جائزة الحكم الرشيد ..!
شاركت مساء أمس الأول في حفل منح جائزة الحكم الرشيد.. لأفضل رئيس أفريقي.. وهي أكبر جائزة دولية.. اذ تبلغ قيمتها خمسة مليون دولار أمريكي عدا نقدا.. تمنح وفق شروط محددة .. أهمها أن لا يكون الرئيس وصل للسلطة عبر انقلاب عسكري.. وأن لا يكون عدل الدستور لصالحه الخاص.. كأن يزيد من مدة أو عدد فترات ولايته..
الجائزة هذا العام فاز بها السيد فيستس موجي Festus Mogae الرئيس الاسبق لدولة (بتسوانا) .. وهي دولة أفريقية صغيرة في الجزء الجنوبي للقارة.. وتداولت السلطة سلميا للمرة الثالثة بلا أدني مشاكل سياسية تهز الاستقرار مما ساعد على ازدهارها و تحسن كبير في معيشة شعبها..
الجائزة هي من بنات أفكار رجل أعمال سوداني مقيم في بريطانيا ..هو السيد محمد فتحي ابراهيم .. الذي كان حتى وقت قريب الشريك الثاني في شركة الاتصالات (موبتيل).. وخرج من دائرة الاستثمار في بلده بعد تعرضه لمضايقات كبيرة.. كتبت عنها الصحف كثيرا حينها..
محمد فتحي ابراهيم يرى أن العالم كله يعرف جيدا نماذج الحكم الرديئة في أفريقيا.. عيدي أمين في يوغندا.. أو بوكاسا في أفريقيا الوسطي.. ويعرف الكوارث السياسية مثل الصومال ودافور والكنغو ومذابح رواندا.. لكن لا أحد يعرف عن الحكومات الرشيده افي أفريقيا.. ولهذا فكر في استنباط مؤشرات جديدة .. ساهمت جامعة هاردفارد الأمريكية الشهيرة في وضع مقاييسها .. وأطلق عليها مؤشر ابراهيم.. على اسمه.. وبناء عليها يصدر دليل سنوي يوضح وضع الدول الأفريقية وترتيبها حسب مؤشر ابراهيم للحكم الرشيد..
في المرة الأولى فاز بالجائزة جواقيم البرتو جيسانو Joaquim Alberto Chissano رئيس موزبيق السابق.. وربما دهش الكثيرون من مبدأ وجود رئيس افريقي يمثل نموذج يستحق الانتباه حسب معايير الحكم الرشيد.. بل وظن كثيرون أنه من المستحيل العثور على روؤساء تنطبق عليهم هذه المقاييس في أفريقيا..لكن محمد فتحي ابراهيم قال مازحا في خطابه في حفل تقديم الجائزة.. أن أفريقيا وصلت مرحلة (اعارة الرؤساء لأمريكا) ويقصد الفوز الكاسح للرئيس المنتخب الأمريكي باراك أوباما المنحدر من اصول أفريقية ..
وبالطبع.. سيثور سؤال بدهي ...لماذا يضيع رجل أعمال سوداني أمواله في جوائز للحكام الرشيدين.. ولماذا يضع معايير للحكم الرشيد ويصدر دليلا سنويا لمدى تقدم الحكم الرشيد في أفريقيا.. أليس الأجدر أن تصرف هذه الأموال على مكافحة الايدز والفقر في القارة المدمنة.. للكوارث..
الاجابة قدمها فتحي في مؤتمره الصحفي أمس .. قال أن السوء كله يبدأ من الحكومات.. فهي التي اذا انصلحت ..انصلح حال الصحة والتعليم والسكن والبيئة في دولها ولصالح شعوبها..
وفي تقديري أن منهج التفكير هنا حصيف (جدا). فالقارة الأفريقية لا ينقصها شيء سوى الرشد.. تملك الموارد والمواد الخام وتملك الاراضي والماء .. لكن مع ذلك تكابد شعوبها محارق مفجعة بسبب (عمايل) الساسة فيها.. وليس بعيدا عن الأذهان ما جري في رواندا.. التي انجز قادتها السياسيون مجاذر بشرية بلغت حوالى مليون والنصف من أرواح شعبها في أقل من خمسين يوما فقط..
متى ننال جائزة الحكم الرشيد.. سألت ذلك للدكتور غازي لاح الدين الذي كان حاضرا في الاحتفال..فقال لي ( هي جائزة ننالها في اليوم الآخر ..) ..!!
هناك تعليقان (2):
انتم شهداء الله فى الارض
ومن الناس من يشهدالله على مافى قلبه وهو الد الخصام .............
اللهم لا تجعلنى حاكما ولا قاضيا لك الحمد اللهم على هذه النعمه التى لا يعلم قدرها الا قليل
أحمد الله أن الدكتور غازي صلاح الدين قد شارك بالحفل. إن شاء الله لو إستمر رجالات الإنقاذ في حضور هذه المناسبة فقد يرق قلب محمد فتحي لهم و يهبهم كأس الإصرار على المشاركة!!
إرسال تعليق