الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

11 اغسطس 2009 فاصل ونواصل

فاصل.. ونواصل..!!

أرجو أن يتقبل القارئ الكريم اعتذاري.. فبعد أكثر من ثلاثة أعوام من اللقاء اليومي معكم على الصفحة الأخيرة في صحيفة السوداني .. أستأذنكم اليوم في الانتقال إلى مرحلة جديدة..امتداداً لمدرسة (السوداني) في صحيفة جديدة .. صحيفة (التيار) التي نحلم بأن تكون إضافة للصحافة السودانية ..
صلتي مع صديقي الأستاذ محجوب عروة مؤسس صحيفة السوداني بدأت في مدرسة (الرأي العام) التي كان يرأس مجلس إداراتها حينما انضممت لها في العام 1997 قادماً من مدرسة حسين خوجلي في صحيفة (ألوان) .. ثم شاء الله أن ينتقل محجوب عروة إلى مدرسة (الصحافة) فأنتقل إليها بعده في أكتوبر 2005.. ثم أن نجتمع معاً في (السوداني) التي ثابرنا على مسيرتها .. في اليسر والعسر ..وعشنا نهاراتها ولياليها متحدي الهم.. ودخلنا السجن معاً.. وصفقنا لكل نجاح تحقق.. معاً..
ليس بعيداً عن مدرسة (السوداني) سنحاول – والتوفيق من الله – أن نؤسس لجيل جديد من الصحافة السودانية.. أطلقنا عليه (الجيل الخامس).. ليس جيلاً عمرياً.. بل جيلاً مهنياً.. جيل فيه محاولة الخروج قليلاً على بعض الثوابت المتعارف عليها..مثلا، قمنا باختيار الصحفيين عن طريق الإعلان المفتوح في الصحف، ثم استقبال طلبات التقديم عبر الإنترنت.. وكان المتعارف عليه في الصحف السودانية التوظيف عبر الاتصال المباشر الذي في أحيان كثيرة يغضب الصحف التي ينتقل بعض صحافيها إلى الصحف الجديدة.. كان كثير من الزملاء الصحفيين يقولون لي لماذا نقدم طلباً للعمل.. ولماذا عبر الانترنت.. ولماذا نخضع للمعاينة.. وكنت أقول لهم .. لان ذلك بالضبط هو ما ننتقد الحكومة حينما لا تفعله في وظائفها.. ولأن ذلك بالضبط هو الذي نلح في تسميته بـ(الشفافية) ..
شرفني زملائي برئاسة تحرير (التيار) .. ورغم القلق النبيل من مثل هذه المسؤولية.. إلا أن ثقتي في توفيق الله.. يعضدها اليقين بأن الهدف الأسمى هو (الإنسان).. المواطن السوداني الذي ينظر للصحافة بتقدير كبير وينتظرها أن تنطق بلسانه وتحمي حقوقه وتنصفه.. صحافة لا يقرأها القارئ بعينيه..بل يسمعها بأذنه .. ويشم أنفاسها..بقلبه..!!
وإذ أترك هذه المساحة.. هنا في الركن الأيمن الأعلى في الصفحة الأخيرة من حبيبتي (السوداني) لا أجد عزاء.. إلا أن صحيفة (التيار) ستحتضن العمود في ذات الصفحة .. بذات الرسالة.. وذات العشق..!!أستودعكم الله هنا .. على موعد أن نلتقي في صحيفة (التيار) صباح الأحد القادم 16 أغسطس 2009.. باذن الله .. وهو ولي التوفيق..

11 اغسطس 2009 جلسة ما منظور مثيلا

جلسة .. ما منظور مثيلا..!!

الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم.. شرفنا بزيارة قرية الخليلة.. يرافقه معتمد الخرطوم بحري الأستاذ موسي عمر.. تجول على أجمل شواطئ السودان.. التقى وتحدث مع المواطنين.. كفاحاً وعلى الهواء مباشرة.. كثير منهم لم يعلموا أن الذي صافحهم وتحدث معهم هو حاكم الخرطوم إلا بعد حين..ثم جلس على شاطئ النيل (جلسة ما منظور مثيلا..) على قول شاعرنا عبيد عبد الرحمن في رائعة الكاشف.. وصبر على السمع.. البصير..
تقدم بعض المواطنين للوالي بمطالب.. عادية كأي قرية في السودان لا تخرج من الخدمات الأساسية.. صحة .. تعليم .. وغيرهما.. الوالي كان يسمع أكثر – كثيراً- مما يتكلم.. يصغي بكل انتباه.. ولا يضجر من ضجيج المطالب مهما كانت.. وينظر لكل مواطن .. بلا أدني حاجة لقياس (طوله .. وعرضه).. بل أحياناً كثيرة.. كأني بهم يستلهم الحكمة من أفواه الناس.. كان يهتم أن يفصل في كل مسألة.. واذا احتاج لمعلومات يطلب من معاونيه الاتصال بالهاتف بالمسؤول عن الملف المعني.. ويستعين به في اتخاذ القرار السليم .. كل المطالب تقريبا إما استجاب لها أو أقنع المطالبين بخيار أنسب غيرها.. أو اقنعهم –برضاء كامل - بلا جدوى المطالبة بها..
نموذج جديد لإدارة الناس..منهج تفكير يضع (الإنسان) في صدر الحركة والسكون.. أن يكون هو هدف التنمية لا ضحيتها.. لا يعقل كلما فتحت الحكومة مشروعا للتنمية كتبت على جوانبه الدم.. لا حاجة لاستعادة اسماء المشاريع الشهيرة للتذكير بها.. ففي كل مشروع.. كان هناك ضحايا.. بعضهم.. قبل أن يبدأ.. وأغلبهم قبل أن ينتهي..حتى بدت أحيانا الصورة وكأن المشاريع تقتات بالجماجم.. جماجم الناقمين المخنوقين بالغضب والغبن..
والإنسان السوداني – لحسن الحظ – شديد الحساسية لما يمسه.. يحتفي بتكريمه ولو بشق كلمة.. ويغضب ويأنف.. إذا مسه التجاهل .. تكفيه كلمة طيبة - مجرد كلمة لا غير- فيتحمل الضنك والشقاء بكل سعة صدر.. يطأ على نفسه بكل عزة نفس.. من أجل غيره..
لو فهم الناس هذا الشعب.. لما احتاج السودان أن يظل في قائمة الدول الراعية للبؤس والشقاء.. كنا أحق بأن نكون واحة الاستقرار والرفاهية في أفريقيا ..بما نملك من موارد طبيعية وأفضل منها البشرية.. شعب المكون الأخلاقي سمته الأولى.. محاط بقوائم طويلة من (العيب) التي تمنع الإنسان أن يتحرك أدنى مماهو مطلوب من الإنسان... لا كبعض غيرنا من الشعوب التي تخطت حواجز العيب وصار مجرد السير في شوارعها .. نهارا ضرب من المخاطرة.. وليلا.. انتحار..
بكل صدق.. المنهج الذي يتبعه الدكتور عبد الرحمن الخضر.. في حكم ولايته يستحق الاستنساخ .. في أجهزة الدولة الأخري .. هذا هو النموذج الرائد للحكم الرشيد..
ليته يتمدد..ليته لا يتبدد..

الجمعة، 7 أغسطس 2009

7 اغسطس 2009 الناس السفلي

الناس ..السفلي ..!!

قبل عدة سنوات .. كنت في حاجة ماسة لبعض المعلومات الرسمية لكتابة مقال مهم .. اتصلت بكل أدب بالجهة الرسمية .. بأدب طلبوا مني أن أحضر لهم خطابا رسميا من الصحيفة .. بادب أكثر من أدبهم أحضرته لهم.. بعد يوم او اثنين طلبوا مني بأدب أن اذهب لمقابلة موظف مهم في الوزارة بعد أن تم تخويله رسميا بالإجابة على اسئلتي ومدي بالمعلومات المطلوبة ..
اتصلت هاتفيا بالموظف المهم ..طلب مني أن اتصل بسكرتيرته لتحديد موعد للحضور الى مكتبه .. الذي كان يبعد عن مكتبي مائة متر فقط لا غير ..السكرتيره حددت لي موعدا بعد اسبوع كامل .. بكل أدب واحترام وافقت وانتظرت الاسبوع كاملا ..
ولأن الموظف المهم .. من فرط اهميته أعطتني سكرتيرته الموعد بالدقيقة والثانية .. فقد كنت في غاية الحزم والصرامة وأنا أدخل الى مكتبه في الموعد المحدد بالدقيقة والثانية.. بالطبع بعد اسبوع كامل من الانتظار..
السكرتيره .. التي كانت تتحدث في دردشة هاتفيه .. واصلت محادثتها قليلا الى أن احست ببعض الحرج من وقوفي امامها .. فأغمضت عين سماعة الهاتف بيسراها وبكل برود قالت لي أنه خرج قبل قليل .. قلت لها والموعد الذي انتظرته اسبوعا كاملا .. ردت بعفوية ..لكنه خرج ..!!
رجعت الى مكتبي .. بعد عدة ساعات اتصل بي الموظف المهم هاتفيا .. وقدم لي عذره المعًّلب.. عرض على أن نحدد موعدا آخر .. شكرته واعتذرت له ..
مباشرة اتجهت الى الأبواب الأخرى .. فاعلو الخير الذين لا يتطلب الاتصال بهم تحديد موعد ولا الوقوف أمام مكاتب السكرتيرات.. (الناس التحت) .. بصراحة هالتني كمية المعلومات التي حصلت عليها ..خدمة التوصيل حتى المكتب .. Door to Door.. وأحيانا مع المعلومات المطلوبة اخرى هدية .. على نسق أطلب معلومة نعطيك الثانية مجانا ..
داعبت أحدهم بعد ان شرحت له حكاية الخطاب الرسمي ومواعيد الموظف الكبير والسكرتيره ثم الخروج بلاشيء .. رد على بعفوية:
-( لكن يا استاذ انت الغلطان ..)
فاجأني التعليق ..واصل حديثه:
( سعادتو ..) يقصد الموظف المهم ( مشغول .. وليس لديه وقت .. وبصراحة ..) ونظر الى متمعنا رد فعلي ( بصراحة حتى لو عندو الوقت ..هو ما عندو المعلومة ..) الاجابة أذهلتني ..لكنه قدم الشرح ( نحن الصغار ديل .. عندنا الوقت .. وعندنا المعلومات .. ماتضيعو زمنكم .. ولا زمن الكبار..)ومن يومها فعلا سمعت النصيحة .. صرت لا أضيع زمن الكبار ..عندما احتاج الى معلومات .. لا أكتب خطابا من الصحيفة .. ولا أذهب الى مكتب إدارة (الإيلام!!) .. ولا أضيع زمن الكبار وسكرتيراتهم .. فاعلوا الخير يقدمون كل شيء بأعجل ماتيسر .. وبكل سعادة .. أطلقت عليهم من عندي (السُفُلي ) .. كالجن في سرعة استجابتهم للمطلوب ..

الخميس، 6 أغسطس 2009

6 أغسطس 2009 الا الروح الرياضية

إلا .. الروح الرياضية..!!

في وصف أقرب للطرفة..أمس الأول.. مولانا أبيل ألير.. رئيس المفوضية العامة للانتخابات.. مخاطباً اجتماع للأحزاب السياسية.. طالبهم (بالتحلي بالروح الرياضية!!).. حسب نص الخبر ..
والحقيقة أن مولانا ابيل الير.. يبدو أنه لا يقرأ الصحف الرياضية.. أو صفحات الرياضة في الصحف السياسية والاجتماعية.. وإلا لطالبهم بأي شيء ..إلا (الروح الرياضية!!)..
و(الروح الرياضية !!) التي قصدها مولانا ابيل.. يقصد بها تلك اللحظات التي تلي مباشرة صافرة الحكم.. عندما ينقسم الملعب لفريقين .. منتصر .. ومهزوم.. ففي الملعب الرياضي غالبا.. يصفر الجمهور قليلا. ثم لا يلبث أن يأخذ طريقه إلى الخارج.. لكن في الملعب السياسي هناك أمثلة أخرى.. نموذج كينيا.. فقط عشرة ألاف قتيل .. و(شوية) ألاف أخرى فقدوا بيوتهم.. وضعفهم جرحي.. ونموذج زمبابوي.. وأخيرا نموذج ايران.. تنتهي المباراة ولا تنتهي مرارة الهزيمة..
وصحيح كان واضحا أن مولانا ربما لم يكن يقصد أن يقول للأحزاب (استعدوا.. وتقبلوا النتيجة..) لكن الأوضح والأصح .. أن ما لم يكن يقصده .. هو الذي فهمته وكانت تتخوف منه الأحزاب..لسبب بسيط ..أن الجميع في الملعب السياسي يخاف – جدا- من الحاجة لممارسة (الروح الرياضية..)
الملعب السياسي – في أي بلد في العالم - قريب الشبه من الملعب الرياضي.. فيه حارس مرمى ومدافعون أشداء .. وأجنحة ولاعبون وسط.. ومهاجمون..
وفي الملعب السياسي – أيضا – كما الرياضي.. جمهور .. بعضهم في المنصة و آخرون في الدرجات من الأعلى إلى أسفل الشعبية..
وفي الملعب السياسي – أيضا – كما الرياضي .. حكم .. ورجلا خط .. وفاولات.. وضربات جزاء.. وطرد من الملعب.. وإنذار..
في الملعب الرياضي .. يلعب (11) لاعبا ويتفرج عليهم الآلاف في المدرجات..و في ملعبنا السياسي أيضا يلعب (11) وفي رواية أقل.. ويتفرج عليهم (40) مليون..!!
في الملعب الرياضي .. الحارس يقبض الكرة بيديه.. بينما يركل الباقون بأرجلهم.. في الملعب السياسي.. أيضاً يقبض الحارس ..ويركل اللاعبون..بأرجلهم..
في الملعب الرياضي.. يهتف الجمهور (التحكيم.. فاشل) في الملعب السياسي يهتف الجمهور ( التفشيل.. حاكم..)
في الملعب الرياضي..الجمهور .. جمهور يدفع عند الدخول.. في الملعب السياسي.. يدفع في الدخول.. وعند الخروج.. وبينهما ..في الملعب الرياضي.. المباراة لها وقت محدد.. وزمن بدل الضائع.. في الملعب السياسي..المباراة أيضا لها زمن محدد.. وقت بدل ضائع..

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

5 اغسطس 2009 اسهل عمل .. القتل

أسهل عمل..القتل..!!

في أخبار تصدرت الصفحات الأولى لصحف الأمس.. معركة واحدة.. في منطقة صغيرة جداً ومحدودة .. استمرت لساعة واحدة تقريباً.. كان حصيلتها حوالي (185) مواطناً من جنوب السودان.. بينهم (100) امرأة وطفل..
المجزرة وقعت في ولاية جونقلي بجنوب السودان ..بالتحديد في منطقة (مارينق) جنوب غربي أكوبو.. بين قبيلتي المورلي والنوير.. وبالحساب البسيط .. من بداية العام حتى اليوم أهدرت الاشتباكات القبلية في جنوب السودان أكثر من (1000) روح بريئة.. وبالمنطق .. لا يعني ذلك احتراقاً قبلياً في الجنوب فحسب.. بل يعني أن مؤهلات الحرب لا زالت أعلى كثيراً من إرادة السلام..
حصد (185) في ساعة زمن لا يعني قوة الغضب وحده..بل قوة السلاح وتوفره وإجادته بصورة مرعبة .. تجعل الرماية ومحاصرة المستهدفين ومنعهم من الفرار وسحقهم عملاً غاية في الإحكام بدليل أرقام الحصاد الدموي.. ومثل هذا الوضع ليس من الحكمة افتراض أن قوة أخرى أكثر شراسة تستطيع فرض السلام وحقن الدماء.. فمهما بلغ عدد الجيش الشعبي وتسليحه لا يستطيع أن يكون في كل شبر من الجنوب.. ولن يوفر حرساً لكل مواطن في الجنوب.. والحل الوحيد المتوفر هو ليس نزع السلاح من أيدي المواطنين.. بل نزع الغل.. وزرع الحياة..
عندما تستوي فرص الحياة والموت .. يصبح سهلاً صناعة الخراب.. والمدهش أن الجنوب الذي عاش في ظل الحروب نصف قرن كامل.. منذ أغسطس 1955 وحتى اليوم.. كان الظن أن أول ما سيتحقق بعد توقيع اتفاق السلام أن تهدر ماكينات التعمير في كل بقعة منه.. وتنهمر الأموال والأيدي العاملة الباحثة عن الرزق إليه.. فيصبح هديراً متواصلاً ليل نهار لتعويض الذي ضاع وفات.. و يعزز هذا الظن الموارد البترولية الضخمة التي ضختها اتفاقية قسمة الثروة إليه.. لكن النتيجة بعد أربع سنوات من اتفاق السلام.. لا سلام.. صحيح توقفت الحرب (الرسمية!) بين الجيش القومي .. والجيش الشعبي.. وصحيح لم تعد الدبابات هي التي تتحرك في الأحراش أو المدن.. لكن الحرب تحولت إلى ميدان آخر.. القبائل تلتهم بعضها بعضاً.. ليس في الغابة بل حتى في إستاد مدينة ملكال نفسها..
والذي يحزن أكثر.. قلة الإكتراث القومي هنا.. هناك خاطر وطني منفصم تماماً.. لا يحس في هذه الأرقام.. أرقام القتلى .. بالهلع أو حتى القلق.. بينما تبث وكالات الأخبار الأجنبية تصريحات السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ويعلن فيها قلقه.. في تقديري أن الإنفصال السياسي المعنوي تحقق حتى قبل الاستفتاء على تقرير المصير.. إذ لفت بعد صدور حكم محكمة التحكيم الدولية في قضية أبيي.. كانت التصريحات واللقاءات السياسية في الشمال كلها مع قبيلة المسيرية.. وكأني بقبيلة دينكا نقوك ضمت إلى دولة أخرى..
انتهت الحرب.. نعم .. لكن السلام لا يزال ينتظر دوره ..!!

الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

4 اغسطس 2009 حب من طرف واحد

حب من طرف واحد..!!
(ملحوظة : الجزء المكتوب بالأحمر حذفته الرقابة من النسخة المطبوعة)
كلما رأيت مشروعا جديدا يفتتح.. أو يوضع له حجر الأساس.. ثم شاهدت الاحتفالات الحكومية به.. أحس بسؤال خناق.. يكاد يخنقني.. هل فعلا الحكومة مقتنعة أن مشاريع التنمية هذه هي ما ينقص الشعب.. وأنها بانجازها تقدم له خدمة مستحقة.. يجب تقديرها إذا أتيح للشعب إلقاء بطاقته الانتخابية في صندوق الانتخابات..
هناك مشكلة (تفاهم) حقيقية بين الحكومة والشعب.. لا تحتاج إلى بطل لاكتشافها إذا تمعنت في الخطاب الجماهيري للحكومة.. كلما افتتحت الحكومة مشروعاً ربتت على كتف الشعب .. وزجرته بقوة ليتذكر حسن صنيعها..وصحيح حكومة الإنقاذ قدمت من المشاريع الكبيرة والصغيرة كثيراً.. وتمددت مشروعاتها في مختلف المجالات.. لكن هل ذلك كل ما هو مطلوب لإسعاد الإنسان السوداني؟؟ هل تستطيع الحكومة أن تنال ثقة الشعب إذا أجريت انتخابات (نزيهة).. شفافة.. ممتطية ظهر الانجازات الكبيرة التي نجحت في إكمالها أو تلك التي في الطريق؟؟
بصراحة ..الإجابة ..لا ..لأن أهم عنصر مطلوب لإكمال الصلات الطبية بالشعب لا يزال مفقوداً ..ولا أقول ذلك افتراضاً أو تقديراً من وحي الانطباع العام.. لكني أملك البرهان الأكيد في يدي.. وهو أن الحكومة حتى هذه اللحظة لا تسمح بالنشاط السياسي المفتوح .. خاصة في ولاية الخرطوم..وهو ما يعني أن الحكومة تدرك أن أي اتصال سياسي جماهيري مفتوح .. يهز موقفها الجماهيري ..مع كل الانجازات ومفاتيح الحركة والسكون التي تحملها الحكومة.. لكن مجرد قيام ندوة جماهيرية.. أو أي عمل مفتوح يتصل بالشعب مباشرة.. يطيح بمكتسبات هذه الانجازات بل أحياناً يجعلها بنداً في لائحة انتقاد الحكومة.. لماذا لا تنجح الحكومة في إنشاء جسر مع المواطن كما تنشئ الجسور فوق النيل .. (وما أكثر الجسور التي أنجزتها هذه الحكومة..خمسة في الخرطوم .. وواحد في رفاعة.. وثلاثة في ولاية نهر النيل ..و جسر مروي – كريمة . .و دنقلا – السليم) .. مع كل هذه الجسور لم تنجح الحكومة في بناء جسر متين مع المواطن.. ودائماً كلما أغدقت الحكومة انجازاتها زاد عمق جراح المواطن تجاهها..
السبب لأن المعامل الجماهيري في تفكير الحكومة متدني لأبعد مدى.. إحساس الحكومة بالفرد والإنسان السوداني فيه خلل كبير.. وربما تفترض الحكومة أن المواطن راض عن ما تفعل كلما فعلت فيه معروفا.. والحقيقة أن المواطن لا يكاد يحس بأنه معني بما ينجز.. وفي أحيانا كثيرة تبدو الحكومة في نظره طرف.. وهو الطرف الآخر..
علاقة تقابل لا تعاضد.. علاقة مجابهة لا مواجهة.. علاقة تجعل المواطن يبتلع كلمة (نحن) التي ينطق بها خطاب الحكومة العامة .. على أنها تعنى طرفا آخر غريب عنه..لا جزء منه ..
من الحكمة.. أن تراجع الحكومة علاقتها بالمواطن.. فهي تخسر كل يوم على خسارتها فيه.. ولكن المشكلة الأكبر أن الحكومة تعتبر مثل هذا الحديث مجرد نقد من أجل النقد..

الأحد، 2 أغسطس 2009

2 اغسطس 2009 مؤشر السودان

مؤشر السودان..!!

الواقع الآن.. يحتاج لحصة حساب تحصي عدد السودانيين الذين ينطبق عليهم مصطلح (نازح).. وكذلك الذين ينطبق عليهم مصطلح (لاجيء) ..في تشاد أو بريطانيا كلهم سواء..فكلهم سودانيون محرمون من نعمة الوطن.. ولا أقصد أولئك الذين كانوا تحت طائلة هذا المصطلح وانصلحت أوضاعهم في الجنوب أو الشرق.. بل الرقم الحالي الماثل أمامنا..
ثم حساب آخر.. لعدد الأجانب الذين نستضيفهم بسبب المشكلات التي أفرزت (النزوج واللجوء) .. لا أقص الأجانب اللاجئين لبلادنا .. ولا العاملين في بلدنا..بل الأجانب الذين تسببت في وجودهم في بلادنا كوارثنا التي أفضت إلى النزوح واللجوء..
مثلا.. القوات الأممية التي جاءت بموجب اتفاق السلام الشامل في نيفاشا عام 2005.. ثم القوات الهجين التي جاءت بسبب دارفور.. وجيوش الأجانب العاملين في منظمات العون الإنساني..
بحساب أرقام كل هؤلاء.. نحصل على معادلة رقمية حسابية دقيقة تصلح أن تكون (مؤشراً) مثل المؤشرات التي تستخدم في البورصات المعروفة.. مؤشر داوجونز في أمريكا.. نيكاي في اليابان.. داكس في ألمانيا..وغيرها..
ومثلما لكل الـ(مؤشرات) العالمية أسماء ..فلنطلق علي مؤشرنا هذا (مؤشر السودان) .. ولنحسب به بعد ذلك حالنا السياسي..
المؤشر الذي نحصل عليه.. لحساب الاستقرار السياسي في البلاد.. كلما ارتفع رقم الذين هم تحت طائلة (نازج أو لاجيء) .. هبط (مؤشر السودان).. وكلما زاد عدد حجم الوجود الأجنبي المرتبط بالقوات والمنظمات.. زاد حجم الـ(لا) استقرار السياسي أيضا..وهبط (مؤشر السودان).. والعكس صحيح طبعا..
وحيث أن الموسم قادم.. موسم الانتخابات والدعاية السياسية .. فالأجدر أن تعتمد الأحزاب السياسية في برامجها الانتخابية على (مؤشر السودان) .. وتعلن فيه وعودها الانتخابية..
مثلا حزب سياسي يكتب في دعايته الانتخابية ( نعمل على رفع مؤشر السودان) وهي عبارة تعني قفل ملفات النازحين واللاجئين السودانيين.. والاستغناء عن خدمات جميع القوات الأجنبية.. وكذلك منظمات العون الانساني الأجنبية..
(مؤشر السودان) ليس فقط للدعاية الانتخابية.. بل ليذكر السودانيين كلهم.. أن الإستقرار في بلادهم لا تصنعه مجرد النوايا الحسنة المرفوعة فوق هامات الإعلام أو البيانات الصحفية.. هناك أرقام.. والحساب ولد.. ليبرهن أي حزب سياسي على مدى قدرته على تحقيق الاستقرار السياسي .. وتلقائيا.. رفاهية الشعب السوداني..
من الآن أحسبوا الرقم:
التنمية = مقلوب((نازحون+ لاجئون) سودانيون+ (قوات+منظمات) أجنبية)
والحساب ولد ..!!

السبت، 1 أغسطس 2009

1 اغسطس 2009 نشتري ونبيع المجد بأغلى ثمن

نشتري (ونبيع!!) المجد.. بأغلى ثمن ..!!

المبعوث الأمريكي الخاص للسودان.. السيد سكوات غرايشن قال في جلسة استمتاع أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.. أنه لم ير دليلا على ارتباط السودان بالإرهاب..وأنه حان الوقت لاخراجه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.. وهي كوبا والعراق وسوريا وايران وشطبت كوريا من القائمة بعد تفكيك برنامجها النووي. وقال المبعوث الأمريكي.. وهو جنرال عسكري سابق "ان اجهزة استخباراتنا لم تقدم على الاطلاق اي دليل ملموس يشير الى ان السودان دولة داعمة للارهاب..انه قرار سياسي".
وطبعا.. المبعوث الأمريكي لم يأت بجديد .. فالسودان لم يتهم بأي عمل ارهابي في أي دولة في العالم.. ورغم عنف الهجمات التي وقعت في سبتمبر 2001 الا أن أحدا من السودانيين لم يكن مشاركا فيها لا بصفة مباشرة .. أو غير مباشرة..
ولأن المبعوث الأمريكي أصلا جنرال.. وعسكري يدرك تماما معني الإرهاب.. ويعرف كيف يقرأ التقارير الاستخبارية فلربما يكون هو الأقرب للحكم بانتفاء أية صلة للسودان بالارهاب.. لكن تبقى المشكلة هنا.. وليس في أمريكا..أتدرون كيف؟؟
ذات الأخبار التي نقلت تصريحات المبعوث الأمريكي .. نشرت تصريحات مسوؤل سوداني كبير..السيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية.. يطلب (بل الأجدر يتوسل ) فيها لأمريكا أن تبقى السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب.. و(لا) تتعجل بقرار إخراجه منها أو تطبيع علاقاتها..
وقال اموم لدى مخاطبته لجنة الشؤون الأفريقية بالكونغرس الأميركي، أن المؤتمر الوطني لم يركز على حل القضايا المتعثرة في اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب وأنه اتخذ الاتفاقية كسانحة لتطبيع علاقته مع الإدارة الأميركية الحالية، وان هنالك محاولة للتطبيع معهم. وقال «يجب ألا يتم مكافأتهم قبل تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وحل أزمة دارفور».
ولو كان باقان أموم .. في مقاعد المعارضة ربما كان اللوم أقل..مع بقاء حالة كونه خارقا للعرف الوطني.. لكنه مسؤول كبير في حزب حاكم.. وهو حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ثاني اثنين في القصر الجمهوري ومجلس الوزراء والبرلمان بغرفتيه..
ويعلم أموم أن أي عقوبات على (الوطن) السودان.. لا تقع على رأس (الوطني) الحزب.. بل على رأس المواطن الذي يدفع فاتورة المقاطعة الاقتصادية الأمريكية.. وأن بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للأرهاب .. علاوة على أنه إجراء ظالم.. فهو يعطل مصالح الأهالي قبل الحكومة..ويبقى العيب جسيما.. أن يطالب الجنرال الأمريكي برفع اسم السودان من القائمة السوداء.. ويطالب الرجل الذي كان قبل شهور قليلة وزير رئاسة مجلس الوزراء.. أن يظل السودان مقاطعا.. وفي القائمة السوداء..
مثل هذه السلوك .. علاوة على فقره الاستراتيجي .. لأن الادارة الأمريكية أصلا لا تأخذ بمثل هذه الشهادة المجروحة.. فهو أيضا يكشف إلى مدى تكمن المشكلة والأزمة .. فينا.. الساسة الذين يحكمون الوطن ..(بأغلى ثمن) كما تقول كلمات النشيد الوطني السوداني ..ثمن يدفعه الناس لا الساسة..