حبة .. عند اللزوم ..!!
قرار صائب .. سودنة العمل الطوعي .. فـ(ما حك جلدك مثل ظفرك).. لكن مثل هذا الأمر لا يتحقق بمحض قرار، بل حزمة سياسات ومطلوبات بدونها لا يمكن انتظار رجاء من العمل الوطني الا بقدر رنين إعلامه..
أول هذه المطلوبات.. تقويم مفهوم العمل الطوعي..إذ لا يزال العمل الطوعي في بلادنا إمتداداً غير رشيد للعمل الحكومي..بل في أحيان كثيرة هو مجرد هروب من القنوات الرسمية.. فتمارسه جهات بكامل عفوانها الرسمي.. والمفروض أنه عمل مجتمعي ..يستثير همة الأهالي في ممارسة حكمة بناء الذات.. تصغير للحكومة حتى تصبح مجرد هياكل وظيفية تنحصر مهامها في التنظيم والسيادة ومرجعيات التحكيم.. وتكبير للمجتمع. فالدولة القوية هي التي تحمكها حكومة صغيرة ومجتمع كبير..
وأول شروط تحويل العمل الطوعي إلى عمل مجتمعي قاعدي.. تصحيح مسار الضرائب لتسمح لمن يملك أن يتطوع بماله لمن لا يملك.. شريطة أن تخصم مثل هذه التبرعات من الضرائب المفروضة على المكلف.. وتصبح القاعدة العامة..(بيدك.. أو بيد الضرائب) .. إما أن تتبرع طائعاً مختاراً.. أو تدفع للضرائب.. وهي ذات القاعدة التي مكنت بعض المجتمعات الغربية في أوروبا وأمريكا من جعل المواطن مبادراً في تنشيط وتحفيز العمل الطوعي ودفع التبرعات بكل سخاء..
وثاني الشروط.. أن تتضمن موازنة الدولة قسطاً مقدراً من الإنفاق على مؤسسات العمل الطوعي.. و تبنى سياسات ولوائح تضمن تمرير مثل هذا التمويل لمؤسسات العمل الطوعي بلا تمييز.. حتى لا تصبح بعض المنظمات الطوعية الكبيرة.. حكومات صغيرة.. تعمل بنفس الترهل الديواني وتتصرف كأنها حكومة أخرى خارج دهاليز الحكومة..
وثالث الشروط .. إجبار منظمات العمل الطوعي الوطني كلها .. بنشر تفاصيل ميزانياتها .. مواردها كم ومن أين حصلت عليها.. ومصروفاتها أين وكيف أنفقتها.. حتى لا تصبح بعض المنظمات الطوعية كأنها جمعية أسرية خاصة محروسة من العين بحصانات الخصوصية..
ولأننا دولة غنية بالكوارث.. من فيضانات وسيول في مواسم الأمطار.. ومجاعات في مواسم الجفاف.. و مضاجع الموت في الحروب .. فحاجتنا لمثل هذه المنظمات الطوعية الوطنية عالية – جدا- ولا يجب أن ننتظر المقادير لتهدي إلينا أسباب الإهتمام بها واستثارة همتنا للإعتماد عليها.. فهي مكون أصيل من صميم تراث الإنسان السوداني الذي تعود على العمل الطوعي منذ عصور طويلة في مجتمعه الصغير والكبير.. ولا أحد ينسى (النفير) الذي يشيع في القرى لحشد الأيادي للقيام بعمل جماعي طوعي.. عيب – في نظر المجتمع – التخلف عنه ..
الطريق للاعتماد بجدية على المنظمات الطوعية الوطنية ليس بمثل السهولة التي ينظر بها كثيرون إليه.. لكنه طريق حتمي .. لا فكاك عنه .. فلنمض فيه بكل جدية .. بعيداً عن الموسمية ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق