تطوير النيابة ..!!
المجلس الوطني (البرلمان) في خواتيم دورته الأخيرة.. ويفترض نظرياً أنه سيرحل الى أرشيف التاريخ ليحل محله مجلس آخر منتخب من ريع صندوق الانتخابات القادم – إن قامت لها قائمة -.. وفي ضمير الجميع إحساس عفوي أن مجلس نيابي منتخب ينهي مشكلة المجالس التي لا توزن كفة السلطات الثلاث في الدولة بل تذوب فيها وتهدر نظرية الدولة الحديثة.. فالواقع أن أي مجلس نيابي قادم.. منتخب أو غير منتخب لا يمكنه تغيير الواقع البرلماني كثيراً إذا ظلت الأوضاع النيابية كما هي عليه الآن..
مامعنى (نائب برلماني) ؟ .. هل تعني مقعد عليه رقم في قاعة البرلمان.. يجلس عليه رجل أو امرأة .. يمنح الفرصة للحديث .. فيقف بعد أن يتأكد من أن الكاميرا تنظر اليه.. ويبدأ حديثه بـ(شكراً سيدي الرئيس..) ثم تتوالى الكلمات اياً كانت بلاغته..ساحرة أو (سحارة)..؟؟ ثم يجلس راضي الضمير في انتظار القسمة والنصيب..
ما معنى (نائب) برلماني ؟ هل هو لسان حال دائرته أو حزبه أو أية جهة أخرى.. يشحن جيدا قبل الدخول الى القاعة ويفرغ شحنته داخلها. ثم يرفع يده بالتصويت حسب التعليمات الحزبية.. أم النائب هو ممثل دائرته مهمته الوصول الى الخرطوم ليصبح القائم باعمال أبناء الدائرة فيقضي مصالحهم ويرافقهم لكبار المسؤولين لحل مشاكلهم..
هل معنى (نائب) برلماني ..عبثية البرتوكولات التي تحدد متى يصمت ومتى يتحدث.. ومتى وكيف يصوت وكيف يباشر مراسيم استدعاء مسؤول أو توجيه مسألة مستعجلة.. سيذهب مجلس نيابي ويأتي آخر . ويفاجيء الشعب بأن الوجوه تغيرت مع ثبات الممارسة.. ويفاجأ ان المجلس يجيز الموازانات مهما بطرت.. ويلاطف الوزراء الذين يستدعيهم للمساءلة.. مهما تجبروا .. طالما أن منهج التفكير النيابي على حاله..مطلوب احداث تبديل منهجي في فكرة النيابة وعمل البرلمان..لفت نظري في الأدبيات الغربية الإشارة لنواب البرلمان بعبارة مدهشة هي (Law makers) ورغم أنه بدهي أن مهمة النواب صناعة القوانين لكن استخدام العبارة في توصيفهم لها مدلول ساحر.. فالنائب هو في الحقيقة صانع القوانين .. ترس في العجلة التشريعية.. وبهذا الفهم لا أفهم كيف يكون النائب نائباً من وحي رأسه المجرد من الإدراك لهذه المهمة.. كيف يؤدي مهام النيابة وهو الذي لا يحمل فوق كتفيه الا رأسه الذي يدخل به الى القاعة بنفس الحال الذي خرج به من منزله.. بلا اعداد أو ممارسة ادنى موجبات العمل التحضيري لدراسة ماهو معروض أو مفترض وتحديد موقف مدروس وصياغة الموقف في عبارات محددة دقيقة ثم ممارسة تلاقح المواقف تحت قبة البرلمان..في بعض الدول المتقدمة تسمى بعض القوانين بأسماء نواب لانهم استحدثوها بمجهودهم واستعانتهم بالخبراء والمستشارين ثم مثابرتهم على اقناع الآخرين بها حتى تجاز.. ألم يحن الوقت لندرك ان تغيير الوجوه لا يغير الحال البرلماني طالما أن الممارسة هي ذاتها ..!!
هناك تعليق واحد:
إرسال تعليق