التمادي في خرق القانون ..!!
تعرضت ثلاث صحف لعقوبة خارج السياق القضائي.. فحسب أخبار أمس والتي تناقلتها الوسائط الدولية .. أن ثلاث صحف هي (أجراس الحرية) و (رأي الشعب) و(الأيام) منعت عن الصدور عقاباً لها لأنها تحدت واضربت لثلاثة أيام احتجاجا على استمرار الرقابة الأمنية القبلية على الصحافة السودانية..
ولا أعلم حقيقة من أصدر قرار تعطيل الصحف .. لكن بكل تأكيد هو اجراء رسمي حكومي طالما أن الصحف لا تملك غير الانصياع له رغم أنفها.. وفي كل الأحوال القضية ليست في من أصدر القرار.. بل في التبعات الكبيرة التي يتحملها الوطن نتيجة مثل هذا التجاوز الخطير للقانون..
أولا وقبل أية تفاصيل.. الخروج عن القانون ليس له درجات.. فالذي يحمل السلاح و يهاجم أمدرمان بسيارات الدفع الرباعي .. هو خارج عن القانون.. والذي يعطل صدور صحيفة بغير حكم قضائي هو أيضا خارج عن القانون.. صحيح أن الأول ارتكب جرما شنيعا بترويعه المواطنين وتدمير الحياة وتعطيل العاصمة لاسبوع كامل.. لكن الثاني أيضا دمر البنية المعنوية والقانونية والمرجيعة وعطل أنفاس الجماهير وكتمها..
والمتأمل لمعظم القضايا الدولية ضد السودان.. والتي تسببت في ادانات أو حتى في تعبئة ملفات المدعي الدولي أوكامبو .. كان غالبها من شاكلة هذا الخروج عن النص.. فهي تبدو في أعين الحكومة اعمالا لا يلقي لها المجتمع الدولي بالا لكن المفاجأة أن نقرأها في التقارير الدولية عرضحالات لاثبات أن السودان يحكم بالأحكام العرفية وأنه دولة القانون فيها على قدر المقام.. القوي مرفوع عنه الحساب.. والضعيف مضروب عليه الحجاب..
الذي فعلته الصحف الثلاث أنهم أبدوا اعتراضا سلميا على الرقابة الأمنية على الصحف التي تكتم حرية التعبير.. وهو اسلوب حضاري لا يتعدي محاولة لفت النظر لما تتعرض له الصحافة السودانية.. واذا كان في مسلك الصحف أى تجاوز للقانون فالأجدر أن تحاسب بالقانون.. تفتح ضدها بلاغات وتحول الى النيابة المختصة التي اذا رأت في الأمر مايستوجب الاحالة للقضاء.. تحمل القضية الى منصة القاضي..
صحيح للحكومة ما يكفي من العضل لقمع الصحف بأعجل وأعنف ماتيسر.. لكن لنجرد الحساب ..كم تكسب أو تخسر الحكومة من ذلك .. ستكسب تنفيثاً (أو تنفيساً) للغضب ضد الصحف.. وشعوراً بالقوة في مواجهتها .. عندما تزعن الصحف ولا تجد سوى الحائط لتضرب به رأسها.. لكن الحكومة ستخسر أولاً ضمير شعبها.. الذي يراقب ويتحسر .. وتخسر ثانياً مرجعيتها السيادية عندما تكون هي نفسها ضد شعبها.. وتخسر ثالثاً مصداقيتها.. ورابعاً احترامها أمام المجتمع الدولي.. وخامساً وسادساً وسابعاً.. وعاشراً تخسر نفسها ..!!
من الحكمة أن تمد الحكومة بصيرتها أبعد مما يراه بصرها.. فالذي تقترفه بمثل هذه الخروقات للقانون ينمي العداء ويغذي المرارات وحتماً.. ستأتي لحظة تغريغ الغبائن.. تماما كما حدث في دارفور.. التي حُقنت بالمظالم فأحتقنت بالغبائن.. وجاري التفريغ لأكثر من خمس سنوات حتى الآن..
هناك تعليق واحد:
الاستاذ عثمان ميرغني السلام والرحمة
اعتقد انه عندما يتخذ التعبير شكلا حضاريا فعلينا ات نتجاوب معه لمصلحة الوطن اولا
إرسال تعليق