نفس الملامح والشبه ..
عينت الحكومة الفرنسية مبعوثا خاصا لمباحثات سلام دارفور التي يجري الاعداد لعقدها في العاصمة القطرية الدوحة.. ورغم أن الحكومة الفرنسية كانت من ضمن الدول التي أصابها الرزاز.. إلا أنها بتلك الخطوة قدمت قوة دفع معتبرة للمفاوضات.. فهي تذكرني بنفس مافعلته الولايات المتحدة الأمريكية في عز هجير الحرب الاهلية في جنوب السودان .. إذ عينت السيناتور جون دانفورث مبعوثا خاصا للسلام في السودان .. ولم تمض على مهمته ثلاثة أشهر فقط حتى تحقق أول وقف اطلاق نار – ناجح – بين الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان .. في مفاوضات سريعة في سويسرا..
فرنسا دولة لها أكثر من عمق يرتبط بقضية دارفور.. المباشر فيها أن الأستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان يقيم فيها .. ويتمتع بمظلة قوانينها الديموقراطية التي تتيح له الملاذ الآمن حتى ولو مارس نشاطه السياسي المعتاد.. ثم أن فرنسا الدولة الأوروبية الراعية لدولة تشاد ولها محمية عسكرية معتبرة في مدية أبشي شرقي تشاد.. وهي لاعب مؤثر في القرار السياسي التشادي .. وتفترض كثير من النظريات أنها هي التي دحرت هجوم المعارضة التشادية في فبراير الماضي (2008)..
بكل هذه الأثقال تحوز فرنسا على بطاقة تؤهلها للعب نفس الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية في مفاوضات الحرب في جنوب السودان.. وهو ليس مجرد الدور الضاغط دبلوماسيا على طرفي مائدة المفاوضات للوصولل الى تسوية فحسب.. بل المساهمة الفنية التي تساعد على تليين عقبات التفاوض وتسهيل مهمة البحث عن نقطة الالتقاء الوسط في كل محاور الخلافات..
وأذكر أنني سألت الدكتور مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية .. ورئيس وفد السودان في المفاوضات الأولى بين الحكومة والحركة الشعبية في سويسرا عن سر النجاح السريع الذي تكلل بوقف اطلاق النار ..فذكر على صدارة الأسباب العون الفني الذي قدمه الشركاء وعلى رأسهم امريكا في ثنايا العمليات التفاوضية التي كانت أشبه بالمستحيلة..
عندما سئل جون دانفورث لماذا ابتدر مشروع السلام في الجنوب بوقف اطلاق النار في جبال النوبة بدلا من مناطق في الجنوب أكثر اشتعالا.. قال أن البداية دائما يجب أن تكون من النقطة الأسهل والأكثر ضمانا.. لأنها تساعد على بناء الثقة بين أطراف مدججة بالكراهية والارتياب ..وفعلا نجحت الفكرة وتحركت عجلة السلام الى (مشاكوس) حيث وقع بروتوكول المباديء التي على هداها سارت المفاوضات بعد ذلك في كرن ثم ناكورو ثم أخيرا نيفاشا لتكلل بالنجاح الذي وضع أوزار الحرب في جنوب السودان وشرقه..
ليت أطراف المفاوضات – الوطنية – تستشعر عامل الزمن.. فكل يوم يمر على دارفور تستمر فيه آلام أطفال ونساء وشيوخ أنهكهم ذل الاقامة في المعسكرات.. ومهما طالت المفاوضات .. فهي أفضل من الحرب.. ومهما طالت الحرب فليس من سبيل للحل سوى المفاوضات.. فحرب الجنوب الدامية بعد (22) عاما من القتال استراحت على طاولة المفاوضات..
متى تبدأ مفاوضات الدوحة ؟؟
هناك 3 تعليقات:
تحياتى استاذ ميرغنى
فى رائى ان هذا الوقت هو الانسب للتحرك الجاد و الفاعل لتحقيق السلام فى دارفور ..الازمة الاقتصادية العالمية,عملية تبادل السلطة الامريكية,ازمات الكنغو و الصومال,تداعيات كل هذه الاحداث ربما تؤدى الى منح الحكومة بعض الوقت للتحرك باريحية بعيدا عن ضغوط المجتمع الدولى التى ضربت الرقم القياسى هذا العام من حيث حدتها و خروجها عن المألوف..و لكن بالرغم من ذلك تظل مفاتيح سلام دارفور و التى اتضحت بمرور الزمن فى يد كل من الثالوث الحكومة,والحركات’و المجتمع الدولى..سقوط اى من هذه المفاتيح لن يجلب لنا الا مزيدا من الحروب و الكوارث..المبادرات الساعية لاعادة العلاقات بين السودان وتشاد تؤكد صحة ما ذهبت اليه استاذى فى حديثك حول الدور الفاعل الذى يمكن ان تلعبه فرنسا لدفع عملية السلام.
الأخ عثمان، المشكلة تكمن في أن مبادرة فرنسا جاءت متأخرة للغاية. عدد الحركات المتمردة إرتفع بمتوالية أقرب ما تكون إلى الهندسية! و المفاوضات القادمة قد ينتج عنها المزيد ثم المزيد من الإنفصالات! الحالة هنا مختلفة تماما عن مفاوضات الجنوب و الحل الوحيد هو إقحام طرف ثالث يخشاه الجميع (أيضا يعرف بالمجتمع الدولي!) و السماح لذلك الطرف بإستخدام الكثير من التهديد و شيئ من الترغيب لدفع الأطراف المعنية (حكومة، متمردين، جنجويد) لتوقيع إتفاقية عادلة للجميع و الإتفاق علي حقوق و واجبات النازحين بمعسكرات دارفور و حقوق و واجبات التنظيمات القبلية المختلفة داخل و خارج حواكيرها!
قالو حسن ساتى-رحمه الله- عضو فى جهاز المخابرات الذى مقره فى الدولة التى فاز فيها رئيس اسود بانتاخبات الرئاسة قبل اقل من شهر.
مصادر مـــــوثوقة
سبحان الله
إرسال تعليق