الجمعة، 31 أكتوبر 2008

31 اكتوبر 2008 - تجديد الدماء ..!!

تجديد.. الدماء ..!!!
نصيحة مني خالصة لوجه الله.. لحزب المؤتمر الوطني.. بعد عشرين عاماً متصلة من الحكم لم يعد ممكناً استمرار نفس القيادات والزعامات في الحكم.. لا بد من تجديد الدماء وإتاحة الفرصة لأجيال وخبرة جديدة.
.لو كانت آلة، سيارة مثلاً أو ماكينة لاحتاجت بعد كل هذا الجهد المضني والسنوات الطوال لاعادة تحديث وتبديل.. فحتى الطائرات الحديثة تحتاج إلى صيانة كل فترة ثم إلى إحلال كامل لأجزائها.. خاصة الحساسة.. فكلما كانت الآلة أو الماكينة مهمة ويتوقف عليها مصير الطائرة احتاجت إلى تبديل وإحلال يضمن سلامتها واستمرارها في أفضل حال..
حزب المؤتمر الوطني تولى ُمنفرداً حكم البلاد فترة طويلة خاض فيها صراعات سياسية مريرة وما بقي في جسمه موضع ليس به طعنة رمح أو وخزة سيف.. وليس في ذلك عار أو حرج.. لكن الأوجب أن يتعهّد الحزب هياكله ويسمح لدمائه أن تتجدد لتسري في عروقه خبرات جديدة ومنهج تفكير غير مستهلك ولا مرتبط بالماضي ارتباطاً يعطل التفكير في المستقبل.. وهو حزب كبير تتوفر فيه كوادر وفيرة. وكلهم قادرون و(راغبون) في التقدم للمساهمة في صناعة الحاضر والمستقبل.. فقط لو أُتيحت لهم الفرصة.
.الأجدر أن نعلي من مصالح الوطن فوق الأشخاص.. وأن لا نفترض أن الحزب رجل أو أن الرجل حزب.. يفنيان أو يبقيان معاً.. فالأوطان طويلة الأعمار ولم يهب الله أحداً الخلود ليصبح وطناً.. فمن الحكمة السماح لتيار الحياة المتحرك أن يمضي في سبيله الفطري.. جيلاً من بعد جيل.. وكل خلق لزمان غير زمان غيره..
ليس في مثل هذه الدعوة تجزيف.. فالمبادئ التي يدعو لها الحزب يمكن أن يحمل رايتها جيل جديد من ذات الحزب.. وهناك كوادر كثيرة يفيض بها حزب المؤتمر الوطني سهل جداً أن يتقدموا إلى الأمام ليواصلوا المشوار .. فقط إذا سمحت لهم أدبيات الحزب بذلك.. فبعض الأحزاب يعتبر التطلع للقيادة رجسٌ من عمل الشيطان يجعل مرتكبه في عداد المرجومين المنبوذين .وقد يذكر الكثيرون (مذكرة العشرة) التي رفعها بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني في وجه أمينه العام الدكتور حسن الترابي.. وطالبوه فيها بقيادة مؤسسية تسمح للآخرين أن يساهموا في صنع القرار.. فإذا قدموا ذلك الطلب للترابي بعد (8) أعوام فقط من الحكم .. فالأوجب – جداً - النظر في ذات الطلب بعد عشرين عاماً كاملة من الإنفراد بالحكم .الوطن يمر بمنعطف خطير .. والثابت عملياً ان الاختناق السياسي لم تثمر فيه فيوض الاتفاقيات الموقعة .. لا جيبوتي ولا نيفاشا ولا أبوجا ولا القاهرة.. بل على النقيض تماماً. كلما وُقعت اتفاقية فأرخت البندقية في مكان.. ارتفع صوتها أكثر ضجيجاً في موقع آخر.. وكلما ُأغلق ملف.. انفتح آخر.. حتى ما عاد أحد يصدق أن يأتي يوماً ترتاح فيه المآسي منا..الم يحن الآوان لتجديد الدماء.. تغيير يسمح بسريان دورة الحياة.. !!

الخميس، 30 أكتوبر 2008

خبر حجبته الرقابة اليوم الخميس 30 اكتوبر 2008

الأمة : تصريحات نافع تهزم خيارات الحلول الوطنية
الخرطوم- السوداني
أعلن حزب الأمة القومي عن أسفه لأسلوب وتوقيت تصريحات مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني د.نافع على نافع التي أتهم فيها القوى السياسية المؤيدة لفكرة الاقليم الواحد لدارفور بأنها واجهات للحركات المسلحة واعتبر الاتهامات تمثل ارهابا فكرياً. وقال بيان للأمين العام د. عبد النبي على أحمد صدر أمس أن التصريحات المنسوبة لنافع تجنح لتأكيد الرأي المسبق للمؤتمر الوطني حول مآلات ونتائج مبادرة أهل السودان.
وأضاف البيان أن السعي لنقل نقاط الخلاف لأجهزة الإعلام "وبهذه الحدة" أثناء سير أعمال ملتقى أهل السودان يشكل إضعافاً للجهود ووضعاً للعربة أمام الحصان.
وأشار البيان ان المركز السياسي والتنفيذي لنافع مساعد الرئيس ومسؤول ملف دارفور يجعل الموقف المعلن يهزم خيارات الحلول الوطنية ويضع العربة أمام الحصان ويدعم احتمالات الحلول الوافدة التي نعمل جميعا على تفاديها.وقال البيان أن الجميع يتطلع لأن يعلن المؤتمر الوطني ويوضح موقفه الداعم للحلول القومية واستعداده للاستجابة للمطالب المشروعة لأهل دارفور وتغليب الجهود الوطنية وترحيبه بجهود الأشقاء والأصدقاء لـ"دعم هندسة الأزمة السودانية".

30 اكتوبر 2008 - أفتحوا شارع الحرية ..!!

أفتحوا .. شارع الحرية..!!


مجلس الوزراء الموقر انتقل قبل عدة سنوات إلى مقره الحالي .. في المقر السابق لولاية الخرطوم.. وهو مبنى تاريخي فخيم يقع على تقاطع شارع الجامعة مع شارع الحرية..
في الشهور الأولى.. ظلت حركة المرور طبيعية لم تتأثر بانتقال مجلس الوزراء إلى هذه المنطقة.. لكن فجأة حدثت تعديلات أربكت تماماً الحركة ليس في المنطقة وحدها بل أثرت على وسط الخرطوم كله..فقد أُغلق شارع الحرية في مدخليه من شارع الجامعة.. وشارع النيل أيضاً..
وعملياً لم يعد هناك مدخل للإنتقال بين شارعي النيل والجامعة إلا جوار فندق هوليداي فيلا الذي يمر إلى تقاطع (صينية الحركة).. وأقرب شارع آخر هو الذي يمر غرب القصر الجمهوري.. ونتج عن ذلك اختناق شبه مستمر في منطقة وسط الخرطوم وشارع النيل..
النظرية التي بُنيت عليها حيثيات إغلاق شارع الحرية .. أنه يمر بجوار مجلس الوزراء.. لكن بنظرة هادئة متجردة للأمر تبدو الحقيقة مختلفة تماماً..
اذا كان مطلوباً إبعاد مجلس الوزراء الموقر من حركة المرور العادية .. لأي اعتبارات فالأوجب هو اغلاق شارع الجامعة.. لأنه الأقرب إلى مبني المجلس .. بل يمر تحت قاعات الإجتماعات الرئيسية لمجلس الوزراء.. بينما شارع الحرية المفترى عليه يمر في الجانب المواجه لـ(حديقة!) مجلس الوزراء .. وهو بعيد عن مباني المجلس تماماً..
وتبدو الصورة أكثر تناقضا اذا قورنت بوضع القصر الجمهوري .. وهو الأكثر حساسية لأنه رمز سيادة البلاد .. ويضم مكتب السيد رئيس الجمهورية و مكتبي نائبيه .. ومساعديه ومستشاريه.. ومع ذلك تسير السيارات غدوا وراوحا داخل القصر نفسه.. وعلى بعد خطوات قليلة من مكتب السيد رئيس الجمهورية..
فإذا كان مطلوباً ابعاد حركة المرور من هذه المقار السيادية فكان الأولى اغلاق شارع النيل في الجزء العابر داخل القصر الجمهوري..
في تقديري أن الحكمة تقتضي فتح شارع الحرية.. والسماح لحركة المرور العادية أن تعبر بين شارعي الجامعة والنيل في هذه المنطقة.. فذلك يخفف كثيراً من زحام وثقل المرور في وسط الخرطوم كما أنه – وهو الأهم – يمنح الشعب الإحساس بأن مجلس الوزراء جزء من مؤسساته وليس محمية معزولة.. وقبل انتقال المجلس إلى هذا الموقع ظل لعشرات السنوات في موقعه السابق وتسير حركة المرور حوله ملتصقة به تماماً ولم يثبت أن ذلك شكل هاجساً لمن في المجلس..
والزائر للعاصمة الأمريكية واشنطون يبهره منظر البيت الأبيض ويستمتع الزائرون بالتقاط الصور على سوره تماماً بلا أدنى قيود.. ويقف على بعد أمتار من المكتب البيضاوي.. بل وفي أيام العطلات يسمح للزوار بدخول البيت الابيض نفسه في الطابق الأرضي ويظل الرئيس وعائلته في الطابق العلوي لحين انتهاء فترة الزيارة..
سيدي وزير شئون مجلس الوزراء .. أفتحوا شارع الحرية.. فالاقتراب من الشعب بركة..!!


الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

نتيجة استطلاع الرأي ..


مبادرة أهل السودان .. هل تراها مدخلا لحل مشكلة دارفور

كان ذلك هو السؤال الذي استطلعت فيه رأيكم .. وأتت النتائج كالتالي:

  • نعم بكل تأكيد (22%)
  • لا.. لأنها تؤجل الأفعال.. لصالح مزيد من الأقوال.. (64%)
  • لا أعرف ماهي مبادرة أهل السودان 14%
    ولا يفوت فطنتكم – طبعاً – أن الاستطلاع هو للذين تفضلوا وادلوا برأيهم .. وهو بالتالي لا يمثل عينة عشوائية علمية حسب الطرق التقليدية.. ولكنه يعبر عن رأى شريحة يمكن أن تمثل صورة مصغرة لما يمكن الحصول عليه من المجتمع..
    ونتيجة الاستطلاع منقطية مع الواقع.. فالغالبية .. ثلثان تقريبا يرون أن ما يتمخض عنه ملتقى كنانة لن يتجاوز الشعارات .. وقد وضح ذلك فعلا في التصريحات التي أدلى بها الدكتور نافع على نافع في مدينة نيالا والتي شن فيها هجوما حادا على بقية الأحزاب ( رغم أنف ملتقى أهل السودان الذي لم ينفض سامره بعد) بل وتحداهم أن (الانقاذ) باقية رغم أنفهم وأنه ضرب من (أحلام اليقظة) أن تظن الأحزاب أنها قادرة على ازاحة الانقاذ .. ولو بعد عشرين عاماً..

29 اكتوبر 2008 - هامش الجدية

هامش الجدية..!!

في انتظار الإنتخابات العامة – إن وجدت – لماذا لا تبدأ الأحزاب في ممارسة عملية ديموقراطية حتمية.. عمليات انتخاباتها الإبتدائية Primary ..
والـ(Primary) يقصد بها انخابات تمهيدية لانتخابات أخرى .. و تشبه الانتخابات الضروس التي خاضها مرشحو حزبي الجمهوري والديموقراطي في أمريكا للخروج بمرشحيهما للرئاسة.. فخاض باراك أوباما انتخابات مرهقة وعصية ضد السيناتور هيلاري كلينتون داخل أروقة حزبهما الديمقراطي .. وانتهت العملية بفوز أوباما ليصبح مرشح حزبه للانتخابات.. وهنأنته كلينتون وأعلنت وقوفها معه في انتخابات الرئاسة.. ضد مرشح الحزب الجمهوري جون مكين..
لماذا لا تبدأ الأحزاب السودانية في (البرايمرز) لتحديد مرشحيها للرئاسة .. طالما أن الزمن المتبقي (نظرياً) للانتخابات صار في عدد أصابع اليد الواحدة من الأشهر..
ربما الحقيقة المدهشة، ليس في أن أحزابنا لم تستعد لمثل هذه الممارسة الداخلية..بل في أن ضميرها يعتبر الخوض في مثل هذه الأمور بعثرة للملابس الداخلية.. فكل حزب منكفيء على ذاته يتلوي في داخله إحساس مكتوم بأن (الديموقراطية) لعبة في (غير ملعبنا) .. هناك في القصر أو البرلمان.. وأن قانون الانتخابات وحواشيه من مجلس الأحزاب وغيرها هو كل ما هو مطلوب للانتخابات..
وتمارس بعض الأحزاب مزيدا من لقاح (أنا لا أكذب لكني أتجمل) بافتراضها أن مثل هذه الاختيار (البرايمري) هو من صميم مهام المكتب السياسي أوالقيادي او اللجنة المركزية حسب المسمى الذي يعتز به كل حزب.. ومن الممكن القبول بذلك لو كانت مثل هذه المؤسسات قادرة (وراغبة) في ممارسة ديموقراطية حقيقية داخلها .. ويسمح فكرها وسعة صدرها لمنافسة شريفة بين الزعامات ..
لنطرح أسئلة تبدو عفوية.. هل يمكن في أى حزب سوداني موجود على الساحة الآن.. أن يبرز قيادي ويدعي أنه الأوجب والأولى من زعامة الحزب بالترشيح لرئاسة الجمهورية.. بعبارة أخرى هل يسمح (الأدب الحزبي) عندنا لشخص غير الرئيس المكرس تاريخيا أن يفترض في نفسه الكفاءة والرجاحة لتولي منصب الرجل الأول في الحزب..!!
لضمان جدية الانتخابات .. وأنها فعلا وسيلة للتحول الديموقراطي يحتاج شعب السودان لـ(هامش الجدية) .. ان تنخرط هذه الأحزاب في منافسات داخلية لاختيار مرشحيها للرئاسة.. وهو الاجراء الوحيد الذي يمكن أن يقنع شعب السودان أن هذه الأحزاب وبعد نصف قرن من الإستـ(غ)ـلال قد تغيرت وأنها وعت الدروس المكررة التي عاشتها في متواليات الحكم الحزبي والعسكري..
أليس حكيماً.. قبل أن تتصارع الأحزاب في اختيار (مجلس الأحزاب) وتفشل في التعرف ليس على السيرة الذاتية لمرشحيها..بل في (النوع) ذكر ام انثي.. أليس الأجدر أن تبدأ هذه الأحزاب الاستعداد ليوم الفصل السياسي.. بانتخابات داخلية لاختيار مرشحها للرئاسة.. (بروفات) لا أكثر لنمطئن نحن شعب السودان ونفترض أن القادم سياسياً ليس فيه من ملامح الماضي إلا العبر..

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

بين اليقظة والأحلام..!!

بين اليقظة والأحلام ..!!

الدكتور نافع على نافع .. في تصريحاته أمس الأول في نيالا.. قال أن الذين يبتغون زوال (الانقاذ) .. إنما يحلمون (أحلام اليقظة) .. ويبدو أن نافع يقصد مصطلحا قديما للمعارضة يختصر في (تفكيك!!) الانقاذ.. وكانت العبارة رائجة – جدا - في أدبيات المعارضة المهاجرة .. الا أنه مع توالى اتفاقيات السلام من جيبوتي الى نيفاشا الى القاهرة فأبوجا.. اضمحل رنين المصطلح .. وربما تواري خلف (البسمات كتمت دموع..)
واحدة من أهم المفاهيم الراسخة التي اعتمد عليها الدكتور حسن الترابي في فكره القيادي ..لحركة سياسية صغيرة قادها حتى أضحت تسيطر على الحكومة والمعارضة معاً.. أنه كان قادراً على القفز فوق الأسماء والمصطلحات.. استخدمت الحركة الاسلامية مصطلح (الإخوان المسلمون)..ثم (جبهة الميثاق الاسلامي) .. و الاتجاه الاسلامي (في محيط الطلاب) ثم (الجبهة الاسلامية القومية).. ثم المؤتمر الوطني (النسخة الأولى قبل اقرار التعددية السياسية في دستور 1989) .. و لم يكن الاسم يشكل حاجزا معنوياً في سياق التطور التاريخي للحركة.. وشكلت هذه الرشاقة المصطلحية واحدة من عوامل نجاح الحركة في الإنتقال السلسل عبر المراحل التاريخية..
على نقيض الحزب الشيوعي – غريمها الأول – الذي شُق عليه حتى اليوم أن يخرج من السور الحديدي للاسم والمصطلح.. رغم انهيار الشيوعية في مقرها العالمي المركزي وتفكك منظومة دولها وتسابقهم في دخول حلف الناتو..
لكن الصورة الأن تبدو مثيرة للدهشة ..!!
مصطلح (الإنقاذ) .. الذي وُجد على الساحة السياسية مع فجر الثلاثين من يونيو عام 1989.. قصد به (أكلشيه) سياسي يحدد طبيعة مرحلة انقلابية انتقالية قصيرة المدى.. بالافتراض الطبيعي أن أى عملية (إنقاذ) هي فنياً عملاً مرحلياً ينتهي باستقرار الحال الطبيعي..
وكان حرياً.. بتلقائية.. استلهام (اكلشيهات) متجددة تلائم كل ظرف متطور.. حتى تنمو فكرة الدولة في الضمير الشعبي وتتحول الحركة الانقلابية الطارئة إلى مفهوم دولة مستقرة.. وتزول شرعية الإنقلاب لصالح شرعية دستورية مستقرة ..
لكن الواقع أن المصطلح دخل في حيز (لا مساس) .. وصار حرماً مصوناً لا يجوز القفز فوقه.. فتجمدت فكرة الدولة في مربع صغير.. لا تكاد تغادره شبراً..
هذا الواقع.. واقع الإسستسلام للمصطلح وتبجيله لدرجة الارتباط الكاثوليكي.. يحجم تماما القدرة على التفكير السياسي المتطور الذي يوكاب الظرف والمرحلة.. وسيدو الأمر مربكا لدرجة الحيرة أن يكون في البلاد (حكومة وحدة وطنية) كما هو الوضع الآن.. لكن تحت (حكم الإنقاذ)..
المفهوم الذي بنت عليه الحركة الإسلامية طموحها لتولى مقاليد الحكم يقوم على فكرة عمادها تأسيس دولة موصوفة بمقومات محددة.. لكن ليس بالضرورة (اسم محدد) لا يجوز الخروج عنه ..!! فالإعتداد بمصطلح (انقاذ) وافتراض أن أى محاولة لتفكيك المصطلح، استهداف للدولة الكائنة الآن.. هو في حد ذاته ضرب لفكرة الدولة التي كانت ترسمها أدبيات الحركة الإسلامية قبل أن تتولى مقاليد الحكم..

الاثنين، 27 أكتوبر 2008

27 أكتوبر 2008 أم المصافيف..!!

أم (المصافيف)..!!

سبع لجان فرعية من ملتقى (أهل السودان) ظلت تجتمع وتتداول بكل جدية خلال الأيام الماضية للوصول إلى توصيات في المحاور المتخصصة التي أحيلت اليها.. الآن هذه اللجان أنهت أعمالها.. وتعكف اللجنة المناط بها صياغة الخلاصات النهائية على حياكة التقرير النهائي.. الذي يتوقع أن يعرض على كامل عضوية الملتقى في جلسة بقاعة الصداقة نهاية الشهر الحالي .. ويصبح هو الخط العام للتسوية السياسية التي سيجري التفاوض حولها مع حركات دارفور في مؤتمر السلام في العاصمة القطرية الدوحة..
ورغم التفاؤل بأن يحقق الملتقى أهدافه بجمع الناس على كلمة سواء.. إلا أنه سيكون من المحبط جداً لو اتضح – لشعب الله المحتار - أن وحدة قياس نجاح توصيات الملتقى بـ(الكليوجرام).. وزن الورق الذي كتبت فيه التوصيات..بعدد وحجم التوصيات ومخرجات اللجان.. بل – وبصراحة كاملة – من عندي سأفترض أن قياس النجاح يتناسب عكسياً مع حجم وعدد التوصيات .. سيكون الملتقى ناجحاً كلما كانت توصياته قليلة مباشرة صادقة.. جريئة..
لماذا؟؟ سأقول لكم ..
قضايا السودان رغم عمق جراحها ومرارة أنينها إلا أنها سهلة المفردات.. يعلمها كل (أهل السودان) .. بل ويدركون كيف حلها.. فيبقى المطلوب من الملتقى ان يستنبط من عقول عضويته ما لم يرد في خاطر أهل السودان.. أن يجد حل للمعادلة التي أعيت من يداويها.. ومثل هذا الحل لابد أن يكون في حيز (الذي فات على الناس اداركه) وبالضرورة سيكون قليلا صغيرا موجزا..
لكن اذا توصلت لجنة صياغة توصيات الملتقى إلى أطناب من الخطب الرنانة .. أطنان التوصيات المشحونة بالمعلوم للناس.. سيكون كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء.. وسيبعث ذلك برسالة إلى أهل السودان أن كثرة التوصيات قُصد منها طمس معالم الحل الذي لابد منه.. الحل الذي ربما يصبح ابتلاعه، كتجرع الدواء المر..
في تقديري أن قضايا (أهل السودان) كلها حلها في جملة واحدة من سطر واحد.. (سيادة القانون) .. وليس مطلوباً توصيف هذا القانون السيد بمقاسات محددة .. فليكن أى قانون.. فقط المطلوب الالتزام به..
أى توصيات مهما كانت محكمة وحكيمة.. المحك فيها (التنفيذ).. وسيكون حرثاً في البحر أن يطلب أحد تنفيذ (توصيات!!) .. مجرد (توصيات!!) اذا كان القانون بل الدستور نفسه مجرد وثيقة اختيارية.. فرض كفاية اذا نُفذ منه بند كفى عن باقي الأجندة..
ليت اللجنة المكلفة بصياغة التوصيات .. تقرؤها كلها بعناية.. وتمارس فضيلة التحليل الهندسي العميق الحصيف .. فسيتضح لها أن كل التوصيات تولد من نبع واحد.. فتكتب في توصياتها عبارة واحدة في نصف سطر..
(أهل السودان يطالبون بسيادة القانون.. أى قانون..!!) في ذلك الحل والعلاج .. وكل ما عداه فهو (مصفوفة) من ضمن المصافيف..!!

26 اكتوبر 2008 - (فاقد الشيء)..!!


فاقد الشيء ..!!
في مقال نشرته الزميلة (آخر لحظة) قبل حوالى الأسبوع كتب الدكتور محي الدين تيتاوي نقيب الصحفيين السودانيين .. مقالاً ينافح فيه عن موقف الاتحاد العام للصحفيين في مشروع اسكان الصحفيين.. الذي يجري تنفيذه في موقعين هما .. الحارة رقم (100) في أم درمان.. ومنطقة الوادي الأخضر شمال شرق الخرطوم بحري..
وغني عن اى جدل او رهق أن مشروع اسكان الصحفيين انجاز كبير وغير مسبوق .. ويكتب في سجل الدورة الحالية للنقابة.. لكن الذي لفت نظري في مقال النقيب ليس المرافعة عن الانجاز بل قضية أخرى مختلفة تماما..من سياق المقال فهمت – ولم تكن تتوفر لي معلومات مسبقة عن القضية – أن هناك مشكلة في المساكن التي شيدت للصحفيين .. انها تفتقر للصرف الصحي العصري المتعارف عليه.. وتعتمد على النظام القديم (الحفرة) للحمامات.. وحتى هذه ليست هي المشكلة في حد ذاتها.. لكن الكارثة كانت في دفاع مستميت في مقال النقيب أن هذا هو المتاح وعلى الصحفيين أن يقبلوا به ويلزموا الصمت وانه نفس الوضع الذي عاش فيه أهاليهم في الماضي وربما بعض الحاضر.. وأنهم لو طلبوا أكثر فسيدفعون أكثر .. وهو امر يشق على غالبهم..
ولو كان الأمر يتعلق بنقابة المهندسين مثلا لكان الأمر مقبولا..(ذكرت المهندسين هنا لأتجنب الحساسيات المهنية).. ان يطلب منهم نقيب المهندسين القبول بالأمر الواقع مهما كان (واقعاً).. لكن في مقام الصحفيين..!! هنا تبدو القضية مختلفة تماماً..الصحافة سلطة رابعة.. عماد رسالتها ان تدافع عن حق المجتمع في العيش الكريم (لم أقل الرغد).. فإذا تفضل نقيب الصحفيين وطلب من الصحفيين أن (يقبلوا) بالأمر الواقع.. يصبح عشم المجتمع في الصحفيين.. (سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.. حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شيئا)..
والمطالب عادة لا تقدم على طبق من ذهب.. ( وما نيل المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا) .. وديدن الصحافة المراودة و المواجهة وحتى المصادمة لفرض الحقوق والمطالب.. وحتى لو قبل الصحفيون بوضع أقل فلا يجب ان يقبلوا بصمت.. خاصة وأن مشكلة الإسكان صارت هما قومياً..في تقديري أن أى مواطن سوداني في هذه الألفية الثالثة لا يحق أن يفترض فيه أحد القبول بمواصفات القرن التاسع عشر.. والصرف الصحي ليس رفاهية.. هو الحد الفاصل بين بيئة (انسانية) محترمة.. و أخرى متخلفة تقتل الهمة الإنسانية في النفس..الذي يقبل دفع ماله لسكن بلا صرف صحي يتنازل ليس عن حقه في سكن (كريم!!).. بل عن انتمائه لعالم اليوم .. فإذا رضى به الصحفيون .. فالأوجب أن يستورد المجتمع صحفيين من كوكب آخر للدفاع عنه.. لا أقول هذا تحريضا لرفض اسكان الصحفيين.. بل لرفض طلب النقيب أن يرضى الصحفيون بالأمر الواقع ويلتزموا الصمت المهين..

السبت، 25 أكتوبر 2008

25 اكتوبر 2008 - مقصلة التعليم ..!!

مقصلة التعليم ..!!

هل تعلم.. أن كثيراً من الأسر السودانية لا تستطيع ادخال جميع أبنائها في المدارس – المدارس وليس الجامعات – دفعة واحدة.. لابد من ترتيب على التراخي.. يذهب إلى المدرسة هذا العام أحد أبناء الأسرة.. وفي العام التالي يتبدل الحال.. يبقى في المنزل الإبن او الإبنة التي واصلت دراستها في العام الماضي.. ليدخل بدلا عنها الابن الذي انتظر عاما كاملا ..
قد تبدو الحقيقة مرعبة ومؤلمة للذين لا يتصورون مثل هذا الواقع .. لكنها الحقيقة المؤلمة التي قد تدركها الحكومة وتتغاضى عنها اما حيلة أو حيرة.. والأكثر ادماء للقلب أن الأمر ليس من افرازات الأزمة المالية الدولية ..بل الفهم الديواني المعلوط لمعنى التعليم.. ومسؤلية الدولة..
الفهم الحكومي للتعليم اختلطت فيه المصالح.. الحكومة تفترض أن التعليم هو مسؤلية الأسرة.. نجاحها في تعليم أبنائها.. نجاح للأسرة.. تؤكد تلك الاعلانات التي تزدهي بها الصحف في كل موسم تظهر فيه نتائج الامتحانات.. والأسرة التي تتمكن من تعليم أبنائها .. تنال مكأفاة من المجتمع بوجاهة هذا النجاح.. والتي تفشل أبناؤها ويتيهون في شوارع الضياع.. تلعق مرارة الفشل وحدها..
هذا مفهوم تالف.. نجاح أبناء الأسرة المستفيد الأول منه هو المجتمع.. الطبيب المشهور في التخصص الذي يحتاجه المجتمع هل يعالج اسرته فقط.. الضابط القدير في الجيش هل يحارب من أجل اسرته.. أو في الشرطة .. هل يحرس آل بيته؟؟
وفي المقابل.. الابن العاق الذي فشل في التعليم واندفع للشارع يمارس كل الجرائر هل يدفع ثمن اجرانه اسرته.. ام المجتمع .. عتاة المجرمين هم مجرد مواطنين أبرياء تكدرن بهم السبل فأصبحوا خطرا على مجتمع لم يحسن تربيتهم والقيام عل مسئولية تعليمهم.

الجمعة، 24 أكتوبر 2008

24 أكتوبر 2008 جسد .. خلف الجسد..!!

جسد.. خلف الجسد ..!!

من أفدح معطيات الشخصية السودانية..التعلق بالملموس وتجاهل المحسوس.. بُنيت حواس الانسان السوداني على خمس (فقط!!).. البصر والسمع والشم والذوق واللمس .. ينقصها الحس.. ربط الخيال بمعاني تتجاوز الواقع (الملموس)..
وبرهاني على ذلك ..فيضان من شعر الحقيبة .. يجسد المحبوب من قمة شعره إلى أخمص قدميه في (الملموس) منه :
يقول صالح عبدالسيد (أبوصلاح) :

ليك جوز عين نعسان وكاحل
وخصراً يميل وصدر راحل

والحمد لله أن خلق الله للإنسان عينين فقط.. فلو كانوا ثلاثة لقال أبو صلاح : (ليك جوز وفردة عين ...)
ويقول :

العيون البيض لو صفن .. يجرحنك ويتلاصفن
مرة نظرن لي وقفن .. شالوا نومي وما أنصفن
ويقول خليل فرح :

شوف عناقد ديسها تقول عنب في كروم
شوف وريدا الماثل زي زجاجة روم
القوام اللادن والحشا المبروم
والصدير الطامح زي خليج الروم

ربما هي موروث جيني عميق كرسته الصوفية التي شكلت الوجدان السوداني منذ تاريخ موغل في العراقة..ارتباط نظري (من النظر) بالمحبوب .. لا مجال فيه لممارسة التفرس والتمعن لأبعد من سطح الجلد الملموس..نظرة حوار الى شيخه.. من (قلة الأدب) كثرة التفرس..
ومن هنا – أيضاً- كانت نظرة الإنسان السوداني لواقعه وتاريخه.. مثلا .
ثورة أكتوبر .. لَّونها الشعراء بالأخضر والأحمر وأشبعوها بالترانيم المقدسة..تماماً مثل فتاة الحقيبة..التي خلدها شعر الحقيبة آنف الذكر.. وليس في ذلك عيب أن يمجد الشعب تاريخه ويهيم عشقاً به.. لكن العيب المُقِعد بالخيال والبصيرة.. أن يمنع هذا العشق والهيام التقاط صورة أشعة لما تحت الجلد..رؤية المحجوب من المحبوب.. جسد ما خلف الجسد.. الأحشاء الداخلية والأوعية الدموية والعظام ..
وأصبح مجرد التفرس في وجه (أكتوبر الأخضر..) ومحاولة استكشاف جسد ما خلف الجسد.. تثير هواجس الردة والقذف في الذات الوطنية المقدسة..
الشعب السوداني يحبها كالقمر..من بعيد بلا تفاصيل.. وأى محاولة للهبوط على سطح القمر ونقل صورة للهضاب والصخور والبراكين والصحاري.. تثير الغضب والرفض..
هل أشرق تاريخ السودان من أكتوبر .. أم انطفأت جذوته ..
الرسم البياني لتاريخ السودان.. من أين يبدأ.. وأين يرتفع ثم ينخفض وينحني.. ثم ينحني .. وينحني ثم يجثو..!!
هل من حق التاريخ أن يتمعن ويتفرس في (أكتوبر..) صورة أشعة تبصر جسد ما خلف الجسد الذي صوره شعراء الحقيبة بالملموس :

بسيمات فاهك التبري
ياجميل كم قللت صبري

و :
أقيس بالليل شعره ألقى الفرق شاسع

هل كسب الشعب السوداني من ثورته الظافرة في أكتوبر 1964 .. أم خسر..!! هل يمكن جرد الحساب.. بعيدا عن القداسة والترانيم العاطفية..!! ام نظل نغني للملموس .. ونغض البصيرة عن المحسوس ..!!

23 أكتوبر 2008 حكومة (قومية).. أو (قوية)!!


حكومة (قومية) ..أم (قوية) ..!!


كلما اشتدت الأزمات بالبلاد سارع البعض بتقديم الحل الأسهل المعلب في جملة واحدة (حكومة قومية)..هذا استسهال للمشكلة وللحل أيضاً.. حل مشكلات السودان في حكومة (قوية!!).. وليس (قومية!!) .. فقد تنشأ حكومة قومية لكنها ضعيفة تقتات على كفاف السلطة.. فتنهار البلاد تحتها..
قرأت في بعض صحف الأمس خبراً أن بعض القوى السياسية المعارضة كثفت نشاطها السياسي للضغط لتكوين (حكومة قومية!) .. والمصطلح يعني حكومة (كل الأحزاب) إلا من أبى.. ويصبح الإفتراض الهندسي الذي بُنى عليه الحل.. أن المشكلة أصلاً في دخول (كل الأحزاب) إلى الحكومة فإذا حُلت مشكلة الأحزاب .. حُلت مشكلة السودان .
السودان بلد مترامي الأطراف..في مرحلة غليان ما قبل التكوين والثبات.. ويحتاج إلى حكومة (قوية!!) بمفردات القوة الحقيقية.. وليس مجرد قوة العضل والخنق والركل.. وتجمع الأحزاب في حكومة واحدة لا يمكن أن ينتج عنه (حكومة قوية) إلا إذا كانت الأحزاب قوية.. فهل أحزابنا (قوية!) لتلد حكومة قوية.. أم أن فاقد الشيء لا يعطيه..
حكومة (قوية!).. هي حكومة تستلهم القرار من نخاع الشعب.. وترتفع أنفاسها بأنفاسه.. اذا غضبت يغضب لها ثلاثون مليون سوداني لا يسألونها فيم غضبت.. حتى ولو كانت حكومة حزب واحد.. فالعبرة ليست بتكاثر الأحزاب في القصر ومجلس الوزراء .. العبرة بتكاثر تعاطف الشعب واحساسه بالولاء و(الصفاء!) تجاه من يحكمونه..
الذي يحيرني ويربكني أن جدلية (حكومة قومية) هذه تكاد تكون أيضاً أحد تعويذات قضية دارفور.. فأعجب كثيراً أن أرى مداولات سياسية تتحدث عن حل مشكلة دارفور بتقديم مقعد لـ(نائب رئيس) من دارفور.. واقليم واحد.. هل تلك هي المشكلة التي أُريق على جوانبها الدم.. وفاضت على عتباتها أنهار اليُتم والترمل والإدماء والتشريد والتحطيم والحريق والدمار..فقط من أجل كرسي (نائب رئيس) ومناصب دستورية أخرى في المركز والاقليم..هل كانت تلك مشكلة أهالي دارفور؟؟
البحث عن حكومة (قوية!) يبدأ من داخل أسوار الأحزاب..إصلاح سياسي يحول الأحزاب إلى مؤسسات ديموقراطية حقيقية .. يتنافس كوادرها على قيادتها ومؤسساتها قبل أن يتنافسوا على البرلمان .. والسلطة .. دلوني على حزب سوداني واحد (فقط لا غير) .. يستطيع (رجل من صلب رجل) أن ينافس رئيس الحزب..!!
أحزاب (قومية!) قبل الحكومة القومية.. منابر سياسية ملك مشاع للبلد الدخول إليها والخروج منها ليس نزعاً لرداء الدين أو زلفى له.. أحزاب تتعايش داخل أسوارها مدارس سياسية متعددة الألوان والأمزجة.. كيف لأحزاب لا تتحمل التعايش داخلها أن تحكم وطناً مشكلته الأولى والكبرى التعايش بين مفرداته المتلاومة..بعد أكثر من نصف قرن استـ(غ)ـلال يجدر بنا أن نكون أمة رشيدة لا تقتات من الشعارات والمصطلحات دون النظر إلى مضمونها وتفاصيلها.. مامعنى حكومة قومية؟؟ توسيع لعبة الكراسي ليجلس الجميع..!! هل تلك هي مشكلة (أهل السودان!!) ؟؟

الخميس، 23 أكتوبر 2008

22 أكتوبر 2008 - حالة انشطارية

حالة انشطارية..!!
أعرني خيالك قليلاً.. ضع في عقلك حزباً.. أي حزب كبيراً أو كبيراً جداً.. هنا طبعاً في السودان.. ثم ضع في عقلك زعيماً كبيراً أو كبيراً جداً في الحزب.. وطبعا أيضاً هنا في السودان.. ولاعتبارات تتعلق بالسلامة.. سلامة رأسك.. لا تقل لي ما هو الحزب ولا من هو الزعيم.. فقط ضع في رأسك الحزب والزعيم.. فلنقل إن الحزب الذي وضعته في عقلك هو (س).. والزعيم هو (ص)..!!
الآن.. تصور.. الزعيم (ص) صرّح لوسائل الإعلام أنه ضد سياسيات حزبه (س) الراهنة.. وأنه يؤيد في انتخابات الرئاسة مرشح الحزب المنافس.. لأنه أفضل من مرشح حزبه..ما الذي يمكن أن تنشره الصحف وفي اليوم التالي مباشرة؟؟أضعف الإيمان قرار من قيادة الحزب باقالة (ص).. مع رجمه بالحجارة.. ليس حجارة من سجيل.. بل حجارة من عمالة.. وارتزاق.. وخيانة.. فيرجع (ص) في اليوم التالي منقلباً إلى أهله مذعوراً.. فيعلن أن الإعلام حرَّف تصريحاته.. وأنه في الحقيقة كان يقصد أن مرشح وسياسات حزبه (س) ليست جديرة بحكم وطن فقير.. مثل السودان.. بل عالم كبير بحجم الكرة الأرضية..!!أما إذا أصر الزعيم (ص) على أقواله.. و(عمل فيها عنتر).. فأغلب الظن أن يقرر فتح حزب جديد.. منشق أو منسلخ تحت أي مسمى.. وأنه توكل على الحي القيوم وارتكب جريمة التصريحات مع سبق الإصرار والترصد..
لكن الصورة المناقضة تماماً لهذا السيناريو السوداني القح.. ما حدث أمس الأول في أمريكا.. كولن باول وزير الخارجية الأمريكي السابق.. هو من الحزب الجمهوري.. وعلى أكتاف الحزب الجمهوري صعد حتى صار وزيراً للخارجية.. أعلن وبراءة الأطفال في عينيه تأييده لمرشح الحزب اليدموقراطي المنافس.. باراك أوباما.. بل وأدان سياسات حزبه الجمهوري ومرشحه (مكين)..
ولم ينعقد المكتب القيادي للحزب الجمهوري (ليلعن خاش) باول ويصفه بالعمالة والارتزاق.. بل على العكس صرح (مكين) أنه يحترم باول ويحترم قراره بتأييد خصمه أوباما.. رغم أنف الحزب الواحد الذي يجمعهما.. وزاد الأمر إثارة أن كولن باول لم يكتف بما قال بل استهجن تصريحات صديقه (مكين) التي (أتهم!!!) فيها أوباما بأنه "مسلم" يتدثر بعباءة أخرى.. فقال باول (وهل عيب أن يكون المرء مسلماً؟؟)..
كل هذا القيل والقال لم يفسد للود الحزبي قضية..!! لم يصدر قرار بطرد "باول" من الحزب.. ولم يُتهم بالعمالة.. أو حتى بـ(تُقل الدم)..
وعوداً إلى شرقنا السوداني..!!لماذا لا يستطيع الزعيم (ص) ورغم جاهه السياسي الرفيع.. أن ينتقد حزبه ولو بـ(شق تمرة).. فضلاً عن غيره من الصغار من حملة شعار (لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)..
ما زلت أبحث عن اجابة مناسبة تقنعني.. لماذا يفترض السودانيون أن الديموقراطية.. هي (انتخابات).. لماذا لا يقتنع السودانيون أن الديموقراطية سلوك إن لم يتحقق.. فلا انتخابات ولا غيرها يجلب التحول الديموقراطي..أريد حالة واحد.. لزعيم (ص).. انتقد حزبه (س).. ورجع إلى داره في سلام وأمان.. أي حزب من أقصى اليمين.. إلى أقصى اليسار..

الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

تصحيح ..!!

أرجو أن يتقبل القراء اعتذاري عن خطأ (معلوماتي) ورد في عمود حديث المدينة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2008 .. اذ أنني ذكرت أن الدستور الأمريكي أصله مكون من (7) مواد .. وتعرض لـ(25) تعديلا خلال أكثر من قرنين من الزمان..والصحيح هو (27) تعديلا..
التصحيح تفضل به على زميلنا الاستاذ عبد الباقي الظافر وهو صحفي سوداني مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأقر أن الخطأ سببه الاعتماد على الذاكرة رغم توفر وسهولة الرجوع للانترنت .. أكرر اعتذاري ..
عثمان ميرغني

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2008

21 أكتوبر 2008 - ملتقى (كنانة!) ..!!

ملتقى .. (كنانة!) ..!!

عدد كبير من صحف الأمس الأول حملت عناوينها الرئيسية في صفحاتها الأولى.. خبراً على لسان المهندس الحاج عطا المنان يقول أن توصيات ملتقى (كنانة).. قد تفضي إلى تعديل الدستور..
ورغم أن هذا التصريح يحمل نوايا حسنة - ربما هي مقصد عطا المنان - أن لا سقف لمطلوبات الحلول التي قد تخرج بها مداولات الملتقى.. وأن الحكومة راغبة في الإستجابة لهذه المطلوبات حتى ولو كان ثمنها تعديل الدستور.. إلا أن الأمر في تقديري له وجه آخر ..
الدستور وثيقة أساسية قيمتها في ثباتها .. ونضجها مع الزمن والأجيال.. وسَمتُها المنهجي هو تحديد الأطر العامة وترك التفاصيل للقوانين.. وبعد مخاض (قيصري!) وُلد الدُستور الإنتقالي عام 2005 .. ورسم خطوط الدولة حسب ما تراضت عليه اتفاقية السلام الشامل.. وأصبح الدستور نصف الدواء في انتظار النصف الآخر بتوفيق أوضاع القوانين التي تنقض غزله ..
ولكن .. وبعد أكثر من عامين ونصف من ميلاد الدستور لا تزال قوانين كثيرة أكثر ثباتاً من الدستور نفسه، تحافظ على صيغتها القديمة رغم تناقضها مع الدستور.. فإذا شرعت الدولة في التفكير في تعديل الدستور سيفغر المنطق فاها ويسأل ..لماذا تُصنع الدساتير والقوانين إذا كانت من الأصل لا تغير من الواقع شيئاً.. حتى ولو كان الواقع هو مجرد قوانين فرعية..
الولايات المتحدة الأمريكية دستورها مكون من سبع مواد فقط لا غير.. عاش لأكثر من قرنين ولم يتعرض للتعديل إلا (25) مرة فقط طوال هذه المدة.. وبريطانيا بكل ديموقراطيتها وسيادة القانون فيها ليس لها دستور مكتوب.. فماهي الحكمة كلما جادت قريحة الإتفاقات والمؤتمرات والملتقيات فكر الناس في تعديل الدستور ..!
الأجدى بل و الأولى.. أن ندرك أن المشكلة ليست في أى دستور أو قانون مهما اكفهر وجهه.. المشكلة دائماً في (سيادة القانون!) فوق الإستثناءات والإعتبارات الأخرى..
عندما يصبح القانون تمثال (عجوة) يتبتل أمامه الراهب ثم إذا جاع أكله.. تنتهي (مرجعية!) القانون .. بل ويصبح أداة في يد القادرين لقهر الضعفاء..
الأجدر أن لا يُفضي ملتقى (كنانة) إلى أي تعديلات في الدستور.. أو أي قانون آخر.. بل التأكيد على (سيادة القانون) فوق أي اعتبارات أو استثناءات.. فالوضع الذي نكابده الآن في مختلف المجالات هو سليل مسلك الـ(لا) قانون.. العيش في كنف قوانين عرفية غير مكتوبة.. تتعامل مع الوقائع والأحداث بالإلهام كما قصيدة الشعر..
إذا خرج ملتقى (كنانة) ببند واحد فقط.. من سطر واحد فقط.. يقرر.. نحن المجتمعين من أهل السودان اتفقنا على (سيادة القانون!!).. وأن نكون جميعاً سواسية تحت ظله.. تُحل جميع قضايا البلاد المستعصية .. ويرتاح منَّا الشقاء ..!!

مقال للدكتور عبد الوهاب الأفندي ..!!

هذا مقال رائع للغاية .. كتبه الدكتور عبد الوهاب الأفندي في صحيفة القدس العربي.. رأيت أن يحظى بمطالعتكم له .. بعد إذن الدكتور الأفندي ..
ولكم تقديري ..عثمان ميرغني..
دارفور في أكتوبر: 'مبادرة أهل السودان' وعبر التاريخ
د. عبدالوهاب الأفندي
21/10/2008

يصادف هذا اليوم (21 تشرين الاول/أكتوبر) الذكرى الرابعة والثلاثين لانتفاضة أكتوبر التي كانت ولا تزال حدثاً فريداً في تاريخ السودان والمنطقة العربية، باعتبارها أول ثورة مدنية ناجحة حققت الانتقال من حكم عسكري إلى حكم ديمقراطي كامل. وكانت شرارة الثورة قد انطلقت حين حاولت الحكومة أن تمنع بالقوة ندوة دعا لها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم لمناقشة قضية الجنوب، مما أدى إلى مقتل طالب وجرح العشرات. وقد نتج عن هذا حالة من الغضب والفوران الشعبي وحركة دؤوبة من منظمات المجتمع المدني ثم الأحزاب السياسة وأخيراً (لا آخراً) الجيش، أجبرت الحكومة في النهاية على تقديم تنازلات أدت في النهاية إلى انهيارها.ولعل من المهم استذكار أن الندوة المذكورة كان قد دعي لها في إطار مبادرة حكومية، حيث كانت حكومة الفريق ابراهيم عبود شكلت في صيف عام 1964 لجنة لتقصي الحقائق في أزمة الجنوب بعد تصاعد الحرب بصورة مربكة، وأعلنت رفع الحظر عن حرية التعبير حتى تتيح للجنة الحوار بحرية مع من شاءت. وبناء عليه نظمت جمعية الدراسات الاجتماعية بجامعة القاهرة بالخرطوم ندوة شارك فيها عميد كلية القانون في جامعة الخرطوم وقتها الدكتور حسن الترابي الذي ربط تفاقم الأزمة بالسياسات القمعية للحكومة العسكرية، لأن الظلم يولد روح التمرد كما قال. وختم بالقول بأن الأزمة لن تحل ما لم تذهب الحكومة العسكرية.ردت الحكومة بحظر كل الندوات العلنية، ثم ثنت في 15 تشرين الاول/أكتوبر باعتقال اللجنة التنفيذية لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم بعد أن حاول الاتحاد تحدي قرار المنع. وبعد خلاف حاد داخل اللجنة الجديدة طرح الأمر للتصويت العام بين الطلاب الذين أقروا إقامة ندوة الحادي والعشرين من تشرين الاول (أكتوبر)، فكان ما كان.الملفت هنا هو أن حكومة عبود، وهي حكومة عسكرية حظرت الأحزاب وقيدت الإعلام، ارتأت في ذلك الصيف أن ترفع كل القيود عن حرية التعبير في قضية واحدة، وهي قضية الجنوب. وكان هذا إشارة إلى أنها من جهة وصلت إلى مرحلة من العجز عن مواجهة تداعيات الأزمة وأرادت أن تحيل أمرها إلى الشعب في خطوة 'ديمقراطية' معزولة، إذ لم تكن ترى أن عليها مشاورة الشعب في أي أمر آخر. بمعنى آخر أرادت الحكومة العسكرية القابضة التي تعتقد أنها أعلم من كل أفراد الشعب الآخرين مجتمعين ومتفرقين بكل قضايا الشأن العام، أرادت في هذه القضية بالذات التنصل من المسؤولية وإلقاءها على الشعب ليبت في أمرها ويتحمل عنها مسؤولية أي قرارات محرجة.ويبدو أن الحكومة كانت أيضاً تتوقع أن تصب الآراء المعبر عنها في مصلحتها. فمن جهة كانت تعتقد أن الرأي العام 'الشمالي' إما أنه سيدعم موقفها المتشدد، أو على الأقل يبرر لها أي تراجع محتمل. فالحوار هو بين 'شماليين' حول 'الآخر' المغيب، وعليه فإن الأمر لا خطر فيه. ولهذا كانت صدمة للحكومة رفض 'الشماليين' أن يلعبوا الدور المنوط بهم في هذه العملية، مما جعلها تتراجع إلى ديدنها في القمع، ولتؤكد من جديد أن صدرها حتى في هذه المسألة التي أشهرت فيها إفلاسها الفكري وخلو جعبتها من أي أفكار قادرة على حل المعضلة- فقط للأفكار التي تتفق مع مصالحها ومسلماتها المسبقة.هناك بلا شك الكثير من التشابه بين مبادرة حكومة الفريق عبود حول الجنوب، وحول مبادرة حكومة الفريق عمر حسن البشير المسماة بـ 'مبادرة أهل السودان' حول دارفور، والتي انعقدت جلسات التشاور حولها في الخرطوم وكنانة وما تزال منعقدة حتى كتابة هذه السطور. فمن جهة فإن الحكومة المسماة حكومة الوحدة الوطنية تنفرد بالأمر ولا تشاور أحداً (حتى وزير خارجيتها) في معظم الأمور، فلماذا تصبح دارفور وأزمتها المستعصية هي وحدها موضوع التشاور؟ هذا مع العلم بأن أي حكومة، سواء أكانت ديمقراطية أو لم تكن، هي مفوضة لاتخاذ كل ما تراه مناسباً لحل الأزمات، فلهذا تنصب الحكومات. فإن عجزت فلا بد من أن تنسحب ليحاول غيرها.مهما يكن، ورغم أن من الواضح أن المقصود من هذا التشاور هو التنصل من المسؤولية وإلقاؤها على الغير، فإن مشاورة الناس في بعض الأمر خير من عدم مشاورتهم إطلاقاً، وإن من واجب الجميع تبرئة الذمة بأن يمحضوا الحكومة النصح فيما طلبته، رغم أننا نعلم بالطبع أن الحكومة تستصحب في أمرها أن من جمعتهم للشورى لن يتقدموا باقتراحات تخرج عن نطاق المقبول لديها. إذ لو أن التجمع الحالي خرج بتوصية يطالب فيها بإقالة الحكومة أو تسليم المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية، فمن نافلة القول أن الحكومة لن تتجاوب مع مثل هذه المطالب. فما الذي تتوقع الحكومة أن يسفر عنه هذا التشاور إذن؟ وما الذي سيسفر عنه حقاً؟من الواضح أن الحكومة تطمح أن يؤيد ملتقى الحوار مواقفها تجاه المجتمع الدولي وحركات دارفور، وبالتالي يعزز شرعيتها. وهي مثل حكومة عبود تتمنى أن تكسب الحسنيين: أن تحصل على تأييد شعبي واسع لبعض سياساتها المثيرة للجدل، أو أن تحصل على تبرير لتراجعها عن البعض الآخر. وفي الحالين تخلع المسؤولية على غيرها في تلك السياسات باعتبارها تنفذ الإرادة الشعبية. ولا يمنع هذا أنها تريد كذلك استثمار أي أفكار مفيدة قد يتطوع بها المتداولون، ترفد بها خزانتها الخاوية، وتستخدمها أيضاً باتجاه تعزيز سياساتها الحالية وتقوية موقفها السياسي. ومن المنتظر أن تحصل الحكومة على معظم ما تريده، وهو إن حدث لن يغير شيئاً في الأمر، لأن المشكلة ليست في تعزيز السياسات الحالية بل في تغييرها، وتغيير كثير من الأشخاص القائمين عليها، لأن هذه السياسات ومن رسموها ونفذوه هي وهم المشكلة، والتداوي بالتي كانت هي الداء على سنة أبي نواس رحمه الله ليس أحكم وسائل العلاج.وهذه مساهمتنا في مبادرة أهل السودان التي دعا القائمون عليها كل السودانيين لتزويدهم بآرائهم، وها نحن نفعل، فنقول إن البداية تكون باعتراف من تولوا المسؤولية المباشرة في خلق هذه الأزمة، ومن فشلوا في احتوائها، بخطئهم ومسؤوليتهم عن ورطة البلاد الحالية، وأن يتقدموا باستقالاتهم من مناصبهم، بحيث تتولى القيادة في الأجهزة العسكرية والأمنية والسياسية والإدارية المسؤولة مباشرة عن دارفور وجوه وقيادات جديدة قادرة على طرح أفكار مقبولة من أطراف النزاع، وعلى بناء الثقة في الحكومة في دارفور والسودان والعالم. بعد ذلك يمكن لهذه القيادات الجديدة أن تستعين بالمخلصين والقادرين من أبناء دارفور وأبناء السودان وما أكثرهم - لطرح أفكار جديدة وبناءة للتصدي للمشكلة.ولا بد أن أضيف هنا أننا، رغم تطوعنا بهذا النصح لوجه الله، نعرف من التجربة أن هذا النصح، وغيره مما سيقال في الملتقى لن يسمع له ما لم يكن موافقاً لهوى من نظموا الملتقى. وفي نفس الوقت فإننا لا نتوقع ونحن نتحدث هنا عن التشابه مع أحداث أكتوبر- أن يشعل ملتقى الحوار حول دارفور شرارة انتفاضة أخرى. ولا بد أن نضيف هنا أن ثورة أكتوبر لم تسهم كثيراً في حل قضية الجنوب رغم أن الأخيرة كانت الشرارة التي أشعلتها، وبالرغم من انعقاد ملتقى آخر في عام 1965، هو مؤتمر المائدة المستديرة الذي يتميز على الملتقى الحالي بأن مناصري حركة التمرد كانوا من بين شهوده. بل بالعكس، نجد أن الحرب في الجنوب تصاعدت بصورة أسوأ تحت الحكومة الديمقراطية. وقد تم التوصل إلى حل سلمي بعد توحد حركات التمرد في نهاية الستينات تحت قيادة الجنرال جوزيف لاغو (الذي استفاد من دعم إسرائيلي لفرض هيمنته على بقية فصائل التمرد) ووجود حكومة موالية للغرب الذي كان يدعم التمرد.الملتقى الحالي لن يساهم كثيراً في حل القضية، رغم أن التشاور مفيد من ناحية المبدأ، ولا يستبعد أن يثمر بعض الخير. ولكن الشورى قد تضر في بعض الأمر. على سبيل المثال، لو أن اتفاق نيفاشا طرح للتشاور قبل إبرامه لما أمكن التوصل إلى اتفاق حوله، كما أنه لو طرح على استفتاء بعد عقده لكان من المرجح أن ترفضه الغالبية. وأي مشاورات لا يمكن أن تكون بديلاً لاستراتيجية تفاوضية فعالة تؤدي إلى حل ترضاه أطراف النزاع. هناك درس آخر من أكتوبر لا يقل أهمية، وهو درس يهمله الكثيرون. هذا الدرس هو استراتيجية الانتقال إلى الديمقراطية من وضع غير ديمقراطي. ففي أكتوبر كما كان الحال بعد انتفاضة نيسان (أبريل) عام 1985 تم الانتقال إلى الديمقراطية بتدرج من وضع دكتاتوري إلى وضع بين بين، ثم إلى وضع انتقالي شبه ديمقراطي ثم إلى ديمقراطية كاملة. ففي أكتوبر كانت المرحلة الأولى حكومة انتقالية مع بقاء الفريق عبود على سدة الرئاسة، ثم استمرت تلك الحكومة بعد إجبار عبود على الاستقالة بعد أسبوعين، ثم أعقبت تلك بعد ثلاثة أشهر حكومة أخرى قادت البلاد إلى الانتخابات في نيسان (أبريل) عام 1965.
وفي نيسان (أبريل) عام 1985 قامت الحكومة الانتقالية مشاركة بين الجيش وقوى الانتفاضة، وتريث الناس عاماً قبل إجراء الانتخابات التي أعادت الديمقراطية.وجه الاختلاف الآخر بين الحال اليوم وحال البلاد في تشرين الاول/أكتوبر هو أننا نعيش اليوم سلفاً في مرحلة انتقالية، لأن اتفاقيات نيفاشا اشترطت قيام انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دولياً العام القادم، والاستعدادات لهذه الانتخابات تجري على قدم وساق. ولكن وجهة الانتقال القادم غير محددة، وآلياته غير واضحة. ذلك أن أهم ما يمكن أن يوفره الانتقال البناء هو آلية تعايش بين القوى المتنافرة، وحسم قضايا الصراع المتفجرة التي تهدد كل تحول ديمقراطي، وضمان تحييد الدولة في الصراعات السياسية بحيث لا تصبح مسألة الاستيلاء على الدولة مسألة حياة أو موت للحركات السياسية. ويتحقق هذا عندما تعقد صفقة تضمن للقوى القديمة مصالحها دون أن تحد من صلاحيات القوى الجديدة إن جاءت إلى السلطة. بمعنى آخر يكون تحول السلطة ليس مفتاحاً لسوق الآلاف إلى السجون ومصادرة الأموال، وربما تفجير صراع مسلح.هذا الأمر لا يبدو أنه تحقق، بل لا تزال الفجوة كبيرة بين القوى السياسية، وحتى تلك المشاركة في الحكم. وإذا كان المؤتمر الوطني الحاكم حالياً يتحكم بصورة شبه تامة في أجهزة الدولة الأمنية والبيروقراطية، ويهيمن على مقدرات الاقتصاد، وكان الشيء نفسه هو وضع الحركة الشعبية في الجنوب، فهل ينتظر إذا جاءت الانتخابات بحكومة جديدة أن يسلم هؤلاء ما بأيديهم من سلطة ومال ثم ينصرفوا إلى منازلهم شاكرين ومقدرين للناخبين؟ من يتخيل مثل هذا الأمر هو على قدر كبير من السذاجة والطيبة، لأن من ظل يقاتل فيقتل أو يقتل في سبيل السلطة عشرين عاماً لا يمكن أن يسلمها بسبب نتيجة انتخابية، ما لم يكن ذلك على أساس صفقة مسبقة تضمن له مكاسبه.وعليه فإذا كان هناك أمر يجب أن يشغل به أهل منتدى كنانة أنفسهم وقد تداعت فئات مهمة من النخبة إلى هناك - فهو أن يتداولوا حول ما يمكن أن يحدث بعد انتخابات العام القادم وكيف يمكن ترتيب انتقال سلس للسلطة مهما كانت نتيجة الانتخابات. ذلك أنني لا أعتقد أنهم سيصلون إلى حل لقضية دارفور في ملتقاهم ذاك، وقد يكون متفائلاً أكثر التفاؤل من يعتقد أن أي حل في دارفور سوف يتحقق قبل انتخابات الصيف القادم، اللهم إلا إذا كانت مداولات كنانة ستمنح غطاءً لتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى بدعوى أن 'أهل السودان' طلبوا ذلك.' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
أعزائي ..!!

أحرص كثيراً على قراءة كل التعليقات التي تتفضلون علىَّ بها.. وللحقيقة في غالبها هي أفضل كثيرا مما أكتبه.. واستفيد منها ليس فقط في استحداث قضايا جديدة لكتباتها في عمود حديث المدينة.. بل حتى في تصحيح بعض ما أكتبه أو أفكر به..!!
وأنتهز هذه الفرصة للاشارة الى أن المقالات التي تظهر باللون الأسود العادي ..هي عمود حديث المدينة المنشور في ذات اليوم على الصفحة الأخيرة بصحيفة السوداني.. أما المقالات التي تظهر باللون الأزرق فهي لم تنشر من قبل.. وبينما المقالات التي تظهر باللون الأحمر.. هي مقالات حجبت بواسطة الرقابة ومنعت من النشر
أشكركم على كل ما تتفضلون بالتعليق عليه ..!!
عثمان ميرغني
...

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

20 اكتوبر 2008 - (هنا فضائية ..كنانة) ..!!

هنا.. (فضائية كنانة..)!!

مدينة (كنانة) الصناعية.. هبة السكر.. ظلت في الخاطر السوداني مشروعاً زراعياً وصناعياً يمنح شهادة الامتياز للرأسمال العربي اذا بُذر في التربة الصالحة.. منذ أن تأسست في العام 1975 وبدأت انتاجها في مفتتح الثمانينات.. ظلت محط احترام – بل فخر – اقتصادي وطني وعربي..
لكن (كنانة) ومن حيث لا تحتسب زارتها ليلة القدر.. فالذي فكر في نقل جلسات ملتقى أهل السودان إلى مدينة (كنانة) قدم خدمة العمر لهذا المشروع العملاق..خاصة بعد أن اختصرت الوسائط الإعلامية المحلية والعربية والدولية الإشارة إلى الحدث تحت عنوان (ملتقى كنانة) ..
الآن..(كنانة) لم تعد مجرد مشروع زراعي صناعي.. بل محط إلهام سياسي محفوف بالأماني السندسية، إذ نجح في جمع طائفة كبيرة من متفرقات الطيف السياسي والأكاديمي السوداني على صعيد واحد.. وجر الإعلام جراً لينفتح على مواضع في السودان ليس في أخبارها قاتل ومقتول.. جائع ومنكوب.. فربما لكثير في عالمينا العربي والأفريقي..لأول مرة يدركون أن السودان (حلو مر).. فيه طعم آخر غير ما ظلت تقتات به الفضائيات ووسائط الأخبار الأخرى.. طعم السكر في كنانة..
وعظمة مثل هذا الحدث وجسامة ثمنه ..أنه لا ينتهي بتفكيك سرادق الإجتماعات وسفر الوفود.. فالتاريخ سجل الوقائع تحت اسم (ملتقى كنانة).. وعندما تقرأ الأجيال تاريخ السودان ولو بعد خمسين عاماً فستكون (كنانة) أحد الفصول المهمة في تشكيل مستقبل البلاد.. ولو دفعت شركة سكر كنانة الـ(25) مليون دولار أرباحها في العام الماضي.. و الـ(400) ألف طن التي تنتجها من السكر كل عام .. وكل عوائد منتجاتها من الألبان والأعلاف والعسل.. لما ساوى ذلك ما ربحته من (ملتقى كنانة) ..
وكنت تمنيت بهذه المناسبات أن لو استثمرت (كنانة) في أثير الملتقى مزيداً من التذكار التخليدي.. بأن تطلب من المجتمعين أن يشاركوا في غرس شجرة واحدة في موقع الملتقى .. تصبح رمزا مجسماً (نباتياً) للحدث يكبر كلما كبر به الزمان..
على كل حال.. من الذكاء أن تؤسس (كنانة) على الحدث مزيداً من الإستثمار الرشيد بالمشاركة في الأحداث الوطنية.. أن تستضيف مزيداً من الفعاليات ذات المضمون القومي .. وأن ترسم استراتيجية طموحة لتصبح عاصمة السودان الإقتصادية .. خاصة أن البعد العربي في شراكة كنانة (الكويت 31.5% - السعودية 11% ) تمنح قيمة مضافة لـ(كنانة)..
وأقترح – في سياق هذه الاستراتيجية – على إدارة شركة كنانة .. ان تطلق أول فضائية اقتصادية سودانية.. تبث من (كنانة) .. و تساهم في تحويل منطقة النيل الأبيض كلها الى محور ارتكاز تنموي رنان .. (فضائية كنانة) اسم جميل تتدلى حوله أوراق قصب السكر الخضراء.. يكمل اللوحة الجميلة.. لوحة (القمر في كنانة) ..!!

الأحد، 19 أكتوبر 2008

19 أكتوبر 2008 - (فاقد حنان).. رسمي!!

(فاقد حنان) ..رسمي..!!

السيد اللواء قلواك دينق قرنق.. حاكم ولاية أعالى النيل.. حملت له صحف الأمس خبراً صغيراً.. لكنه كبير (جداً) بحجم المفهوم العام.. ومنهج التفكير الإداري السليم..قال الوالي ..أن حكومته ستوفر سكناً لكل مواطن مقيم في ولاية أعالي النيل.. وأنها ستخدل الكهرباء والمياه والخدمات للأحياء في مدينة ملكال..
وبعيداً عن جدلية الفعل في مقابل القول.. والهاجس الأصيل عند السودانيين أن الحكومة – أى حكومة – تقول ما لاتفعل.. إلا أن مثل هذا المنهج وحده هو الذي يحل ليس مجرد مشكلة سكان أعالى النيل بل السودان أجمع..
ورغم أن كثيرين يعتقدون أن اسكان المواطنين ضرب من الخيال المعلق في سماء الأحلام.. إلا أن الأرقام والواقع يبرهن أن ذلك ممكن.. وممكن جداً..
لنأخذ المقارنة البسيطة بين ما أنفقته وتنفقه حكومة جنوب السودان في التسليح.. والصرف الاداري البذخي الآخر.. علاوة على ما يطيح به الفساد المالي والإداري في أجهزتها من أطنان الأموال العامة.. بحساب الفاقد هنا وهناك .. ممكن جداً.. توفير سكن ليس مترفاً لكنه مريح وكريم لكل مواطن في أعالي النيل..
واذا كانت الدبابات التي قرصنها الصوماليون - وبتقديم حسن النوايا- كانت من أجل فرض السلام والإستقرار في اقليم يعج بالمليشيات المدججة بالسلاح..فإن ثمن كل دبابة يشيد حياً كاملاً بمرافقه العامة.. ويبعد شبح الحرب ويفرض ليس مجرد السلام..بل التطبيع مع الحياة الهادئة المتطلعة لمستقبل أنعم..
المواطن الذي يحصل على السكن الكريم.. تهدأ خواطره ويفتح بيتاً وينتج ذرية وينهمك في مشاغل التربية والمدارس والتطلعات الأخرى.. ويصعب عليه التفكير في الحرب وحمل السلاح.. وعلى النقيض من ذلك.. المواطن المهمل في عراء بلا خدمات .. لا يفقد شيئاً بالحرب أو بدونها.. ويصبح ازيز الرصاص بالنسبة له جزء من تعويض الحرمان.. فهو مواطن (فاقد حنان) وانسانية وكرامة..
والمواطن السوداني .. في الجنوب والشمال لا يبحث عن (البيت) بمواصفات أخرى غير (السترة) في حرز تتوفر فيه الخصوصية والحد الأدنى من مقومات الحياة الانسانية الكريمة.. ولا يكلف ذلك الحكومة لا مالاً ولا رهقاً.. يكلفها شيء واحد فقط.. أن تبتعد هي عن مشكلة السكن.. برسومها وجباياتها التي تفرضها على مواد البناء.. وتترك المجتمع يحل المشكلة.. وما حك جلدك مثل ظفرك..
ليت الحكومة في الجنوب والشمال تدرك أن أمن المواطن مزروع في نخاعه الشوكي .. لا تهدره ولا تفرضه دبابات مهما كثرت .. بل – مجاناً – يزرعه إحساس داخلي بأنه مواطن مستوعب في الحياة المدنية بأكرم ما تيسر.. له بيت واسرة وأطفال يذهبون الى المدارس وينتظر عودتهم بعد الظهر ويذاكر معهم وينتظر نتائج امتحاناتهم.. هل ذلك كثير على انسان الجنوب .. والشمال ..!!

السبت، 18 أكتوبر 2008

غارة .. على سوادنيزأونلاين

غارة .. على (سودانيز اونلاين) ..!!

موقع (سودانيزأونلاين) في شبكة الانترنت الدولية.. تعرض لغارة مدمرة أطاحت بالمنبر العام النشط .. وكذلك النسخ الإحتياطية الأخرى.. بصورة أفضت آخر المطاف لتوقف الموقع لعدة ساعات في البداية ثم توقف كامل حتى لحظة كتابة هذه السطور..
الذي ارتكب هذا العمل بلا شك يملك قدرة (فنية) تدميرية هائلة.. ولا يبدو أنه اقتحم الموقع بصورة مفاجئة..بل بعد حين من التفرس ودراسة الأمر و البحث عن أنسب الطرق لإحداث أثر بعيد المدى.. وتعطيله بأكبر ما تيسر.. وعندما نفذ الغارة حرص ليس على شطب الموقع بل مسح ارشيفه الثري..
وليس مهماً من خطط أو فعل ذلك .. لكن الأهم.. السؤال لماذا..؟؟
والإجابة ميسورة .. في عدة خيارات.. لضيق المساحة دعونا ننظر مباشرة للشق الاتهامي منها .. أن يكون الموقع مستهدف لأنه صار منطقة حرة.. رائجة.. تعج بالمتعاطين معها المانحين والمتلقين.. وتوفر لهم قدراً كبيراً هائلاً من المعلومات .. غالبها ثقافي لكن بعضها سياسي .. يندرج تحت قائمة (محظور..)
صحيح ربما هناك بعض المداخلات والكتابات الساخرة بل الشاتمة بل حتى الخادشة للحياء.. لكنها قليلة للغاية .. مقارنة بحجم المخزون الفكري والمعلوماتي الرشيد الذي يحتويه الموقع.. وصحيح هناك بعض الملاسنات الشخصية التي تنحدر تحت (عظم الشيطان) .. لكنها لاشيء قياساً بحجم الرأى السديد والحوار الحصيف المترف بالموضوعية في مختلف القضايا..نسبة استخلاص صافي عالية للغاية..
وموقع (سودانيزاونلاين) لم يعد مجرد منبر تحاور أو تلاقي سوداني.. تمدد وأصبح أكبر مكتبة سودانية تعج بالمراجع العلمية النادرة.. والصور التوثيقية التي قلما تتوفر في أى مخزون سوداني.. والأحق أن يكرم مؤسس الموقع ومديره المهندس بكري أبوبكر بدلا من قصف كمبيوتراته وتدمير ما عكف عليه سنين عددا ...
ليس من الحكمة أن يفترض أحد أن القمع.. يحقق الإقناع.. على العكس تماماً التجارب الإنسانية التي مورس فيها القمع وسيلة للتحكم وإدارة الفكر.. كلها انتهت إلى زوال.. شرقاً أو غرباً.. وليس من الحكمة إعادة اختراع العجلة..
الفكر.. يقابله الفكر.. العقل يقابله العقل.. لا العضل.. ومهما بدا أحياناً سهلا ومختصرا طريق الإقصاء .. فإن النتيجة في نهاية الأمر كارثية .. تصنع مآسي تجر من ورائها البلاء..
الله خلق الإنسان مخيراً بين الخير والشر ( وهديناه النجدين) .. ولو أراد الله لأجبره على الرشاد..لكنه سبحانه وتعالى جعل حتى الشر.. خياراً متاحاً.. فكيف يفترض بشر أنه حارس الخير بالقوة الجبر.. وأنه معفي في سبيل رسالته من أى سؤال عن الوسيلة .. على كل حال.. أتمنى أن ينجح المهندس بكري في استعادة الخدمة.. وان يستثمر الدرس لمزيد من تعلية الأسوار الأمنية الفنية.. خاصة بفصل النسخ الاحتياطي بصورة كاملة Physical عن الأجهزة المرتبطة بالشبكة..

17 أكتوبر 2008 - تصور كيف يكون الحال .!!

تصور كيف يكون الحال ..!!
سؤال -وجودي- منطقي طرحه شاعرنا الرائع.. اسماعيل حسن..:
"تصور كيف يكون الحال.. إذا ما كنت سوداني..
وأهل الحارة ديل.. ما أهلي..؟؟"
أطلق الشاعر خياله في المدى الأبعد.. وحاول إعادة التاريخ إلى ما قبل الخلق.. وأن يمنح نفسه حق اختيار موطنه.. فأوغل في الاختيار (تصور كيف يكون الحال.. إذا ما كنت سوداني..)
(سماعين) ما كان يقصد بـ(سوداني).. مواطن يحمل الجنسية وجواز السفر ومثبت في كشوفات المواليد أنه سوداني.. لم يكن يقصد الجغرافية السياسية لوطن عضو في الأمم المتحدة اسمه السودان.. بل كان يرسم لوحة (إنسان) محاط بكل هذا التكوين الأخلاقي الرائع.. لوحة فيها..الدين:
(بلادي أنا بلاد ناسا في أول شي مواريثم كتاب الله..
وخيل مشدود وسيف مسلول حداهو درع..
تقاقيبن تسد الليل مع الحيران وشيخا في الخلاوى ورع..)
ومروءة فوق حد الوصف:
(يكفكفوا دمعة المفجوع.. يحبو الدار ..
يموتوا عشان حقوق الجار ..
يخوضوا النار.. عشان فد دمعه..
كيف الحال لو شافوها سايله دموع)..
ثم كرم:
(بلاد ناسا تكرم الضيف..
وحتى الطير يجيها جيعان ومن أطراف تقيها شبع)..
هذا هو الـ(سوداني) الذي لم يستطع شاعرنا أن يتصور نفسه أن لا يكون هو.. فأين هذا الـ(سوداني) بتلك السمات الآن..
تصور.. يا سماعين.. هذا الـ(سوداني) الذي رسمته.. إما هاجر هناك في سهول كالفورنيا في أمريكا.. وسدني في استراليا.. وطوكيو.. ولندن.. والخليج.. محمول على رياح الهجرة الاقتصادية.. أو السياسية.. أو الاجتماعية.. أو كلهم معاً.. وإما.. هنا.. يعيش عالة على المنظمات الأجنبية في معسكرات دارفور.. نصفه يقتل نصفه.. يقتات بتبرعات تلاميذ المدارس في أوروبا وأمريكا..
وإما (موبايل).. سوداني!!
هذا الإنسان الـ(سوداني!).. بتلك الصفات.. جاء زمن صار موصوماً بأكبر كارثة إنسانية في التاريخ.. مقهوراً بـ(15) قرار من مجلس الأمن ضده.. صدرت في أقل من عامين.. وتحرسه قوات (اليوناميد) في الغرب.. و(اليونامس) في الجنوب.. و(اليونا- نَحْس) يلفه من كل مكان..(بقوا كلي .. محل قبلت ألقاهم معاي معاي زي ضلي..!!)هذا الإنسان السوداني –بكل أسف– صار قادراً على الإجابة على سؤال شاعرنا (سماعين).. (تصور كيف يكون الحال.. اذا ما كنت سوداني..).الحال يكون.. موفور الحقوق.. حقوق الإنسان.. لا يذله موظف الخدمة المدنية في المحلية أو حيث ما كان.. ولا تقهره الرسوم والجبايات ويقتله ظمأ الفقر.. والماء فوق ظهوره محمول.. ماء الثراء المباح في كل ثرواته تحت وفوق سطح الأرض..الحال يكون.. يتعلم أبناؤه في التعليم العام مجاناً وبأفضل وجه.. لأن أبناءه ملك مشاع للسودان.. فالطبيب لا يعالج فقط أسرته التي أنفقت على تعليمه.. الحال يكون.. موظف الخدمة المدنية خادماً له.. لا سيداً وآمراً..!!الحال يكون..!! غير الحال..!! وفعلاً.. (واسفاي.. واماساتي.. وازلي).. لسان حال الـ(سوداني)..!!

الخميس، 16 أكتوبر 2008

بكل أسف ..!!

تنعقد اولى جلسات ملتقى (مبادرة أهل السودان).. صباح اليوم الخميس 17 أكتوبر 2008 بقاعة الصداقة.. على افتراض ان (أهل السودان) سيجتمعون على قلب رجل واحد للوصول الى حل لمآذق البلاد السياسية..
كيف ..!!
كيف يمكن لـ(أهل السودان) أن يتحدثوا وأفواههم مكممة؟؟
كيف يمكن تأسيس اجماع وطني اذا غابت الحريات ؟؟؟
كيف يمكن لعاقل أن يفترض أن مشكلة (أهل السودان) لم تكن مطلقاً هي مشكلة مشاركة واحساس بالتجاهل وسيطرة منهج تفكير واحد..
لماذا تستمر الرقابة على الصحف وتمنع المقالات والرأى الذي لا يساير الموجة.. لم أقل الرأى المعارض.. فذلك أبعد منالا .. فقط الرأى الذي (لا) يساير الموضة ..
هل أدركتم الآن أن مشكلة (أهل السودان) لم تكن أبدا مشكلة فكرة أو رأي أو وسيلة للخروج من نفق الأزمة..بل كانت وستظل مشكلة احتكار الرأي ..
على كل حال كما يقول المثل الشعبي ( اللي بشيل القربة المخرومة.. تخر على رأسه..)..
الوقت يمضي بسرعة .. والتدابير الدولية تزداد التفافا حول رقبة السودان.. ولا يزال القابضون على القرار على عقيدة من رأيهم .. انه ليس في امكان البلاد (أن ترى الا ما يرون..) ..
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد ..!

16 أكتوبر 2008 - (لم أبقه .. وما أبقى عليا..)!!

(لم ابقه و ما ابقى عليـــــــــا)..!!

حدث ما كنا نخشاه.. ينعقد اليوم ملتقى (أهل السودان) وهو محاط بمقاطعة حوالى عشرين حزباً ومنظمة سياسية.. على رأسها حزبا المؤتمر الشعبي والشيوعي.. و تمنُع مثل هذا العدد يعني عملياً أن الملتقى تنقصه صفة (أهل السودان) .. طالما يعاني من نقص الاجماع..
والحقيقة التي كنت أتمنى أن تستوعبها قيادة حزب المؤتمر الوطني .. أن عشرين عاماً من التفرد والإنفراد بهندسة الأطر السياسية كانت نتيجها الوضع الماثل أمامنا.. فإذا كان المؤتمر الوطني يؤمن بأنه حقق النجاح في الهندسة السياسية للبلاد.. فإذن لا حاجة لعقد ملتقيات أو مؤتمرات طالما أن (كل حاجة تمام) وليس في الإمكان أبدع مما كان..
الجدل والتحاجج – عادة – في نظرية لا يسندها البرهان.. لكن نحن الآن نكابد (البرهان!!) .. فالنظرية التي مورست في العمل السياسي في السودان خلال عشرين عاما خلت.. أفضت الى واقعنا اليوم .. واقع، ولا أوقع..!!
لكن ولأن المؤتمر الوطني نفسه صار حالياً أكثر المتضررين بالوضع الراهن.. وتلاحقه ليس مجرد معضلات داخلية بل خارجية مستعصية وصلت مرحلة المحكمة الجنائية في أحرج منعطفاتها المصيرية.. فمن البدهي أن تبدأ رؤية تفكيك الأزمة .. ليس من تفكيك مسبباتها فحسب.. بل تفكيك منهج التفكير الذي أنجبها.
تفكيك (منهج التفكير) الذي أنجب الأزمات يعني أن لا يفترض المؤتمر الوطني أن المواقف الشفهية أو الخطابية التي تحتشد بها قاعات المؤتمرات والمتلقيات تغير شيئا في سوء واقعنا الحالي.. المطلوب دائما (أفعال) .. ويجب ان تبدأ هذه الأفعال من ضخ أكبر قدر من الطمأنينية في ( المرجيعات) الرسمية في الدولة..
هناك خلل مهول في العلاقة الرأسية بين الدولة والمواطن.. ناتج من إحساس الدولة أنها وصية على المواطن لا به.. تستخدمه رقما في سجلاتها وحشود تأييدها .. وتنساه في استلهام القرار و الموقف الوطني السيادي..
و"المواطن" هو ليس مجرد تلك الجموع التي تسير في الشارع العام.. بل هو ضمير وطني تشكل الصحافة أنفاسه التي تعبر عن مواجعه وآلامه وتطلعاته..
فإذ شُق على الصحافة أن تفعل ذلك.. وصارت لسان حال الحكومة لا صوت المواطن.. يصبح ملتقى (حكومة أهل السودان) ولو اجتمعت اليه كل الأحزاب .. مجرد جلسات مبثوثة في أثير الأوهام..
ازمتنا السياسية هذه لا تتنظر كلمات مدهونة بالأمنيات.. فالمشكلة معروفة للجميع.. والحل أيضا .. ولم يبق إلا الأفعال.. ولو ذهب الملتقى إلى (كنانة) مائة مرة.. فليس من حل سوى فعل ما يجب فعله.. وهو - لحسن الحظ - معلوم للجميع..
أدرك تماما أن بعض القراء قد يستعصي عليهم فهم ما أريده أن أقوله هنا بصورة قاطعة محددة.. لكن هذا أقصى ماهو مباح .. لـ(أهل السودان).. في القاموس المتاح..



الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

15 أكتوبر 2008 - (يسين عاوزه .. جكه..!!)

يسين عاوزه جكه ..!!
تبدأ غداً الخميس فعاليات ملتقى (مبادرة أهل السودان).. بجلسة في قاعة الصداقة يخاطبها المشير عمر البشير رئيس الجمهورية والفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية وبعض قادة الأحزاب.. ثم ينتقل الجميع الى المدينة الصناعية في (كنانة).. حيث تتواصل الجلسات التي يبتدرها بعض الأكاديميين قبل أن ينقسم الحضور إلى لجان تتوزع على محاور المبادرة..
والفكرة من حيث المبدأ جيدة.. لكني أخشى ان يهزمها التطبيق.. وبلا أدنى شك طالما أنها حملت أسم (أهل السودان) فإن فشلها يعني كارثة لـ(أهل السودان) وانقشاع آخر أمل في مخرج ميسور من مآزق الوضع السياسي في البلاد.. فلو كان اسمها مبادرة (أهل أمدرمان) فإن فشلها محدود في التسمية.. لكنها تحمل اسم أهل السودان جميعاً.. فلا يمكن السماح للفشل أن يحدق بها..من هذا المنطق يجوز السؤال بكل شفافية.. وهل (أهل السودان) هم من تشرفوا بالحضور في القاعات خلال جلسات الملتقى..
هناك امتداد كبير لأهل السودان قادر على الحوار والمشاركة من خارج القاعات.. وهم الأهم والأكثر تأثيراً في حيثيات النجاح أو الفشل.. فكيف يمكن استيعابهم؟ ..
بصراحة كاملة.. ليت رئاسة الجمهورية التي ابتدرت هذه المبادرة أن تأمر بتهيئة الأجواء بأعجل ماتيسر لإنجاح الملتقى..لا يمكن افتراض حوار وطني باسم كل أهل السودان الا اذا فُكت الأغلال التي تكبل القدرة على الحوار والجدال والخطاب.. سيكون خطأ فادحاً مؤدياً إلى هاوية فشل المبادرة إذا قامت فكرتها على فرضية أن المطلوب (تطييب الخواطر) وتبادل الأحضان والقبلات والكلمات الطيبات داخل القاعات.. دون الأفعال الحقيقية التي تغير الواقع.. سيكون الأمر مجرد تكرار رتيب لسيرة طويلة من المؤتمرات التي عُقدت في الماضي والتي أفضت في النهاية إلى يوميات الواقع الذي نكابده الآن..توجيهات.. مجرد توجيهات.. سهلة ميسورة يمكن لرئاسة الجمهورية أن تمهد بها الطريق لنجاح هذا الملتقى.. توجيهات تسمح لأبناء السودان كلهم أن يكونوا حضوراً برأيهم ووجدانهم في جلسات الملتقى وأن يمنحونه يقينهم..هذه هي الفرصة الأخيرة في مسلسل المبادرات والاجتهادات الوطنية لايجاد تسوية سياسية مقبولة لدى الجميع – إلا من أبى – لكن إذا سارت الأوضاع كما هي عليه الآن.. فإن مخاطر الطريق ستكون كبيرة للغاية .. فما الذي يمنع من بعض الـ(Home work) السابق للملتقى حتى تصح الأجواء وتزال الغيوم التي تحجب النظر ويمكن للضمير الوطني أن ينطلق بكل حرية بلا قيود لبناء القرار الوطني ..على كل حال .. أدرك أن مثل هذه الكلمات والنصائح حتمية قبل هذا الملتقى.. ومهما كان الإحساس بالأمل في أن تتقبل الآذان مثل هذه الكلمات .. لكن لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون.. ليت ولعل.. !! واللهم هل بلغت ..!!

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2008

14 أكتوبر 2008 - .. يا مولانا (أثني)..!!

يا مولانا .. أُثني..!!

مولانا أحمد ابراهيم الطاهر .. رئيس المجلس الوطني (البرلمان) .. أمس نقلت له بعض الصحف تصريحات مثيرة للاهتمام.. قال أن الانتخابات لا شأن لها بتعديل بعض القوانين المرتبطة بالتحول الديموقراطي.. قانونا الأمن والصحافة.. فالعملية الإنتخابية ستجري في كل الأحوال.. حتى ولو لم تعدل هذه القوانين ..!!
و من عندي .. (أزيدكم من الشعر بيت..) الحقيقة الإنتخابات أو غيرها لا يرتبط بإجازة أو تعديل أى قانون.. بل من الأصل نحن شعب السودان ليس لنا مشكلة مع أى قانون .. ابتداء من قانون (المرور) الى (الدستور).. كلها قوانين (اولاد حلال) .. والشهادة لله لم نتأذى منها .. وظلت فينا – هذه القوانين – دمثة الأخلاق .. موفورة النوايا الطيبة..
وليت السادة نواب البرلمان من مختلف الأحزاب (المتحكمة والحاكمة و المعارضة) يدركوا أن مسألة التحجج باجازة وتعديل القوانين أمر فيه (قصر نظر) .. وهدر للوقت .. فالقوانين – كل القوانين- ليس مهما اجازتها أو تعديلها.. قبل أو بعد الإنتخابات.. والوقت متاح – وعلى أقل من مهلك – لفعل ذلك في الخطة الاستراتيجية الخمسية أو الربع قرنية.. دون ان يؤثر ذلك لا على الانتخابات القادمة في عام 2009.. ولا على الانتخابات التي تليها في عام 2012 ..
بالله عليكم جميعاً.. شعباً وحكومة.. أتحداكم أن يقول لي واحد أنه تضرر من قانون.. أى قانون .. المشكلة دائما ليس في القانون بل في الـ(لا) قانون .. حالة التعامل خارج إطار القانون.. وكل ما تشتكي منه أنت .. في البيت أو الشارع أو الحي أو المكتب أو الحزب أو أى موقع ..هو بالتحديد وضع خارج إطار القانون..
شرطي المرور الذي ينزع رخصتك.. ولوحات سيارتك .. لم يفعل ذلك من وحي قانون المرور.. بل هي حالة خروج – رسمي – على القانون..
مسؤل المحلية الذي يأخذ (ميزان) البقالة أو أى بضائع أخرى (رهينة) لحين سداد الرسوم والجبايات.. لا يفعل ذلك بالقانون.. هو في حالة تلبس – رسمي- خارج القانون .. وعلى هذا قس .. (أنظر حولك!) في كل مكان تشتكي فيه من المعاملة والتعامل الرسمي.. ستجد انك في حالة استفراد خارج الحلبة.. حلبة القانون.. فالقانون (ود حلال) ولا يمكن لمشرع مهما ساءت نيته أن يكتب في (القانون) ما يسيء اليه..
جمهوريتنا قبل انتفاضة عام 1985.. كان اسمها (جمهورية السودان الديموقراطية) .. هل تسبب اسمها في فرض الديموقراطية ؟؟ .. مثلها و ألمانيا الديموقراطية.. واليمن الديموقراطية.. و تاريخياً بريطانيا وامريكا وفرنسا وحدها هي الدول التي ليس في اسمها كلمة (ديموقراطية) ولا في دستورها.. و الدستور الوحيد في دول العالم الكبرى الذي ينص على (حريات التعبير) كان دستور الاتحاد السوفيتي (العظيم!!)..
ليت نواب البرلمان.. (يفضوها سيرة) .. لا نريد تعديل أى قانون.. فقط نطالب بـ(سيادة القانون) الماثل أمامنا..!! من (المرور) إلى (الدستور) ..!!

العدل البطيء .. ظلم سريع ..!!

العدل البطيء.. ظلم سريع..!!

آدم عبد الله مكي .. مواطن سوداني أُتهم في قضية "غسيل الأموال" الشهيرة وقُدم إلى المحاكمة .. صدر حكم بالبراءة وأيدته الدوائر القضائية الأعلى.. ومع ذلك ظل حبيساً في سجن أمدرمان إلى أن نشرت الصحف خبراً يؤكد هروبه من أسوار السجن.. في عملية أدق وصف لها ما قاله الأستاذ سيد أحمد خليفة في مقاله اليومي أمس.. أنه (يئس!!) من إنتظار تقديمه إلى المحكمة في بلاغات أخرى..
وتذكرون.. هذه القضية التي تسببت في إغلاق هذه الصحيفة (السوداني) لعدة أيام وذهاب الأستاذ محجوب عروة رئيس تحريرها.. وكاتب هذه السطور إلى السجن لحوالى أربعة أيام.. ثم انفجرت التراجيديا بدوي مفجع عندما رفع الاستاذ بارود صندل المحامي مذكرة يطلب فيها رفع الحصانة عن وزير العدل للتحقيق في اتهام بطلب رشوة قدرها ثلاثة ملايين دولار من المتهم آدم عبد الله واخوانه..
الآن ..ربما القضية ليست في دراما الهروب من السجن بقدرما النظر في تفاصيل الحيثيات التي أبقته في السجن طوال هذه المدة في (إنتظار!!!) بلاغات أخرى..
المعلوم بالضرورة أن منصة القاضي هي الموقع الوحيد الأوحد الذي يصدر أحكام البراءة أو الادانة.. وأن أى إجراءات قبل (القاضي) هي محض وسيلة لتقدير جدوى عرض القضية على القضاء.. ولا يجوز بأى حال لـ(الإجرائيات) الأولية قبل العرض على المحكمة أن تصبح هي في حد ذاتها حُكماً.. وعقوبة ..!!
لكن هذه القضية غاصت في مستنقع الإنتظار بأطول مما يتصور أى قانون.. وبدا في مشهدها العام كما لو أنها تتمطى في تثاؤب ليس وراءه عجلة ولا قلق على هدر حقوق مواطن .. والقاعدة الإنسانية الخالدة أن افلات ألف مجرم من العدالة أفضل من ظُلم بريء واحد..
ليست هذه السطور بأى حال محاولة لتقييم ووزن الدعاوى المثارة ضد المتهم .. فهذه فنيات أدرى بها المختصون بها.. لكن العقل والمنطق يفرض السؤال الحتمي عن (الزمن!!) .. هل من حق أى جهة الاحتفاظ بمتهم خلف أسوار السجن بلا حساب لـ(الزمن!).. دون عرضه على القضاء..!! إذن ماهي العقوبة إن لم تكن كذلك.. فحبل المشنقة الذي يلتهم عمر الإنسان كله ويحيله إلى (صفر) من الزمن.. لا يختلف كثيراً .. عن حبل (الإجراءات) التي تقتطف من عمر الإنسان سنوات.. في الإنتظار المعطل للحياة والنشاط الإنساني..
أعلم أن وزارة العدل – هذه - مرفوع عنها الحساب.. لكني أدرك أيضاً أنها هي لا غيرها الذي أدخلنا في نفق (الجنائية الدولية) وإشانة السمعة الدولية بمثل هذه الحكايات التي تطفر إلى سطح الأحداث بين الحين والآخر.. لماذا لا نفترض أن العدل قيمة مطلقة لا لون ولا طعم لها ولا رائحة.. وأن الإجراءات لا يجب مطلقاً أن تكون (أداة!) تقديرية معفية من المساءلة والمحاسبة ..

الاثنين، 13 أكتوبر 2008

13 أكتوبر 2008 - شراء (الثقة!!

شراء (الثقة!!) ..!!

في مدونتي الالكترونية (عنوانها موجود أسفل هذا العمود) أجريت استطلاعين مهمين للغاية.. الأول لن أتحدث عنه وأتمنى أن تزوروا موقع المدونة في الانترنت لتقرأوا نتائجه وما كتبته عنه .. أما الثاني والذي انتهي التصويت فيه أمس فكان السؤال فيها بسيطاً ومباشراً .. (هل تثق في أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة ؟)..
الإجابات كانت مذهلة .. أضعها أمامكم لنقرأها سوياً..
· 17% يرون أنها ستكون نزيهة ..
· 66% يرون أنه سيكون مشكوك في أمرها
· 4% يشكون في إمكانية قيامها من الأصل
· 13% يرون أن الإنتخابات لا تعنيهم في شيء.
ويعني هذا الإستطلاع أن غالبية كاسحة من الشعب السوداني – أكثر من الثلثين – يشكون بصورة مباشرة في نزاهة العملية الإنتخابية القادمة.. وربما لديهم مبرراتهم من التجارب السابقة للإنتخابات في مختلف المستويات التي شابتها شبهات التزوير والتلاعب.
لكن إذا أضفنا لهؤلاء 4% يشكون في قيام الإنتخابات من الأصل.. و 13% يرون أنها لا تعنيهم في شيء.. يصبح المجموع 83% هم الحجم المتوقع لمقاطعة الإنتخابات مما يعني عملياً أن التحدي الأول أمام عملية الإنتخابات القادمة اقناع الناخبين بجدية العملية ونزاهتها.. حتى يتكبد الناخب المشوار إلى مقر لجنة الاقتراع للادلاء بصوته.
وفي تقديري .. أن الصحافة السودانية يجب أن تلعب هذا الدور بكل جدية .. أن تقنع الناخب بأن صوته في الإنتخابات مهم جدا ليس لإكمال العملية الديموقراطية فحسب, بل لرسم مستقبل جديد يقوم على المواطن..فأكبر ما نكابده الآن.. أن الحكومة والمعارضة معا لا يرون في الشعب إلا أرقام السجل المدني للمواليد والوفيات.. ولا يضعون مثقال خاطر لصوت هذا الشعب. وأول خطوة لاسترجاع حكم الشعب هو أن يحس المرشحون أن مصيرهم محكوم برضاء المواطن عنهم.. وأن المواطن يستخدم بطاقته الإنتخابية للتعبير عن الرضاء أو السخط.
ليتنا جميعا ندرك أن المشاركة في الانتخابات ليس عملاً آلياً لاختيار سادة جدد أو جدد قدامى..بل لتأكيد سيادة الشعب و قوة صوته فوق أى صوت رسمي أو حزبي..
وليت الحكومة تدرك أن مشاركة الشعب في الإنتخابات رهينة بـ(إحساسه!) بجدية العملية الانتخابية.. الثقة في أن البيئة العامة تؤكد على جدية المنافسة وحيدتها و نزاهتها.. ونفس هذه (الثقة!!) التي فشلت الحكومة الأمريكية في شرائها بأكثر من (700) مليار دولار التي ضختها لاقناع المجتمع بثبات النظام المالي واستقراره.. لا يمكن أن تتوفر هنا مجاناً.. مطلوب من الحكومة ليس ضخ اموال لجذب الناخب.. بل ضخ مزيد من الاجراءات التي تؤكد جدية الانتخابات القادمة .. من قبيل تعديل القوانيين المعيقة للتحول الديوقراطي و تطبيع الأوضاع السياسية والصحفية .. و حقن الوريد الوطني بإحساس أن التفويض الانتخابي القادم يرسم خارطة سياسية دقيقة لتوزيع الأثقال الحزبية..
شارك في الانتخابات.. لأن ذلك هو السبيل الوحيد للاصلاح السياسي والمدني..

الأحد، 12 أكتوبر 2008

12 أكتوبر 2008 - في الطريق اليكم .. قريباَ..


في الطريق إليكم ..قريباً..!!

ربما عليكم الإستعداد منذ الآن لحملة أخرى وشيكة.. هذه المرة دعونا نطلق عليها (القفزة الزراعية).. بعد ان إنتهى بحمد الله مفعول (النفرة الخضراء) ثم من بعدها أختها ( النهضة الزراعية) ..
بخفوت نجم (النهضة الزراعية) التي كانت آخر مبتكرات الخروج على الأطر العادية إلى الاستثنائية.. و زوال الحملة الإعلامية المتواترة التي تضخ تياراً هوائياً منعشاً عن آمال زراعية .. صار الباب مفتوحاً أمام ابتكار آخر.. لا يشترط كثيرا تفاصيله أو مدخلاته العلمية والعملية.. بقدر ما يهم اختيار الاسم اللافح للانتباه وحشد طاقات الحديث عنه في مختلف الوسائط الإعلامية و تدشين ورش العمل والمؤتمرات ولا بأس من بعض اللقاءات الجماهيرية ..خاصة في الولايات التي يحب أهلوها التمتع بخطابات المسئولين كفاحاً..
وإذا كان نجاح الموسم الزراعي – أى موسم – يقاس بوحدة قياس معلومة بحجم محصوله.. فإنه لحسن الحظ لا تحتاج مثل هذه (النفرات أو النهضات) الزراعية أية مقاييس.. فهي برامج مبثوثة في أثير منفوش.. لا يقابله طن ولا جوال ولا لتر.. وكل ماهو مطلوب لاستنهاض برنامج زراعي .. عدد مناسب من الساسة في مختلف المستويات الذين (يبشرون به) .. و يسوقونه حتى آخر لحظة قبل أن يحين موعد (الصمت) عنه ثم استصدار مصطلح جديد..
وكما أن (النفرة الخضراء) ذابت وتلاشت في سلاسة دون أن يبكي عليها أو يسأل عنها مجلس وطني أو غير وطني.. فإنه ليس من المؤمل أن تشهد الدورة القادمة للبرلمان حوادث استفسار حول برنامج النهضة الزراعية.. و حتى لو حدث – صدفة – فسيمثل المسؤولون عنها أمام السادة النواب ويحكوا قصة الانجاز والاعجاز.. بأرقام أو بدونها.. وينتهي الأمر بمنتهى البساطة كما بدأ..نحن دولة زراعية حسب شهادة الميلاد.. لكنها تستورد الطماطم والثوم والبصل – ليس مناسبا الاشارة هنا للتفاح والبرتقال وغيرهما من الفواكه- ويشرب الزراع والرعاة لبن (نيدو) .. ويعد تناول الفراخ وغيرها من اللحوم البيضاء ضرباً من العز الملزم للتفاخر.. وتناول اللحوم الأخرى تكفله ملكيتنا الفكرية للعبارة التاريخية التي تتردد في أجهزة اعلامنا الرسمية في اليوم مائة مرة ( لدينا خمسمائة مليون رأس من الماشية..)
بكل جدية.. لا نريد ورشة عمل أو أوراق بحوث مكتنزة لتجيبنا على السؤال الملحاح ..لماذا نحن دولة زراعية لا تزرع..؟؟ نريد فقط اجابة صغيرة من خمسة أسطر من أي خبير زراعي .. سأنشرها هنا .. فقط من خمسة أسطر.. من خبراء مختصين.. (لماذا نحن دولة زراعية نملك مشاريع في حجم مشروع الجزيرة..و لا نزرع..؟؟).. لماذا نملك الارض والماء .. ولا نملك الغذاء..؟؟لماذا وزارة الزراعة .. مجرد Parking لوزراء بلا وزارة ؟؟ لحين الانتقال الى موقع آخر..لماذا .. لا تجد كليات الزراعة متقدمين اليها.. وبالكاد يجد خريجوها وظائف "حراس" في شركات الحراسة الشهيرة..

هل تثق في نزاهة الانتخابات القادمة ؟؟؟؟

هل تثق في أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة ؟


كما لاحظتم أجرينا استطلاعا خلال الاسبوع الماضي بسؤال واحد هو :
هل تثق في أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة ؟
وكانت الاجابات كالتالي :
17% يرون أنها ستكون نزيهة ..
66% برون أنه سيكون مشكوك في أمرها
4% يشكون في امكانية قيامها من الأصل
13% يرون أن الانتخابات لا تعنيهم في شيء.
ويعني هذا الاستطلاع أن غالبية كاسحة من الشعب السوداني – أكثر من الثلثين – يشكون في نزاهة الانتخابات القادمة.. وربما لديهم مبرراتهم من التجارب السابقة للانتخابات في مختلف المستويات التي تعرضت للتزوير والتلاعب.
اذا وضعنا في الاعتبار 4% يشكون في قيام الانتخابات من الأصل و 13% يرون أنها لا تعنيهم في شيء.. يصبح المجموع 83% هم الحجم المتوقع لمقاطعة الانتخابات مما يعني عملياً أن التحدي الأول أمام عملية الانتخابات القادمة اقناع الناخبين بجدية العملية ونزاهتها حتى يتكبد الناخب المشوار الى مقر لجنة الاقتراع للادلاء بصوته.
وفي تقديري .. أن الصحافة السودانية يجب أن تلعب هذا الدور بكل جدية .. ان تقنع الناخب بان صوته في الانتخابات مهم جدا ليس لاكمال العملية الديموقراطية فحسب, بل لرسم مستقبل جديد يقوم على المواطن.فأكبر ما نكابده الآن.. ان الحكومة والمعارضة معا لا يرون في الشعب الا أرقام السجل المدني للمواليد والوفيات.. ولا يضعون مثقال خاطر لصوت هذا الشعب. وأول خطوة لاسترجاع حكم الشعب هو أن يحس المرشحون أن مصيرهم محكوم برضاء المواطن عنهم.. وأن المواطن يستخدم بطاقته الانتخابية للتعبير عن الرضاء أو السخط.
ليتنا جميعا ندرك أن المشاركة في الانتخابات ليس عملاً آلياً لاختيار سادة جدد أو قدامى..بل لتأكيد سيادة الشعب و قوة صوته فوق أى صوت رسمي أو حزبي..
شارك في الانتخابات.. لأن ذلك هو السبيل الوحيد للاصلاح السياسي والمدني..

12 أكتوبر 2008 - و هذي الضجة الكبرى.. علاما ...!!


وهذي الضجة الكبرى.. علاما..!!

لم أفهم الضجة التي ثارت بخصوص شحنة الأسلحة التي أحتجزها القراصنه في الصومال.. و قيل أنها مستجلبة بواسطة الجيش الشعبي لتحرير السودان.. الأمر لا يخرج من ثلاث.. إما أن المشكلة في ملكيتها للجيش الشعبي.. أو في السرية والتمويه تحت الغطاء الكيني.. أو في طبيعة التسليح الثقيل من دبابات و مدافع.
بالنسبة للجيش الشعبي فهو أحد ثلاث جيوش إعترفت بهم إتفاقية السلام الشامل والدستور الإنتقالي.. (الجيش السوداني – الجيش الشعبي – الجيش المشترك).. ولم يُحدد سقف لتسليحهم.. ولم يفترض الدستور حالة عداء بين الجيوش الثلاث تجعل من تسليح أحدهم خطراً على الآخرين..اما بالنسبة للسرية والتمويه فهي طبيعة الجيوش وتحركاتها حتى لو كانت الشحنة أحذيه عسكرية (بوت)..
لو كانت الضجه بين دولتين بينهما وسواس وهواجس فقد يكون الأمر مفهوماً.. أما أن تكون في ذات الدولة التى تجمعهم.. فهذا برهان على أن لإتفاق السلام روح تناقض النصوص.. فيصبح اسم الإتفاق هو الآخر ضرب من التمويه.. ومن هنا ُتولد الكارثة التي لاشك آتية.. عندما تنسج حيثيات الحرب من نصوص اتفاقيات السلام..تسليح الجيش الشعبي مفهوم في الحدود التي تؤهله لفرض الإستقرار في إقليم مدجج بالمليشيات وألغام التناطح القبلي.. وفي مسرح عمليات استمرت لنصف قرن.. لكن إذا كان التسليح إستباقاً لحرب محتملة على الحدود مع الشمال.. فذلك يعني أن حكومة الجنوب قررت تأجيل التنمية ورفاهية شعبها لعقود قادمة من الزمان.. فالحرب لا تفض نزاعات الحدود بل تحرق موارد البلاد وتسفه أحلام شعوبها.. ومهما طالت تسويات الحدود والخلافات عبر السبل السياسية.. حتى ولو استغرقت سنوات وعقود فهي أقل تكلفة من أي حرب ولو دامت خمسة أيام فقط.. هكذا علمنا تاريخ الحروب التي أفنت فيها الدول مواردها البشرية والمادية.. ثم وصلت إلى طاولة المفاوضات وحلت القضية بالتفاوض والحوار..
اما إذا كان تسليح الجيش الشعبي تمهيداً لإعلان الإنفصال.. فذلك أمر لا يحتاج إلى (دبابات).. مجرد بيان يذيعه تلفزيون الجنوب.. ثم يواصل إرساله.. فالواقع الآن أنه اذا كان الجنوب في الوحدة زاهد, فإن الشمال أزهد..والجيش السوداني أكمل انسحابه من الجنوب.. ليسمح بوحدة يفرضها التراضي.. أو انفصال بالتراضي أو بدونه.. فلن تطلق بعد اليوم رصاصة واحدة بإسم الوحدة.. رفعت الأقلام وجفت الصحف..
من الحصافة والكياسة أن ندرك الأبعاد التي تقصفها مثل هذه الضجة التي ُأثيرت حول شحنة الأسلحة.. والأجدى أن نلتفت لقضايا أكثر خطورة.. فالوطن اليوم يمر بأزمة مصيرية.. وليس من زمن للمعارك الجانبية.. الحزبية..!!أما لحكومة الجنوب.. فأبنوا وطنكم بالتنمية.. وكل دبابة تفتح عشر مدارس.. وكل مدرسة تنير طريق ألف أسرة.. ويكفي الجنوب خمسين سنة حروب..!!

السبت، 11 أكتوبر 2008

الرقابة الأمنية على الصحف..!!

منذ حوالى سبعة أشهر.. بالتحديد منذ شهر فبراير عام 2008 .. تخضع الصحف السودانية لرقابة أمنية قبلية.. حيث يزور الصحيفة مساء أحد ضباط جهاز الأمن الوطني والمخابرات ويراجع المواد الصحفية .. ويأمر بحذف أو تعديل بعضها ويسمح بنشر المواد التي يطالعها بعد ذلك القاريء صباح اليوم التالي.. فتصبح مواد الرأى والأخبار التي تظهر في الصحف هي بالتحديد ما سمح به مقص الرقيب..
فماهي تأثيرات مثل هذه الرقابة على الصحف..؟؟
من المنصف أولاً أن نؤكد أن جهاز الأمن الوطني الذي (ينفذ) الرقابة ليس بالضرورة هو صاحب القرار فيها.. بل ربما يكون معترضاً عليها وقد تكون المشيئة السياسية هي التي تفرض عليه ذلك.. لكن رغم ذلك ففي تقديري أن هذه الرقابة تحدث خسائر جسيمة (جدا) .. حتى ولو لم تظهر آثارها عاجلا..
وأضرب لكم مثلا بقضية حساسة جداً تعرضتُ لها في حديث المدينة لكن الرقيب منع نشر العمود ..
قبل عدة اسابيع اجتاحت القوات الاثيوبية حدودنا الشرقية وقتلت ضابطاً من الشرطة السودانية وعدداً كبيراً من جنودنا الذين كانوا معه في موقع حراسة متقدم داخل الحدود السودانية..
من وحي إحساسي بالمسئولية الوطنية تجاه هذا البلد.. قدرتُ أن إحداث نوع من رد الفعل الغاضب الشعبي داخل السودان يبعث برسالة قوية للحكومة الاثيوبية.. لتدرك أن مثل هذه الأعمال لا تضرب الحكومة السودانية بل تقصف عمق الوجدان الشعبي تجاه اثيوبيا.. وأن اثيوبيا بمثل هذه الأعمال لا تسوى خلافاتها مع الحكومة السودانية بل تخسر مجمل الشعب السوداني وتخلق حالة غضب شعبي ضد اثيوبيا..
وأدرك تماما أن السفارات الأجنبية في السودان تنقل ردود الأفعال هذه لحكوماتها وقد ينبني قرارها السياسي عليها.. خاصة أن كل السفارات الأجنبية في السودان تهتم بما يكتب في الصحف السودانية وتتابعه أولا بأول بل ولها أقسام اعلامية كاملة تترجم ما يكتب.. وبالتأكيد، التعبير الغاضب في الصحف السودانية سيبعث برسائل قوية للمجتمع الدولي والاقليمي وللحكومة الاثيوبية بالتحديد..
ماذا كانت النتيجة .. جاء الرقيب مساء ومنع نشر عمود حديث المدينة ..!!
إذن ماهو المترتب على ذلك.. حجب رد الفعل الشعبي الغاضب يبعث برسالة لاثيوبيا أن قتل أكثر من عشرين جنديا سودانياً وضابطاً .. لا يعني أى شيء بالنسبة لشعب السودان.. وأن مشكلة كمال شداد مع صلاح ادريس أكثر جذباً لانتباه الرأى العام السوداني من مقتل جنوده (غدراً) وداخل بلدهم .. دون أن يزرف عليهم قلم واحد دمعاً أو يثكلهم غاضب..
والله العظيم.. وهو قسم فعلي لا مجازي.. كنت أحس بطعم المرارة في فمي من تخيل مشهد جنودنا الأبرياء وهم مستأمنون داخل وطنهم يحرسون موقعاً متقدماً وإحساسهم بالأمن والأمان لا يشوبه أى حذر.. فإذا بقوات جارة صديقة لنا تجتاحهم ليلاً وتُعُمِل فيهم قتلاً .. بلا أدني ذنب أو سبب.. وصحف الخرطوم هناك بعيدة في همومها لا تستطيع حتى أن تزرف الدمع عليهم.. وكأني بالمستشار الاعلامي للسفارة الاثيوبية يرسل تقاريره لبلده ( لا رد فعل .. الحكومة السودانية وحدها من يحس بألم الطعنة..) فتفترض الحكومة الاثيوبية أن قتل الجنود السودانيين عمل متاح في حسابات الكر والفر بين حكومتي البلدين..
وعندما يسافر وفد حكومي من السودان بعد ذلك للتفاوض مع اثيوبيا – وهو ماحدث فعلا – سيكون وحده.. غير مسنود بأى ارادة شعبية.. وتدرك الحكومة الاثيوبية أنها تفاوض موظفين رسميين .. رضاؤهم أوغضبهم سيان.. طالما أنهم بلا شعب خلفهم.. ويصبح لسان حال الجارة الصديقة (الاضينة .. دُقو واعتذر لو..)
نحن الوطن ..البلد الكبير.. نفقد كثيرا بفعل هذه الرقابة.. ومع ذلك يبقى السؤال الكبير.. ماهو الذي تخشي الحكومة أن يعلمه الشعب ؟؟ فتراقب الصحف حتى لا تقوله للشعب !!

10 اكتوبر 2008 - حقوقك ..!!

حقوقك ..!!
حسب الأخبار أمس.. أن السيد مدير شرطة مرور ولاية الخرطوم أمر بتنفيذ حملات لضبط المرور.. وأحس المواطنين على ذلك من خلال الكم الهائل من المخالفات التي بطشت بجيوبهم عن جدارة.. ولا حرج أن تباشر شرطة المرور مثل هذه الحملات فالشارع فعلا يحتاج إلى (سيادة القانون) .. ولكن ..!!
فرض القانون لا يتحقق بمخالفته.. ففاقد الشيء لا يعطيه.. وتنظيم المرور في الطرقات عمل (قانوني) جداً.. يعتمد أولاً وقبل كل شيء على مرجعية (القانون) فكيف تنفذه الشرطة ..اذا غضت الطرف عن (قانونية!) اسلوب التنفيذ نفسه..شكاوى كثيرة تلقيتها من المواطنين.. أن شرطة المرور درجت على سحب رخص القيادة منهم اذا لم يتوفر المال الكافي لدفع المخالفة.. أو اذا رفض سائق السيارة دفع التسوية وطلب العرض على القضاء.. وسبق لي الاشارة هنا إلى افادات تلقيتها من مدير المرور الأسبق الفريق عادل سيد أحمد.. ومدير المرور السابق اللواء أحمد التهامي .. أكدا فيها أنه لا سبيل لأي شرطي مرور لأخذ رخصة القيادة من المواطن والاحتفاظ بها (رهينة) لحين السداد.. هذا عمل غير قانوني .. يماثل تماماً وربما أسوأ المخالفة المرورية التي ارتكبها السائق..وأيضاً .. ولا يجوز لشرطي المرور خلع لوحات السيارة.. بل أن اللواء التهامي وصف مثل هذا العمل بأنه أخطر كثيراً من المخالفة المرورية ..لأنه يمنع صاحب السيارة من قيادتها فتظل في الشارع مما يفتح الطريق لسرقتها أو تنفيذ اعمال اجرامية بها طالما هي مهملة في الشارع..ومع ذلك.. لا تزال شكاوى المواطنين.. فكيف يمكن بسط النظام وضبط الشارع ..اذا كانت شرطة المرور نفسها في حاجة لضبط تعاملها مع المواطنين..
من الحكمة أن تأخذ إدارة المرور الأمر بمنتهى العقلانية.. وتدرك أن أول خطوة لتنظيم المرور هو الإلتزام بالقانون .. من جانب المواطن لكن قبله من الشرطة نفسها.. ولا يمكن افتراض أن القانون حالة اختيارية ُتطبق على المواطن وتترفع عنه السلطات الأعلى.. هنا يصبح القانون مجرد حالة تربص ..لعبة القط والفأر.. لا يقع تحت طائلته إلا الضعيف.. سيء الحظ..
ليت السيد مدير عام المرور.. يوجه جميع منسوبيه بأن اتباع القانون لا يهدر هيبتهم بل يزدها.. وأن افلات مخالف من جريرة المخالفة, أفضل ألف مرة من الإيقاع به باستخدام مسلك مخالف للقانون.. وليس من مصلحة الدولة أبداً أن تكسب خزائنها بمثقال ما تفقد من (ثقة!) المواطن في مرجعيتها..
وعلى كل حال (آديني) أبصر المواطن بحقوقه التي يجب أن لا يتنازل عنها.. ليس من حق شرطة المرور أخذ رخصة القيادة من السائق.. وليس من حق أحد انتزاع لوحات السيارة.. بل من حق المواطن أن يرفض دفع المخالفة (التسوية) فيطلب العرض على القضاء..وليس من حق الشرطة مطلقاً الزامه بالدفع في هذه الحالة..اذا رفض التسوية..!!

الأربعاء، 8 أكتوبر 2008

8أكتوبر 2008 - جيشنا

جيشنا..!!

والله العظيم أكتب هذه الكلمات بمنتهي الحزن والألم.. أن يكون الاختلاف في هذا الوطن على كل شيء.. حتى المسلمات التي لا تقبل القسمة على الحُب أو الكره.. مثل جيشنا السوداني..!!
قبل أيام قلائل .. تصدرت نشرات الأخبار العالمية نبأ اختطاف سياح أوروبيين ومعهم بعض المصريين في الحدود بين السودان ومصر.. وظلت الوسائط الإعلامية تتابع الساعات المثيرة والمختطفون يتنقلون بهم بين أربع دول.. ثم فجأة أذيع خبر عن رجوع الرهائن وانتهاء العملية..
الجيش السوداني تحدث عن معركة شرسة خاضها ضد المختطفين و تصفية وأسر بعضهم.. مع اصابة بعض الجنود السودانيين في المعركة.. وأكد على ذلك بعرض صور الأسرى ثم سلم الجيش السوداني السيارة المختطفة في احتفال .. سخر منه البعض وقالوا أن الاحتفال نفسه ربما يكون أكثر من قيمة السيارة..!!
لا يحتاج الأمر لجهد عقلي للتيقن من صدق رواية الجيش السوداني .. فالجرحي من الجنود موجودون.. والأسرى .. وصور الجنود السودانيين وهم يوارون الثرى جثث بعض المختطفين.. كل ذلك دليل لا يقهر على صدق رواية الجيش السوداني.. لكن البعض في ما يشبه الغبطة افترض أن تصريحات بعض الرهائن الأوربيين أن الخاطفين حرروهم بلا معركة وأنهم لم يسمعوا صوت رصاص.. و أن الخاطفين وضعوهم في سيارة وأمروهم أن يتجهوا شمالا.. أن كل ذلك دليل على أن الجيش السوداني (كأنك يا أبوزيد .. ما غزيت)..
في حوار مع صحيفة (المصري اليوم) القاهرية ..حكى مدير الشركة السياحية الذي اختطف مع الرهائن القصة .. وقال أن الخاطفين أيقظوهم ليلا وأركبوهم السيارة وطلبوا منهم الرحيل وقال أن الخاطفين كانوا يرددون (لقد قتلوا رئيسنا..) وعندما لم يفهم الرهائن الأمر.. قال لهم الخاطفون (عندما تعودوا الى بلدكم ستعرفوا بقية القصة..) وقال مدير شركة السياحة أنهم ساروا بالسيارة حوالى ست ساعات الى أن وصولوا (70) كيلومترا داخل الحدود المصرية.. فقابلوا قوة مصرية متمركزة هناك.. وعندما أخبروا قائد القوة بهويتهم رفع جهاز الاتصال ليبلغ قيادته قائلا ( يا أفندم .. مسكناهم ..!!) ..
بلا أدنى شك الجيش السوداني قام بعمل بطولي.. وكان رأس الرمح في تحرير الرهائن بعد أن اصطدم بالخاطفين و دمر مركز السيطرة والقيادة.. ولم يعد بامكان الخاطفين سوى فك أسر الرهائن .. ومثل هذه العمليات البطولية لا تتم بـ(محاسن الصدف) خاصة مع الحساسية الشديدة لكون الرهائن ينتمون الى بلاد قادرة على اثارة المتاعب لو تعرض مواطنيها الى أى ضرر.. وخوض معركة في أقاصى الصحراء عمل كبير وخطير تكتنفه الكثير من المخاطر..
لكم في دولة باكستان أسوة حسنة .. ظل جيشها يعمل في صمت لتطوير القنبلة النووية.. وكانت الحكومات تتقلب.. بل ويغتال زعماؤها.. ومع ذلك لم يجرؤ باكستاني واحد ..حاكم أومعارض- حتى من هم في المنفى .. على (اللعب بالنار).. والاختلاف على جيشهم ومصالح بلادهم..
رغم أنف كل شيء.. يا رجال جيشنا.. انتم أبطال وحققتم نصراً مستحقاً.. يضاف الى سجل انجازات – والله العظيم – لا ينكرها الا مكابر..

الاثنين، 6 أكتوبر 2008

6 أكتوبر 2008 - من فرج كربة ..!!

من فرج كربة..!!
ألم يحن الآوان لحل هذه الهيئة.. التي تسمى (هيئة الحج والعمرة).. أليس للحكومة ما يكفيها من المشاغل.. ولها من الهياكل الادارية ما يكفي للقيام ببعض المهام التنسيقية السيادية التي قد يتطلبها الظرف مع المملكة العربية السعودية.. إدارة صغيرة في وزارة الإرشاد والأوقاف تستطيع ملء الوظيفة..
الحكومة الكبيرة تصنع شعباً صغيراً.. والحكومة الصغيرة تصنع شعباً كبيراً.. فلماذا تتمدد الحكومة في تفاصيل إجرائية ومشاغل يستطيع المجتمع القيام بها.. وكالات السفر وحدها بالتنسيق مع الوكالات المناظرة في السعودية يمكنها انجاز هذه المهمة.. فالحج أو العمرة ليسا إلا رحلة عبر الحدود السياسية الى بلد آخر.. وكل ما يجب عمله داخل البلد الآخر.. هو من صميم واجبات البلد المضيف..
هذه الهيئة، علاوة على أنها في موقع لا يُفسر.. وغير مبرر فهي تثقل على المواطن برهق الرسوم التي تجبيها وتدخلها في الإجراءات يعيقها ويربكها ويجعل مسارها شاقاً مكلفا للحاج أو المعتمر..
المنطق الرشيد، دائماً .. هو تحديد المشكلة قبل استحداث الحل المطلوب.. فلنسأل بكل تجرد ماهي المشكلة التي من أجلها أصبح الحل هو تأسيس هيئة للحج والعمرة ؟؟
الأمر يبدو مقلوباً.. فالمشكلة الآن هي (هيئة الحج والعمرة) .. والحل هو إلغاء المشكلة بحلها .. وترك المعتمر أو الحاج يتدبر أمره بصورة منفردة.. فإذا ناداه المنادي .. حمل أوراقه الى وكالة السفر التي تروق له.. وعليها تقع مسئولية إجراءات التأشيرة ثم الرحلة الجوية أو البحرية.. ويقوم الطرف المناظر لها في السعودية بتكملة الشق الآخر من الرحلة.. إذا ساءت الخدمة أو نكثت الوكالة عن عقودها فالقانون متوفر لمعالجة مثل هذه الخروقات..ذات القانون الذي يتعامل مع جرائم القتل على فداحتها هل يعجزه فرض النظام على وكالات سفر.. ونفس هذه الوكالات يسافر عن طريقها أضعاف أضعاف هؤلاء الحجاج الى مختلف بقاع الأرض ولم تطلب الأمر تأسيس هياكل حكومية للاشراف على سفر السودانيين الى القاهرة أو دمشق أو حتى امريكا.. فماهي الحكمة بالتحديد في هذه الرعاية الأبوية الحكومية للمسافرين الى الأرض الحرام..
الطريقة التي يُعامل بها الحجاج والمعتمرون السودانييون فيها ظلم سافر .. بل ربما جاز القول أنها تصل مرحلة (الابتزاز).. ابتزاز المشاعر الجياشة التي تدفع المسلم شوقا وحبا لأداء الفريضة وزيارة مسجد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فيتم تجريد الحاج من المخيط والمحيط.. من امواله في سلسلة اجراءات الهدف الأول منها..حكومي.. وآخر ما (لا) تحققه.. راحة ضيوف الرحمن..
ليت الحكومة تطرح على نفسها وبكل صدق وتجرد السؤال الصادم.. ما الذي يفقده الحاج أو المعتمر اذا افتقد (هيئة الحج والعمرة) .. وبالضرورة ما الذي يكسبه اذا انزاحت عن طريقه هذه الهيئة.. من الإجابة السهلة على هذا السؤال تتشكل حيثيات قرار حكومي حتمي ومصيري.. يعلن حل هيئة الحج والعمرة.. ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..!! فرجوا عن الحجاج والمعتمرين كربة هيئة الحج والعمرة ..!!

السبت، 4 أكتوبر 2008

4 اكتوبر 2008 - لغز..!!

لغز .!!
لغز محير .. أعياني التفكير فيه وتفكيك عجائبه.. نحن السودان دولة تقع على الساحل الغربي للشقيقة المملكة العربية السعودية.. ونحن أقرب دولة اليها -جغرافيا - في أفريقيا.. ولا يحتاج المعتمرون والحجاج في بلدنا سوى لدقائق لقطع المسافة من الخرطوم الى جدة.. أما من بورتسودان إلى جدة.. فهي مجرد قفزة بالطائرة ولا تحتاج حتى إلى التحليق.. وليس هناك حتى فرصة للضيافة الجوية..ومع ذلك فإن رحلة حجاجنا الى الأراضي المقدسة أسهل منها رحلة حجاج أمريكا واليابان الى الحجاز.. عبر كل تلك الآلاف الشاسعة من الأسفار..أتدرون ما السبب؟..السبب الأول .. لأن أمريكا أو اليابان ليس فيهما (هيئة الحج والعمرة).. ولا يحتاج حجاجهما الى الرعاية الأبوية من أية هيئة حكومية تختص بالحج والعمرة..اذا نوى الحاج الأمريكي أو الياباني العمرة أو الحج.. فهو يتصل بوكيل سفره.. أية وكالة عادية لا يشترط أن تكون وكالة معتمدة مسجلة في هيئة الحج والعمرة .. ويخبرهم بأن (المنادي نادى) .. وأنه ذاهب إلى الحج.. ستقوم الوكالة بحساب سعر تذكرة السفر كالمعتاد تماماً كما تفعل لأي مصطاف (أو مستشتي) ذاهب للتمتع بشواطيء جدة .. وتحاسبه بالسعر العادي وربما تمنحه تخفيضاً إذا رأت ذلك.. واذا رغب الحاج في خدمات أخرى في وجهة الوصول توفر له بالسعر العادي..لكن في بلدنا السودان.. بلد الشريعة .. هناك نوعان من السفر.. سفر الى جدة بنية السياحة والتمتع بشواطئها.. وسفر الى جدة – أيضا- لكن بنية التمتع بالعمرة أو الحج.. الأول لا مشكلة فيه .. تذهب الى أية وكالة سفر وتدفع القيمة العادية للتذكرة وتحجز وتسافر من صالة المغادرة (عادي جدا) ..أما الثاني .. اذا كنت مسافراً من أجل العمرة أو الحج.. ورغم أنها لنفس الجهة جدة.. فهنا لولاة الأمر وجهة نظر أخرى.. تدفع رسوم هيئة الحج والعمرة.. ورسوم الولاية.. ورسوم المحلية.. ورسوم أخرى كثيرة لا يسع لذكرها المجال.. ويفرض عليك شراء شنطة السفر.. والإحرام.. و (ياويلك) اذا تأخرت عن الرحلة المقررة لك قسراً ..علما أن شركة الطيران من حقها أن تتأخر في الرحلة يوماً أو ثلاثة أو حتى أسبوع.. لكن لو تأخرت أنت ساعة عن الموعد..!! هنا تتغير الصورة تماماً..ثم يجدر بك أن تعلم أن الرسوم لا ترد.. اذا غيرت رأيك او غير المنادي رأيه ولم ينادك للحج .. فأغلب الظن يجب أن تكون مهيئاً لفقدان غالب ما دفعته من رسوم.. فمعظم الرسوم دائماً تسير في اتجاه واحد.. خارج من جيبك.. فهي من النوع الذي يصنف (خرج ولم يعد.. ولن يعود)..بالله عليكم أسألكم بكل جدية .. عدد الذين يسافرون الى القاهرة في الصيف أضعاف أضعاف من سيسافرون الى مكة المكرمة. فلماذا تفترض الدولة أن حجاج مكة في حاجة الى رعاية أبوية تستنزف كل اموالهم بل وتتطلب التأمين على الحياة قبل السفر.. بينما حجاج القاهرة – وهم أضعاف حجاج مكة – لا هيئة عمرة وحج لهم ويشترون تذكرة السفر بالسعر العادي ولا يحتاجون الى (تفويج) ..

الجمعة، 3 أكتوبر 2008

3 اكتوبر 2008 - الراية البيضاء ..!!

الراية .. البيضاء ..!!
المهندس "أحمد عباس" صار عندي قصة من أغرب الفصول.. فهو سوداني أباً عن أم.. لكنه وُلد في الخليج..عاش كل حياته هناك.. في كنف الغربة.. وتعلم هناك.. ثم جاء إلى السودان ثمرة يانعة لم يتكلف وطنه في انتاجها قرشاً واحداً..لم يتجه للوظيفة العامة ليعيش عالة على الحكومة.. يمد يده آخر كل شهر لينال الصدقة التي لا تطعم من جوع ولا تروي من ظمأ.. أختار أن يعمل في وطنه السودان في (سوق الله أكبر).. العمل الحر.. فأسس محلاً في السوق العربي.. يعمل فيه نهاراً وليلاً.. بعرق جبينه..أمس ظهراً .. كانت المفاجأة الكبرى .. اتصل بي مهنئاً بعيد الفطر ثم ليبلغني النبأ العظيم.. قال لي بكل حسرة.. (أخيراً .. قررت أن أرفع الراية البيضاء..!!)أعلن استسلامه بالضربة القاضية لصالح الجبايات والرسوم.. أعد العدة ليرسل اسرته إلى مصر للإقامة فيها مؤقتاً ريثما تلحق به.. بينما حصل هو على عقد عمل في الولايات المتحدة الأمريكية.. (لن أعود.. هو خروج نهائي بلا عودة..) صديقي أحمد فشل في انقاذ مواطنته.. فاختار أن يبتعد عن وطن فشل أن يكون مواطنه..ولأنه مهندس.. حياته مبنية على الأرقام.. فقد ذكر لي الحيثيات بالحساب ..(بعد حساب الرسوم والجبايات والمصروفات الأخرى الرسمية.. أحتاج في اليوم الواحد لصافي مبلغ 160 ألف جنيه.. ولكي أحقق هذا العائد الصافي يجب أن تصل مبيعاتي في اليوم الواحد إلى تخوم الإثنين مليون جنيه.. وهو عين المستحيل..)أكتشف أحمد أنه ليس مطالباً باطعام أفواه أسرته فحسب ..بل اطعام فاه الحكومة قبلها.. وأى فم.. فم كبير كلما ابتلع لقمة قال هل من مزيد..أحسست في كلامه أن كمن ينزع لحمه نزعاً.. أن يكون في حافة الإختيار العظيم المؤلم بين أن يموت في وطنه حياً.. أو يحيا في الغربة ميتاً.. أى خيار في داخل الوطن يعني الموت رهقاً وذلاً.. من لم يمت بسيف الجبايات والرسوم مات كمداً بحسرة الإحساس بأنه مواطن بغير مواطنة.. أعلم أن مثل صديقي أحمد عشرات الآلاف.. من شقوا طريقهم إلى العمل الحر بعرق جبينهم فإذا بشفرة الحلاق تطاردهم لتحلق أموالهم.. ثم تتنكب بهم السبل فإما صاروا إلى السجون مدججين بالغرامات والديون والمطالبات... أو نالوا أوسمة الفقر العتيد .. وأصبحوا في حاجة لمن يطعم عنهم أولادهم ويعول أسرهم..بربكم أسألكم جميعاً.. هل نحن بلد فقير؟؟ أى بلد في العالم يملك مثل ما نملك من موارد طبيعية وثراء الأرض في سطحها وفي جوفها؟. أى بلد يملك مثل مائنا ؟.إذن لماذا بعد كل هذا نحن فقراء؟. لماذا لسان حالنا (رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير..)ماهي النظرية الاقتصادية التي تفترض أن تقليم أظافر المواطن وحصد ماعنده ترفع من شأن الأمة.. كيف تكبر امة تتقلص همة مواطنها.. كيف يعيش وطن أهله أموات بذل الجبايات والرسوم؟ ..لماذا نحن ضدنا نحن ؟؟

الخميس، 2 أكتوبر 2008

(صُنع في السودان) ..
وطن ضجرت منه المآسي..!!
(3)



قلت لكم في الحلقتين السابقتين .. أن أزمة دافور هي من صميم (نأكل مما نزرع ) .. قميص زُرع قطنه ونسج غزله في السودان.. و الثمار المرة التي نجنيها اليوم هي حصاد غرسنا.. و ما كان للعقلية التي أدارت وانفردت بالأزمة أن تحصل إلا مثل هذه النتائج الكارثية..


منهج الكبوة ..!!



عندما قفزت الحركة الإسلامية إلى سُدة الحكم في فجر الثلاثين من يونيو عام 1989.. كانت حركة زاخرة بقوة الدفع العضوية والتنظيمية.. وظهر ذلك جلياً من قدرتها على تدبير الإنقلاب بكل يسر وسلالة .. ثم إمساكها القوى من أول يوم بمقود الدولة بلا ارتجاف..
لكن من أول لحظة الطلق كان واضحاً خلل منهج التفكير..!!
تخيرت الحركة الإسلامية أفضل وأخلص عناصرها التنظيمية ودفعت بهم إلى الأجهزة الأمنية والدفاعية.. بحجة تأمين الدولة.. والبقية الباقية من المخلصين شجعتهم على الإنخراط في الدفاع الشعبي والتفرغ للعمل العسكري الطوعي في أحراش الجنوب.. بعيداً عن المركز..
وتُركت الساحة السياسية في المركز مأهولة بمراكز القوى المشغولة بالتكتيك القصير المدى.. ومدججة بالأعذار التي تسمح بالتغاضي عن المباديء في سبيل الأهداف..على ذمة الغاية تبرر الوسيلة..
كان الخلل في التوازن واضحا كالشمس..
أجهزة أمنية ودفاعية قوية اكتسبت خبرة بسرعة وأجادت عملها للدرجة التي وقف فيها السودان وحيدا أمام عدوان ثلاثي شنته يوغندا واثيوبيا وارتريا في نفس اللحظة .. على حدود جغرافية تمتد لألاف الكيلومترات.. وتحت وطأة حصار عسكري مخيف يمنع تلقي السلاح من أى دولة.. ومع هذا كان سكان مدينة الخرطوم يتمتعون بدخول قاعة الصداقة للفرجة على مسرحية (المهرج) التي تقدمها فرقة الأصدقاء الكوميدية.. كانت الحياة في المدن السودانية تمضي وكأن ليس هناك حرباً أو أهوالاً تجري على امتداد حدود السودان.. بل لم تنقطع الكهرباء عن العاصمة في وقت كانت فيه قوات الحركة الشعبية تقترب كثيرا من خزان الروصيرص عماد الطاقة الكهربائية في السودان.



فيديو كليب الأزمة ..!!



وفي عز وأتون هذا الصراع استطاعت الكوادر الأمنية والعسكرية اختراق الحصار العسكري على السودان بتأسيس صناعة عسكرية متطورة أغنت عن الحاجة لاستيراد الأسلحة التقليدية..
ولكن .. وفي ذات الوقت الذي كانت فيه الكوادر الأمنية والعسكرية تسد ثغرتها بكل احكام.. كانت الكوادر السياسية تمارس أعتى صنوف التكالب على الكراسي وعطالة الذهن والترهل السياسي.. هذه مقاطع من فيديو كليب النشاط السياسي حينها:
· شاع التورط في تزوير الانتخابات النقابية والتنظيمات الطلابية وغيرها.. وضُربت تماماً مصداقية أى انتخابات على أى مستوى تجري في البلاد..
· ووصل الإمعان في الإستهانة بمثل هذا السقوط الأخلاقي السياسي أن تعرضت انتخابات تنظيم المؤتمر الوطني نفسه للتلاعب..المؤتمر الوطني الذي كان الحزب الواحد الحاكم المتحكم..
· وصار أصحاب الخبرات في التزوير أبطالاً في أعين الجهاز السياسي ..واُعتبر الأمر كله في (ميزان حسناتهم) .. وأنه محض (شطارة سياسية)..
· امتدت عطالة الذهن السياسي.. لتستخدم الأجهزة الأمنية في كبت وتحجيم أي نشاط سياسي مضاد حتى ولو كان سليماً معافي من أى رهق تآمري.. فالقابضون على مفاتيح المؤسسات السياسية يدركون أنهم (يرتاحون!) كلما (تعبت!) الأجهزة الأمنية ..
وهكذا.. تعطل الكسب السياسي تماماً.. ذات الحركة الإسلامية التي كانت تدعو أيام نظام الرئيس النميري إلى بسط الحريات.. وكانت تروج مقولة أن الدعوة هبة الحرية.. صارت اليوم لا تخشى مثل ما تخشى (الكلمة) و(الرأي) .. ليس لأنها لا تقدر على الرد والحوار..بل لأن (الكبت) أريح وأسهل .. طالما عُهد به إلى غير الجهاز السياسي المسترخي العاطل..
وجد حزب المؤتمر الوطني في نهاية المطاف.. أنه بدلاً من التنافس سياسياً.. في سوق مفتوح للسياسة.. فيصبح مطلوباً من الحزب الاجتهاد في التعامل مع الرأى العام .. وعرض بضاعته السياسية بأفضل ما تيسر.. أن يعرقل حركة الآخرين.. ويجمد المسرح السياسي كله ..لصالح الحزب..
ومن هنا نشأت الأزمات..
في كل المحكات كان آخر ما يقلق الضمير الحكومي رد الفعل الشعبي.. كما حدث في واقعة سقوط عمارة جامعة الرباط..
بعد سقوط العمارة الكبيرة وضياع أكثر من عشرة مليون دولار من أموال الشعب الفقير تحت انقاضها.. كونت الحكومة لجنة تحقيق تتبع لوزارة العدل.. يرأسها مولانا عبدالدائم زمرواي.. وكيل وزارة العدل.. خلصت اللجنة إلى قرارات تدين عدد من الروؤس الكبيرة في وزارة الداخلية على رأسهم الوزير نفسه.. وطالبت بمحاسبتهم سياسيا وجنائيا..
جرى بعد ذلك معالجة الأمر بصورة تمتص القضية وتجعل منها مجرد قصة درامية مثيرة.. اعلن وزير الداخلية استقالته.. على ذمة (استراحة محارب) .. ثم عاد بعد قليل مترقياً من وزير داخلية الى وزير دفاع.. ومن رتبة عسكرية الى رتبة أرفع..
كان واضحاً أن رد الفعل الشعبي أو الصورة الذهنية (Image) للحكم في خاطر المجتمع لا يعني الدولة في شيء..
في خضم أزمة دارفور و بعد صدور مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية ضد الوزير الاستاذ احمد هارون والمواطن على كوشيب.. ثارت اتهامات ضد وزير العدل.. ليست مجرد أقوايل أو مقالات في الصحف .. بل رفع الأستاذ بارود صندل المحامي مذكرة قانونية الى رئاسة الجمهورية يطب رفع الحصانة عن وزير العدل لاتهامه بالمطالبة برشوة ثلاثة مليون دولار من متهمين في قضايا غسيل الأموال.. وكان في يد الرئاسة أن تأمر بتشكيل لجنة تحقيق أو تقوم بأى رد فعل يفهم منه أنها تتعامل مع المنظور الشعبي للحكومة.. أو أضعف الإيمان أن تصدر بياناً تنفي فيه التهمة وترفضها كلياً..لكن كل ذلك لم يحدث..
وكانت النتيجة الحتمية أن هذه الواقعة بالتحديد صارت أحد أدلة وبنود الاتهام التي تضمنتها مذكرة لويس مورينو أوكامبو المدعي الدولي ضد السيد رئيس الجمهورية.



اعادة اكتشاف العجلة .!!



منهج الكبوة كان سافرا كالشمس في كل مناحي الحياة السياسية وما جاورها.. في غياب الفكرة التي تستهدف وطنا جديدا مبنى على المؤسسات وسيادة القانون.. افكرة التي تؤمن بأن درهم عمل أفضل من طن أقوال.. لا تلحقها أفعال..
وتحول (المشروع الإسلامي!!) الى مشروع بقاء على السلطة.. بأعتى فنون التكتيك والمحاورة والمداورة التي تمنح سنوات وشهور وأيام حكم أكثر.. رغم أن التاريخ برهن في أكثر من مناسبة ان مثل هذا النموذج من الدولة سهل قيامه..بنفس سهولة سقوطه.. على سبيل المثال لا الحصر..
شاه ايران .. محمد رضا بهلوي أسس دولة قوية الأنياب.. واستثمر مخزونها النفطي في تطوير كيانها ومعمارها ..
تحت حراسة أحد أعتى الأجهزة الأمنية التي عرفها التاريخ.. جهاز (السافاك).. لكن في أول هبة شعبية ذابت الدولة بجهازها الأمني وانهارت..

الرئيس الروماني شاوسسكو .. أستأمن نفسه داخل قلعة دولة محصنة بأشرس المؤسسات .. وفي لحظة ثار شعبه.. فأعدمه رميا بالرصاص في محكمة كانت زوجته تصرخ في القضاة أن يتأدبوا في حضرة رئيسهم..
صدام حسين.. من فرط قبضته كانت أجهزته تفض المظاهرات بالقنابل اليدوية.. وحقق رقما خرافيا في اعداد المعارضين الذين قتلوا.. زرع الخوف في قلب كل عراقي حتى ما صار الأب يستأمن
ابنه ولا الأخ يستأمن أخيه ولا الزوج زوجته.. وفي لحظة اندثر حكمه ..
أمثلة كثيرة.. كلها تبرهن على حقيقة واحدة..أن قوة الحكم والوطن في قوة لا رعب شعبه..
أواصل في الحلقة الرابعة ...باذن الله ..