أمنيات أوبامية..!!
في استدارة تبدو حادة، أعلن باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، رغبته في تدشين مسار جديد لعلاقة بلاده بالجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقال أن الدبلوماسية طريق أسهل وأفضل من المواجهة.
وعلاقة أيران بأمريكا تقلبت بين نقيضين. كانت في عهد الشاه محمد رضا بهلوي في وضع تجاوز حد الصداقة والتحالف، إلى ما يشبه ارتباط التبعية. وعندما نجح الشعب الإيراني في خلع الشاه واسترداد الإمام آية الله الخميني من منفاه في باريس، تحولت العلاقة إلى مواجهة إزداد سعيرها مع الأيام لدرجة الصدام المباشر. وأحتجز الطلاب طاقم السفارة الأمريكية في طهران لحوالى (440) يوماً ولم يطلقوا سراحهم إلا بعد فشل الرئيس الأمريكي كارتر في الإنتخابات، بعد محاولته تحرير الرهائن بالقوة العسكرية، لكن الطائرات الأمريكية التي نجحت في التسلل إلى الأراضي الإيرانية، وهبطت في مهبط مهجور في الصحراء تمهيداً للإنقضاض على طهران، ثارت عليها فجأة عاصفة رملية فتصادمت طائرات الهيلوكبتر وقُتل عدد من الجنود وأُلغيت العملية التي لم تنتبه إليها إيران إلا بعد أن أذاع الرئيس كارتر بياناً أعلن فيه فشلها.
أوباما ربما تحرك نحو إيران مستهدياً بما طرحه في حملته الإنتخابية تحت شعار (التغيير).والتغيير في السياسة الأمريكية الخارجية تعني إستبدال منهج الصدام المباشر مع الشعوب الأخرى وخوض الحروب غير المبررة مثلما حدث في العراق. لكن المعضلة التي ربما تواجه أوباما تتمثل في عنصرين مفتاحيين، الأول داخلي في ايران، إذ أن السياسة الخارجية الإيرانية مبنية على افتراضات عقائدية لم تنجح حتى في تطبيع العلاقات مع دول رئيسية في الإقليم مثل السعودية ومصر والإمارات.. بل وصل التناقض إلى عربية واسلامية أخرى هي المغرب التي قطعت علاقاتها مع ايران على خلفية التصريحات الإيرانية التي نسبت مملكة البحرين إلى السيادة الايرانية.. فإذا لم تنجح الدبلوماسية الإيرانية في التعايش مع أهم دول إقليمها الإسلامي.. فكيف تنفح علاقاتها مع الدولة التي أطلقت عليها الأدبيات السياسية الايرانية مصطلح (الشيطان الأكبر).
ثاني عقبات تحقيق ما طالب به أوباما.. أن العلاقات بين واشنطون وطهران تمر حتماً عبر تل أبيب. فالمشروع النووي الإيراني مثار النزاع معها دولياً.. هو في الأصل قضية إسرائيل في المقام الأول.. التي تخشى أن تطوير من خلاله ايران قنبلة نووية تخل بتوزان الرعب في الشرق الأوسط. فإسرائيل التي تمتلك مخزوناً مقدراً من الأسلحة النووية، تدرك أن أي سلاح نووي إسلامي في الشرق الأوسط يلغي تماماً كل مشروعها النووي، فعملياً إذا كانت اسرائيل في حاجة لعشر قنابل نووية لضرب عشر مواقع عربية واسلامية في الشرق الأوسط تشكل تهديدا لأمنها، فإن نصف قنبلة نووية في يد أعدائها كاف تماماً لمسح اسرائيل من خارطة الوجود..
إذن – عملياً – لا يملك أوباما تغيير الأيدلوجية الدبلوماسية الايرانية التي تبحث عن (الشيطان الأكبر)، كما لا يستطيع التنازل عن هواجس اسرائيل من البرنامج النووي الايراني..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق