراجعة على ماذا ؟؟ على من قبل بالمراجعة..!!
لربما كانت الأموال التي تحت يد هذه الـ(37) وحدة حكومية هي (90%) من مال الشعب.. فيصبح تقديم تقرير عن الـ(10%) التي أمكن الوصول اليها ومراجعتها هو محض تضليل.. لأن المال الأغلب لا يزال في عراء الشك.. ويستحق الديوان بذلك أن يسمى (ديوان المراجعة الاختيارية!)..
القضية في تقديري ليست في (ديوان المراجعة القومية) .. فهو ليس شذوذا في قاعدة مرعبة تجتاح الهياكل الرسمية.. نحن نعاني من حالة (إهدار المرجعيات).. أن تصفع المرجعيات صفعاً.. فتصبح في النهاية مجرد وجه آخر .. للوجه الأول..
هناك خلل في منهج تفكير الدولة.. مربط الفرس فيه إصرار البعض على أن تدار مؤسسات الدولة بـ(الرموت كنترول) من نقطة مركزية واحدة.. تتعدد المؤسسات لكنها تظل شيئا واحداً يدار بعقل واحد.. عقل واحد يدير الإعلام والمال والمراجعة والبرلمان والحزب والحركة.. والذين يقفون على رأس هذه القطاعات لا يمثلون الا (الحارس) .. الذي يضمن أن لا تدخل إلى القطاع أو المؤسسة الا مشيئة العقل الواحد.. الآمر الناهي ..
ماذا يضر أو يفيد.. أن يقدم المراجع العام تقريره أو لا يقدمه ؟ ماذا يفيد أن يقول أن حجم (الإعتداء!) على المال العام ترليون جنيه.. أو (صفر) .. ماذا يفيد أو يضر أن يقول أن حجم الإختلاسات زاد أو نقص؟ ماذا يفيد أو يضر أن يقول أن المال في الحفظ والصون ولم يسرق منه قرش واحد ..
طالما أن ديوان المراجعة لا يراجع.. حتى ولو راجع ..!!
لا أجد في نفسي – إطلاقاً- أي حرص للتعليق على تقارير المراجع العام التي تحتفي بها عناوين الأخبار بعد كل تقرير يقدمه الى المجلس الوطني.. ولا أذكر أن سبق لي التعليق على تقارير المراجع العام.. أتدرون ما السبب .. حسناً أرجوكم تقبلوه بسعة صدر..!
مامعنى تقارير المراجع العام؟ نظرياً تعني أن جهة محايدة مستقلة عن الجهاز التنفيذي تولت نيابة عن الشعب مراجعة حسابات الأموال العامة.. لترفع تقريرها إلى المجلس النيابي – نيابة عن الشعب – فالشعب هو مالك البلاد وأصولها ومن حقه الإطمئنان الى وضع ممتلكاته والمحافظة عليها..
لكن .. ويا ويح (لواكن) هذه البلاد .. هل ديوان المراجعة القومية جهة محايدة مستقلة ؟؟ وهل يقوم – فعلاً- نيابة عن الشعب بمراجعة الأموال العامة ؟؟ وعلى هذا .. هل تقاريره تعكس الحقيقة.. أم (ماتيسر!!) من الحقيقة..
الإجابة على هذه الأسئلة – بكل حزن وأسى – تجعل الإستماع لتقارير المراجع والتعويل عليها في القياس.. قياس مدى صون المال العام .. ضرباً من الرهق (غير الخلاق) .. والدليل على ذلك بسيط وسهل.. فعندما يقول تقرير المراجع العام أن (37) وحدة حكومية لم تقدم حساباتها لخمس سنوات متتالية.. وأن (96) لم تقدم حساباتها هذا العام .. يصبح السؤال العفوي الساذج.. وإذن ديوان مراجعة على ماذا ؟؟ على من قبل بالمراجعة..!!
لربما كانت الأموال التي تحت يد هذه الـ(37) وحدة حكومية هي (90%) من مال الشعب.. فيصبح تقديم تقرير عن الـ(10%) التي أمكن الوصول اليها ومراجعتها هو محض تضليل.. لأن المال الأغلب لا يزال في عراء الشك.. ويستحق الديوان بذلك أن يسمى (ديوان المراجعة الاختيارية!)..
القضية في تقديري ليست في (ديوان المراجعة القومية) .. فهو ليس شذوذا في قاعدة مرعبة تجتاح الهياكل الرسمية.. نحن نعاني من حالة (إهدار المرجعيات).. أن تصفع المرجعيات صفعاً.. فتصبح في النهاية مجرد وجه آخر .. للوجه الأول..
هناك خلل في منهج تفكير الدولة.. مربط الفرس فيه إصرار البعض على أن تدار مؤسسات الدولة بـ(الرموت كنترول) من نقطة مركزية واحدة.. تتعدد المؤسسات لكنها تظل شيئا واحداً يدار بعقل واحد.. عقل واحد يدير الإعلام والمال والمراجعة والبرلمان والحزب والحركة.. والذين يقفون على رأس هذه القطاعات لا يمثلون الا (الحارس) .. الذي يضمن أن لا تدخل إلى القطاع أو المؤسسة الا مشيئة العقل الواحد.. الآمر الناهي ..
ماذا يضر أو يفيد.. أن يقدم المراجع العام تقريره أو لا يقدمه ؟ ماذا يفيد أن يقول أن حجم (الإعتداء!) على المال العام ترليون جنيه.. أو (صفر) .. ماذا يفيد أو يضر أن يقول أن حجم الإختلاسات زاد أو نقص؟ ماذا يفيد أو يضر أن يقول أن المال في الحفظ والصون ولم يسرق منه قرش واحد ..
طالما أن ديوان المراجعة لا يراجع.. حتى ولو راجع ..!!
الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008
16 ديسمبر 2008 - الكتابة بـ(الجزمة)..!!
الكتابة.. بـ(الجزمة) ..!!
مساء أمس تسامعت بخبر الصحفي العراقي الذي قذف بحذائه في وجه جورج بوش الرئيس الأمريكي .. فسارعت حوالى العاشرة مساء الى شاشة تلفزيون السودان لرؤية الحدث.. مرت الأخبار المحلية مطاطة الى أن انتهت.. ثم بدأت الأخبار الخارجية بمظاهرات حماس في غزة .. وبعدها – أظن – خبر آخر .. ثم أخيراً جاء ذكر زيارة بوش للعراق.. ومضى الخبر حتى انتهى ولم أر حذاءاً يُقذف ولا يحزنون.. فقلت لعل الخبر مجرد اشاعة ..
لحسن الحظ اتصل بي هاتفياً الأستاذ الطاهر المرضي مراسل الجزيرة في الخرطوم.. ولفت نظري لمتابعة (الحصاد) في قناة الجزيرة.. فتحولت إلى شاشة الجزيرة فكانت الصورة المهنية مختلفة تماماً.. الجزيرة اعتبرت "الحذاء" هو الخبر.. على سياق القاعدة الذهبية (الخبر، ليس أن يعض الكلب الرجل.. بل أن يعض الرجل الكلب..) فليس الخبر أن يعقد الرئيس بوش مؤتمراً صحافياً أو أن يزور العراق .. فهذه هي المرة الرابعة التي يزوره فيها.. لكن كم مرة قُذُف بالحذاء.. هنا كان الخبر الذي أفردت له الجزيرة صدارة نشرتها واستقصت المحللين في واشنطون لإبداء رأيهم في الواقعة ثم استنطقت مراسلها في بغداد ليحكي لها خلفيات ما وراء صورة الحدث.. وختمت الخبر بعرض السيرة الذاتية للصحفي العراقي منتظر الزيدي..
ثم أدرت مؤشر الراديو إلى إذاعة البي بي سي العربية.. خبر "الحذاء" كان الرئيسي.. بل ولكونها إذاعة لا تملك الصورة .. قدمت مقطعا صوتياً للحدث.. وظلت تكرر الخبر في نشراتها التالية حتى نهار اليوم التالي ..
في صباح اليوم التالي .. أمس.. كانت الصحف السودانية ترسم لوحة تتفاوت فيها المهنية.. أو فلنقل تبدو فيها المدارس الصحفية المختلفة.. حوالي أربع صحف – من بينها السوداني – وضعت الخبر في رأس صفحتها الاولى.. كلها اختارت مفردة (الحذاء).. بينما انفردت الزميلة الأحداث بمفردة (الجزمة) .. وطبعا الأخير أوقع من حيث الإشارة القوية لمعنى التعبير الذي قصده الصحافي العراقي..
الصحفي العراقي منتظر الزيدي مراسل قناة البغدادية العراقية التي تبث من القاهرة..نجح في بث الرسالة الإعلامية التي خطط لها بكل ذكاء.. فهو بالتأكيد لم يكن يقصد الإيذاء البدني..بل كان المطلوب حصد روؤس الأخبار ولفت الإنتباه للمعني الذي يريده.. ليقول للعالم أن الرئيس بوش بعد كل الحيثيات التي قدمها لحرب العراق.. والتي اعتذر عنها بعد خمس سنوات.. لم يكن ليستحق إلا مثل هذا التقدير (الحذائي) .. وبينما كان الرئيس بوش ينوي انهاء عهده بهذه الزيارة ليرسم لوحة تقديرية لنفسه.. قلب الصحفي العراقي المشهد تماماً.. ومسح الجدوى الأدبية للزيارة..
في تقديري أن المشهد كله يصلح للتحليل الأكاديمي في كليات الإعلام.. ما مدى التأثير الإعلامي لو كتب هذا الصحفي العراقي مائة مقال يلعن فيه بوش وحرب العراق.. مقارنة بتأثير المقال الذي كتبه بالحذاء وليس بالقلم.. بعبارة أخرى.. أيهما أكثر تأثيرا الحدث المنتج للرسالة الإعلامية .. أم الرسالة الإعلامية المنتجة للحدث؟
الاثنين، 15 ديسمبر 2008
15 ديسمبر 2008 - طالب بحقك .. (لويل كودو) ..!!
طالب بحقك (لويل كودو) ..!!
تفاعل الشرطة دائما سريع مع ما يثار عنها في الصحافة.. ونهار أمس تفضل العقيد أبوعبيدة العراقي مدير المكتب الصحفي للشرطة بالاتصال بي للمشاركة في مداخلة مباشرة على الهواء في اذاعة الشرطة الجديدة (على الموجة 99.6 اف ام).. لمناقشة ما كتبته هنا أمس عن مسلك بعض منسوبي شرطة المرور في نزع لوحات سيارات المواطنين.. وكان الضيوف في الاستديو اللواء خميس ميان دوت مدير الادارة العامة لشرطة المرور واللواء حسن الأمين النور مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات..
اللواء خميس مدير المرور أكد بكل حسم أنه لا يجوز اطلاقا لأى ضابط أو صف أو جندي شرطة نزع لوحات سيارات المواطنين .. كما لا يجوز حجز رخصة القيادة.. وقال أن كل من يفعل ذلك يرتكب مخالفة صريحة للقانون.. ولمساعدة المواطنين في التعامل مع أى مسلك فردي يمكن الاتصال فورا بالرقم (777777) وهو رقم شرطة المرور ..
وحتى لا تتكرر شكاوى المواطنين، فقد أكد ايضا اللواء حسن الأمين أن هناك أكثر من (45) صندوقا للشاكوى في مقار الشرطة والمحليات .. لا تفتح هذه الصناديق الا بواسطة قيادة الشرطة .. ويمكن لاى مواطن الإطمئنان أن شكواه ستصل الى الجهة المعنية وتتخذ بشأنها الاجراءات المناسبة..
وعليه بناء على حديث سعادة اللواء خميس.. فالأمر أكثر من واضح وسهل .. اذا تعرضت في الطريق العام لحالة نزاع لوحات سيارتك.. أو محاولة لحجز رخصة القيادة ما عليك الا الاتصال فورا بالرقم (ستة سبعات) .. وتحديد الموقع الذي تعرضت فيه لهذا المسلك واسم من قام به..وهو رقم سهل لا يحتاج الى تدوينه في ورقة.. اذ يمكن للذاكرة التقاطه وتثبيته من أول نظرة.. وحري طبعا بكل مواطن أن يدرك حقوقه وأن يصر على التمتع به كاملة ..
قلت للواء خميس أتوقع في اليوم الأول أن تنهمر عليكم اتصالات المواطنين ..لكني على يقين أنها ستبدأ سريعا في الإنحسار .. وبعد بضعة أيام .. ستنتهي المخالفات تماما وتسود الثقة عند المواطن أن شرطته تتعامل بكل مؤسسية و لديها من الآليات والوسائل ما يحجب غوائل المسلك الفردي المخالف للقانون..
وللحقيقة.. يبهرني اهتمام الشرطة الكبير بالصلات الطيبة مع المجتمع.. يشهد على ذلك أنها – وبكل فخر – تملك أفضل مكتب صحفي في الدولة على الإطلاق.. وهذا ليس من باب المجاملة أو المبالغة لكن كل الأوساط الإعلامية تدرك فعالية النشاط الإعلامي للشرطة والذي يتكلل بافتتاح اذاعة الشرطة يوم 18 ديسمبر الجاري..
الآن الأمر بأكمله في ذمتك الشخصية.. على رأي صديقنا (قير تور) الكاتب بهذه الصحيفة .. والذي اطلق على عموده (لويل كودو) .. وقال أنها بلغة الدينكا وتعني (طالب بحقك) .. فيا أخي طالب يحقك.. ولاتسمح بنزع لوحة سيارتك أو حجز رخصة القيادة.. القانون والشرطة معك..!!
حجب عن النشر بواسطة الرقابة .. معركة الوطني ..أم الوطن
معركة الوطني .. أم الوطن ..!!
يبدو أن الغرفة الإبتدائية في المحكمة الجنائية الدولية بـ(لاهاي).. اتخذت قرارها بالموافقة على إصدار مذكرة التوقيف بحق المشير الركن عمر البشير رئيس الجمهورية.. والمتبقي من الزمن هو مجرد تدابير الإخراج.. و (تليين) ردود الفعل المتوقعة، بتمديد حالة الترقب والتوقع لإمتصاص الصدمة..وليس منتظراً من المحكمة في خانة "الفعل" أكثر من صدور المذكرة.. وتبقى المشكلة في ردود الأفعال المتوقعة ..
داخلياً.. وعلى لسان الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية قال أن الإجراء لا يؤثر على وضع الرئيس إلا في الإتجاه الداعم للتعاطف الشعبي.. وتوقع أن يرفع القرار من فرص فوز البشير بدورة رئاسية قادمة.. و يرى أن حظر السفر للخارج ليس مشكلة في حق الرئاسة وضرب مثلاً بكثير من الرؤساء والملوك الذين لم يُعهد فيهم الخروج من أوطانهم إلا لماماً..
لكن ليس بالضرورة أن تكون رؤية نائب الرئيس صائبة.. فالواقع أن صدور القرار يؤثر بشكل كبير على الحملة الإنتخابية للرئيس البشير.. إذ لا يمكن افتراض أن قيادة البلاد في الولاية القادمة يمكن أن تكون في وضع معزول دولياً.. فهي المرحلة التي ستشهد الإستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان.. وهو إجراء دولي ضمنته الدول الكبرى التي كانت راعية لاتفاق السلام الشامل وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا والنرويج وسويسرا..
وإذا سلمنا برؤية نائب الرئيس في الجانب الرسمي، فإن هناك حسابات أخرى تتصل بالجانب "غير الرسمي".. في مسارين.. الأول الأحزاب بشقيها الموالي والمعارض.. هناك ما يشبه حالة الترصد.. في إنتظار معطيات ما بعد القرار ليرى كل حزب في أى اتجاه تدفعه الرياح.. وبعض الأحزاب موقفها في العلن يلعن موقفها في السر.. ففي ضميرها أن كل ما يضعف الحكومة يقويها.. و إجراءات المحكمة الجنائية بلاشك اضعاف للحكومة وحزبها المتحكم في السلطة..
والمسار الثاني هو المتعلق بالشعب .. وخلافاً لما تظن الحكومة فإن الجهد السياسي الذي قام به حزب المؤتمر لم يكن كافياً البتة لتحقيق إجماع وطني مصادم لقرار الجنائية الدولية.. بل على النقيض تماماً ربما كان التيار الشعبي الـ(لا) مبالي مضافاً إليه "الشامت" أكبر من التيار المناصر للحكومة .. وتُسئل الحكومة وحزبها من هذا الموقف الشعبي.. فهو نتاج طبيعي للإستعلاء السياسي وغرور القوة والإستهانة بالعقل الجماهيري لصالح فرضية الإستمالة المصنوعة بالنفوذ والمال.
ويصبح الوضع واضحاً كالشمس، لا يمكن للحكومة اللجوء – كالعادة – لتسيير المظاهرات وتجييش المواكب لأن مثل هذا الإجراء اُسُتنفذ في المرة الأولى عندما أعلن أوكامبو عن طلب مذكرة التوقيف.. وحتى لو لجأت اليه الحكومة فسيكون تحصيلا لحاصل بافتراض أن الأطراف الدولية تدرك أن مثل هذه المظاهرات لا تعكس الرأى الشعبي الحقيقي..
و يبقى السؤال الذي يشكل مفتاح الحل أو الأزمة – بعد صدور قرار التوقيف – هل للمؤتمر الوطني الحاكم خطة للتعامل مع الوضع الناتج أم أن موازنات الأجنحة بداخله حولت التفكير كله في اتجاه حسابات الربح والخسارة لكل جناح.. على حساب الآخر..أغلب الظن.. أن المعركة القادمة هي داخل أسوار الوطني.. لا الوطن..!!
الأحد، 14 ديسمبر 2008
14 ديسمبر 2008 - اقتراح لمدير الشرطة ..!!
اقتراح لمدير الشرطة ..!!
لا يمكن ترك هذه المشكلة يتجرعها الشعب دون وجيع يمنع استمرارها .. فرغم أنني كتبت هنا كثيرا عن بعض الإجراءات – غير القانونية – التي تمارسها شرطة المرور الا أن الأمر لم يجرح خاطر أحد.. فقد اتصل بي أمس بعض المواطنين يشكون من نزع لوحات سياراتهم في الطريق العام.. وهي شكوى أكاد أسمعها يوميا عبر الهاتف من المواطنين في مختلف أنحاء العاصمة بل وخارجها..
وسبق لي هنا أن أكدت إقرار السيد المدير العام لشرطة المرور السابق والأسبق أيضاً بأن (نزع لوحات السيارة) في الطريق العام إجراء غير قانوني .. إلا أن الحال يبقى كما هو.. طالما أن المواجهة في نهاية الأمر في الشارع العام بعيدا عن الرقابة ولا يجد المواطن غير الازعان للأمر الواقع..
بل أن المدير العام السابق اللواء أحمد إمام التهامي ذكر لي أن نزع لوحة السيارة يشكل تهديدا أمنياً لأن السيارة لا يمكن تحريكها بعد ذلك من مكانها، وتصبح عرضة للسرقة أو الاستخدام بواسطة عصابات اجرامية.
ورغم أنني كتبت ذلك كثيراً إلا أن شكاوى المواطنين تظل كما هي ..وفي أحيان نادرة ينجح بعض المواطنين في تثبيت حقهم باصرارهم على تطبيق القانون.. وأذكر في إحدى هذه الحالات اتصل بي مواطن قال أنه ترك سيارته لحاجة ثم عاد فوجد لوحاتها منزوعة.. فطلبت منه أن يبحث في الشارع عن من نزعها وينبهه الى أن ذلك خارق حارق للقانون.. وفعلا وجد من نزع اللوحة وتحدثت معه عبر هاتف المواطن .. فاستجاب وأرجع اللوحات..
لحل هذه المشكلة المزمنة..أتقدم باقتراح للسيد الفريق أول محمد نجيب مدير عام قوات الشرطة.. على غرار ما يفعل جهاز الأمن الوطني والمخابرات .. أن يفتح مكتباً لتلقى شكاوى الجمهور.. وأن ينشر للجمهور رقم هاتف ساخن يسمح للمواطن أن يتصل مباشرة بمكتب الشكاوي فور تعرضه لأى أمر يستوجب الشكوى..
سيرفع مثل هذا السلوك من يقين وثقة المواطن في شرطته.. ويدرك أن أي ممارسة خادشة هي مجرد اجتهاد فردي لا مسلك مؤسسي.. مثلا مواطن تعرض لنزع لوحات سيارته في الطريق العام.. كل ماعليه الاتصال فوراً برقم الشكاوي الذي يتبع مباشرة لمكتب السيد المدير العام .. ويدون المكتب الشكوى والشخص الذي قدمت ضده الشكوى.. وتجري بعد ذلك الاجراءات الادارية العادية للتعامل مع الواقعة.. ثم يفاد المواطن صاحب الشكوى بما رست عليه الإجراءات..
ربما تكثر الشكاوى في الاسبوع الأول.. لكنها حتما تكاد تتوقف كلياً في الاسبوع العاشر .. عندما يدرك كل مواطن أنه في حرز القانون محمي بالقانون..
هيبة القانون من احترام الجميع له.. لا من خوفهم منه ..!!
السبت، 13 ديسمبر 2008
13 ديسمبر 2008 -عليهو ومن العوض ..!
(عليهو.. ومنو العوض ..)..!!
في النشرة الرئيسية.. الساعة العاشرة مساء ليلة الخميس أمس الأول.. قدم تلفزيون السودان نموذجاً يستحق أن يدَّرس لطلاب كليات الإعلام.. تحت عنوان (كيف تهدر أموال الشعب في إعلام فاشل)..!!
بدأت النشرة بخبر عن وصول أول فوج من الحجاج السودانيين من الأراضي المقدسة بعد أداء الحج.. لأكثر من ثلث الساعة.. وهو زمن غال جدا في قيم الإعلام الإحترافي.. كانت الكاميرا تستنطق الحجاج فردا فردا.. (ياحاجة دي أول مرة تحجي فيها ..) يفرك المشاهد عينيه ليتحرى هل هي نشرة الأخبار أم برنامج (مراسي الغربة) .. المهم.. بعد أن أكملت الكاميرا الحجاج.. اختارت منهم (الحاجة أمل) .. ورافقتها إلى منزلها.. ووثقت لحظات استقبال اسرتها لها كلهم فردا فردا.. وسألتهم عن شعورهم بعودة الحاجة.. ثم انتظرت لحظات تقديم الحلوى وتبادل التهاني مع الجيران.. حتى خشيتُ أن تنتظر الكاميرا ذبح الخروف وتقديم الشواء.. ولم ينته الدرس الأول لطلاب الإعلام..
كانت المفاجأة في الخبر التالي له.. قيادات الشرطة تستقبل طائرة الهيلوكوبتر التي أنقذت التائهين في الطريق بين وادي حلفا وأبوحمد.. هنا تجلت (الخبرة!!) الإعلامية في أبهى صورها الموجبة لتدريسها نموذجا للاعلام الفاشل..الخبرالقنبلة الذي هو أقرب الى كرة في (خط ستة) بين قدمي مهاجم والمرمى خال تماما.. ومع ذلك يطيح بها فوق (العارضة)..
تنظر كاميرا التلفزيون لوهلة في وجه أحد الناجين ثم سرعان ما تهرب منهم الى قيادات الشرطة و وزير الداخلية لتعرض لنا صورهم وهو يستقبلون الناجين.. ثم وهم يصرحون عن الإنجاز الكبير.. ثم ترجع الى أحد الناجين .. لا ليحكي القصة ولكن ليضخ مزيدا من الحديث عن (الإنجاز والإعجاز) وتلتقط الكاميرا والمايكرفون كل انطباعاتهم عن الشرطة التي أنقذتهم دون أن تسألهم كيف أصلا تاهوا وقصة الرعب قبل أن يلتقطهم أبطال الشرطة والجيش والأمن..
الذي يرى الخبر في التلفزيون يظن أن هؤلاء الشباب تاهوا في المنطقة بين حلة كوكو والحاج يوسف.. وأن الفريق أول محمد نجيب أرسل لهم سيارة وجدتهم عند (القنطرة) فجاءت بهم للكاميرا.. أهدر التلفزيون تماما قيمة البطولة التي قام بها رجالنا في الشرطة والجيش والأمن ..الذين كانوا يبحثون لعدة أيام عن أبرة في كومة قش الصحراء المرعبة الفتاكة.. في سباق مع الزمن.. إما يخطفهم الموت أو تخطفهم يد قواتنا النظامية فكانت هي الأسرع .. فأنقذتهم..
الصورة الرائعة لأجهزة الشرطة والجيش والأمن وهي تنخرط بكل شراسة في عملية بحث شاقة عن مجموعة من المواطنين العاديين .. فتجعل منهم (VIP's) ولا تنام قيادات الأجهزة حتى تعثر عليهم .. هذه الصورة الرائعة طمسها تماما الإعلام العاطل عن الابداع.. الذي صور احتفاء الاستقبال دون أن يلتقط بذكاء القصة.. ويجذب أنفاس المشاهدين ليروى لهم كيف كانت العملية فدائية من الطراز الفريد..
علة الإعلام الرسمي أنه (يظن!) أن الإمعان في عرض صور القيادات وكبار المسئولين يرضيهم وكفى.. فتكون النتيجة على النقيض..
على العموم نيابة عن الشعب .. شكرا جديرا لقوات الشرطة والجيش والأمن.. و(عليهو العوض ومنو العوض) في الإعلام الذي أهدر أموالنا قبل أن يهدر بطولتكم الرائعة ..
الجمعة، 12 ديسمبر 2008
12 ديسمبر 2008 .. اليوم خمر.. وغداً أمر ..!!
اليوم خمر.. وغداً أمر ..!!
نقلت وكالة (رويترز) أمس خبرا مدهشاً.. أن حكومة جنوب السودان دشنت مصنعاً لإنتاج البيرة .. بكلفة (37) مليون دولار.. وفي الحفل الذي أقامته الشركة المالكة للمصنع قال السيد سامسون كواجي وزير الزارعة بحكومة الجنوب (إننا الآن لا نشرب الكحول فحسب.. بل نصنعه.. وفي ذلك اختبار لنظام وطن واحد بنظامين..)
وفي نفس الحفل قال مدير شركة (ساب ميلر) صاحبة الامتياز أنهم أدركوا الجدوى العالية لاقامة المصنع في جوبا بعد أن رأوا أرقام الاستهلاك الكبيرة للبيرة المستوردة من يوغندا..
صحيح اتفاق السلام الشامل يمنح حكومة الجنوب الحق في استحداث النظم والقوانين التي قد تتناقض مع نظيرتها في الشمال.. وهذا ما أطلق عليه وطن واحد بنظامين.. لكن في المقابل سيكون محبطاً لكل السودانيين في الشمال أو الجنوب أن تضع حكومة الجنوب إنتاج البيرة في صدارة أولوياتها لشعبها في الجنوب الذي حتى اللحظة لا يكاد يجد الحد الأدنى من الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وصحة..
والأمر بهذه الحال لن يكون اختباراً لمدى صمود نظام دولة واحدة بنظامين بقدرما هو اختبار حقيقي للحكم الرشيد لحكومة الجنوب.. فالبيرة – بعيداً عن رأي الدين فيها – هي منتج لطبقة مترفة شبعت بطونها وباتت تبحث عن متعة أخرى.. بينما الغالبية الكاسحة لأبناء الجنوب في حاجة ماسة لمطلوبات حيوية لا تقبل التأجيل أو الإنتظار..
بعد ثلاث سنوات من توقيع إتفاق السلام وتوقف الحرب لا زال الجنوب في شقاء شاق..ليس في القرى والأرياف بل حتى في المدن الثلاث الرئيسية.. ولايجد معظم أبناء الجنوب وظائف أو أعمال يتكسبون بها .. ويتجاوز الأطفال سن التعليم دون أن تتوفر لهم المدارس.. والطرق والإتصالات لا تنعم بها إلا – وبصورة محدودة جدا- العاصمة جوبا..
ولو تفرس السيد سامسون كواجي وزير الزراعة في حياة شعبه لأدرك أن (الزراعة) بالتحديد هي أولويات وطن يفيض بالأنهار والموارد الطبيعية.. وكل دولار ينفق فيها يفتح منافذ للكسب والعمل لآلاف من أبناء الجنوب.. ولكن لو تصور (كواجي) أن البيرة ستجعل من الجنوب قبلة سياحية تجذب إليه الباحثين عن الوجه الآخر لـ(وطن بنظامين) .. يكون وضع رجله في أول الطريق المفضي إلى الهاوية.. عندما ينتظر شعب الجنوب .. ثمرات اتفاق السلام.. فلا يجد سوى (مصنع البيرة) .. فيغني لوزير زراعته (وسكبت على الثرى كأسي..)!!
كثيرون يتصورون أن الخطر المحدق بالوطن هو احتمال انفصال الجنوب بعد تقرير المصير في العام 2011..لكن الحقيقة أن الإنفصال أو الوحدة ليستا الا أدوات بحث عن رفاهية الشعوب.. ولا ضير في أي الطريقين سلكت الشعوب.. لكن المصيبة التي لا يمكن للشعوب التعايش معها .. الجوع .. والتخلف.. في وطن واحد أو وطنين..
قريبا ستجد حكومة الجنوب نفسها في مواجهة مريرة ليس مع الشمال ..بل مع شعبها في الجنوب.. عندما يسأل عن مليارات دولارات البترول أين ذهبت.. فأين خطط حكومة الجنوب للاجابة عن هذا السؤال .. المحتم الذي هو آت ..آت ..
الخميس، 11 ديسمبر 2008
11 ديسمبر 2008 - تخريف الإعلام ..!!
تخريف.. و(خرفنة).. الإعلام ..
حتى وكالة السودان للأنباء (سونا) دخلت على الخط.. إذ نشرت خبراً أمس في موقعها الالكتروني نقلته منها بعض الصحف (بكل أسف صحيفتنا السوداني كانت منهم ) .. يحكي عن قصة مواطن في ضاحية قريبة من العاصمة ذبح خروفه يوم العيد فوجد اسم الجلالة مكتوباً عليه.. فتلقى التهاني من الجيران والأهل الذين هبوا سريعا لرؤية (المعجزة!!) وأصر الجميع على التبرك بلحم الخروف.. فأكلوه كله الا موضع الكتابة..!!
ماهو المقصود بمثل هذه القصص ؟ تمتين الايمان في قلوب الناس أم طمسه وتحويله إلى مجرد خرافات وحكاوي تسر السامعين؟ وقد يكون مقبولا أن يتناقل المجتمع مثل هذه القصص في المجالس والملتقيات الاجتماعية ..ويستلذ الخاطر الباحث عن المعجزات في تداولها واجترار تفاصيلها.. لكن أن تتحول حتى أجهزة الإعلام الرسمية لمروج، هنا يصبح الأمر في حاجة ماسة لاستدراك رسمي حصيف..
قبل عام وفي العيد الماضي يذكر الناس قصة (خروف الحلفايه) الذي قيل أن اسم الجلالة مكتوب على ظهره.. لم يكن غريباً بعد ذلك أن تتدفق الجموع من كل حدب وصوب لرؤية المعجزة.. لكن الغريب حينها والمؤلم أن تنتقل كاميرا التلفزيون لتؤكد للضمير الشعبي خرافاته.. فتبث الخبر في النشرة الرئيسية.. ثم لم يمض على القصة ساعات بعد بثها حتى تسابقت عدة أسر أخرى لتعلن أن (خروفها) أيضا حقق معجزة مماثلة.. للدرجة التي حملت فيها صحيفة زميلة على صفحتها الأولى صور أكثر من خروف كلهم يحملون على ظهورهم نفس المعجزة..!
ربما نجد العذر لجهل الناس بخطورة مثل هذه الأقاويل.. لكن كيف نعذر الإعلام الرسمي الذي يفترض أن دافع الضرائب يغدق عليه من حر ماله لترفيع القيم النبيلة لا لتسديد الطعنات للعقيدة والدين في قلوب الناس..
زمان المعجزات في الاسلام ولى وانقضى.. والإيمان بالله لا يجب أن يقوم على قدر مقام التصديق بالمعجزات..ولو سمح الإعلام بتفشي ظاهرة (الخرفان المكتوبة) هذه.. فسيعول الناس في ايمانهم على ما تجود به المعجزات وحينها قد يفتنهم ساحر بحسره اذا استطاع أن يتقن لهم بعض (المعجزات).. على غرار ما حدث قبل عدة سنوات..لو أدرنا الذاكرة قليلاً للوراء .. ذلك الألماني المسيحي الذي جمع الناس في ميدان عام بالخرطوم وطفق يعرض عليهم معجزاته.. والرجل كان يمارس تلك الأعمال تحت لافتة التبشير.. ومع ذلك تدفق عليه حتى المسلمون يطلبون منه البركة..!! بعدما رأوا معجزاته التي عرضها في الميدان العام..
هذا المسلك فيه فتن للناس في عقيدتهم ..وليس أقل من جريمة أن تعمد الأجهزة الرسمية لتجهيل وتسطيح عقيدة المواطن.. فتجعله مسلماً على قدر إيمانه بمعجزة (الحروف) لا (الخروف) الذي خلقه الله فأتقن صنعه.. وأمرنا أن ننظر فيه دقة الصنعة وجلالها ( أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت...)
أليست مثل هذه الأخبار أجدر بـ(الرقابة) .. أم لأنها لا تمس الدولة والسياسة..!!
الأربعاء، 10 ديسمبر 2008
في بيت الصادق المهدي ..!!
في بيت الصادق المهدي
باب البيت.. بيت الصادق المهدي.. دائماً مفتوح.. بعض الرجال من الأنصار يجلسون على ناصيته يحدقون في الداخلين لكن دون أى سؤال.. هذه المرة أشار إلينا أحدهم بالدخول - على غير العادة - الى صالون البيت.. بدلا عن (القطية) الشهيرة في منتصف الحديقة التي اعتاد الصادق أن يلتقي فيها ضيوفه..
في المدخل المؤدي للصالون كان الاستاذ ابرهيم على .. مدير مكتب سيد صادق يجلس على مكتب وامامه أوراق يرتبها.. قال لنا أن الصادق صعد لتوه لينال قسطا من الراحة.. لكنه سيعود اليكم..
عبق الذكريات ..!!
جلسنا في الصالون الفسيح.. في نفس هذا المكان قبل سنوات طويلة وعندما كنت طالباً في السنة الثالثة بكلية الهندسة.. حضرتُ هنا وأجريت حواراً صحفياً لمجلة (الثقافي) التي كنا نصدرها في القاهرة.. لا زالت ذكريات ذلك اليوم في خاطري كأنها كانت أمس..
في ذلك التاريخ .. في الثلث الأول من الثمانينات .. وكان يوم (جمعة) حددنا موعداً مسبقاً مع السيد الصادق المهدي.. أحضرتُ مسجلاً كبيراً ضخماً.. كنتُ أعتقد أن كبر حجم جهاز التسجيل يتناسب مع حجم الذي أحاوره.. كانت أول مرة أقابل الزعيم السياسي الكبير كفاحاً.. لطالما سمعت عنه وتخيلت شكله لكن عندما دخل علينا في الصالون خيل لي أنه أطول مما كنت أتصور.. وأكثر رشاقة ونشاطاً.. كان يلبس جلباباً قصيراً تحته سروال طويل .. الزي التقليدي الموروث للأنصار.. كنت مرتبكاً جداً في محاولة تفهم (بروتكولات) أمثال هؤلاء الزعماء.. هل أخلع الحذاء خارج الصالون كما رأيت غالبية شيوخ الأنصار يفعلون ذلك وهم يدخلون علينا.. ثم يقبلون يده في احترام كبير بصمت وبعض الهمهمات ويخروجن دون تبادل كلمات..!!
عندما رأني الصادق أحمل ورقة في يدي.. أدرك أنها (الأسئلة!) .. مد يده فسلمتها له.. أخرج ورقة وبدأ يكتب.. استمر الحال كهذا لقرابة الساعة.. صمت كامل.. كان ينظر لوهلة إلى السؤال المكتوب ثم يبدأ في تسطير اجابته على الورقة.. وخلال ذلك يقاطعه بعض شيوخ الأنصار الذين يدخلون للسلام عليه ثم يخرجون دون أن ينطقوا بكلمة..
أخيرا التفت لي وأرجع لي ورقة أسئلتي قائلا (شغل المسجل وأبدأ..)
كنت أقرأ السؤال من ورقتي.. فيقرأ هو اجابته من ورقته التي كتبها قبل قليل..الى أن انتهت اسئلتي المكتوبة مسبقا.. ونشرتُ الحوار بعد ذلك في مجلة "الثقافي" ..
استحضرت تلك الذكريات.. وأنا أجلس بعد كل هذه السنوات في ذات الصالون.. ودخل سيد صادق تقريباً من نفس الباب ..وتقريباً بنفس اللبس.. جلباب قصير وسروال طويل.. الزي التقليدي للأنصار..
جلسنا أمام الصادق ثلاثتنا.. محجوب عروة رئيس تحرير صحيفة (السوداني) نور الدين مدني مستشار التحرير.. و شخصي..
ابتدر الصادق حديثه أنه في طريقه اليوم مساءاً إلى بريطانيا ثم الأردن.. ثم أردف..( والله حكاية غريبة.. كل العالم مشغول بالسودان.. والسودان في عطلة لمدة تسعة أيام ..!!) يقصد عطلة عيد الاضحي العجيبة.. فلأول مرة في تاريخ بلادنا تتمدد عطلة العيد لحوالى عشرة أيام كاملة.. وبعدها ستأتي عطلة عيد الكريمساس لثلاثة ايام.. لأنها تبدأ يوم الخميس وتجمع معها السبت وهو عطلة طبيعية.. ثم بعده بأسبوع واحد عطلة عيد الاستقلال لمدة ثلاثة أيام لذات السبب..خميس وجمعة وسبت.. فيضيع أكثر من نصف شهر ديسمبر في العطلات..
قلت له مازحاً.. (لعلهم يتمثلون بقول المتنبي : أنوم ملء جفوني عن شواردها ويسهل الخلق جراءها ويختصم ..)
(الوضع خطير جدا جدا..)!!
كانت تلك ضربة البداية.. ثم مضى الصادق في تفكيك المشهد السياسي ..
(الوضع خطير جدا جدا) .. هذه العبارة كررها السيد الصادق المهدي أكثر من ثلاث مرات خلال جلستنا معه.. ورجل مثل الصادق لا يستخدم تعبير (خطير) بلا حيثيات.. فهو مطلع على الوضع من منظور ما ظهر منه ومابطن..
قال الصادق ( سألتُ الحكومة هل لديكم خطة "ب" .. حسناً حل قضية دارفور هو الخطة "أ" التي نعمل كلنا لأجلها ..لكن ماهي الخطة البديل في حالة تطور الموقف ..)
واصل سيد صادق مرافعته (لنفترض أن مذكرة المدعي الدولي نالت موافقة الغرفة القضائية الإبتدائية.. وصدر قرار توقيف رئيس الجمهورية.. ما العمل ؟)
السؤال الافتراضي في رأي الصادق لم يعد مجرد حالة دراسة نظرية.. بل توقع أقرب إلى الواقع.. فهل ننتظر الواقعة أم نتحسب لها؟
نبرة الصادق فيها خليط من الرجاء واليأس.. رجاء أن تسمعه أذن قبل فوات الأوان ويأس من الأذان التي لا تسمع .. وإذا سمعت لا تعقل.. وإذا عقلت لا تعمل بما عقلت..
قلت لسيد صادق .. دعك من الحكومة.. هل لحزب الأمة خطة "ب".. رد بالإيجاب.. (لكن لا تزال تعكف عليها لجنة خاصة).. سألتُه هل ستعلنوا عنها وتكشفوها للرأى العام رد بالإيجاب..بصراحة إجابته أربكتني قليلاً فحسب علمي المتواضع أن أي خطة "ب" عادة تستمد قوتها وذكاءها من كونها خطة محجوبة عن النظر لأنها تعتمد على مفاجأة الطرف آخر بمسار لم يتحسب له..
في غرفة الإنعاش ..!!
سألته ..أين ذهب اتفاق التراضي الوطني .. رد (في غرفة الإنعاش..)
الإجابة قاطعة وحاسمة.. لكن الصادق ألحقها بمزيد من الحيثيات.. :
( حزب المؤتمر الوطني لا ينظر للإتفاقات إلا في الجانب الذي يرضيه..)
واصل الصادق .. حتى في ملتقى أهل السودان كان واضحاً أنهم يريدون (طبق سَلَطة) يختارون منه ما يناسبهم ويتركون ما لا يحبونه..
إجابته لم تكن صادمة.. لكنها في حاجة ماسة لأسئلة أخرى.. ( إذا كان ملتقى أهل السودان بمثل ما قلتم.. فما هي فرص نجاح مؤتمر الدوحة.. الذي يعتمد على مستخرجات ملتقى أهل السودان ..)
رد الصادق المهدي ( مؤتمر الدوحة في حكم الفاشل قبل أن يبدأ..أنظروا للوحة أمامكم .. د. خليل ابراهيم زعيم العدل والمساواة يريد مفاوضات منفردة.. لأنه يؤمن أنه صار الفصيل الرئيسي.. عبد الواحد محمد نور متشبث – تقريباً - بالرفض.. فمن الذي تبقى ليتفاوض..الحرة الشعبية شريك الحكم الأساسي .. تمسك في يدها بورقتين لحركات دارفور..).. (طُرة .. وكتابة) والتعبير الأخير من عندي .. تريد ان تعالج مع الحكومة قضية دارفور .. وأن تتحالف مع الحركات في ذات الوقت..
جمع الشتات ..!!
أليس في الإمكان جمع الشتات السياسي الموالي والمعارض لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ؟ .. الحزب الاتحادي الديموقراطي مثلا ألا يمكن أن يشكل ثنائية قطبية مع الأمة القومي للعب دور محوري لصالح الوطن لا الحزب ؟
رد الصادق المهدي .. بأنه نصح الميرغني بأن يجعل أولوياته جمع شتات حزبه.. توحيد الحزب الاتحادي.. إجابة الصادق وخزتني!. وهل جمع الصادق شتات حزبه – أيضاً – المبعثر.!
بذات المنهج والكلمات التي يرفض بها مولانا محمد عثمان الميرغني .. التقدم لجمع أطراف حزبه.. يرفض الصادق قبول (المتفلتين) إلا بشروط غالبها تيئيسي..
هل انتهيتم الى "أمين عام" خلف.. للدكتور المرحوم عبد النبي ؟
رد الصادق.. (حالياً .. نائبه الدكتور عبد الرحمن الغالي يقوم بمهام الأمين العام.. لحين اختيار المؤسسات لخلف..).. حسب رؤية الصادق أن منصب الأمين العام يحقق موازنة إقليمية لذا فهو من نصيب أبناء دارفور.. ويرى من المحتمل أن يتولاه الدكتور التجاني سيسي ..
قاطعه محجوب عروة.. (أليس حرياً بكم مراعاة عامل السن في هذا المنصب الحساس..) عروة يقصد ان الغالي أكثر شبابا من المنصب .. ثم واصل عروة استطراده (.. ربما جدير بكم اعادة النظر في هيكلة الحزب كله..)
صمت السيد صادق ولم يعلق.. فواصل عروة اسداء النصيحة.. (لابد يا سيد صادق من حركة تصحيحية لاعادة هيكلة الحزب.. لدى الكثيرون احساس بأنكم تمسكون بكل مقاليد السلطة.. والمؤسسات في الحزب أضعف من أن تحقق التوازن).. أطرق الصادق ولم يعلق.. فأوغل عروة في المنطقة الحمراء( أنتم كنتم أول من دعا لذلك في بواكير عملكم السياسي..وللفصل بين الامامة ورئاسة الحزب..) كان عروة جريئاً في الإنزال الجوي وراء الخطوط الحمراء التي قد لا تروق للصادق الحديث عنها جهرا..
سأله عروة (هل نجحتم في احتواء قضية نائبكم د. مادبو ؟)
رد الصادق (زرته في منزله.. أتفقنا على احتواء التبعات الإعلامية أولا.. ثم ترك باقي الأمر لمؤسسات الحزب..)
هل أنتم مستعدون للانتخابات؟. أجاب الصادق المهدي بسؤال( وهل يمكن قيام انتخابات..على مثل هذا الحال ؟؟)..
قبل أن نودعه لنتركه ينال قسطا قصيرا من الراحة قبل سفره .. ردد الصادق العبارة مرة أخرى (الوضع ..خطير.. جدا.. جدا..)
سأواصل معكم باذن الله ..الحلقة القادمة في بيت على عثمان ..!!
10 ديسمبر 2008 - بيدي لا بيد عمرو..!!
بيدي.. لا بيد عمرو..!!
لا زالت أسعار الخبز والدقيق – رحيق الحياة للشعب – في ذراها الذي ارتفعت إليه عندما قفزت بـ(الزانة) أسعار القمح عالمياً.. و لما رفع الله عن الناس ويلات ذلك الظرف.. ظل الوضع على ماهو عليه.. ولم ينحسر منسوب الأزمة.. أزمة إرتفاع أسعار القمح..
ولو كان الأمر يقبل أية (مجاملة) لأمكن إنتظار الفرج بقبول أصحاب المطاحن بكامل رضائهم التنازل عن الأرباح الشاهقة التي تنتج من فارق السعر العالمي المنخفض (جدا) .. والسعر المحلي المرتفع (جدا).. لكن بمثل تدخلت الحكومة بصورة غير مباشرة عندما ارتفعت أسعار القمح.. فتنازلت عن بعض رسومها حتى ينخفض السعر قليلاً.. فالأجدر الآن أن تتدخل الحكومة بذات الطريقة – غير المباشرة – و تفرض على الأسعار كرامة الإنحسار ..لصالح الشعب .. أولاً وقبل كل شيء..
طالما أن الحكومة استخدمت رسومها لتخفيض تكاليف القمح عندما ارتفعت اسعاره عالمياً.. فالأجدر الآن أن تستحدث رسوماً تمتص الفارق الهائل بين السعر العالمي والمحلي.. هذه الرسوم توجه بصورة مباشرة في بنود تستهدف الفقراء الذين يتضررون بل ويتضورون من ارتفاع أسعار القمح محلياً..
وتصبح المعادلة واضحة سافرة كالشمس.. إما أن يتنازل أصحاب المطاحن بطوعهم عن الأرباح المتخمة.. فينالون رضاء الله قبل رضاء شعبهم عنهم .. أو آخر الدواء الكي.. تمتص الحكومة فارق السعر بأى رسوم تستحدثها فتعيدها إلى ذات الشعب الذي عز على المطاحن أن تدرج خاطره في كشف حسابات أرباحها..
سيكون محيراً أن تطلب الصحافة من الحكومة حقن سلعة برسوم اضافية.. لكن طالما أن سياسة السوق الحر تمنع التدخل في الأسعار .. وطالما أن آليات المجتمع – ومنها الصحافة – فشلت في إقناع أصحاب المطاحن استدراك البعد الجماهيري لهذه السلعة الفتاكة.. التي يحيا بها أويموت بسببها الشعب.. فالأجدر أن تتحرك آليات الحكومة في الإتجاه (التصحيحي!) لهذا الوضع المحير.. وتفرض في الملعب حالة (بيدي.. أو بيد عمرو).. إما أن تخفض المطاحن أسعارها.. أو ترفع الحكومة رسومها .. فهذه السلعة ليست مما يخير فيه الشعب..قوت الفقراء قبل الأغنياء.. التعامل فيها موجب لمعايير ليست مدرجة في لوائح التجارة أو القوانين أو حتى الدستور..
لا ضرر ولا ضرار.. مطلوب بكل همة أن نبنى صناعات ونهضة زراعية تجعلنا نأكل فعلا مما نزرع ونصنع.. و أن يكون لبلدنا رجال أعمال أقوياء قادرين على الاستثمار الاستراتيجي البصير بالمستقبل.. لكن ذلك لا يتناقض أبدا مع موجبات التمييز الايجابي بين السلع..بين تلك التي تندرج في لائحة (الخيارات) تقبل أن يأخذ منها الناس أو يتركوها.. وبين تلك التي بسببها تتضور أسر مسكينة جوعا وتقضي الليل بلا طعام..
كثيرون قد لا يصدقون أن من بين هذا الشعب من لا يملك ما يشري به الخبز..لكنها الحقيقة التي تفجع القلوب لمن يقترب منها ويراها بعينه المجردة.. صورة أم تحضن أطفالها في صمت وتغلق عليهم استار الليل..حتى الصباح.. ببطون خاوية..!!
اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد ..!!
الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008
9 ديسمبر 2008 - في بيت على عثمان
في بيت .. على عثمان ..!!
ما رأيت الأستاذ علي عثمان محمد طه، نائب رئيس الجمهورية.. منشرحا وممدود السكينة.. يستنشق الهواء بصدر رحب مفتوح على مصراعيه .. كما رأيته عصر أمس في منزله بحي الرياض.. زرته برفقة الأستاذين محجوب عروة رئيس تحرير هذه الوضيئة (السوداني) التي سجلت رقماً قياسياً للصحافة السودانية كونها .. حتى اللحظة .. لم تتعطل في أي عيد منذ صدورها في العام 2006 .. التزام مهني رغم أنف الخسارة المادية بالصدور خلال العيد.. والأستاذ نور الدين مدني أحد رواد الصحافة الوطنية ورمز من رموزها المعروفين..
كان علي عثمان يلبس جلابية بسيطة.. وطاقية (من غير عمامة).. في أكمل راحة نفسية وحالة انسجام وتآلف بكثرة المعايدين رغم كون ذلك خصم من زمن راحته وتغيير لمسار العيد من استجمام الى (استرحام) جماهيري.. وكلمة استرحام هنا اشتقاق من (الرحم) لا (الرحمة) ..
جلسنا أمامه في سرادق – مؤقت - بحديقة منزله .. يبدو أنه أقيم خصيصاً لإستقبال وفود التهاني بالعيد.. كام يحيط به بعض أخوانه .. الدكتور عبد المنعم عثمان محمد طه .. وهو رجل قانوني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ..هاديء وقور.. وأخيه محمد عثمان على طه.. جلس أيضا في هدوء يتابع الحوار ولم يتدخل اطلاقا فيه.. صورة (أخوان نائب الرئيس) تبدو منسجمة مع النائب.. الذي تحفظ له الذاكرة السودانية تجنبه استخدام نفوذه في أى مضمار شخصي مهما كان عفيفا وحسن النوايا.. فمهما كان غضب بعض معارضيه عليه حراقا.. لكن لم يمتد لسان مروجي الشبهات الى حرمه المالي بأى مساس..
في البداية حاولنا أن (نعطيه الأمان) بالحديث في قضايا بعيداً عن السياسة.. سألته هل يكتب مذكراته الآن.. أو يدونها بأي صورة .. رد بالنفي المطلق.. لأى نوع من تدوين يومياته.. رده كان فيه بعض الأسف والحسرة على (عدم) الفعل.. وقال أنه كان فعلاً يتمنى أن يكون من الذين يكتبون يومياتهم ويسجلون التاريخ.. لأن كثيراً من التفاصيل تتثبت بالتوثيق..
في ثنايا حديثه جاء ذكر زواجه.. قال أنهم في زمن المعارضة المحفوفة بمخاطر الاعتقال والتكدير تجنب الزواج حتى لا تؤثرأمواج السياسة المتلاطمة على سفينة الأسرة الهادئة..لكن لما رأى أن الأمر يبدو تأجيلا إلى موعد غير معلوم..خاصة بعد أن تطاول عمر نظام الرئيس الاسبق جعفر النميري.. عزم وحزم أمره على عثمان و تزوج.. سألته.. هل كان قرارك ام قرار (التنظيم!) .. قال أنه كان قراره الشخصي.. قلت له ألم يتدخل (التنظيم) في اختيارك لشريكة حياتك.. ضحك ثم رد ( ليه .. أصلو أنت قايلنا شيوعيين!!) .. وهي ربما اشارة خفية لزواج المرحوم عبد الخالق محجوب السكرتير السابق للحزب الشيوعي.. والتي ثارت على ضفافها ضجة داخل أروقة الحزب الشيوعي..
هل تمارس الرياضة ؟ هل تستمتع بعطلتك الاسبوعية ؟ هل .. هل.. كل الاجابات تقريبا.. كانت .. لا..!!
الأحد، 7 ديسمبر 2008
8 ديسمبر 2008 - الهجرة ..من .. والى .. العاصمة ..!!
موسم الهجرة.. من.. والى العاصمة ..!!
قبل سنوات قليله..كانت العاصمة المثلثة.. تخلو من الزحام تماماً قبل أسبوع من العيد.. عيد الفطر أو الأضحي.. وكان الحصول على الخضروات والسلع الأخرى مشكلة عويصة إذا اقترب العيد .. لأن المحلات تغفو تماما.. يهجرها أصحابها الذين غالبيتهم الساحقة من الأقاليم.. فإذا جاء يوم العيد تكاد تتوقف الحياة في العاصمة.. تتوقف المواصلات العامة بصورة غالبة.. وتغلق البقالات ومحلات الخدمات الأخرى ..ويصبح العيد عطلة حقيقية بالمعني الذي يعطل الحياة تماماً..
قبل أسبوع من العيد تبدأ الهجرة العكسية.. يرجع أهالي الولايات إلى ولاياتهم للاستمتاع بالعيد بين الأحبة والأهل..فيأخذوا معهم غالبية النشاط التجاري.. وتتعطل العاصمة..
لكن الوضع تغير تماماً اليوم.. الزحام في الشوارع يزداد كلما اقترب العيد.. والمحلات تضج بالحركة قبل العيد واثناء أيام العيد.. والمواصلات العامة تزداد حركة .. وتظل البقالات الصغيرة في الأحياء عاملة .. ومحلات الخضروات والفواكه .. لا شيء يتعطل سوى جيوب الناس التي تفرغها مصروفات العيد ..
والسبب.. يبدو أن أهالي الولايات (عكسوا الحكاية).. بدلاً من السفر لقضاء العيد بين ظهراني ولاياتهم وأهاليهم .. صار الأهل في الولايات هم الذين يفدون الى العاصمة لزيارة أبنائهم (المغتربين !) فيها.. فبدلاً من أن تخف الشوارع وتسهل الحركة .. تكتظ بالسيارات والراجلين وتبدو كما لو أن العاصمة تزداد ثقلا في الأعياد ..بزائريها..
ويبدو – والله أعلم – أن الحلقة القادمة في تطور الحراك السكاني في السودان.. أنه بعد سنوات قليلة سيسافر سكان العاصمة ..السكان الأصليين الذين لم ينحدروا من فروع ولائية.. سيسافروا هم للاستمتاع بالعيد في الولايات.. حيث المناظر والبيئة الخلابة.. بينما يأتي أهل الولايات الى الخرطوم للتمتع بمدن الأطفال والملاعب والخدمات الحضرية الأخرى.. فيصبح موسم الأعياد تبادل كراسي.. ينتقل العاصميون إلى الولايات.. ويأتي الولائيون إلى العاصمة..
واذا حدث ذلك..وأتمنى فعلا أن يحدث.. فسيكون أول اثاره الحميدة أن تحافظ اسعار تذاكر السفر خلال العيد على قيمتها العادية.. فحيث أن أصحاب البصات يرفعون تذاكر السفر الآن بحوالى 30% زيادة عن قيمتها العادية.. وحجتهم في ذلك أن البصات تسافر في اتجاه واحد.. تحمل الذاهبين إلى الولايات ثم ترجع فارغة من الركاب .. لكن عندما تتكافيء الهجرات.. حركة أهالي العاصمة الراغبين في التمتع بالعيد في الولايات.. وحركة الولائييين الراغبين في عطلات شيقة في ملاهي العاصمة وحدائقها.. عندها ستحافظ أسعار تذاكر السفر على قيمتها العادية.. لأن الحركة الخارجة من العاصمة ستعادل الحركة الوافدة إليها..
على كل حال .. أتمنى لكم عيدا سعيدا.. تضحون فيه بكل أحزانكم .. وتكتسبون فيه آمالكم وطموحاتكم الخيرة..
وكل عام وانتم بخير..!!
7 ديسمبر 2008 - شفافية .. معتمة..!!
شفافية.. معتمة ..!!
عندما كتبت هنا يوم الثلاثاء الماضي عن أسعار القمح التي انخفضت عالميا.. بينما ظلت في السودان كما هي ..محققة أرباحا كاسحة للمطاحن على حساب المستهلك ..اتصل بي هاتفيا السيد محمد الشفيع مستشار مجموعة دال ودعاني لزيارة (مطاحن سيقا) التي تملكها المجموعة.. ولقاء مع السيد اسامة داوؤد عبداللطيف..
ويبدو أن مجموعة دال تضع ألف حساب لكل ما يقترب من سمعتها التجارية.. فرغم أني في العمود لم أذكرهم بالاسم.. لكن اسامة داوؤد .. على حد تعبيره أن "دال" هي الرقم الأول في هذه الصناعة.. وأية اشارة في هذا الصدد ستكون في جبينها.. وعلى كل حال فهي حساسية مستحبة.. أن يدخل في حرز رأسمال الأعمال اشراق الجبين..
يرى اسامة داوؤد ان الأعمال التجارية ليس سواء.. الذي يستثمر في الصناعة أو الزراعة.. ليس كمن يستثمر في (سمسرة العقارات).. والذي يجمع في استثماره الصناعة والزراعة معا ..يصبح ذو النورين.. والتعبير من عندي..
عموم السرد الذي تفضلت به مجموعة دال.. على لسان مهندسيها أو رئيسها.. أكبر من أن تحتويه مساحة هذا العمود المحدودة.. سأضعها أمامكم في مساحة أوسع.. ربما تتيحها فرصة أيام العيد.. التي تستمر خلالها صحيفة السوداني في الصدور.. حينما يخلد الآخرون للعطلة والراحة..
لكني سأختار قضية عرضية ذكرها اسامة .. قال أنه يتمنى أن تتحول (إمبراطورية!) مجموعة دال- وتعبير امبراطورية ورد على لسانه بالحرف- أن تتحول الى مساهمة عامة.. وأن لا يكون شغل الجيل القادم من أبناء آل داؤد ادارتها.. بل فقط تملكها مع مساهميها .. وتحييد الادارة عن رأس المال.. بكل ما يتطلبه هذا الوضع من(شفافية!) ..
والفكرة سديدة.. وليست جديدة.. فهو النظام المتبع في أوروبا وأمريكا .. ويهدف دائما لجعل المنشآت الاقتصادية ذات عمر أطول من البشر .. فلا تموت وتحيا بحياة مالكيها أو اسرهم .. ولعل استرجاع بعض اسماء الاسرة الكبيرة عندنا في السودان.. وكيف اندثرت امبراطورياتهم المالية مباشرة بعد انتقال مؤسسيها الى الدار الأخلد..يبرهن على قصر عمر الشركات الخاصة في مقابل المساهمة..
لكن الذي لفت انتباهي ربط اسامة لفكرة شركة المساهمة العامة بكلمة (شفافية).. وفي الحال طافت في ذهني شركات مساهمة عامة كثيرة في بلدنا .. وتفرست – في خيالي –نبض (الشفافية) التي ذكرها..!!
كيف تكون شركات المساهمة العامة (شفافة) اذا كانت سوق الأوراق المالية التي يفترض أن تدور في رحاها هذه الشفافية.. تعاني من شح الشفافية..
لا سبيل للنظر في مضمون ومغزي التحول الى شركات مساهمة عامة اذا كانت سوق الأوراق المالية نفسها في أمس الحاجة لـ(الشفافية) .. كيف لفاقد الشيء أن يعطيه..
تلك أحد مكبلات الانطلاق الاقتصادي في السودان.. أن نتحدث عن الاستثمار وندعو الغرباء ليجلبوا أموالهم الى البلاد..بينما تفتقد (البورصة) لمعايير الشفافية .. وتعمل مع سبق الاصرار والترصد بنظام تقليدي متخلف.. متخلف للدرجة التي اذا سقط فيها مندوب شركة داخل قاعدة التداول اثناء هرولته .. تتسبب السقطة في كارثة كبرى للشركة.. وتحدث أزمة داخل السوق بسببها..
حان الوقت لفتح ملفات هذه البورصة على مصراعيها.. فمن هنا تبدأ الشفافية..!!
السبت، 6 ديسمبر 2008
6 ديسمبر 2008 - شعبنا ..!!
شعبنا ..!!
في خطبة صلاة الجمعة أمس.. تحدث شيخنا الخطيب المعروف وطلب من المصلين التبرع بخروف الأضحية لأخوانهم في (غزة) المحاصرة .. وأوضح لهم أن التبرع لا يعني نقل الخراف حية الى غزة.. فلربما تكون هناك (أرخص) منها في السودان.. ولكن بالتبرع بثمنها نقداً لجمعية (أنصار).. وتكون وكيلاً عن كل مسلم متبرع لتذبح له الأضحية في غزة.. وتوزع على إخوانهم الفلسطنيين هناك..
كنت أسمع الخطبة عبر المذياع وتشتد حيرتي.. ربما أكون خاطئاً لكني فعلاً في حاجة لمن يصوبني.. نحن نحب إخواننا في فلسطين كلها ..في رام الله وغزه.. ونتعاطف (جداً) مع الإبتلاء الذي يكابدونه.. ليس ابتلاء الحصار الإسرائيلي فذلك أهونبل الذي جاء به.. هوان الذات ونكبة التفرق والإحتراب والتشاقق والفجور في الخصومة بين فتح وحماس والذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني المنكوب..ولكن ..!!
ألم يسمع مولانا الكاروري .. بمعسكرات إخوانه في دارفور..؟؟ أم أنها مسؤلية أخيه عبد الواحد محمد نور؟.. ومنظمات الأمم المتحدة والخيرين في أوروبا وأمريكا..؟؟
في معسكرات دارفور.. مولاي.. مواطنون سودانيون لا ينتظرون (خروف العيد) بل ربما (بطانية) تقيهم البرد.. وجرعة ماء نظيفة..و مدرسة لأطفالهم المحرومين لا يشترط أن تكون مدرسة بالمعني الذي يظنه إخواننا في غزة..بل مجرد حرز خلف ستار من (قش) أو جولات فارغة.. وستر لنسائهم في خيام المعسكرات..التي تتزاحم فيها المناكب كتفا بكتف.. وقبل ذلك حلم.. مجرد حلم.. بيوم العودة.. ليس عودة لمدن مترفة بالمباهج.. بل لقراهم التي لا ماء فيها ولا كهرباء.. فيها (سكن) بالمعني الحقيقي للكلمة.. حينما تسكن النفس آمنة مطمئنة..
في معسكرات دارفور.. يا مولاي.. شعب ربما يبلغ تعداده ضعفي شعب غزة ورام الله معاً.. وأيضا محاصرون..صحيح لا تستطيع اسرائيل قطع التيار الكهربائي عنهم.. لأنهم أصلا لا يحلمون بكهرباء ولا غاز ولا كل تلك البضائع التي تمر عبر المعابر الاسرائيلية..شعب ليس محاصرا بالجوع والمرض والشقاء فحسب.. بل بالمجهول الذي لا يدرون متى يخرجون من نفقه المظلم.. تصور – يا مولاي- رجل وزوجته وأولاده في أتون المعسكر.. وأى معسكر..ليس كمعسكرات فلسطين التي نراها في الفضائيات تخترقها الشوارع المسفلتة وتحتشد فيها المساكن الأسمنتية متعددة الطوابق..تصور أسرة في معسكر "كلما" أو "أبوشوك".. ينظر الأب لأبنائه وهم ينبتون في تربة المجهول.. لا يعرف مستقبله هو حتى يعرف مستقبلهم هم ..
هؤلاء السودانيون.. في معسكرات دارفور هم (الأقربون أولى بالمعروف..) ليس لأنهم من دمنا ولحمنا فحسب..بل لأنهم (ثغرتنا) التي يسألنا الله عنها.. ألا تجود عليهم – يا مولاي – بخطبة .. وتبرعات .. وقبلها دعوات أن يرفع الله عنهم غبن الإغتراب وهو في حضن وطنهم..( ولظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند).. و أن يردهم إلى بيوتهم وقراهم وأهاليهم.. أن يردهم إلى الحياة ..!!
الجمعة، 5 ديسمبر 2008
5 ديسمبر 2008 إعلامنا الرسمي ..!!
إعلامنا الرسمي.. !!
درجت الإذاعة السودانية الأم – أم درمان - .. وعلى سنتها سارت بقية الاذاعات والتلفزات السودانية.. تقديم (المدائح) النبوية .. في قالب يجعلها من نصوص التعبد الشرعية.. تبث رسالة ضمنية لمستمعيها تغرس في وجدانهم أن المدائح .. وهي مجرد أشعار من وضع الإنسان .. هي من صميم التعبديات ..
يؤذن المؤذن للصلاة في الاذاعة.. فتفترض الرسالة الإعلامية التي ترسلها الاذاعة لمستعميها أنه لا يجوز بث أغنية عاطفية أو مادة درامية أو أى مواد أخرى مباشرة بعد الأذان حتى لا تهدر وقار الشعيرة.. فتبث الاذاعة (مدحة أو مدحتين) .. كفاصل ديني بين الاذان ولغو البشر بعده.. وبمرور الزمن تصبح المدائح في ضمير المتلقين في حرز المقدس..
قد لا يفطن المستمع العادي لهذه التراتبية التي كرستها الرسالة الاعلامية.. التي تبث القرآن أولاً.. ثم تتبعه بالآذان.. وتنهى حالة التعبد بالمدائح النبوية.. لكن خبراء الإعلام يدركون جيدا ان أخطر الرسائل الاعلامية تلك التي تدخل الى وجدان المستمع بالتسلل المسامي.. الإيحاء غير المباشر الذي يذوب في الأثير و يستنشقه العقل دون إحساس به .. ثم بمرور الزمن ينغرس في عقل وتفكير المتلقى وينتزع مكانه في الصورة الذهنية ..
مثل هذه الرسائل الإعلامية الخطأ ليست قصرا على حالة ترفيع القصائد الشعر الى مرتبة مقدس فحسب.. بل تكرس حالة صلبة من فصل الدين عن الدولة .. حينما تميز البرامج الدينية بموسيقى خاصة.. (مثل برنامج رأي من الدين) في الاذاعة.. وتفترض أن (الدين) لا يمكن أن تقترب منه غير آلة (الكمان) .. أو (القانون) اذا كانت موسيقي شرقية من ابداع الأخوة في شمال الوادي.. مثل أغنية أم كلثوم الشهيرة.. الثلاثية المقدسة.. والتي تستخدم في أكثر من برنامج يفترض أنه مصنف تحت بطاقة (ديني) .. وعلى رأسها أشهر وأقدم برنامج في الاذاعة (لسان العرب) للمرحوم الاستاذ فراج الطيب السراج..
لو كانت الوسائط الإعلامية عندنا.. خاصة الرسمية .. تتعمق في دراسة الرسالة الإعلامية التي تبثها للمتلقين.. أو لو كانت تتفرس كثيرا في محتوى ومعنى وهدف هذه الرسائل.. أو لو كانت تؤمن أن رسالتها خطيرة للغاية لأنها تمسح أو تشكل وجدان أمة كاملة.. لما عولجت البرامج التي تقدم للمستمعين بمثل هذه العفوية.. ولاجتهدت أجهزتنا الإعلامية في ترقية نظم (الجودة) فيها .. فكثير من البرامج التي استمع اليها يعتريني أحساس كبير أنها على (ذمة مقدم البرنامج).. يقدمها كيف شاء وبأى مظهر أو مخبر.. وأنه وحده بعد ذلك المسؤل عنها.. للدرجة التي ربما لو ذمته الصحف في تعليقاتها لحسب مديرو هذه الأجهزة أن الأمر لا يعني أكثر من مقدم البرنامج المعني..
على سبيل لا الحصر .. الترويج المستمر الذي تقدمه اذاعة اف ام 100 (البيت السوداني) لو كانت هناك جهة رقابية مسؤلة عن جودة المنتج لوجدت أن زمنا مقدرا من ساعات البث ضائع في تكرار (تراويج) غير ذات مضمون.. (تروائج) صارت تبث لا بجذب انتباه المتلقى بل لملء فراغ الب رامج التي تبدو أنها أقل حجما من زمن البث المتاح..
الإعلام رسالة خطيرة.. فائدته في مثل ضرره اذا لم يستخدم بذكاء واتقان..
الخميس، 4 ديسمبر 2008
محجوب جزئيا من النشر.. اذهوبا فأنتم الطلقاء..!!
( عندما أبلغني سكرتير التحرير.. قبل حوالىا لساعة بأن العمود منع من النشر بواسطة الرقيب.. أرسلت له فور بديلا له .. هو العمود التالي .. لكنه عاود الاتصال بي بعد حوالى نصف ساعة وقال أن الرقيب أيضا طلب حذف العبارة المشار اليها باللون الأحمر.. فكتبت عمودا ثالثا بديلا للبديل .. كل ذلك في حوالى منتصف الليل .. في عمل مرهق كل المقصود منه في النهاية أن أتجنب بقدر الأمكان أن تخرج الصحيفة في اليوم التالي وعليها العبارة المؤلمة .. يحتجب العمود اليوم ..)..
اليكم العمود البديل والجزء الملون بالأحمر هو الذي طلب الرقيب حجبه ..
أذهبوا .. فأنتم الطلقاء ..!!
ليت الحكومة تتقرب الى الله في هذه الأيام الطيبات بعمل صالح يكتبه الله في كفة حسناتها.. أن تعفو عن السجناء السياسيين المحكومين في قضايا الصراع بين الشعبي والوطني .. والذين قضوا حتى الآن حوالى ستة أعوام بين جدران سجن كوبر.. ولا زالوا..
كان عددهم حوالى الخمسين.. من المدنيين والعسكريين.. صدر العفو الرئاسي عن جميع العسكرين وخرجوا قبل عدة سنوات.. ثم أكمال بعض المدانيين من المدنيين أحكامهم التي كانت خمس سنوات.. وخرجوا قبل عدة أشهر.. ولم يتبق الا عدد قليل جدا ربما أقل من (12)..لا أظن أن سعة العفو ضاقت عليهم..
هؤلاء الشباب ما كانوا وقود النار التي تلظت بين الشعبي والوطني.. بل ربما هم ضحايا هذا الصراع.. وفي كل الأحوال دفعوا من سنوات عمرهم الثمين أكثر من ست سنوات خلف جدران السجون.. وهي عقوبة كافية رادعة.. ألم يحن الأوان ليطلق سراحهم في هذه الأيام التي وصفها الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم بأنها أيام ليس أحب من عمل إلى الله كعمل الخير فيها..
وإن كان المقصود عقابهم فقد نالوا منهم ما يكفي بالسنوات التي احتبسوها خلف القضبان.. وإن كان مقصودا عقاب الشعبي.. فلا أظن ذلك يوجعه .. وإلا لاجتهد في العمل بالحاح لاطلاق سراحهم.. وأضعف الإيمان أن يشارك حزب المؤتمر الشعبي في "ملتقى أهل السودان".. إن لم يكن لعرض فكره ومساهماته لأجل الوطن.. فعلى أقل تقدير لرفع رهق السجن عن هؤلاء الشباب..
صحيح هم صاروا الآن كحمزة أسد الله ..بلا بواكي.. لكن فوق سماوات سبع من لا يغفل ولا يترك أمر عباده سدى..وهو وحده الذي يدرك كيف يمكن أن تصبح العقوبة هي نفسها جرما جديدا.. عندما يطال السماح آخرين في قضايا كثيرة بعضها جنائي قح.. ليس فيه من الضمير شيء.. بينما ترقد الهمة عن التسامح مع هؤلاء الشباب ليس لشيء.. إلا لأن موازنات السياسة لا ترى الا ما يراه الساسة..
والساسة حباهم الله بخاصية النسيان.. نسيان الإحساس بالآخر طالما أن الآخر لا يملك الا احتمال النسيان ولو بقى خلف جدران السجون الدهر كله..
ليت الحكومة تحج الى الله بالعمل قبل الأجسام.. أن لا تمضي أيام التشريق الا وقد ذهب كل سجين الى بيته وأسرته.. ما الذي تخسره الحكومة اذا حدث ذلك.؟ وما الذي تربحه الحكومة اذا لم يحدث ذلك ؟؟ الحساب هنا لا يحتاج الى بطل ..إلا إذا كان حب الخير في حد ذاته بطولة ..
الأربعاء، 3 ديسمبر 2008
عمود ممنوع من النشر ..!!
الإبهار.. بالبهار ..!!
كتب لي احد القراء غاضباً.. سألني لماذا تنفق الحكومة اموال طائلة في هذه الرحلات المفتوحة التي تنقل بها أفواجا من المواطنين إلى سد مروي..؟؟
نظمت الحكومة برنامج رحلات (جسر بري) لينقل المواطنين من مختلف الفئات والجهات الى موقع سد مروي بالولاية الشمالية.. من القرى والمدن والاندية والمساجد والمدارس والجامعات .. بلا تمييز .. تعد لهم بصات كبيرة مريحة تحملهم الى مروي حيث يزورون السد العملاق.. ويتناولون وجبة طعام ثم يعودون.. وروى لي القاريء في رسالته أنه أحيانا يرتفع عدد البصات التي تصل مروي إلى حوالى مائة بص في اليوم الواحد ..
الفكرة سهلة الاستنتاج من أول نظرة.. أنها جزء (ذكي!) من حملة انتخابية غير معلنة.. فالمشروع العملاق ظل حلما في المنام السوداني إلى أن أيقظته الإنقاذ وجعلته واقعاً.. و الذي يزوره بلا شك تنتابه حالة إحساس بالفخر.. وربما ترجو الحكومة أن يحول الشعب هذا الشعور الى بطاقات انتخابية تضمن بقاء المؤتمر الوطني في سدة الحكم بشرعية الصندوق هذه المرة..
ويصبح سؤال القاريء في محله.. هل يجوز ان تنفق الحكومة كل هذه الاموال ليسافرر الناس للفرجة على السد ؟؟
ورغم أنني أدرك إلى أي اتجاه تسبح أمنيات القاريء الكريم في الاجابة.. وأدرك لذة شعور البعض بلسعة انتقاد هذا المسلك ..إلا أن الأمر يجب أن يحظى بنظرة اخرى.. نظرة في اتجاهين..!!
الأتجاه الاول.. إذا عولت الحكومة على الضمير الشعبي.. ورأت أنها في حاجة للتوسل الى رضاء الجماهير ..بإقناعهم أنها جادة في التنمية والخدمات.. وتستخدم مثل هذا المشروع الحيوي للتدليل على ..فتأخذ الأهالي في رحلات سياحية تنويرية على سياق (ليس من رأى ..كمن سمع) فليس في ذلك حرج.. فكسب رضاء الناس هو من أول واجبات أى حكومة .. ولا يمكن لعاقل أن يلوم الحكومة على توددها لشعبها..
أما الاتجاه الثاني.. ربما يبدو هذا المسلك الباحث عن التعاطف الشعبي مناقضا بعض الشيء للسيرة الحكومية في مشاريع التننمية بما فيها هذا المشروع نفسه.. في الوجه المقابل لأهالي المنطقة والعُسر وكسر الخاطر الذي تواجهت وتصادمت به مع مطالبهم في خيارات التوطين ..
ومع ذلك يبقى السؤال الأهم.. وهل تكفي (نظرة!) أعجاب لمشروع أيا كان في توليف قناعاته ليختار عن طيب خاطر مرشحه في الانتخابات القادمة؟؟
في تقديري أن الإجابة على هذا السؤال لن تعجب حزب المؤتمر الوطني.. وليس المشكلة في أن تعجبه أو لا تعجبه.. بل المشكلة الحقيقية في أن نظرية الادارة التي يعمل بها الوطني تعاني من خلل كبير هنا في هذه النقطة بالتحديد.. الخطاب السياسي المبني على التعالي والمن .. يطمس معالم مثل هذه الانجازات والمشاريع في ضمير الانسان مهما كان الإبهار بالتنمية والإعمار.. فالنفس السودانية اللوامة لها حساسية عالية تجاه المن والأذى .. المن بـ(العمل) .. والأذى بـ(العمايل)..
ومن هنا تنشأ دائماً المواجع ..!!
الخبر التالي .. صتدر جميع صحف الأمس .. وهو خبر جيد .. لكن في نفس اليوم .. الليلة هذه .. حجب الرقيب عمود حديث المدينة المنشور أعلاه .. لا أريد منكم أكثر من قراءة العمود.. والتمعن فيه والبحث عن مكامن الخطر أو تهدي السلام القومي فيه..
الفريق صلاح: ندعم التحول الديمقراطي دون إفراط أو تفريط
الخرطوم (smc)
أكد جهاز الأمن والمخابرات الوطني التزامه بالحريات وحماية القانون والدستور ودعم التحول الديمقراطي دون إفراط أو تفريط وشدّد على أهمية الحفاظ على الوطن من خلال القوة التي تعد للشباب عبر التدريب والتأهيل.وقال الفريق مهندس صلاح عبد الله محمد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني لدى مخاطبته احتفال تخريج الدفعة (32) لضباط الجهاز بالكلية الحربية بحضور السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ومساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد ووزير الدفاع ومدير عام قوات الشرطة وعدد من الوزراء إن قانون الأمن الوطني يضمن كل ما من شأنه الحفاظ على الحريات وقال: (لا نريد الحجر على الناس ولا تقييد حريتهم بل نريد حماية الحق وصيانته والحرية مقيدة بالقانون).وقال إن أعداء السودان يريدون له أن يكون ضعيفاً للنيل منه مؤكداً أن الدولة تعد العدة والقوة من خلال تدريب الشباب مضيفاً أن الذين يستهدفون السودان لن ينالوا منه إلا عندما تتحلى أرض الوطن بدماء أبنائه واصفاً أعداء السودان بشياطين الخيال.
3 ديسمبر 2008 - الصعود إلى الهاوية ..!!
الصعود.. الى الهاوية ..!!
انخفضت أسعار القمح عالمياً إلى تخوم الـ(250) دولاراً للطن الواحد.. أى ما يعادل 40% من السعر الذي ارتقى إليه القمح منذ نهاية العام الماضي.. لكن مع ذلك لا تزال أسعار الخبز على عهدها القديم.. بما يعني أن المطاحن والمخابز تحقق أرباحاً خرافية ..وليس العيب في الأرباح ..لكنها من رحيق عصارة دم شعب فقير..
وكانت الأسعار اندفعت في صعود كبير خلال الشهور الأولى من بداية هذا العام.. وأثرت على قدرة المواطن في توفير ضروراته الحتمية من الطعام.. فالأسرة التي كانت تقيم أود بطونها بحوالى (3) جنيه في اليوم لبند الخبز وحده.. وجدت نفسها فجأة في حاجة الى ضعف هذا المبلغ لتحافظ على وجباتها اليومية .. وهو بكل المقاييس رقم خطير.. في ظل تدني الأجور وشح الموارد المالية للأسرة السودانية العادية..
جرت العادة – المقيتة- أن تهتاج الأسعار وتشتعل مع ارتفاع المواد الخام محلياً أو دولياً.. لكن عندما تهبط نفس هذه الأسعار عالمياً.. تظل في الداخل معلقة في (العلالي) .. ويظل المواطن الضعيف هو الضحية الأثيرة .. لأنه يدفع عن إذعان ما تمليه عليه آلية (الطمع التجاري) ..
لا أعني بهذه السطور أى مطالبة للدولة للتدخل لفرض الأسعار.. فالواقع أن السودان ينتهج سياسة تحرير الأسواق.. التي لا تجعل الحكومة رقيبا على أسعار السلع – على نحو ما كان في الماضي – وتترك لعفوية العرض والطلب أن تعلو وتهبط حسب المتغيرات بلا تدخل.. لكن في المقابل فالأولى أن يكون للمستهلك رب يحميه.. جهات أخرى غير رسمية تترافع عنه وتلزم التجار أن لا يستثمروا (خاطر المستهلك) فيبيعوه بمزيد من الفرص الناجزة لتحقيق أرباح فوق المعدل الحكيم..
كم تربح مطاحن القمح من فارق السعر العالمي مع المحلي الآن؟
الحساب سهل وبسيط.. حوالى 40% معدل انخفاض الأسعار .. جل هذا المبلغ سنفترض أنه تحول إلى أرباح .. هذا رقم خرافي.. لا يمكن ابتلاعه وتذوق حلاوته لدى مستوردي القمح دون أن يبتلعوا معه عظام المواطن الذي يدفع هذا الفارق الهائل..
الخطر الذي قد لا ينتبه اليه كبار تجارنا الذين لا يقرنون كثيراً بين أحلامهم في النجاح والربح الوفير.. بمطلوبات العيش الكريم للمواطن.. أن هذا المواطن هو بؤرة الإستهلاك Focal Point التي يقوم عليها عماد التجارة.. وكلما ضعف المواطن في مقدرته على موازنة الحياة الكريمة.. قلت قابليته في الشراء والاستهلاك.. بالصورة التي اذا تفاقمت أدت الى الدخول في حالة مايعرف بالكساد الاقتصادي.. ولو فكر التجار ببصيرة تنظر الى المستقبل بعين ذكية.. لاكتشفوا أنهم كلما حافظوا على قوام المواطن الاقتصادي متماسكا..ضمنوا استقرار مؤشراتهم التجارية .. وكلما أنهكوا المواطن بأثقال الأرباح المحمولة على ظهره، تضعضع كيانه المالي.. وتعطلت قدرته على الإستهلاك وتدوير النشاط التجاري..
الأجدر ان تتراجع أسعار الدقيق في السودان بما يلائم تراجعها عالميا.. لمصلحة التجار قبل المواطن .
الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008
2 ديسمبر 2008 - المديدة حرقتني ..!!
المديدة حرقتني ...!!
لا ياجماعة.. بصراحة - جداً – هذه المرة أتفق مع د. نافع على نافع في حديثه مع الطلاب في جامعة الخرطوم.. حينما يكون (المقام) انتخابات.. فإن (البسط) يتحمل أى لغة حزبية متحدية.. هكذا هي الإنتخابات في أي مكان ديموقراطي.. و(الحشاش يملأ شبكتو) بأصوات الناخبين طالما أنه لا يستخدم سوى الحجة والإقناع والخطاب العام..
ولمن فاتهم الإستماع - على سياق ما يقول مذيعو الأخبار- حملت صحف الأمس تصريحات (نارية) أطلقها نافع في حشد خطابي طلابي في جامعة الخرطوم.. في خضم حملة انتخابية قبيل انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم..وهي انتخابات لا ينظر إليها المجتمع السوداني على أنها محض تنافس طلابي ..لإرتباط منبر اتحاد طلاب جامعة الخرطوم (كوسو منار.. ولن ينهار).. بتاريخ سياسي وطني صدامي مثير.. أبرز محطاته ثورة 21 أكتوبر 1964 التي أطاحت بحكم الجنرال ابراهيم عبود.. ثم حصار الرائد أبو القاسم محمد ابراهيم للجامعة بالدبابات في عام 1971.. ثم حركة شعبان (سبتمبر 1973) ضد الرئيس الأسبق جعفر النميري.. ومتواليات أخرى مشهورة في التاريخ.. وفي إطار حملة إنتخابية يباح التفاخر الحزبي و (العرضة) السياسية.. والتحدي..
و – بصراحة أيضا- نحن من جانبنا نرفع ايدينا بـ(المديدة حرقتني).. نريد مزيدا من المنافسة.. خطاب بخطاب.. حملة انتخابية بحملة (لمن استطاع اليها سبيلا)..لأن المنافسة تعني بكل بساطة تعني الدخول في حالة هرولة نحو الشعب.. إذا كانت المنافسة فقط بالخطاب السياسي والعقل والإقناع.. وكلما اشتدت المنافسة زاد الجوع السياسي لارضاء الشعب.. فيصبح الشعب هو الحاكم.. وذلك هو المعنى الحقيقي للديموقراطية.. أن يحكم الشعب ليس بجلوسه على كرسي الحكم ..بل بحكمه على من يجلس على الكرسي..
وحيث ان انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم هي نموذج مصغر لانتخابات قادمة عامة في السودان.. فالأجدر ان يدخل اليها الجميع حتى نشهد فيهم (شيل التمساح) .. بروفة ليس للإنتخابات العامة بل لمخاطر تلك الانتخابات..
الأجدر أن تبدأ كل الأحزاب حملتها الانتخابية العامة.. فالانتخابات حتى لو تاجلت فهو تاجيل محود قصير المدى.. من شهر يوليو الذي تعيق فيه الأمطار الحركة في بعض ولايات السودان.. إلى شهر نوفمبر حيث ينصلح الطقس وتجف الطرق.. مهلة لا تتجاوز الأربعة أشهر.. وبحساب بسيط أن الباقي من الزمن ليس أكثر من (11) شهراً حتى ولو تأجل موعد الانتخابات.. وهو زمن (يا دوبك) يسمح بحملة انتخابية جادة.. لأن العمليات التمهيدية تبدأ قبل فترة طويلة من يوم الاقتراع.. سجل الناخبين مثلاً.. الترشيحات والطعون.. سلسلة طويلة من الإجراءات الحتمية..
على كل حال د. نافع.. قال لكم بالفم المليان.. (يا.. إنتخابات.. يا.. نحكم لقرن قادم).. إبن حلال يفتح الباب ويرد عليه.. و..(المديدة حرقتني..)..!!
من أوباما .. إلى جميع العرب..!!
من أوباما
قصيدة جديدة للشاعر أحمد مطر ..لِجَميعِ الأعرابِ شُعوباً أو حُكّاما
قَرْعُ طَناجِرِكُمْ في بابي
أرهَقَني وَأطارَ صَوابي
افعَل هذا يا أوباما
اترُك هذا يا أوباما
أمطِرْنا بَرْداً وسَلاما
يا أوباما
وَفِّرْ للِعُريانِ حِزاما
يا أوباما
خَصِّصْ للِطّاسَةِ حَمّاما
يا أوباما
فَصِّلْ للِنَملَةِ بيجاما
يا أوباما
قَرقَعَة تَعلِكُ أحلاماً
وَتَقيء صَداها أوهَامَا
وَسُعارُ الضَّجّةِ مِن حَوْلي
لا يَخبو حتّى يتنامى
وَأنا رَجْلُ عِندي شُغْلٌ
أكثَرُ مِن وَقتِ بَطالَتكُمْ
أطوَلُ مِن حُكْمِ جَلالَتِكُمْ
فَدَعوني أُنذركُمْ بَدءاً
كَي أحظى بالعُذْر ختاما
لَستُ بِخادمِ مَن خَلَّفَكُم
لأُسِاطَ قُعوداً وَقياما
لَستُ أخاكُمْ حَتّى أُهْجى
إن أنَا لَمْ أصِلِ الأرحاما
لَستُ أباكُمْ حَتّى أُرجى
لأكِونَ عَلَيْكُمْ قَوّاما
وَعُروبَتُكُمْ لَمْ تَختَرْني
وَأنا ما اختَرتُ الإسلاما
فَدَعوا غَيري يَتَبَنّاكُمْ
أو ظَلُّوا أبَداً أيتاما
أنَا أُمثولَةُ شَعْبٍ يأبى
أن يَحكُمَهُ أحَدّ غَصبْا
و نِظامٍ يَحتَرِمُ الشَّعبا
وَأنا لَهُما لا غَيرِهِما
سأُقَطِّرُ قَلبي أنغاما
حَتّى لَو نَزَلَتْ أنغامي
فَوقَ مَسامِعِكُمْ.. ألغاما
فامتَثِلوا.. نُظُماً وَشُعوباً
وَاتَّخِذوا مَثَلي إلهاما
أمّا إن شِئتُمْ أن تَبقوا
في هذي الدُّنيا أنعاما
تَتَسوَّلُ أمْنَاً وَطَعاما
فَأُصارِحُكُمْ.. أنّي رَجُلُ
في كُلِّ مَحَطّاتِ حَياتي
لَمْ أُدخِلْ ضِمْنَ حِساباتي
أن أرعى، يوماً، أغناما!
الاثنين، 1 ديسمبر 2008
1 ديسمبر 2008 - نائمون
نائمون ..!!
الرضاء بقضاء الله وقدره..لا يمنع مطلقاً مد اللسان بسؤال عن حقيقة ما حديث لاستاذنا الرقم الصحفي حسن ساتي.. الذي وافاه الأجل دون أن يتلقى المعاملة الطبية اللائقة.. وإذا كان رجل بقامة المرحوم ساتي يحدث له ماحدث.. فكيف بالمواطن العادي الذي لا يملك إلا الإذعان للأمر الواقع مهم وقع..
ومنذ عدة شهور أشارك في لجنة بهيئة المستشارين في مجلس الوزراء أنيط بها البحث في قضية الأخطاء الطبية.. لسبر غورها وتحديد إلى أى طور وصلت.. إلى أنني في كثير من الأحايين استكثر مصطلح (خطأ!!) طبي على مثل بعض هذه الحكاوي التي بدأت تتطبع في دنياوات السودان.. فـ(الخطأ) هو أحد مستدركات العفو التي اشار اليها الحديث النبوي الشريف (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه).. ويقع (الخطأ) ضمن الهامش المسموح به في الممارسة العامة أو الخاصة.. لكن كثيرا مما يحدث في المضمار الطبي اليوم في بلادنا تعدى تماما مرحلة (الخطأ!) وصار في حيز (المتعمد) مع سبق الإصرار والترصد..
اذا نسى الطبيب في بطن مريضه قطعة قماش صغيرة فلربما يكون الأمر في حرز (الخطأ).. لكن إذا نسى (الموبايل) في بطن المريض فالأمر لا يحتاج معرفة موديل الجهاز لتقدير نسبة الخطأ أو الخطيئة فيه.. وبهذا .. أن يتلقى المريض معاملة طبية تؤدي الى وفاته فهناك نظر في إمكانية حدوث (خطأ طبي) .. لكن أن لا يتلقاها من الأصل .. فالأمر هنا ليس مجرد خطأ.. خاصة اذا كانت الممارسة العامة للمنشأة الطبية تقوم على نظم تسمح للمريض أن يتلقى أو لايتلقى العلاج حسب (الظروف!) ومحاسن الصدف..
في مرة اتصل بي صديق في الصباح..طلب مساعدتي العاجلة لشقيقه الذي يرقد الآن طريح الفراش ولمدة أربعة أيام لأخذ عينة من ماء الظهر.. وذكر لهم الطبيب بعد أخذ العينة أن الطائرة التي تحمل اليعنات الطبية الى دولة أوروبية ستقلع بعد قليل وأن عليهم ارسال العينة فورا الآن الى مستشفى خاص شهير في وسط الخرطوم لترسل بواسطتها.. لحسن الحظ كنت قريباً جدا من المستشفى المعني .. قدت السيارة بأسرع ما أقدر.. أخذت من ذويه المرافقين في المستشفى العينة.. وطرت بها في الطريق الى المستشفى الخاص الذي سيرسلها الى أوروبا.. وعلى بعد حوالى (200) مترا منها تعذر المرور لازدحام الشارع .. أوقفت السيارة وهرولت راجلا لأقطع بقية المسافة.. وأنا ألهث أمام موظف المستشفي المعنى سألني بكل عفوية ( ليس هناك من الأصل طائرة اليوم.. ثم أن العينة هذه خطأ .. وفي كل الأحوال كان على الطبيب قبل أخذ العينة أن ينسق معنا لنخطره بيوم وساعة اقلاع الطائرة حتى يأخذ العينة في توقيت مناسب في نفس يوم سفر العينة..)
سألته في حيرة.. وهل كان الطبيب يجهل كل هذه المطلوبات قبل أن يحبس المريض أربعة ايام في المستشفى ويكبده آلاما لا تطاق لاخذ الماء من ظهره..؟؟
هذا ليس (خطأ!) طبيا.. هذه (خطيئة!) طبية ..!!
ما الذي يجري في هذه البلاد .. أأيقاظ أمية أم (نائمون!!)
الأحد، 30 نوفمبر 2008
30 نوفمبر 2008 - نجم صعد .!!
نجم صعد ..!!
في الصحافة السودانية التي يبلغ عمرها الآن (105) عاما باتمام والكمال.. كثير من الأسماء الخالدة التي بسطت نعمة الحرف والقلم على صحائف المجد.. أحمد يوسف هاشم..عبد الله رجب.. بشير محمد سعيد..محمد سعيد معروف..حسين شريف.. محمد الحسن احمد.. محمد أحمد المحجوب.. والفاتح النور.. والفاتح التيجاني.. وكثيرون لا يسعهم المجال هناك..ليضاف اليهم قمر جديد..
حسن ساتي..اسم رقم في عالم الصحافة السودانية.. عصامي ارتقي سلمه بكامل أهليته وعرقه الخاص.. وحافظ على تفوقه وضياء اسمه في مختلف العهود السياسية.. حتى هاجر من وطنه ..واستعصم بالغربة..إلى أن اعادته – جزئياً - الى السودان الزميلة الغراء (آخر لحظة) التي كان مهندسها الأول وأبرز مؤسسيها ..
كان احد الوجوه الإعلامية السودانية المحببة للفضائيات والاذاعات العربية والإسلامية..تلجأ اليه في مختلف الظروف لتستطلعه رأيه خلال النشرات الإخبارية أو لتستضيفه في البرامج الحواريه.. وكان دائما واسع المعارف.. ومحلل سياسي مدرك لأبعاد الحركة والسكون في عالم متلاطم.. مرتب في أفكاره.. وسلسل في سرده.. مع نصف ابتسامة دائمة الثبات على الشاشة تعكس الثقة في النفس وسلاسة الحضور..
في مرة كتب عن قضية كنت محورها.. اتفق معي في غالبها واختلف في بعضها .. كتبت له بالبريد الإلكتروني أنبهه لبعض المعلومات المهمة التي ربما لم تكن في ذهنه ساعة كتابته لعموده.. رد علي سريعا برسالة فيها ما يشبه الاعتذار .. لم تكن موجهة لي بل للقاريء..كانت عبارة عن عموده الذي ينوي نشره في اليوم التالي.. واستخدم فيه كلمات مفخمة رأيت أنها أكبر منى كثيرا..كتبت له بسرعة ورجوته ان لا ينشر العمود فما فيه من اطراء اكثر مما استحق.. واستجاب ولم ينشر العمود ..
ألتقيته أول مرة – كفاحاً – في لندن .. في استديو تلفزيون المستقلة الذي يديره نموذج آخر للنجاح العصامي.. الدكتور محمد الهاشمي.. كان ضيفي في إحدي حلقات برنامج حواري عن مفاوضات السلام في السودان .. التي كانت تجري حينها في (نيفاشا) بكينيا، قبل توقيع اتفاق السلام.. ثم تكررت مقابلتي له في لندن أكثر من مرة وزرته في مكتبه بصحيفة الشرق الاوسط.. ومنذ الوهلة الأولى نمت بيننا علاقة احترام متبادل وريف الظلال.. فهو رجل حصيف ينتقي مفرداته ويعتني بفكره وتفكيره..
آخر مرة رأيته فيها حينما شرفنا بزيارة في صحيفة (السوداني).. ليدعونا للمشاركة في حفل تكريم الفنان محمد وردي.. الحفل الشهير الذي قصده حسن ساتي بكل حسن الظن في تقديم أنموذج للاحتفاء بالقمم الوطنية وتسطير العرفان بصوة كان يرى أنها أفضل وأحكم .. فخرج منه برزاز هو ضريبة (دمغة الجريح)..
اللهم ارحم وتقبل حسن ساتي إليك قبولاً جميلاً ..أكرم وفادته و نزله ووفه بما هو اهل لرحمتك وكرمك..آمين..
السبت، 29 نوفمبر 2008
29 نوفمبر 2008 - جلسة على شاطيء الأحمر ..!!
جلسة على شاطيء الأحمر ..!!
انتقل مجلس الوزراء – هذه المرة – الى مدينة بورتسودان.. وعقد جلسة مفتوحة نقلتها أجهزة الإعلام على الهواء مباشرة.. وهي المرة السابعة بعد أول جلسة في متحف السودان بالخرطوم ثم مدينة فلوج في جنوب السودان (بحضور الدكتور جون قرنق في يوليو 2005).. ثم مروي للاحتفاء بأحد أكبر المشاريع الوطنية في التاريخ ثم في مقر بنك السودان بالخرطوم ثم مدينة الفاشر ثم المدينة الصناعية كنانة..
والفكرة وراء مثل هذه الاجتماعات خارج مقر المجلس المعتاد.. تسليط الأضواء على بعض مشاريع التنمية أو بعث رسائل أخرى كما حدث في اجتماع الفاشر.. وفي هذه المرة اختار المجلس بورتسودان في توقيت مناسب – جدا- إن أن الشتاء في البحر الأحمر يجعلها منقطة سياحية.. وبعد الانجازات الكبيرة التي تحققت هناك يبدو أن الحكومة قررت مكافأة ولاية البحر الأحمر على ما انجزته .. ووضح فارق الانجاز بصورة مثيرة من خلال تقارير ولايات الشرق الثلاث الذي قدم في جلسة مجلس الوزراء.. اذ اتضح أن ولاية مهمة مثل كسلا.. تضمحل فيها التنمية لدرجة تستوجب القلق..
ولكن مع ذلك لدي ملحوظة في غاية الأهمية أرجو أن ألفت اليها نظر وزراء مجلس الوزراء.. في جلسة بورتسودان استعرض المجلس تقارير مطولة عن الأداء.. كانت تتلى شفاهة وربما تستعرض آنيا في شاشة.. وأقول ربما لأني تابعتها عبر المذياع.. وكنت أتخيل شكل الجلسة دون أن أراها..
من حجم التقارير وحشود الأرقام فيها ساورني إحساس أن تلاوتها لم يكن له مبرر.. فعلاوة على أنها استهلكت وقتا طويلا فهي مجهدة وتدفع غالب متابيهع للمل الموجب لافلاتها من التركيز الذهني..
أتوقع أن تكون الأمانة العامة للمجلس سلمت السادة الوزراء وبقية المشاركين في الاجتماع نسخا من التقارير قبل وقت كاف من الاجتماع.. ذلك أمر بدهي.. لكن استعادة تلاوة التقارير مع ذلك يهدر وقت المجلس ويستنزف جهده .. وربما يحيل الجلسة الى احتفائية ..
صحيح أن الجلسة مفتوحة للإعلام بما يوجب ابعاد القضايا الخلافية أو تلك التي تشهد سجالا بين السادة أعضاء المجلس الموقر.. لكن كونها مفتوحة يستوجب أكثر تقديم نموذج مثالي للطريقة المثلي في الاجتماعات..فالمجلس هو أرفع مؤسسة تنفيذية في البلاد .. وعلى هداه قد تقتدي به مؤسسات وأجهزة كثيرة.. وتقديم نموذج حي مثالي لاجتماع مركز في القضايا المعروضة أمامه بكل دقة ربما يكون أجدر..
وعلى ذكر المجلس.. هل لي أن أسال الأخوة في الأمانة العامةلمجس الوزراء عن مشروع الاتصال الأثيري المباشر مع الولايات.. (Video Conference) والذي جري الحديث عنه كثيرا باعتباره قاهر المسافات وجامع الولايات في قاعة المجلس دون حاجة للتسفار أو حضور المسئولين من الولايات الى المركز.. أين ذهب المشروع..؟
واذا تفضل علينا الأخوة في المجلس باجابة .. فأرجو أن توضح هلى أثر المشروع على حركة الولاة بين ولاياتهم والمركز.؟
الخميس، 27 نوفمبر 2008
27 نوفمبر 2008 - الكلام دخل الحوش
الكلام .. دخل الحوش..!!
في تقديري أن المشير عمر البشير رئيس الجمهورية قفل الباب نهائيا أمام التحليلات والتكهنات عن الإنتخابات .. هل تقوم أم تقعد ؟ ففي خطابه أمس الاول بمناسبة أداء القسم للسادة رئيس وأعضاء مفوضية الانتخابات ومجلس الأحزاب أكد بصورة قاطعة أن الانتخابات لا محال آتية..
وأكد تلك (التأكيدات) أيضا .. الدكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية وقال أن (تعيين أعضاء المفوضية بدلية مفصلية للحياة السياسية في البلاد..) وطبعا وجود مولانا ابيل ألير على رأس مفوضية الانتخابات بجانب أسماء أخرى يحترمها الجميع.. خير برهان على الجدية في السير نحو الانتخابات..
يبقى السؤال المرير الأليم .. هل الأحزاب الأخرى جاهزة للانتخابات..؟
الإجابة على السؤال ستكون أقرب إلى روح النكتة التي تروي أن رجلاً قال لأصحابه أنه جاهز للزواج.. لكن فقط ينقصه المهر وشنطة العروس ومصروفات الفرح وأجر المأذون ..
لا يبدو على الساحة السياسية أن الأحزاب تأخذ الأمر على محمل الجد .. وعلى رأي المثل السوداني (مكضبه الشينة) .. وتعول كثيرا على الخروج من مأذق الإنتخابات من نافذة الحكومة.. حتى تلقى اللوم عليها وتنجو من مواجهة الأمر الواقع..
صحيح قد يقول البعض ان الاستعداد للإنتخابات يتطلب اموالا.. وان الأحزاب ناضبة تعاني حالة (فقدان سيوله) ..تقتات بالصبر المدقع.. لكن من قال أن الاستعداد للإنتخابات آية برهانه مال.. هناك قائمة طويلة من المطلوبات الأخرى التي من أجلها يصبح البحث عن التمويل عذرا..
مطلوب من الأحزاب لتدخل الانتخابات انهاء حالة الإنقسام الدخلي .. والإنفصام النفسي.. الإنقسام في حالة تلك الأحزاب التي لها في السوق أكثر من نسخة للدرجة التي عندما يسمح الناس اسم الحزب لا يعرفون أى حزب مقصود الا بعد ذكر اسم زعيمه..
أما الإنفصام.. فلأن الحالة (المرضية!) للأحزاب تُشخص على أنها تعاني من انفصام شخصية خطير..تتحدث عن الديموقراطية وهي في أبعد نقطة عنها .. ويفترض ضميرها أن الديموقراطية مجرد (صندوق) تلقى فيه بطاقات الاقتراع في اليوم المعلوم..تسأل بالحاح عن (الإنتخابات!).. وضميرها أنها عملية محلها دوائر البرلمان وحده.. وليس داخل جدران الاحزاب.. تطالب بنهم أن يأتي رئيس البلاد عبر الانتخاب.. وتفشل هي في انتخاب رؤسائها لاكثر من اربعين عاما..
(الكلام دخل الحوش) .. وأصبحنا قاب قوسين او ادنى من الموسم المعلوم.. فهل نسمع حراكا يؤكد ان الاحزاب تستعد.. استعداداً (نفسياً) على الأقل بممارسة إصلاح ذاتي لهياكلها ومؤتمراتها وادبياتها وخطابها العام..
على كل حال.. في يقيني تماما أن الحصان الرابح في الانتخابات القادمة هو البديل الناجح للخبرة القديمة في الأحزاب العتيقة.. الطريق مفتوح تماما امام (أوباما) سوداني.. (اوباما) بالمعني المرتبط بالتغيير.. اما باللون والعِرق فكلنا (اوباما)..
الأربعاء، 26 نوفمبر 2008
26 نوفمبر 2008 - نفس الملامح والشبه ..!!
نفس الملامح والشبه ..
عينت الحكومة الفرنسية مبعوثا خاصا لمباحثات سلام دارفور التي يجري الاعداد لعقدها في العاصمة القطرية الدوحة.. ورغم أن الحكومة الفرنسية كانت من ضمن الدول التي أصابها الرزاز.. إلا أنها بتلك الخطوة قدمت قوة دفع معتبرة للمفاوضات.. فهي تذكرني بنفس مافعلته الولايات المتحدة الأمريكية في عز هجير الحرب الاهلية في جنوب السودان .. إذ عينت السيناتور جون دانفورث مبعوثا خاصا للسلام في السودان .. ولم تمض على مهمته ثلاثة أشهر فقط حتى تحقق أول وقف اطلاق نار – ناجح – بين الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان .. في مفاوضات سريعة في سويسرا..
فرنسا دولة لها أكثر من عمق يرتبط بقضية دارفور.. المباشر فيها أن الأستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان يقيم فيها .. ويتمتع بمظلة قوانينها الديموقراطية التي تتيح له الملاذ الآمن حتى ولو مارس نشاطه السياسي المعتاد.. ثم أن فرنسا الدولة الأوروبية الراعية لدولة تشاد ولها محمية عسكرية معتبرة في مدية أبشي شرقي تشاد.. وهي لاعب مؤثر في القرار السياسي التشادي .. وتفترض كثير من النظريات أنها هي التي دحرت هجوم المعارضة التشادية في فبراير الماضي (2008)..
بكل هذه الأثقال تحوز فرنسا على بطاقة تؤهلها للعب نفس الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية في مفاوضات الحرب في جنوب السودان.. وهو ليس مجرد الدور الضاغط دبلوماسيا على طرفي مائدة المفاوضات للوصولل الى تسوية فحسب.. بل المساهمة الفنية التي تساعد على تليين عقبات التفاوض وتسهيل مهمة البحث عن نقطة الالتقاء الوسط في كل محاور الخلافات..
وأذكر أنني سألت الدكتور مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية .. ورئيس وفد السودان في المفاوضات الأولى بين الحكومة والحركة الشعبية في سويسرا عن سر النجاح السريع الذي تكلل بوقف اطلاق النار ..فذكر على صدارة الأسباب العون الفني الذي قدمه الشركاء وعلى رأسهم امريكا في ثنايا العمليات التفاوضية التي كانت أشبه بالمستحيلة..
عندما سئل جون دانفورث لماذا ابتدر مشروع السلام في الجنوب بوقف اطلاق النار في جبال النوبة بدلا من مناطق في الجنوب أكثر اشتعالا.. قال أن البداية دائما يجب أن تكون من النقطة الأسهل والأكثر ضمانا.. لأنها تساعد على بناء الثقة بين أطراف مدججة بالكراهية والارتياب ..وفعلا نجحت الفكرة وتحركت عجلة السلام الى (مشاكوس) حيث وقع بروتوكول المباديء التي على هداها سارت المفاوضات بعد ذلك في كرن ثم ناكورو ثم أخيرا نيفاشا لتكلل بالنجاح الذي وضع أوزار الحرب في جنوب السودان وشرقه..
ليت أطراف المفاوضات – الوطنية – تستشعر عامل الزمن.. فكل يوم يمر على دارفور تستمر فيه آلام أطفال ونساء وشيوخ أنهكهم ذل الاقامة في المعسكرات.. ومهما طالت المفاوضات .. فهي أفضل من الحرب.. ومهما طالت الحرب فليس من سبيل للحل سوى المفاوضات.. فحرب الجنوب الدامية بعد (22) عاما من القتال استراحت على طاولة المفاوضات..
متى تبدأ مفاوضات الدوحة ؟؟
الاثنين، 24 نوفمبر 2008
سؤال في محله .. !!
حسناً.. احد الأعزاء من زوار هذه المدونة كتب في التعليقات هذا السؤال :
(كما انني اتساءل حول موضوع الرقابة : مثلا ما الذي حواه مقالك السابق واستحق المنع .. نريد ان نعرف حتي نستبين .. هل يدخل في اطار هذه الرقابة منع نقد وزير او نقد مؤسسة او نقد سياسة او نقد الحركة الاسلامية ؟؟ اين هي الحدود ؟؟ انتم كصحفيين تعرفون ذلك اما نحن فلا ندري فهل لكم ان تبينوها لنا حتي لا نقع في المحظور وكفي الله المؤمنين القتال.. فليس الغرض سوي اسداء النصح لاولي الامر فيما نري انه اصلح للبلاد والعباد وقد لا يتفق الآخرون مع رؤيتي الا انها تبقي مجرد رأي .. فنحن لن نجني من ذلك مالا ولا جاها ولا وظيفة .. والله الموفق)
السؤال جميل جداً لكنه بكل أسف ليس له إجابة.. لا أحد اطلاقاً يعلم ماهو الممنوع نشره حتى يتجنبه.. فالرقابة الأمنية على الصحف ليس لها أى قاعدة.. يأتي الرقيب مساء .. عادة إما مبكرا في حوالى الساعة الثامنة أو التاسعة.. أو متأخرا في تخوم منتصف الليل.. ويجلس في مكتب سكرتير التحرير قريبا من (مطبخ الصحيفة) حيث تجمع وتصحح وتصمم المواد.. ويبدأ في مراجعة المواد (بعد تصميمها!) وهي في آخر المراحل قبل الذهاب الى المطبعة.. بعض المواد يرفضها جملة وتفصيلا.. ستسألونني ماهي المواد التي ترفض جملة وتفصيلا.. ليس هناك اجابة الأمر يتوقف تماما على (من هو الرقيب في تلك الليلة).. وبعض المواد يشطب جزءا منها .. وبعضها يطلب اجراء تعديل عليها..
أنا شخصياً.. أدرك تماما أن مثل هذه الأوضاع استثنائية.. لا يمكن استمرارها.. خاصة كلما اقتربت الانتخابات ولهذا أبذل جهدي للتعايش معها .. هل تصدقوا أحينا يتصل بي سكرتير التحرير فيقول لي (يا أستاذ الرقيب حجب عمودك.. هل نكتب اعتذار ونحجبه) أرد عليه بالنفي طبعا وأقول له سأكتب بديلا له.. وفعلا.. الحمد لله أنني أحمل معي جهاز الـ(لاتوب) في أى مكان .. وهو مزود ببطقاة اتصال لاسكي تمكنني من العمل في أى مكان .. في الشارع.. في البيت .. في الحديقة .. لا حدود لجغرافية لمكتبي.. فأقوم بكتابة عمود آخر.. وأرسله سريعا.. بعد ربع ساعة يتصل سكرتير التحرير مرة أخرى.. (يا أستاذ حجبوا العمود البديل أيضا..) فأبدا للمرة الثالثة .. وتكون الساعة قريبا من منتصف الليل.. فأكتب العمود البديل الثالث.. وبعد ربع ساعة يتصل سكرتير التحرير ( بكل أسف يا أستاذ حجبوا البديل الثاني أيضا..) فأرفع الراية البيضاء وأقول في سري (حسبنا الله ونعم الوكيل) .. وتظهر الصفحة الأخيرة في اليوم التالي وعليها صورتي وتحتها العبارة الثقيلة (يحتجب اليوم) ولا أحد يقول للقاريء ..ثلاثة ركلات في المرمى صدها الحارس ..
على كل حال.. هي رسالة لا يمكن التنازل عنها ولا تحتمل اليأس.. سنكتب .. ونكتب.. ويشطبوا.. ويشطبوا.. ولا يصح في النهاية الا الصحيح..
ملحوظة : بعد كتابتي ونشري لهذه السطور .. اتصل بي سكرتير التحرير ولبلغني أن الرقابة حجبت العمود الذي تجدونه تحت هذه السطور .. وفيه اتحدث عن مشكلة البعوض بعد ان اتصل بي عد من سكان أحياء متفرقة يشتكون من زيادة مذهلة في اعداده وانتشاره ..
الرقيب فسر قراره بحجب العمود أنه يشك في أنني ارسل من وراء السطور رسالة اخرى سياسية.. بالله ابحثوا عنها انتم في السطور وبينها وخلفها فاذا وجدتموها ابلغوني وساعتها اكون أنا (البالغت)..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)