نجم صعد ..!!
في الصحافة السودانية التي يبلغ عمرها الآن (105) عاما باتمام والكمال.. كثير من الأسماء الخالدة التي بسطت نعمة الحرف والقلم على صحائف المجد.. أحمد يوسف هاشم..عبد الله رجب.. بشير محمد سعيد..محمد سعيد معروف..حسين شريف.. محمد الحسن احمد.. محمد أحمد المحجوب.. والفاتح النور.. والفاتح التيجاني.. وكثيرون لا يسعهم المجال هناك..ليضاف اليهم قمر جديد..
حسن ساتي..اسم رقم في عالم الصحافة السودانية.. عصامي ارتقي سلمه بكامل أهليته وعرقه الخاص.. وحافظ على تفوقه وضياء اسمه في مختلف العهود السياسية.. حتى هاجر من وطنه ..واستعصم بالغربة..إلى أن اعادته – جزئياً - الى السودان الزميلة الغراء (آخر لحظة) التي كان مهندسها الأول وأبرز مؤسسيها ..
كان احد الوجوه الإعلامية السودانية المحببة للفضائيات والاذاعات العربية والإسلامية..تلجأ اليه في مختلف الظروف لتستطلعه رأيه خلال النشرات الإخبارية أو لتستضيفه في البرامج الحواريه.. وكان دائما واسع المعارف.. ومحلل سياسي مدرك لأبعاد الحركة والسكون في عالم متلاطم.. مرتب في أفكاره.. وسلسل في سرده.. مع نصف ابتسامة دائمة الثبات على الشاشة تعكس الثقة في النفس وسلاسة الحضور..
في مرة كتب عن قضية كنت محورها.. اتفق معي في غالبها واختلف في بعضها .. كتبت له بالبريد الإلكتروني أنبهه لبعض المعلومات المهمة التي ربما لم تكن في ذهنه ساعة كتابته لعموده.. رد علي سريعا برسالة فيها ما يشبه الاعتذار .. لم تكن موجهة لي بل للقاريء..كانت عبارة عن عموده الذي ينوي نشره في اليوم التالي.. واستخدم فيه كلمات مفخمة رأيت أنها أكبر منى كثيرا..كتبت له بسرعة ورجوته ان لا ينشر العمود فما فيه من اطراء اكثر مما استحق.. واستجاب ولم ينشر العمود ..
ألتقيته أول مرة – كفاحاً – في لندن .. في استديو تلفزيون المستقلة الذي يديره نموذج آخر للنجاح العصامي.. الدكتور محمد الهاشمي.. كان ضيفي في إحدي حلقات برنامج حواري عن مفاوضات السلام في السودان .. التي كانت تجري حينها في (نيفاشا) بكينيا، قبل توقيع اتفاق السلام.. ثم تكررت مقابلتي له في لندن أكثر من مرة وزرته في مكتبه بصحيفة الشرق الاوسط.. ومنذ الوهلة الأولى نمت بيننا علاقة احترام متبادل وريف الظلال.. فهو رجل حصيف ينتقي مفرداته ويعتني بفكره وتفكيره..
آخر مرة رأيته فيها حينما شرفنا بزيارة في صحيفة (السوداني).. ليدعونا للمشاركة في حفل تكريم الفنان محمد وردي.. الحفل الشهير الذي قصده حسن ساتي بكل حسن الظن في تقديم أنموذج للاحتفاء بالقمم الوطنية وتسطير العرفان بصوة كان يرى أنها أفضل وأحكم .. فخرج منه برزاز هو ضريبة (دمغة الجريح)..
اللهم ارحم وتقبل حسن ساتي إليك قبولاً جميلاً ..أكرم وفادته و نزله ووفه بما هو اهل لرحمتك وكرمك..آمين..