الأربعاء، 3 ديسمبر 2008

عمود ممنوع من النشر ..!!

الإبهار.. بالبهار ..!!

كتب لي احد القراء غاضباً.. سألني لماذا تنفق الحكومة اموال طائلة في هذه الرحلات المفتوحة التي تنقل بها أفواجا من المواطنين إلى سد مروي..؟؟
نظمت الحكومة برنامج رحلات (جسر بري) لينقل المواطنين من مختلف الفئات والجهات الى موقع سد مروي بالولاية الشمالية.. من القرى والمدن والاندية والمساجد والمدارس والجامعات .. بلا تمييز .. تعد لهم بصات كبيرة مريحة تحملهم الى مروي حيث يزورون السد العملاق.. ويتناولون وجبة طعام ثم يعودون.. وروى لي القاريء في رسالته أنه أحيانا يرتفع عدد البصات التي تصل مروي إلى حوالى مائة بص في اليوم الواحد ..
الفكرة سهلة الاستنتاج من أول نظرة.. أنها جزء (ذكي!) من حملة انتخابية غير معلنة.. فالمشروع العملاق ظل حلما في المنام السوداني إلى أن أيقظته الإنقاذ وجعلته واقعاً.. و الذي يزوره بلا شك تنتابه حالة إحساس بالفخر.. وربما ترجو الحكومة أن يحول الشعب هذا الشعور الى بطاقات انتخابية تضمن بقاء المؤتمر الوطني في سدة الحكم بشرعية الصندوق هذه المرة..
ويصبح سؤال القاريء في محله.. هل يجوز ان تنفق الحكومة كل هذه الاموال ليسافرر الناس للفرجة على السد ؟؟
ورغم أنني أدرك إلى أي اتجاه تسبح أمنيات القاريء الكريم في الاجابة.. وأدرك لذة شعور البعض بلسعة انتقاد هذا المسلك ..إلا أن الأمر يجب أن يحظى بنظرة اخرى.. نظرة في اتجاهين..!!
الأتجاه الاول.. إذا عولت الحكومة على الضمير الشعبي.. ورأت أنها في حاجة للتوسل الى رضاء الجماهير ..بإقناعهم أنها جادة في التنمية والخدمات.. وتستخدم مثل هذا المشروع الحيوي للتدليل على ..فتأخذ الأهالي في رحلات سياحية تنويرية على سياق (ليس من رأى ..كمن سمع) فليس في ذلك حرج.. فكسب رضاء الناس هو من أول واجبات أى حكومة .. ولا يمكن لعاقل أن يلوم الحكومة على توددها لشعبها..
أما الاتجاه الثاني.. ربما يبدو هذا المسلك الباحث عن التعاطف الشعبي مناقضا بعض الشيء للسيرة الحكومية في مشاريع التننمية بما فيها هذا المشروع نفسه.. في الوجه المقابل لأهالي المنطقة والعُسر وكسر الخاطر الذي تواجهت وتصادمت به مع مطالبهم في خيارات التوطين ..
ومع ذلك يبقى السؤال الأهم.. وهل تكفي (نظرة!) أعجاب لمشروع أيا كان في توليف قناعاته ليختار عن طيب خاطر مرشحه في الانتخابات القادمة؟؟
في تقديري أن الإجابة على هذا السؤال لن تعجب حزب المؤتمر الوطني.. وليس المشكلة في أن تعجبه أو لا تعجبه.. بل المشكلة الحقيقية في أن نظرية الادارة التي يعمل بها الوطني تعاني من خلل كبير هنا في هذه النقطة بالتحديد.. الخطاب السياسي المبني على التعالي والمن .. يطمس معالم مثل هذه الانجازات والمشاريع في ضمير الانسان مهما كان الإبهار بالتنمية والإعمار.. فالنفس السودانية اللوامة لها حساسية عالية تجاه المن والأذى .. المن بـ(العمل) .. والأذى بـ(العمايل)..
ومن هنا تنشأ دائماً المواجع ..!!


ليست هناك تعليقات: