كبري توتي ..!!
المهندس عبد الوهاب عثمان وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم..نشرت له بعض الصحف إعلاناً.. يشكر فيه منسوبي وزارته.. و ينبه الجماهير إلى أن الإنجازات التي تتوالى في الولاية..لم يكن لتكتمل لولا كتائب العاملين في وزارته..
ولفت نظري في احتفالات افتتاح كبرى توتي ..قبل أيام قلائل.. أن الصور التي حملتها أخبار الصحف في اليوم التالي .. لم يظهر فيها وزير التخطيط العمراني.. ولم يكن أصلا في واجهة الإحتفال.. بل اعتلى السيارة المكشوفة مع السيد رئيس الجمهورية معتمد محلية بحري.. وغاب صاحب الأنجاز نفسه..
هذا سلوك قويم من وزير التخطيط العمراني، ليس في استنكافه عن (تجيير) الإنجازات لنفسه وتغييب الآخرين فحسب..بل لتعلية قيم العمل على الروح الإحتفالية.. ففي كثير من العمل العام.. يلفت نظري استهداف الصيت ولو بأعمال وهمية لا قيمة لها.. والأمثلة كثيرة..
وليس المقصود أن لا يفرح المسؤلون بانجازهم.. وحصائد عرقهم وكدهم وتفانيهم.. لكني أقصد العمل الذي يؤسسس من أول يوم على أعلى (حنجرة) بأفرغ مضمون..
كبرى (جزية توتي) الذي أفتتح قبل أيام.. هو ثاني جسر في القارة الأفريقية من نوعه.. أي كبرى معلق طائر بين الضفتين بلا أرجل تغوص في ماء النهر.. وليست تلك وحدها أهميته.. بل لأنه أول اتصال مباشر بين هذه الجزيرة الساحرة والبر .. ومثل هذا الاتصال لا يعني مجرد سحب سيارت أهالي توتي من اكتظاظها أمام قاعة الصداقة ..والسماح لها بالمبيت داخل وأمام منازل أصحابها .. بل رفع القيمة التجارية للجزيرة كلها.. فهي الآن أحد أهم أحياء الخرطوم.. على مرمي حجر من القصر الرئاسي و جار (الحيطة بالحيطة) لمدينة (السنط) الجميلة التي يجري العمل فيها بين ذراعي النيلين في المقرن..
بمجرد قص شريط افتتاح كبري توتي تضاف أرقام صفرية لسعر المتر في جزيرة توتي.. وتصبح محط أنظار المستثمرين، خاصة الذين يحلمون بمشاريع سياحية باهرة ..
وفي تقديري .. أن قيمة هذا الكبرى لا يجب – في الوقت الراهن – أن تتمدد أبعد من ذلك.. بعبارة أخرى لا داعي اطلاقا لمشروع الكبرى الآخر الذي يربط توتي بمدينة بحري.. لسبب بسيط.. توتي جمالها في هدوئها وانعزالها.. فالذي يعبر اليها حتى بوجود الكبري الجديد هذا.. لن يقصد أكثر من الجزيرة.. لكن ربطها بكبري آخر مع بحري يحولها من جزيرة الى محطة عبور بين الخرطوم وبحري.. يضيف اليها حركة عابرة غير مرغوب فيها.. وربما يجتاحها الزحام غير الرشيد. زحام العابرين بين بحري والخرطوم في الغدو والرواح.. وهي حركة واكتظاظ يفسد تماما هدوء وانعزال توتي..
إذا كان المطلوب العبور بين الخرطوم وبحري فليشيد الكبرى الجديد في أي مكان آخر على النيل بين المدينتين.. على الأقل العابرين سيقفزون مباشرة بين الضفتين دون الحاجة للهبوط ثم الصعود من توتي..سيدي وزير التخطيط .. لا داعي للكبرى الآخر.. فإذا كان المقصود العبور بين الخرطوم وبحري فهناك أكثر من مكان آخر مناسب وأقصر طولا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق