(كجوله).. Casual
في الاسكندرية الجميلة .. جرى حفل تنصيب أفضل رئيس أفريقي للعام 2008 .... أقيم في قاعة عصرية بمكتبة الاسكندرية.. التي كانت منارة العلم قبل 2500 عام.. ثم أعيد تشييدها في العصر الحديث قبل عامين.. وفي سياق الحفل قدم بعض الفنانين الأفارقة أغانيهم ورقص بهم بعض الحضور .. كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة السابق.. محمد فتحي ابراهيم رجل الأعمال السوداني صاحب الفكرة والمنظمة والتمويل.. والرئيس الفائز بالجائزة.. رئيس دولة بتسوانا السابق.. وسالم أحم سالم رئيس الاتحاد الأفريقي السابق.. وبعض الرؤساء الأفارقة السابقين..
بعد الحفل الرسمي.. تحول الحضور الى قاعة أخري.. مسرح كبير حديث.. وكأني بالحضور الأفريقي المتشح بالسمرة ..بدأ يبيض.. شباب مصري كبير اندفع الى قاعة المسرح..فتحت الابواب على مصرعيها و غاص المسرح فى جمهور عميق .. الستارة كانت مسدلة.. وفجأة عندما بدأت تتحرك ضج التصفيق و ظهر الفنان محمد منير وسط فرقته الموسيقيه .. عازف العود كان يحتضنه جالسا على الأرض فى مقدمة المسرح.. عازف الجيتار كان يتراقص جيئة وذهابا وعلى رأسه طاقية حمراء ملفتة للانتباه.. أما محمد منير فقد اوصل الـ(كجوله) Casual منتهاها..قميص داكن مفتوح (الزراير) تحته قميص أدكن منه.. فُتحت أزاره العليا حتى منتصف الصدر.. لتكشف عن مجموعة سلاسل معدنية تتدلى من عنقه.. و مثلها يحيط بمعصم يده اليسرى التى تمسك بالميكرفون.. بينما وضع يده اليمنى خلف ظهره المنحنى قليلاً للأمام ..وساقيه الرقيقتان مفتوحتان وهو تارة يتراقص.. وأخرى.. يزرع المسرح بالحركة من ادناه الى اقصاه.. وعندما يتصبب العرق .. يرجع فى اتجاه الفرقة الموسيقيه ويلتقط منديل قماش يمسح به وجه ثم يرتد فى اتجاه الجمهور..
عندما يغني يتلاشى عقل ووقار الجمهور.. يرددون معه الأغنية ويحفظونها (صم) ..تلوح الأيدى وتتماوج الأجسام فى كتل جماعية متداعية .. وتذوب النظرات مبحلقة كالمخدر فى دنيا أخرى من نسج الموسيقى الصاخبة الراقصة المغموسة في كلمات تتحدث عن حرمان الطبقات الفقيرة و دنيواتها الكادحة الكالحة..غنى لـ(الابنودى) ومحجوب شريف:
(تلميذ في مدرسة الشعب..
و المدرسه فاتحه على الشارع..
و الشارع فاتح في القلب..
و القلب مساكن شعبيه)..
صوت محمد منير ليس كصوت عبد الحليم حافظ.. ولا حتى بفخامة صوت على الحجار.. من جيله.. والموسيقي ليست مصرية.. هي خليط من الجاز والعود الشرقي والايقاع النوبي.. ومع ذلك اهتز بها ولها شعب الاسكندرية.. في تقديري لأنه يمزج عواطف الحب والوجدان الغزلي ..بضمير الرهق والعرق والكدر الشعبي.. أغانيه تيدو عرضحالات سياسية حتى ولو تدثرت ببعض الغزليات الحريرية..
من لحظة صعوده الى المسرح.. وحتى احاطة عناصر الأمن بخشبة المسرح.. الذين كانوا بذيهم الجميلة ..بدلة كاملة وربطة عمق كأنهم من ديكور وروح الحفل.. لم يتوقف لحظة عن الغناء.. ولم يتوقف جمهوره لحظة عن الرقص والتحليق.. الى أن أسدلت الستارة..
وخرجنا من المسرح.. أنا .. ود. عبد القادر محمد احمد وكيل الضرائب السابق.. والبروفسير خالد ياجي الجراح المعروف..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق