الأحد، 31 مايو 2009

غي يوم الزيارة 31 مايو 2009

في يوم الزيارة ..!!

نقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) أمس خبراً عجيباً.. يقول أن هيئة الأحزاب والتنظيمات السياسية أعلنت أنها قدمت مقترحاً للحكومة لدعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لزيارة السودان.. (في إطار ترقية وتطوير العلاقات بين البلدين..) حسب نص الخبر..
لا أدري.. هل تدرك هيئة الأحزاب معنى مثل هذا الخبر.. أم يقينها بأن (سوق السياسة) في السودان يحتمل أي كلام .. والسلام..!! يجعلها تبث في أثير الأخبار دون تبصر بالمنطق السياسي..أي كلام..!!
أولاً .. يا هيئة الأحزاب.. السودان لا يزال – رغم أنف الحقيقة – مدرجاً في القائمة الأمريكية السوداء للدول التي تُتهم بأنها ترعى الإرهاب.. ونتعرض لمقاطعة أمريكية إقتصادية من جانب واحد منذ العام 1997 .. فكيف سيزور رئيس أمريكا السودان ..قبل إزالة هذه المتاريس؟
ثانياً.. ألم تر هيئة الأحزاب كيف يزورنا المسؤولون الأمريكيون في الفترة الأخيرة.. ألم يلاحظوا شيئاً في برنامج زيارة السيد جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي الذي زار السودان يوم الأربعاء 15 أبريل 2009 لثلاثة أيام..
هل سيفعل أوباما – إذا لبى الدعوة .. ما فعله "كيري"..؟
هل قرأت هيئة الأحزاب ما كتبه السيد "جون كيري" في صحيفة (بوسطن هيرالد) الأمريكية اليومية Boston Herald في مقاله يوم 27 أبريل 2009 بعد عودته من زيارة السودان ..؟؟
صحيح أنه دعا للتعامل المباشر Engagement مع قضايا السودان في دارفور وعلاقة الجنوب والشمال.. لكنه في المقابل استخدم مفردة تطيح تماماً بفرص التقارب بين البلدين اذا لم تزاح بواسطة الادارة الأمريكية .. إذ ذكر في مقاله بالحرف (but the consequences of the genocide remain unresolved.)
من الحكمة أن تدرك هيئة الأحزاب أن زيارة الرئيس الأمريكي ليست جزءاً من مطلوبات تطبيع العلاقات بين البلدين.. بل – إذا حدثت يوماً ما في عهد رئيس أمريكي ما – فهي غالباً في سياق ما بعد التطبيع.. ولو حدثت المعجزة وجاء الرئيس الأمريكي أوباما للسودان في الوقت الراهن فأغلب الظن أن البيت الأبيض سيعلن أنها (زيارة إلى دارفور).. وليس السودان.. وسيكون في استقباله بمطار الفاشر السيدعثمان محمد يوسف كبر والى شمال دارفور .. وعندما تطالب هيئة الأحزاب (السياسية!!) الحكومة بتقديم الدعوة للرئيس الأمريكي فإن المطلوب مراجعته فعلاً كلمة (سياسية!!) المذكورة في إسم هذه الهيئة.. فلا يمكن توقع مثل هذا الطلب من هيئة (سياسية!!) ..

الجمعة، 29 مايو 2009

قول للزمان ارجع يا زمان 29 مايو 2009

قول للزمان.. ارجع يا زمان..!!

والدي الحاج ميرغني الخليفة الحسين.. كان من السودانيين القليلين في جيله الذين أتيح لهم التعليم فالتحق بعد تخرجه محاسباً بوزارة المالية.. وتنقل بين مدن جنوب السودان ثم جبال النوبة ودارفور ثم عاد إلى الوسط في مصنع سكر الجنيد ثم انتقل منه الى مصنع سكر حلفا الجديده.. واستقر أخيرا في الخرطوم إلى أن بلغ سن المعاش والتقاعد..
في جولته الطويلة هذه توزعنا نحن أبناءه.. فكان من حظي أن أولد أنا وأحد اخوتي في مدينة نيالا.. بينما وُلد بقية أشقائي في مدن الفاشر والجنينة.. إثنان في كل مدينة.. ولم يولد في قريتنا الخليلة الا أكبر اشقائي .. لم تتشكل ذاكرتي في نيالا.. وبالكاد تومض إذ أن عمري كان أقل من ثلاث أعوام عندما غادرتها..إلى الفاشر..
لكن في ذاكرتي صورة واضحة للفترة التي عشتها في الفاشر بعد ذلك.. صورة منزلنا الذي كان يجاور بيت ضابط كبير في حامية الفاشر العسكرية.. كنت معجباً – جداً- وأحرص على التطلع اليه وهو يلبس البزة العسكرية وفي كتفه تلمع أطقم الرتبة العسكرية المرموقة.. وأذكر جيدا كيف يكون جالساً يصلي المغرب في منزله فيأتي جندي من الحامية ويضرب الارض برجله بقوة ويتمتم بكلمات لا أفهمها .. ويدهشني أن الضابط لم يكن مطلقا يرد عليه بكلمة.. كان يكتفي فقط بايماءة من رأسه فيستدير الجندي بكل قوة الى الخلف فيضرب الارض مرة ثانية ويغادر البيت..
وفي ذاكرتي أيضا احتفالات ومعارض كانت تقيمها مدرسة الفاشر الثانوية والتي كان أكبر اخوتي طالبا فيها.. وأذكر لحظة حزن غمرت جميع أفراد أسرتنا عندما بلغنا أن سيلا جارفا في الخريف اكتسح مجموعة من طلاب المدرسة في مدينة زالنجي وكان من بينهم شقيقي عبد الله ميرغني (استشهد عام 1976 في الأحداث الانتفاضة العسكرية ضد الرئيس النميري).. حادثة طلاب مدرسة زالنجي هذه ظلت في ذاكرتي ودهشت جدا لما ذكر لي الاستاذ عبد الله آدم خاطر أنه كان شاهد عيان عليها.. وأنه لا يزال يذكر جيدا كيف أن عبدالله ظل يصارع المياه بقوة محاولا استنقاذ شنطة ملابسه من مياه السيل الجارف..
طوال فترة تنقل الوالد بين مدن دارفور الثلاث.. نيالا.. الفاشر.. الجنينة.. في دورة متكررة ..و كانت اسرته في الخليلة تلح عليه أن ينتقل الى الخرطوم.. لكنه يرد بعبارة واحدة .. أنه يفضل الاقامة في دارفور أطول فترة ممكنة لضمان مستقبل أولاده.. فالتعليم في دارفور أفضل..
تصوروا.. تلك هي الصورة.. التعليم في دارفور أفضل من الخرطوم.. ويصر الوالد على البقاء في دارفور لضمان مستقبل أفضل لأبنائه!!
هل يصدق أحد الآن.. أن تسير عجلة التاريخ عكس تيار الحياة.. فتتحول دارفور الى منطقة شدة.. ولا يجد سبعة أطفال من كل عشرة فرصة في التعليم .. بسبب الحرب اللعينة..
هل نحلم بآلة التاريخ التي تعيد الزمان للوراء.. فترجع دارفور الى الماضي.. !! على رأي أول وزير مواصلات في عهد حكومة الانقاذ الذي أذكر أني سألته في العام 1992 تقريبا عن أهداف خطته للسكك الحديدية .. رد قائلا.. أن ترجع عشرين عاما الى الوراء.. !! عندما كان الناس يضبطون ساعاتهم على صافرة القطار..


الأربعاء، 27 مايو 2009

عبة الأمم النوية - 28 مايو 2009

لعبة الأمم.. النووية ..!!


في يوم 6 أغسطس عام 1945 نفذ الطيار الأمريكي بول تبيتسPaul Tibbetsالذي كان يقود طائرة من نوع B-29 .. الأوامر العسكرية الصادرة اليه من قيادته.. طار عاليا في سماء مدينة هيروشيما اليابانية .. ثم في لحظة الصفر ضغط على الزر ليلقي بالقنبلة النووية وأسمها الحركي (الولد الصغير).. ثم نظر الطيار إلى الأرض من خلف زجاج مقصورة الطائرة وصرخ قائلا ( يا إلهي .. ماذا فعلت ؟؟)
حتى الطيار لم يكن يدري أن قنبلته النووية ستفعل ما فعلته في تلك اللحطة التي مسحت فيها مدينة كاملة عن الوجود خلال ثوان.. وبعدها بثلاث أيام كرر زميله نفس السيناريو في سماء مدينة نجازاكي اليابانية .. فمسحها عن الوجود.. وظلت أثار الاشعاع النووي تفتك بالابشرر سنوات بعد الحرب.. ومن يومها أدركت البشرية أن القنبلة النووية سلاح.. لكن ليس للاستخدام..
لكن يوما بعد يوم تدخل دول جديدة للنادي النووي.. وتحصل على حق استخدام سلاح ليس للاستخدام.. وكان آخر الوالجين لهذا النادي في أكتوبر من عام 2006 .. كوريا الشمالية ..بعد إجراء أول تجربة تفجير نووي..
كانت كوريا تدرك أنها تصنع سلاحا ليس للاستخدام العسكري.. بل الإقتصادي.. فبدأت تفاوض الغرب على تفكيك برنامجها النووي مقابل فاتورة محددة.. وفعلا بدأت تفكيك أكبر معاملها النووية .. وفرح الغرب وافترض أن فتحا جديدا لا يقل عن تفكيك الاتحاد السوفيتي قد تحقق..
لكن كوريا اكتشفت فجأة..أن الثمن الذي طالبت به ونالته لتفكيك برنامجها النووي كان بخساً.. فألمحت للدول الستة التي تفاوضها إلى أن الثمن في حاجة إلى تعديل.. لكن عجزت آذان الدول الكبرى عن سماع صوتها..
لجأت كوريا لنظرية الطرفة السودانية الشهيرة.. التي تقول أن رجلا في قرية لا يصلي.. وعده الصالحون من أهلها بجائزة مالية إن هو ذهب معهم الى الصلاة يوم الجمعة.. الرجل أنجز ما هو مطلوب منه وصبر على خطبة الجمعة ثم الصلاة.. بعد خروجه من المسجد طالب بالجائزة.. ردوا عليه بأن الجائزة في الحقيقة هي نعم الثواب في الآخرة.. غضب من (التكتيك) الذي استخدموه معه.. فقال لهم في بساطة ( كنت أتوقع مثل هذا الغدر.. ولهذا صليت معكم بدون وضوء..)
كوريا ردت على العالم ببساطة أنها كانت تتوقع مثل هذا المسلك.. وأعلنت أن برنامجها بخير.. والدليل.. فجرت لهم قنبلة نووية أخرى أكبر حجما وتدميرا.. وأكثر دقة .. ثم اردفتها باطلاق خمس صواريخ .. وكأني بها تقول لهم.. من الأفضل أن نراجع الفاتورة .. فاتورة تمزيق البرنامج النووي..
العالم كله اليوم يدرك أن الأسلحة النووية لا يمكن استعمالها في الكرة الأرضية. لأنها قادرة على تدمير الكرة الأرضية أكثر من مائة مرة.. بكل من وما فيها.. ولن يسلم منها بشر.. لكن في المقابل .. يدرك العالم أنها الوسيلة الأضمن للسلام.. وليس للحرب.. و (كلو بثمنه ..)

من الشربات فسيخ 27 مايو 2009

(من الشربات.. فسيخ )..!!

في الأنباء أن الأحزاب تتجه للاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية في مواجهة مرشح حزب المؤتمر الوطني.. تحالف عريض يضم الطيف السياسي من أقصى يمين حزب المؤتمر الشعبي إلى أقصى يسار الحزب الشيوعي .. مرورا بأحزاب الأمة والاتحادي والحركة الشعبية والفصائل الدارفورية.ز
ورغم أن الفكرة لم تتبلور بشكل واضح، وتبدو كما لو أنها محض تفكير بصوت عال..و يجري الترتيب لعقد مؤتمر جامع في مدينة جوبا لكل هذا الطيف المتحالف لطبخ الفكرة وانضاجها على نار هادئة.. إلا أن بعض الحقائق يفترض نفسها على هندسة هذا التحالف..
أولا.. الإتفاق على التحالف هنا موجه فقط لصندوق إنتخابات رئاسة الجمهورية.. ويترك الباب مفتوحاًً للتنافس أو التحالف الجزئي أو مجرد التنسيق بين منظومة الأحزاب هذه في بقية مستويات الإنتخابات (البرلمان- الوالي- المجلس التشريعي للولاية)
ثانياً: بنظرة شاملة لمنظور هذا التحالف لايبدو أن هناك من يمكن الإتفاق عليه بينهم للترشح لمنصب رئيس الجمهورية سوى الفريق أول سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب والحركة الشعبية.. فالمسافات السياسية بين منظومة الأحزاب الشمالية متباعدة لدرجة لا ترقى للإتفاق على مرشح من بين صفوفها.. فأقرب المرشحين في الشمال هم السيدان الإمام الصادق المهدي أو مولانا محمد عثمان الميرغني أو الدكتور حسن الترابي أو الأستاذ محمد ابراهيم نقد.. لكن كل منهم لن يكون متحمساً لترشيح الآخر.. بنفس القدر الذي لا تقبل به بقية الأحزاب أياً من الأربعة.. والحركة الشعبية ومرشحها ربما هي القاسم المشترك الوحيد الذي تتفق عليه أحزاب الشمال..
عملياً، فرص النجاح للمرشح الرئاسي لهذا التحالف تبدو معقولة.. ليس لأن مجموع القوى المتعاطفة مع هذه الأحزاب تتمتع بغالبية.. بل لأن الانتخابات القادمة سيغلب عليها (التصويت الإحتجاجي) .. وهو نوع من الإحتجاج السياسي بإستخدام بطاقة الإقتراع.. إذ أن الناخب الذي ينفرد بنفسه خلف ستار حجرة التصويت المغلقة يأتي للإقتراع إما محمولاً على قناعة أو غبينة.. وبدون النظر في شكل أو مضمون (الغبائن) فإن (21) عاماً من الحكم المستمر بلا شك ستكون مثقلة بأطنان من الأحاسيس الإحتجاجية المكتومة..
لكن, من زاوية أخرى.. ترشيح "سلفكاير" سيرفع من حدة الخطاب الديني في الشمال.. فبعض الجماعات السلفية والدينية الأخرى ستتثير حمية وعواطف الناخبين المسلمين ضد فرضية تسليم مقاليد حكم بلد بغالبية مسلمة إلى رجل مسيحي.. ويصبح المحك هنا.. هل تكفي قوة دفع هذا الخطاب الديني لحمل الناخب لتكبد مشاق الذهاب لصندوق الانتخابات.. أم ستكون مجرد قوة دفع كامنة تكتفي بمقاطعة الإنتخابات جملة وتفصيلا..الخيار الأول سيكون لصالح مرشح حزب المؤتمر الوطني.. والثاني لصالح مرشح تحالف الأحزاب..
يبقى السؤال .. إذا فاز سلفاكير برئاسة الجمهورية.. هل يؤثر على بطاقة الاقتراع في صندوق الإستفتاء على تقرير المصير فيرجح خيار الوحدة ؟؟ الإجابة الصادمة للشعور الوطني..هي نعم.. فقط في حال أُجرى الإستفتاء بعد انتخابات رئاسة الجمهورية بأسبوع واحد!. لكن بعد عام ونصف.. تصبح الإجابة ..لا.. بل تعجل الإنفصال وتجعله حتماً مقضياً .. فأحزابنا تعرف جيداً ..كيف تصنع من (الشربات فسيخ)..

الاثنين، 25 مايو 2009

ما دوامه 25 مايو 2009

(ما دوامة) ..!!

في فجر مثل هذا اليوم من العام 1969.. بثت إذاعة أمدرمان الموسيقى العسكرية (المارشات) ليعلن العقيد أركان حرب جعفر محمد النميري انهيار العهد الحزبي الثاني.. وبداية الدخول في نفق حكم قابض ..وقال البيان رقم واحد بالحرف..(ان بلادنا الحبيبة لم تنعم باستقرار منذ إعلان إستقلالها فى العام 1956)..وكان مضى على الإستقلال حوالى (13) عاماً فقط..
واستمر نظام مايو في الحكم (16) سنة كاملة.. نجح خلالها في تدمير الإقتصاد السوداني بضربة (حرة مباشرة) عن طريق قرارات التأميم والمصادرة الشهيرة.. التي أفجعت الإستثمار وأحالت المشاريع الناجحة إلى أطلال.. ثم عصف بالنظام الاداري فأطاح بالإدارة الأهلية .. وأوقد نيران الفتن السياسية التي ظلت دائمة الاشتعال ..إلى أن سقط تلقائيا في صبيحة يوم 6 أبريل من العام 1985..
ومع ذلك فأكثر ما يدعو إلى الأعتبار في سيرة نظام مايو.. أيامه الأخيرة التي سقط بعدها..فبمرور السنوات وتطوال الجلوس على كرسي الحكم..و(تكلس) الشعور السلطوي.. فقد الحاكمون غريزة الإحساس بالشعب.. ونسى الناس الآن كل خطابات الرئيس النميري الكثيرة لكنهم يتذكرون آخر خطبة عصماء قبل سفره الي أمريكا في مساء يوم الثلاثاء 26 مارس 1985 .. قال النميري..(علينا ان نقتصر في كل شيء من يأكل ثلاث وجبات يأكل وجبتين ومن يأكل وجبتين يأكل وجبة واحدة ومن يأكل وجبة واحدة يأكل نصف وجبة..)
كان ذلك البرهان الأكيد ليس على انهيار نظام مايو فحسب.. بل انهيار الجهاز العصبي كلياً بين الحاكم والشعب.. عندما يصبح الحديث الخطير عن (تجويع) الشعب كله.. مجرد كلمات يلقيها الرئيس بقلب خال من الأسى ثم يسافر إلى أمريكا..
وفي الدول ذات التقاليد الراسخة والتي تحدد فترة حكم الرئيس بسنوات معينة غير قابلة للزيادة حتى ولو كان الرئيس (عبقري زمانه) .. المقصود تجديد الإحساس بالشعب.. فمثلاً أمريكا بكل صولجان ورفاهية الدولة فيها.. الرئيس يحكم أربعة سنوات فقط ثم يحتاج للرجوع إلى شعبه لطلب فترة رئاسية أخرى.. فإذا جاد عليه بها الشعب.. أدرك أنها أربعة أخيرة غير قابلة لتمديد يرجع بعدها مواطناً عادياً.. وبمثل هذا النظام يظل الرئيس طوال وجوده في البيت الأبيض محاصرا بكوابح الإحساس بأنه (عابر سبيل).. غير مخلد.. وأنه من الشعب وإليه عائد..
النفس البشرية تواقة للسلطة.. ومهما كانت عفيفة عن المغانم .. إلا أنها في النهاية ممهورة بسنة الله التي أودعها نفس الإنسان.. والمنهج الوحيد الذي يضمن كبح نزوات السلطة أن لا يكون في ظن صاحبها أنه مخلد فيها.. يدرك أن الدستور والقانون لا يمنحه اإلا فترة انتقالية عابرة.. يرتد بعدها مواطناً في زمرة المحكومين..
وهذا هو معنى الديموقراطية.. في الدولة أو الحزب ..!!

الأحد، 24 مايو 2009

تصغير الحكومة 24 مايو 2009

منعت الرقابة الأمنية نشره ..!
تصغير الحكومة ..!!

الحكومة الكبيرة هي التي تنام ليلا بين الرجل وزوجته .. تتدخل في كل شئ من تحديد ألوان علم البلاد الي تسمية المواليد عند ولادتهم … تملك الجيش والشرطة والمنظمات والشركات التي تعمل من تجارة المصانع الي بيع المشروبات الباردة في ناصية الشوارع .. دولة تملك الوزراء والمديرين والموظفين والعمال والشعب والمواشي والأغنام والقرود (في حديقة الحيوان) الحكومة تملك كل شئ ..دولة ينزل الشعب ضيفا عليها لا أكثر..
مثل هذه الجكومة الكبيرة تصنع مجتمعا ضعيفا ..لا يتحمل جسمه الفيروسات فقد تحطم جهاز المناعة لديه .. وتصبح مثل هذه الحكومة المكان المناسب ..للرجل غير المناسب.. يقوي فيها ساعد اللصوص ويصبح الملك العام .. نهبا مشاعا ..
لكن الحكومة الصغيرة هي التي تصنع مجتمعا كبيرا .. يحك جلده بظفره .. وما حك جلدك مثل ظفرك . مجتمع يقوم نسيجه العام علي صياغة قانون حماية ثرواته وأخلاقه ونظامه .. مجتمع يملك كل شئ .. الشركات والمنظمات والقرود (في حديقة الحيوان) ..
لكن حكومتنا في السودان حكومة كبيرة ..
تملك كل شئ . تملك الجيش والشرطة ومصانع السكر والحلويات والدقيق والرغيف والبسكويت .. وتملك البنوك ..ومحلات بيع الموز في الشوارع وبقالات التموين ومحلات الفاكهة و مغاسل الملابس الجافة .. وشركات المقاولات التي تبني من (المزيرة) الي الخزانات والمدارس العامة والقرآنية والنموذجية والجامعات العامة والخاصة ومعاهد الكمبيوتر ومحلات الاتصالات العامة والبصات الداخلية وبين المدن وليموزين المطار وعيادات الأطباء …وشركات الانتاج التلفزيوني ودور السينما والمسرح ..حتي الأندية الرياضية ..فالحكومة تملك الهلال والمريخ .. باختصار دولتنا تملك كل شئ وتعمل في كل شئ وتنافس نفسها في التجارة .. فالحكومة تاجر يربح من البيع لنفسه ..يشتري الجيب الأيمن من الأيسر فتربح الفرق بينهما لتضعه في الجيب (الخلفي)!! .
والشعب هو الضيف الغريب .. اذا طرحت الحكومة عطاء.. فان الأولوية لشركات الحكومة .. فبقية الشركات فهي (أجنبية!) تتبع للشعب … كيف تفضل الحكومة شركة يملكها مواطن علي شركة تملكها الحكومة ..!!
واذا فكرت الحكومة في بناء مشروع فان أول ماتفكر فيه أن تنشئ شركة لتقوم بالمشروع .. واذا رغيت في اقامة كافتيريا في وزارة فانها تقيم شركة مرطبات وتمنحها حق هذا العمل ..
اذا قررت الحكومة تشييد طريق الشمال ليربط بين مدينة وأخرى فنها تأمر الشعب بالتبرع للطريق ثم تخلق شركة للطرق والسدود لتقوم هي بالعمل .. واذا فكرت في عمل دراسة استشارية لأي مشروع ..فلن تجد أمامها الا جهة استشارية حكومية ..فالحكومة كبيرة تحك جلدها (الحكومي) بظفرها (الحكومي) .
حكومتنا رغم كل الشعارات .. أخذت من الاشتراكية والرأسمالية كل العيوب .. وتركت كل المحاسن .. فهي اشتراكية في تملكها لكل وسائل الانتاج والعيش ..ورأسمالية في تحميلها الشعب تكاليف العيش والعلاج والتعليم … اخذت من الاشتراكية تهويل الدولة ..ولم تأخذ (مجانية) العيش للمواطن .. وأخذت من الرأسمالية أن لكل فرد بقدر ما يملك ..ولم تأخذ تمليك القطاع الخاص وسائل الانتاج ..حتي صناعة الأسلحة ..

الخميس، 21 مايو 2009

استجابة كريمة 21 مايو 2009

استجابة كريمة ..!!

مساء أمس الأول اتصل بي الأستاذ الطيب سعد الدين مدير المكتب الإعلامي لوالي الخرطوم.. ونقل لي إستجابة الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم – الجديد – لما كتبته قبل حوالى أسبوع في عمودين.. يوم الجمعة الماضي بعنوان (شهادة زور) .. ثم اليوم التالي بعنوان (سائق التاكسي) .. وفيهما تمنيت على السيد الوالي أن يزيح كرب وضنك المعيشة عن شريحة ملاك وسائقي التاكسي.. خاصة أصحاب السيارات القديمة الأثرية.. الذين تطالبهم شرطة المرور بالترخيص.. لسيارات أصلاً لا يجوز في حقها (ترخيص).. من فرط (رخصها)..
د. عبد الرحمن الخضر.. وفي إستهلال جميل لتكليفه الجديد .. أعلن أن هموم المواطن هي هموم حاكميه.. وأنه يعمل جهده ليطلق سراح المواطن ويفك الأغلال التي تكبل يديه اذا أبتغى الرزق الحلال..
وفي هذا السعي .. قرر الوالي زيادة سيارات التاكسي التي تُمنح عن طريق التكافل إلى ألف سيارة.. أي بزيادة 100%.. علاوة على مساهمة الولاية في تخفيض قيمة هذه السيارات بتحمل كل رسوم الجمارك.. حتى يهبط القسط الشهري إلى مستوى في متناول أي سائق تاكسي معدم..
وقرر د. الخضر أيضاً أن تكون الأفضلية في منح السيارات الجديدة لأصحاب السيارات الأقدم والأكثر تهالكاً..
رشد الحكم لا يعني أن يضع الحاكم اللقمة في أفواه شعبه.. بل أن يمنح رعيته القدرة على حك جلدها بظفرها.. ممارسة فضيلة العمل الحلال بأفضل ما تيسر.. ولكن كثيراً من السياسات الرسمية الاتحادية والولائية تكبل قدرة المواطن على طلب الرزق.. تأسره في الجبايات وتكسر همته.. ولا يحتاج المواطن من حكومته – أضعف الإيمان - أكثر من (سياسات) .. سياسات تزيح الحواجز وتتركه لينطلق.
وقد لا يعلم كثير من ولاة أمرنا أن العمل الحر في بلادي.. صار أسرع طريق الى ما خلف أسوار السجون.. وكثيرون صاروا يفضلون استعباد الوظيفة العامة وقهرها على مخاطرة الدخول إلى غابة العمل الحر.. ومثل هذا الوضع يجعل الشعب كله إما موظفين على ذمة الحكومة أو موظفين مطرودين من الخدمة العامة.. وينحسر تماما سعي الناس نحو العمل الحر غير المرتبط بالوظيفة..
ومع تقديري الكبير للواي د. الخضر و خطوته الواعية .. لكني أمل أن يكمل جميله بتخفيض رسوم الترخيض على كافة سيارت الأجرة.. فالواقع أن هذه الدواب المنتشرة في شوارعنا .. من حافلات وأمجاد وتاكسي وركشات.. هي مصدر رزق .. والأوجب أن لا تعامل بنفس أو أسوأ من معاملة السيارات الخاصة (الملاكي)..
ليت مشوار الوالي يستمر بذات منهج التفكير السديد..!!

الأربعاء، 20 مايو 2009

أمة الأمجاد 20 مايو 2009

أمة (الأمجاد!!)..!!

قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية أمام البرلمان منذ يوم أمس.. وثمة جدل كثيف حوله لا يخلو من إتهامات متبادلة بين الكتل الحزبية الناشطة تحت قبة المجلس الوطني.. والحقيقة وللتاريخ .. هذا المشهد يصلح عبرة في تاريخنا السياسي ليوثق تحت عنوان ( كيف تضيع أمة وقتها سدى..)
شخص ما .. جهة ما ..قررت مع سبق الإصرار والترصد اضاعة وهدر زمن الأمة السودانية في لا طائل.. فأخذ الشخص أو الجهة نسخة من قانون الصحافة للعام (2004) .. وأعمل فيها بأتلف ماتيسر.. ليجعل منها مشروع قانون جديد للعام 2009 .. لا يصلح لأن يكون مشروعا لقانون صحافة في القرن التاسع عشر.. فضلا عن عصرنا الحالي..
من الممكن افتراض أن يقوم شخص ما أو جهة ما .. بإعداد مشروع قانون جديد لأي أمر مستجد.. فيخطيء في تصوراه للقانون وصياغته.. ويجاز القانون ليصبح حقيقة واقعة.. ثم بعد سنوات يتضح خطأ القانون فيجري تطويره وازاله بعض أشواكه.. وهكذا تستمر عجلة الحياة في الاندفاع نحو الأفضل والتطور نحو الأسلم..
لكن أن يأخذ شخص ما .. او جهة ما .. قانوناً سمحاً ما اشتكى منه أحد.. ويزرع في كل بند فيه شجرة أشواك .. للدرجة التي يصبح فيها القانون نسخة آثمة تهدر تماما كل ما حققته الصحافة السودانية في مائة عام من عمرها المديد.. هنا يصبح الأمر ليس مجرد مشروع قانون.. بل مشروع نحر للصحافة السودانية..
وحتى لو نجح نواب البرلمان من جميع الكتل في تعديل بعض بشائع مشروع القانون الجديد.. وأصلحوا من حاله قليلا أو كثيراً.. فسيظل السؤال قائماً.. كيف ؟ ولماذا؟ أقدم شخص ما أو جهة ما على أهدار وقتنا الوطني في الجدل حول مشروع تالف..
لماذا نحن من جميع شعوب الدنيا يتعمد القادرون فينا..اصطناع الفواجع.. ثم يتركوننا نضيع وقتنا الثمين في اصلاح المعطوب عمدا مع سبق الاصرار والترصد..
الآن هل عرفتم.. لماذا نحن أمة.. رغم ثرواتنا ومواردنا الكبيرة.. نقتات الفقر ونتلظى من الشقاء.. لأن أصحاب القدرة فينا لا يدركون قيمة الوقت الوطني.. لا يعرفون أن أية ساعة من عمرنا القومي تضيع هباء، تؤخرنا عن عالمنا شهراً.. فبينما تلهث الأمم الأخرى لإصلاح أحوالها وتتفانى في إستثمار وقتها القومي لصناعة مستقبل أفضل.. نضيع نحن شعب السودان وقتنا في مناقشة مشروع قانون ما كان من الأصل جديراً بأن يُولد أو يمر عبر أية مرحلة من مراحل تخلقه الدستوري..
بالله عليك.. يا من صنعت مشروع قانون الصحافة لعام 2009 .. بأي حق تهدر زمن برلماننا .. وأمتنا في هذا الجدل المرير المحبط..
نحن أمة مظلومة .. والله العظيم ..!!

الاثنين، 18 مايو 2009

اصحى يابريش 19 مايو 2009

أصحى .. يا بريش ..!!

فاجأني صوت نسائي متصل من مجلس الوزراء بالدعوة لإجتماع (الإعلاميين بالداخل) .. قلت في نفسي الحمد لله أن الأستاذ كمال عبد اللطيف وزير مجلس الوزراء توكل على الله وقرر أن يكمل جميله..بمؤتمر آخر للإعلاميين ..هذه المرة لـ(الإعلاميين السودانيين بالداخل)..
لكن بعدها بساعات تحدثت هاتفياً مع الوزير كمال عبد اللطيف..بادرت وشكرته على فكرة (ملتقى الإعلاميين بالداخل) .. أنفجر ضاحكا وكأني أروى له نكتة.. وقال لي (ليس لي علاقة بالأمر.. تلك دعوة من د. تاج السر محجوب.. لموضوع يتعلق بالاستراتيجية القومية..) قلت له لماذا إذن لا تصبح فكرة جديدة لملتقى الإعلاميين بالداخل..
قال لي .. أن علاقة رئاسة مجلس الوزراء بالإعلاميين بالخارج نبعت من تبعية جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج (المعروف اختصاراً بجهاز المغتربين) لوزارة مجلس الوزراء.. أما الإعلاميون بالداخل فأمرهم في يد وزارة الإعلام ..
وبصراحة .. وأرجو أن لا يغضب حديثي هذا الأجلاء في وزارة الإعلام.. بداية بالأستاذ الزهاوي ابراهيم مالك وزير الإعلام .. مرورا بالدكتور كمال عبيد وزير الدولة بالإعلام.. وانتهاء بالإستاذ عبد الدافع الخطيب وكيل الوزارة.. بالكاد لا نذكر ولا تذكرنا وزارة الإعلام ..وعلاقتنا بوزارة الإعلام تحتاج لمن يذكرنا بأننا رعاياها.. أشبه بمشهد في مسلسل مصري.. الرجل وقع في محنة قانونية فقال لزوجته في ارتباك وحيرة شديدة (سأذهب وأبحث عن محامي يدافع عني) .. الزوجة انفجرت فيه غاضبة وذكرته ( يا راجل مش أنت محامي؟؟) رد عليها مستدركا (أه.. والله فكرتيني .. ما أنا محامي..) .. وفعلا تذكرت أننا نتبع لوزارة الإعلام وليس وزارة مجلس الوزراء..!!
وهي في الحقيقة المرة الثانية التي أتذكر فيها أننا من رعايا وزارة الإعلام..المرة الأولى كانت قبل بضع سنوات، كنا وفداً صحفياً على وشك السفر في رحلة عمل للخارج.. قدمنا جوازتنا مجتمعة لنيل تأشيرة الخروج.. مدير مكتب الجوازات رفض وطلب اذناً من وزارة الإعلام .. غضبنا وقلنا له .. مالنا ووزارة الإعلام.. فأخرج من درج مكتبه خطاباً وقال لنا يجب أن تحصلوا على ورقة مثل هذه .. قرأت الورقة وهالني ماهو مكتوب فيها .. إذن سفر صادر من وزارة الإعلام وفيه عبارة لا زالت رغم الزمن ترن في أذني.. (يُسمح له بالسفر إعلامياً..)
الذي أذهلني ليس اذن السفر (الإعلامي!!) الصادر من وزارة الأعلام.. ولكن لأني كنت حينها أكتب عموداً يومياً ولعدة سنوات في صحيفة (أخبار العرب) بدولة الأمارات دون أن أغادر السودان.. عجبت كيف تفترض وزارة إعلام في الألفية الثالثة ..أن الخروج (إعلامياً!!).. يحتاج للسفر (جسمانياً!!) إلى الخارج..على كل حال (ملحوقة) .. أتمنى من كل قلبي أن تتذكرنا وزارة الإعلام وتقرر عقد (ملتقى الإعلاميين بالداخل) ..!! وبالعدم سنضطر للمطالبة بانشاء جهاز شؤون السودانيين العاملين بالداخل.. شريطة أن يتبع لوزارة مجلس الوزراء..

الأحد، 17 مايو 2009

علامة تعجب 18 مايو 2009

علامة تعجب..!!

نحن السودانيين، حساسيتنا عالية – جداً – لأي حالة إشتباه بالإساءة إلينا عربياً.. قد نتقبل النقد أو حتى الإساءة بدرجة أقل حدة .. لو جاءت من أوروبا أو حتى أفريقيا.. لكن من الوطن العربي.. هنا للأمر وجه آخر..
في تقديري أن سبب حساسيتنا – العربية -، شعور في دواخلنا أننا دولة عربية من الدرجة الثانية (انضمام دول أفريقية سوداء بعدنا لجامعة العربية أنقذنا من السقوط إلى الدرجة الثالثة).. وأن العرب، يعاملوننا ويعتبرونا دخلاء على عروبتهم..
وحساسية شعبنا – العربية - تبدو لي سافرة في رد الفعل العفوي لجمهورنا السوداني عندما – مثلاً- تتجرأ فضائية عربية وتعرض كوميديا تقدم شخوصاً سودانية.. موسومة ببعض العبارات أو السلوكيات السودانية الشهيرة.. كأن يستخدم مثلاً كلمة (زول) بطريق ساخرة .. رغم أننا هنا في الداخل نستهلك في النكات الشعبية أطناناً من السخرية على القبائل السودانية .. الجعليين .. الشايقية..الفلاتة.. الدينكا.. الرباطاب، وتبدع الفرق الكوميدية السودانية في توليد النكات وتقليد اللهجات الخاصة بهذه القبائل..
بالأمس تلقيت في بريدي رسالة صادقة في غضبها.. من مجموعة من السودانيين المقيمين في الشقيقة دولة الكويت.. تستعر غاضباً على الصحفي الكويتي فؤاد الهاشم.. والذي يكتب عموداً باسم (علامة تعجب) في صحيفة الوطن الكويتية..ويقولون أنه أساء للسودانيين تكراراً وبما يشبه (الإستهداف) والحقد على السودانيين ..ولا يقف الغضب على الصحفي الكويتي بل يمتد بحرقة وألم للسفارة السودانية في الكويت .. لإعتقادهم أنها تقرأ مثل هذه الإساءة للسودانيين وتسكت..
قرأتُ ثلاثة أعمدة مما كتبه فؤاد الهاشم..كل عمود ثلاث مرات.. وبصراحة فشلت في العثور على (الإساءة) التي أغضبت مرسلي الرسالة .. صحيح أن بعض ما أورده فؤاد الهاشم يختلف معه فيه سودانيين كثر.. لكن ما كتبه لا يخرج مطلقاً من حيز (الرأي) ..الذي لا يفسد للود قضية.. ولا يشترط فيه الصواب.. وللحقيقة لو ردت عليه السفارة السودانية سيكون ذلك فعلاً (علامة تعجب!).. لأن التعامل مع الرأي العام.. في القضايا التقديرية هي من صميم واجبات من يعملون في مؤسسات الرأي العام الجماهيري.. ولا شأن لـ(الرسمي) بها..
إنتقاد حكومة السودان.. لا يعني مطلقاً إساءة للسودانيين .. فهنا في الداخل وفي صحفنا هذه ننتقد الحكومة.. ويمكنني أن أكتب منتقداً حكومة الكويت أو أي مؤسسة كويتية دون أن يعني ذلك إساءة لشعب الكويت.. هذا هو (الرأي) .. الذي يحتمل الصواب والخطأ..
حرية التعبير بمعناها الصحيح، تحتمل مثل هذا النقد بلا أدنى حساسية..ولو طلب الأخوة السودانيين العاملين في الكويت مثالا للنوع الآخر من النقد الذي هو في حقيقته اساءة بالغة لشعبنا السوداني.. فهو بالتحديد ما كتبه الأستاذ أحمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة (السياسة) الكويتية مباشرة بعد تحرير الكويت في العام 1991.. الغضب حينها ألهمه مفردات إساءة موجهة مباشرة إلى جبين الشعب السوداني لا حكومته..تلك كانت إساءة بالغة وليس نقداً أو رأياً بأي حال من الأحوال..وشتان ما بين النقد و الشتائم..!!

بلاغ ضد مجهول 17 مايو 2009

بلاغ ..ضد مجهول ..!!

قناة المستقلة التي تبث من مدينة لندن.. رئيسها الدكتور محمد الهاشمي أدار حوارا أمس في قاعة المؤتمرات بجامعة أفريقيا العالمية لحوالى أربع ساعات يناقش ماضي وحاضر الحركة الإسلامية في السودان.. ودون التغول في تفاصيل الحوار الذي شارك فيه كثير من صناع تاريخنا السياسي المعاصر ..والذي سيبث على شاشة المستقلة.. لفت نظري عبارة مهمة دارجة في الوسط السياسي.. استخدمها أمس الأستاذ عبد الرحيم حمدي في إطار تحليله للفشل السياسي في السودان..
العبارة هي (النخبة السودانية..) وهي ليست بعيدة عن عنوان كتاب شهير للدكتور منصور خالد (النخبة السودانية وادمان الفشل) استعرض فيه بعض تجارب الحكم في السودان ..
في تقديري أن إلقاء أى مسؤلية على (النخبة السودانية) لا يختلف كثيراً عن المعهود في المجتمع عند تحميل (الشيطان) مسؤلية كل فواجعنا اليومية.. بافتراض – شعبي - أن الإنسان في الخير يتصرف أصالة عن نفسه.. وفي الشر وكالة عن الشيطان..
مصطلح (النخبة) فيه تلبيس كبير.. خاصة إذا ما استخدم لتحديد المسؤلية أو تحليل النجاح أو الفشل.. فـ(النخبة) لا تحمل محددات دقيقة يمكن الإمساك بها.. هل يقصد بها المتعلمون ؟؟ كيف فهناك متعلمون لا يعلمون شيئاً.. بينما أميون أكثر إستنارة من أشطر (متعلم).. هل يقصد بها الساسة؟؟ من هو السياسي إذن؟؟ ماهي المواصفات والمؤهلات المطلوبة لنيل درجة (سياسي) .. خاصة عند أمة كالشعب السوداني كلها ساسة..
هل يقصد بها المهنيون.. الموظفون .. العمال.. التجار وأصحاب العمل.. أم كل مجموع هؤلاء بافتراض فئوي يمثل كل المهن والأعمال المتاحة في المجتمع..
وبهذا أو ذلك.. كيف يمكن تعميم المسؤلية على كل هذه (النخبة!!) إن جاز التعبير.. كيف يمكن لطائفة ممتدة من (النخبة) أن تكون هي المسؤولة بصفة جمعية عن فعل أو (لا) فعل شيء..
في تقديري أن أحد موجبات إستمرار الخطل السياسي هو أن المسؤولية هنا في هذا الميدان بالتحديد (ملعب السياسة) دمها مفرق في القبائل.. لا أحد مسؤول عن شيء.. الشيطان وحده هو المسؤول عن حالنا المتردي – سياسياً- .. بينما في أي مجال آخر من الحياة، كل نفس بما كسبت رهينة ..إلا السياسة والساسة.. فالمسؤول عن الفشل هنا .. هم (النخبة!!) .. بلاغ ضد مجهول لا أكثر.. (نخبة) مثل فتاة نزار قباني في قصيدة قارئة الفنجان "ما أصعب أن تهوى إمرأة..ليس لها عنوان"..!!
الأجدر أن نحاكم ماضينا وحاضرنا السياسي بمعايير محددة.. صحيح أنها مخاطرة غير مأمونة العواقب أن تسمى الأشياء بأسمائها في بلدنا السودان.. لكن بدون وضع النقاط فوق الحروف.. سنظل (يا هو دا السودان ..)

السبت، 16 مايو 2009

سائق التاكسي 16 مايو 2009

سائق التاكسي..!!

واجب أي دولة.. وحق مواطنها عليها أن توفر له سبل كسب العيش.. تضع السياسات التي تساعد المواطن في نيل الرزق الشريف.. بل وتوفر له الآلة أو المطلوبات للحصول عليه.. فإذا أخذنا مثالاً الحالة التي تحدثت لكم عنها هنا أمس.. حالة سائق التاكسي .. الذي يقود سيارة من مخلفات التاريخ البعيد.. ويطالبه القانون بتجديد ترخيصها.. والترخيص هنا لا يعني صلاحية السيارة بقدرما يعني رسوم باهظة يدفعها صاحبه..
ملاك سيارات الأجرة.. لا يشترونها لمتعة القيادة أو النزهة في شوارع المدينة.. هي أداة لكسب الرزق.. وتساعد المجتمع في النقل.. من واجب الدولة أن تتنازل عن أوفر ماتيسر من رسوم الترخيص لأصحاب سيارات الأجرة.. فلتكن رسوماً رمزية.. فتضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد .. العصفور الأول تساعد مواطنها صاحب سيارة الأجرة في كسب رزقه.. والثاني تحسن من مركبات النقل العام ومنظر المدينة وتحضرها.. والعصفور الثالث.. كلما تطور وسهل النقل العام، قل اعتماد المواطن على النقل الخاص.. وفي المدن المتحضرة يعهتمد غالب المواطنين في حركتهم على وسائط النقل العام حتى ولو توفرت لهم السيارات الخاصة..لأن النقل العام أسرع وأوفر..
ليت الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم الجديد، يتبنى مثل هذا النهج الراشد في علاقة الحاكم بالمحكوم.. أن تنظر حكومة الولاية لمواطنها من بعين الراعي المسؤول عن رعيته.. وبدلا من اشباع أصحاب سيارات التاكسي القديمة المتهالكة بوابل من غرامات مخالفات تجديد الترخيص.. الأجدر أن ترأف الولاية بمواطنها وترفع عن أصحاب سيارات الأجرة رسوم الترخيص الباهظة الموجعة.. وتساعدهم في توفير سيارات أجرة جديدة بتقسيط زهيد لا تعدي الـ(200) جنيهاً في الشهر..
ولأن انتشار استخدام سيارات النقل العام يخفض من استهلاك الوطن لمدخلات السيارات الخاصة .. وعلى رأسها الوقود.. فالأجدر أن تحفز الدولة مواطنيها على استخدام سيارات التكاسي .. بتركيب نظام العداد الذي يجلب طمأنينة المواطن وإحساسه بعدالة ما يدفعه نظير إستخدام سيارات التاكسي في مشاويره بعدت أم قصرت مسافاتها.. فواحد من أهم محبطات استخدام التكاسي لدى المواطن..إحساسه بأن أصحاب التاكسي يبالغون في الأجرة.. بينما في الحقيقة أن أصحاب التاكسي لا يفعلون ذلك إلا لشح الركاب.. واضطرارهم للانتظار ساعات طويلة قبل أن يهل عليهم زبون..
في عنق الحاكم مسؤولية سائق التاكسي الفقير الذي يضطر للهروب عبر الشوارع الجانبية أو التنازل عن الركاب خشية الغرامات الباهظة.. بسبب الرسوم الجسيمة التي يدفعونها لتجديد ترخيص سياراتهم..
ليت الوالي الجديد يلتفت لهذه المشكلة المؤلمة.. فوراء كل تاكسي قديم أسرة كاملة تأكل وتتعلم وتتعالج .. من دوران عجلاته.. فلماذا تتركهم الدولة تحت رحمة غرامات المرور..

الجمعة، 15 مايو 2009

شهادة زور 15 مايو 2009

شهادة.. زور..!!

نهار أمس، (ارتكبت) سيارة تاكسي.. من مدينة بحري قاصداً الخرطوم.. في المنحنى المفضي لمدخل كبرى المك النمر.. كان ثلاثة من شرطة المرور يوقفون السيارات لفحص الترخيص ورخصة القيادة.. سائق التاكسي لم يبد عليه التردد سار مستقيماً في إتجاه مدخل الكبري.. رغم أن هناك أكثر من شارع جانبي كان متاحاً تجنب الشرطة عبرها..
شرطي المرور أشار لسائق التاكسي بالتوقف.. إنصاع السائق.. سألته قبل أن يترجل وقد أوقف التاكسي على جانب الطريق في مدخل الكبري.. (هل لديك أية مخالفات..) رد بسرعة ( نعم .. السيارة غير مرخصة ..)
انتظرت داخل التاكسي.. أترقب المفاوضات الجارية على بعد أمتار بين سائق التاكسي والشرطي.. كنت أسمع التوسلات الحانية من السائق.. لا يرتد لها أى صدى.. سوى جملة واحدة ..(قطعنا ليك تذكرتين..)..! عبارة تعني بالأرقام (60) ألف جنيهاً بالتمام والكمال.. صوت قطع (التذكرتين) كان آخر أمل توقف بعده سائق التاكسي عن التوسل.. ونطق بالجملة الأخيرة ..( والله ما عندي قروش..)
جاءني الشرطي .. بكلمات مهذبة طلب مني أن أبحث عن وسيلة نقل أخرى.. لأنه قرر إقتياد التاكسي وسائقه إلى قسم الشرطة.. يسمونها (حجز العربة).. في لحظة كنت أنظر بكل أسى لمسافة فادحة.. بين النص.. وروح القانون..!!
بنص القانون..صاحب التاكسي لا يجوز له قيادته قبل تجديد الترخيص.. بروح القانون .. صاحب التاكسي لا يستطيع قيادة هذه السيارة إلى الأبد.. لسبب بسيط أن التاكسي نفسه لا يصلح للترخيص ولا حتى لحمل الـ(بني أدميين).. فهو تحفة تاريخية .. من نفس موديل العربة التي دخل بها كتشنر باشا الى الخرطوم..
في ثوان قبل مغادرتي للتاكسي، كان متاحاً لي نظرتين فقط.. الأولى لوجه الشرطى الذي نفذ القانون وليس بيده أن يفعل غير ذلك.. والثانية لوجه سائق التاكسي الذي كنت أواسيه ببضع كلمات يقمن صلبه.. فرد عليَّ بكل إستسلام (خليها .. على الله) .. طبعاً نِعم بالله.. لكني كنت أرى في وجهه المتعب المنهك صورة أطفال صغار في البيت .. ينتظرونه ليحصد من عرق كل النهار وبضعاً من الليل حتى يشتري لهم الطعام..أي طعام لا يهم.. فإذا بالمسكين في حاجة قهرية لـ(60) ألفا من الجنيهات.. للخروج بسيارته من المأذق..
أيهما (صاح) وأيهما (غلط).. القانون الذي يفترض أن صلاحية السيارة تمر عبر الترخيص السنوي.. أم المواطن المقهور ..الذي لا سبيل له سوى العيش – خلسة - في الهامش الذي يتخفى من القانون..
لا يمكن لعاقل أفتراض أن (ترخيص) مثل هذا التاكسي يعني صلاحيته.. فهو فلتة تاريخية لا علاقة له بعصرنا.. دابة صفراء، معجزة أنها تسير.. و(الترخيص) في حقها لا يعني أكثر من رسوم يدفعها صاحب التاكسي المعدم للحكومة..
سيدي والي الخرطوم الجديد.. والله العظيم يسألك الله ويحاسبك على جوع أطفال صغار والدهم لا يستطيع أكل عيشه الا بالتخفي من القانون.. والحل سهل – جداً – في يد الحكومة أن تفعله. فقط اذا أيقنت أنها مسؤولة عن توفير – لا نزع- لقمة العيش لمواطنيها..!!
كيف الحل.. سأقول لكم ..!!

الخميس، 14 مايو 2009

لا توجد منطقة وسطى 14 مايو 2009

لا توجد منطقة وسطى..!!


بعض الأساتذة ممثلي الأحزاب التي شاركت في ندوة السوداني.. غضبوا من الرأي الذي كتبته هنا أمس الأول.. وللحقيقة لم أشأ أن انتقد هؤلاء القادة السياسيين في أشخاصهم فهم محل تقدير وتجلة .. لكني حاولت استنطاق رؤية غير بصرية لمشهد غير مرئي .. يشرح حالنا الحزبي والسياسي..
وعندما أكتب منتقداً الأحزاب .. لا أقصد هتك فضيلة التعددية السياسية.. لكني أضع نقاطاً واضحة فوق الحروف التي كثيراً ما يحاول ضميرنا السياسي التغافل عنها.. ولشرح الأمر سأضعه أمامكم باختصار غير مخل..
يمكن الجدل في التحليل والتوقعات للقادم الآت.. لكن بالضرورة لا يمكن الجدل في النتائج الشاخصة أمامنا.. فحالنا الوطني المتنكس.. بعد أكثر من نصف قرن منذ رفع العلم السوداني فوق سارية القصر الجمهوري.. عندما خرج الإستـ(ع)ـمار وبدأ الإستـ(د)مار.. ثم طفقنا من عهد إلى عهد، نمعن في الهد.. كلما أوغلنا في البعد عن لحظة الميلاد السياسي تتآكل بقايا العافية والمدنية التي خلفها الاستعمار.. حتى وصلنا المشهد الذي نكابده اليوم..
النتيجة أكثر بعد نصف قرن من الإستـ(غ)ـلال..لا تقبل الجدل.. فمن أوصلنا لها ؟ ومن يكبلنا من الخروج من هذه الحالة؟. إنها الأحزاب التي لا تريد الإنطلاق بعيداً عن خبرتها وتجربتها.. تربط التاريخ كله الى وتد مغروس في عمق الماضي.. حكموا آباءنا ويصرون على أن يحكموا أبناءنا.. بذات الخبرة..
القاعدة الذهبية تقول.. النتائج هي هبة المعطيات.. فإذا كان الحال المثال أمامنا هو معطيات المستقبل.. فكيف ننتظر لنرى غير ما رأينا في الماضي.. نفس الانتكاسة..
الطريق أمام أحزابنا واضح كالشمس.. إما أن تسلكه.. أو لا تسلكه.. إما أن تمارس الديموقراطية داخل أسوارها قبل أسوار القصر والبرلمان.. وتمارس فضيلة الإصلاح السياسي الرشيد الذي يستلزمه العصر.. أو ستظل هكذا ولو لخمسين عاماً أخرى.. أحزاب "كلامية".. تتحدث .. وتتحدث.. ولا تفعل شيئاً..

الأربعاء، 13 مايو 2009

زملاؤنا بالخارج 13 مايو 2009

زملاؤنا.. بالخارج..!!

تحتفي بلادنا هذه الأيام بكتيبة من الإعلاميين السودانيين العاملين خارج السودان.. يجمعهم مؤتمر دوري هو الثاني لسابق عُقد في أغسطس عام 2006.. ورغم أن غالبهم يحج لبلاده السودان إما بإنتظام في عطلته العادية, أو موفداً من مؤسسته الإعلامية الأجنبية.. ورغم أنهم – أيضاً- وهم في الخارج أقرب إلى السودان ربما ممن هم في الداخل ..إلا أن فكرة جلوسهم في مؤتمر دوري فيها منافع كثيرة.. أهمها، فضيلة المشاركة في صناعة رأي إعلامي سوداني حول قضايا السودان.. وليس أدناها أن يقولوا هم ما نعجز نحن في الداخل عن قوله..
صحيح أن الإعلاميين بالداخل تضمر قلوبهم حسداً – وقديماً كان في الناس الحسد – أنهم في الداخل لا مؤتمر لهم.. وتفضحهم لوعة التباعد حينما تجمعهم - حتى مجرد - المؤتمرات الصحفية فيتعانقون بمنتهى الشره والظمأ.. رغم نقابتهم ومقرها الفسيح.. و رغم أنهم سيشاركون في (مؤتمر الإعلاميين بالداخل) بلا تذاكر طيران ولا تكاليف فنادق.. إلا أن إعلامينا في الخارج أمرهم مختلف..
هم في الخارج، علاوة على كدهم المهني مطالبون بتمثيل السودان.. خاصة في المؤسسات الإعلامية التي ينشط فيها إستقطاب الجاليات.. وتستعر فيها المنافسة على أساس قُطري.. فعندما تبرز أسماؤهم وتلمع.. يسطع برقُها على وطنهم .. فالأسماء الإعلامية السامقة لا تتدلي من حبل معلق في الفضاء.. هي مربوطة في أعناق أوطانها.. طلحة جبريل – مثلا- في واشنطون لو أطل من البي بي سي أو صحيفته الشرق الأوسط.. هو في خلفيات ضمير المتلقي.. سوداني.. يسرى ذلك على فوزي البشري في فضائية الجزيرة وغيرهم من نجوم إعلامنا المغترب..
وإعلام عصرنا اليوم لم يعد له مقر.. عندما يقع حدث في الخرطوم، يدير الناس مؤشر الراديو ليتبينوا الأمر من إذاعة ( في بلاد تموت من البرد حيتانها).. أو يتابعوا المشهد من شاشة الجزيرة.. ليعرفوا ماذا يحدث على مسافة ربما كيلومتر واحد منهم.. فصحيح هم إعلاميونا في الخارج لكن ما يمارسونه هناك هو من صميم داخل الداخل.. وربما لهذا اهتم أُولى الأمر بجمعهم في وطنهم السودان لإفساح الفرصة لهم ليكونوا أكثر قرباً من واقع الوطن..
ومع ذلك .. وبغض الطرف عن سعادتنا بتمثيلهم لنا في الخارج.. نحتاج إليهم – جداً – في خدمة بسيطة..!! فطالما نحن لا نستطيع الجهر بالمجهور به سراً..أوالمسرور به جهراً.. فعلى الأقل هم الآن أقرب إلى مراكز صنع القرار في بلادنا.. ليتهم يحملون عنا ضنك المطالبة..
وفوق كل شيء.. يستحق الوزير كمال عبد اللطيف ثناء كل الإعلاميين لأنه قولا وفعلا هو بكامل ارادته وراء هذا العمل الكبير.. وربما لولا ذلك.. لما انعقد مثل هذا الملتقى..

الثلاثاء، 12 مايو 2009

فارق الخبرة 13 مايو 2009

فارق ..الخبرة..!!

في الندوة التي أقامتها صحيفة السوداني يوم السبت الماضي .. وتحدث فيها البروفسير عبد الله أحمد عبدالله نائب رئيس المفوضية العامة الإنتخابات وحاوره بعض ممثلي الأحزاب.. حاولت أن انظر من خلف الكواليس لما وراء الحوار الدائر بين المتحلقين حول طاولة الندوة .. نظرة بأشعة مقطعية للعقل الحزبي السوداني.. فبدت لي الصورة مثيرة للغاية..
المشاركون كانوا من أحزاب.. المؤتمر الوطني.. الأمة القومي ..الشيوعي.. الشعبي.. الاتحادي (الأصل) وشقيقه الاتحادي الآخر.. التحالف السوداني.. والأسماء التي مثلت الأحزاب من النجوم وألمع أطقمها..
في العادة .. في المحكات الحزبية يبدو حزب المؤتمر الوطني في كفة مقابلة ومواجهة لبقية الأحزاب... كأنما هو وحده في الحكومة .. وكل الأحزاب الأخرى في المعارضة .. ولو كانت في الحكومة مثل الإتحادي (الذي يرأسه د.جلال الدقير).. وعندما يكون حول الطاولة حزب المؤتمر الشعبي .. يتصاعد دخان ونار الحوار إلى العنان كما حدث في ندوة السوداني الاسبوعية الأولى..
الذي لفت انتباهي ..هو (فارق الخبرة).. بصراحة ورغم أن مثل هذا الإقرار لا يعجب الكثيرين .. لكن فارق الخبرة السياسية بين أطقم المؤتمر الوطني وبقية الأحزاب يبدو كبيراً بدرجة مقلقة.. ليس القلق في أن يكون هناك فارق.. بل أن يكون مجموع الأحزاب السودانية على مثل هذه المسافة المربكة من اللياقة الجسمانية والحضور الذهني لتولى مقاليد الحكم..
ممثل حزب المؤتمر الوطني في الندوة كان البروفسير ابراهيم غندور رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال السودان.. الطريقة التي يتصرف ويتحدث بها تطفر من ثناياها خبرة أكبر حتى من الـ(20) عاماً التي قضاها حزبه في السلطة المطلقة.. وبالحساب السياسي المجرد من الحب والكراهية .. وفي أكثر من مناسبة جمعت بين ممثلين للمؤتمر الوطني وأحزاب أخرى .. تبدو دائما كوادر المؤتمر الوطني أكثر خبرة ..كوادر لإدارة دولة.. أكثر من مجرد حزب.. بينما تبدو كوادر بقية الأحزاب في خط التماس الأقرب للتنظير المتنازل تماماً عن مسؤولية الفجوة بين النظرية والواقع..
مثلاً.. الأستاذ كمال عمر المحامي ممثل الشعبي.. طرح فكرة تحالف كل الأحزاب إلا المؤتمر الوطني.. على نية واحدة فقط.. الإطاحة بالوطني في الإنتخابات القادمة..وهي نظرية تصلح تماماً لتسيير مظاهرة.. أو شحذ التصفيق الحار في ثنايا ليلة سياسية.. أو في تدبيج حيثيات انتفاضة أو حتى انقلاب.. لكن بالضرورة لا يمكن لبالغ عاقل راشد أن يتصور حال حكومة يتحد فيها الشعبي مع الشيوعي.. بعد سقوط الوطني..!! الـ(شينان).. حينها لن يسبقهما الا حرف العطف الموجب للفورية.. حرف الفاء.. فيندمجا تحت لائحة (فشل) ..
إدارة دولة .. ليست كإدارة حزب.. وبكل أسى حتى هذه اللحظة..على أعتاب الانتخابات.. لا يبدو في الأفق أن أحزابنا مستعدة لربط الأحزمة والإقلاع.. كأني بها تظن أنها ولو حكمت..ستظل أحزاب معارضة..

الأحد، 10 مايو 2009

الذكرى الأولى لغزو أم درمان- 10 مايو 2009

الذكرى الأولى..غزو أم درمان!!

في نهار مثل هذا اليوم من العام الماضي اخترق هدوء العاصمة هدير أرتال من سيارات الدفع الرباعي التي عبرت حتى قلب مدينة أم درمان والتحمت في معارك ضارية كان أشهرها (معركة الجسر) التي جرت في مدخل جسر النيل الأبيض الجديد (جسر الإنقاذ) من ناحية مدينة أم درمان.. وانقشعت موجة الهجوم تماماً في أقل من ساعتين مخلفة عشرات المركبات المهاجمة المحترقة.. ومئات الأسرى .. وعشرات القتلي..
ومنذ تلك المحرقة.. لم يتغير الأمر كثيراً.. جولة المفاوضات الثانية في الدوحة لا تزال في مرحلة (ما قبل التفاوض).. والعدائيات على أشدها رغم وقف إطلاق النار من جانب واحد..جانب الحكومة.. والتصريحات الإعلامية لقادة حركة العدل والمساواة خاصة قائدها د. خليل ابراهيم لم تتزحزح قيد أنملة عن محطة الإطاحة بالنظام..والجارة تشاد – الراعي الرسمي لغزو أم درمان - توقع الإتفاقيات مع الحكومة السودانية.. ثم تمعن في توقيعها من جديد !!
رغم أنف كل هذه الصورة القاتمة لمستقبل السلام في دارفور.. إلا أن ضوءاً في آخر النفق بدأ يبين.. فمتغيرات دولية وأرى محلية بدأت تسوق جميع الأطراف سوقاً نحو التسوية السياسية.. أولى هذه المتغيرات وصول باراك أوباما الى البيت الأبيض محمولا على شعار (التغيير) Change وبدأ يتلمس ملف دارفور بصورة تختلف عن سلفه بوش.. وتضع الولايات المتحدة الأمريكية كل ثقلها لحمل الأطراف على التفاوض إن لم يكن بحسن نية ..أضعف الأيمان بجدية.
وثاني هذه المتغيرات.. أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي قصمت رفاهية كثير من دول العالم الثري.. أضعفت قدرات بعض الدول على دعم الفصائل التي تحمل السلاح في دارفور.. نضب المعين الذي كان يغذي إرادة الحرب..ولم يعد حمل السلاح في ربوع دارفور مجرد فاتورة علاقات عامة مع المانحين..
ورغم أن دخول المحكمة الجنائية الدولية أقعد من همة البحث عن حل تفاوضي داخلي.. وشجع الحركات المسلحة على إنتظار تداعيات البعد الدولي..إلا أن التصريحات التي أدلى بها المشير عمر البشير رئيس الجمهورية وأكد فيها أن السلام في دارفور سيتحقق قبل نهاية العام.. تضمر أملاً في إمكانية وصول الفرقاء إلى تسوية سياسية عبر مفاوضات الدوحة.. في قريب منظور..
وإلى أن ترسو سفينة السلام على شاطيء..سيظل المحرومين والمنهكين إنسانياً من أبناء وبنات دارفور ضيوفاً على المعسكرات.. تجميد الحياة في انتظار الحياة.. ولو كانوا يعلمون متى ينتهي التجميد لربما كان الصبر أسهل.. لكنه انتظار بلا وعد .. وما أشق انتظار فرج غير معلوم الميعاد..
في ذكرى معركة أم درمان أليس جديراً لكل الفرقاء أن ينطقوا بكلمة واحدة.. (كفاية).. Enough is enough

الجمعة، 8 مايو 2009

التعديلات 8 مايو 2009

التعديلات ..!!

في التعديلات السيادية المباغتة التي أعلنت أمس..لم تكن مفاجأة كبيرة إنتقال د. عبد الحليم المتعافي من ولاية الخرطوم إلى وزارة الزراعة..إذ سبق لي الكتابة هنا في هذا العمود قبل أكثر من عام عن إرهاصات مثل هذا الإحتمال.. وكنت سألت المتعافي شخصياً حينها، وأكد لي أنه طلب من نائب الرئيس الإنتقال لوزارة الزراعة.. لإعتقاده بأنه قادر على بذر شجرة نجاح في وزارة أضناها رهق الفشل المستمر.. وربما لاحظ الكثيرون أن المتعافي – وهو في منصب الوالي - أكثر من الزيارات الخارجية التي ترتبط بمشاريع زارعية.. أهمها زيارته للبرازيل..وكأني به يستبق التعديلات ويفسح لنفسه رؤية (زراعية) مبكرة..
ورغم كل شيء.. في تقديري أن المتعافي الأرجح أن يحقق – فعلاً- نجاحاً متميزاً في وزارة الزراعة ..ليس فقط لأن سابقيه حققوا ما يكفي من الفشل.. بل لأنه قادر على اختراق المسلمات الديوانية في هذه الوزارة العتيقة.. ولو نجح المتعافي في تحويل الاستثمار في الزراعة من مجرد عمل متروك لهمة من يهمهم الأمر... الى عمل تدعمه الدولة وتضع فيه محفزات تجذب اليه رجال الأعمال..ربما من هنا يدأ الانطلاقة نحو تنمية زراعية لا تعاني من الآفات.. آفات السياسة..
وربما الأجدر أن يبدأ المتعافي سيرته الزراعية بطبع قبلة الوداع على جبين (النهضة الزراعية) سليلة (النفرة الخضراء)..
وبالحساب البسيط .. ربما يربح المواطن والوطن من تقلد المتعافي للزراعة.. عماد وقوام قمة عيش غالبية أهل السودان.. لكن بالضرورة سيتضرر من خروجه من الولاية ثلة مقدرة من المسؤلين المحسوبين عليه..أولهم معتمد الخرطوم..إلا إذا انتقلوا معه للزراعة!!
المفاجأة الحقيقية، وصول الدكتور عبد الرحمن الخضر إلى حكم الخرطوم.. وكان غادر حكم ولاية القضارف على قطار خلافات مريرة مع رئيس المجلس التشريعي.. وتوارى بعد ذلك عن الأنظار -العامة-.. والخضر كان وزيراً ونائباً للوالي في الشمالية ..و عُرف عنه نشاطه وجرأته.. وتعايشه السياسي مع الآخر..
البروفسير الزبير بشير طه ورث ولاية الجزيرة من سلفه الفريق أول عبد الرحمن سر الختم..وربما لن يفتقد سكان الجزيرة واليهم السابق.. لشح انجازاته على صعيد التنمية.. لكن بالضرورة سيرتفع حاجب دهشتهم للحيثيات التي جاءت لهم بخلفه البروف الزبير.. فهو لم يستند لنجاح في حقائبه الوزارية السابقة.. علاوة على أنه فشل حتى في مجرد الحصول على ثقة التمثيل النيابي لأهالي الجزيرة.. (فاز بها البروفسير مالك حسين) .. في آخر انتخابات برلمانية عام 2001.
التعديلات السيادية حافظت على اللاعبين المسجلين ولم تفتح باباً لأي تسجيلات جديدة.. فهل يعني ذلك أن حزب المؤتمر الوطني لا يتحرك في أبعد من هذه الدائرة..؟؟

الخميس، 7 مايو 2009

جولة اجبارية - 7 مايو 2009

جولة اجبارية..!!

اتصل بي أمس أحد القراء الأماجد.. وطلب أن أرافقه في جولة صغيرة قصيرة حتمية.. قال أنه يريدني أن أري بأم عيني انجازات خيال (القماري سجعت) التي كتبت عنها هنا يوم الأحد الماضي..
وللذين فاتهم ذلك العمود ملخصه.. يتعجب من حال مسؤول كل زاده من الخيال ما رأه في قريته (القماري سجعت) الكائنة في ولاية (سجعونا الكبرى) والتي درس فيها الابتدائي .. ثم انتقل الى القرية المجاورة (القماري نعست) وتلقى فيها الثانوي ثم تخرج كم جاكعة الخرطوم الكائنة بين شارع النيل والجامعة.. فكان أقصى خياله شاعر الجمهورية المجاور..
القاريء الكريم أخذني معه في سيارته.. وأوقفني في شارع الجامعة أمام قاعة الشارقة.. وقال لي بكل غضب أنظر على يمينك. رأيت لافتة كبيرة يعلوها الغبار مكتوب عليها (كلية الهندسة والمعمار).. علق القاريء .. هنا يتخرج أهالي (القماري) بحث وحقيقة.. كيف لمن يتعلم في مثل هذه الكلية أن يرى أكثر مما رأه أهالي (القماري سجعت).. وطفق يشير لي بيده ..(أمظر ذلك السلم الحديدي المعلق في الدور الثالث.. أنظر الى البؤس المعماري في أنكي صورع.. من أين لطلابنا خيال.. أكثر مما جادت به عليهم قرى القماري وضواحيها.)
للحقيقة رغم أنني عبرت شارخ الجامعة آلاف المرات إلا أنها ملاحظة فعلا أثارت دهشتي.. لماذا أعرق كلية هندسة معمارية في بلادنا على مثل هذا المستوى من الشظف المعماري..
لم يكتف القاريء الرفيع بذلك أخذني في سيارته الى مكان آخر.. هذه المرة المبني الرئيسي لجامعة النيلين ..التي كانت في الماضي (جامعة القاهرة فرع الخرطوم).. كلية الأداب التي بناها المصريون تحفة معمارية بشكل مستمد من الطبيعة والروح السودانية.. وكذلك مكتب مدير الجامعة..على ذات النسق الذي بني عليه المستعمر القصر الجمهوري ووزارة المالية.. ونفس طراز كورنيش انيل الجميل قبالة القصر الجمهوري.. ولكن..!!
بالضبط بين كلية الأداب ومبنى مدير الجامعة تدخل أهالي (القماري سجعت) وشيدوا مبني غريب شاذ .. ولمزيد من (التفنن) .. طلوه بلون أعجب منه ..لا أدري هل هو أصفر أم أحمر أم برتقالي ..
القاريء الغاضب لحال المعمار في بلادنا.. كان يسألني بقسوة وعنف.. وكأني أنا الذي شيدت هذه المباني (ماذا يقصد المهندس الذي صمم هذه المباني؟؟) لم أرد عليه .. أكمل الجملة هو ( أنه خيال القماري سجعت..)
وللحقيقة.. لا أدري ما هي الفكرة المعمارية في مبني كلية الهندسة والمعمار بجامعة الخرطوم.. كما لا أدري أيضا لماذا رأت جامعة النيلين أن تطمس السمت المعماري الذي استخدمه المصريون في بناء الجامعة .. والذي هو نفس سمت مبني القنصلية المصرية في شارع الجمهورية ..والسفارة المصرية في المقرن.. والمدهش أن السفارة المصرية جري تجديدها بنفس التصميم المعماري القديم.. حفاظا على طعم ورائحة وحلاوة المعمار المنسجم مع البيئة والارض..

الثلاثاء، 5 مايو 2009

عذبني وتفنن ..5 مايو 2009

(عذبني .. وتفنن ..)!!

بمناسبة افتتاح أسبوع المرور العربي.. نشرت الصحف أن إدارة المرور حصلت على تعهدات حكومية عليا بتمويل مشروعات استخدام التنكلوجيا الحديثة في عمليات وإجراءات المرور.. ومنها شبكات مراقبة الكترونية ..
ورغم أن إدارة المرور ومنذ فترة بعيدة تعد من أكثر الإدارت الحكومية استخداما لتكنلوجيا المعلومات..إلا أن المدهش في كل هذه التنكلوجيا أنها قادرة على تطوير العمل المروري.. في كل جوانبه.. إلا واحدا.. تحصيل الغرامات..
لاختصار الفكرة..أؤكد لكم بكل يقين أن إدارة المرور لا تعاقب الا على مخالفة واحدة فقط.. حتى ولو ظن الناس أنها تفرض غرامات على قائمة من المخالفات المكتوبة على ظهر تذكرة الغرامة (التسوية)..
المخالفة الوحيدة التي تعاقب عليها ادارة المرور ..ليست عدم حمل رخصة القيادة أثناء القيادة..ولا عدم ترخيص السيارة .. ولا كسر اشارة المرور.. ولا .. ولا كل تلك القائمة الطويلة التي يعرفها الناس..
المخالفة الوحيدة التي تعاقب عليها ادارة المرور .. هي (عدم حمل المال) في الجيب أثناء قيادة السيارة.. سأقول لكم كيف !!
إذا ارتكبت – لا قدر الله – مخالفة مرور.. مثلا تحدثت في الموبايل اثناء القيادة.. أو مخالفات أخرى.. وإذا تمكن منك رجل المرور.. فسيقوم بكتابة تلك التذكرة التي تحمل قيمة الغرامة المرورية.. حتى هنا ليس هناك عقوبة.. فهي رسوم يدفعها المواطن جبرا لكسر الطريق الذي لم يحترم حرامته.. فإذا أدخلت يدك في جيبك ودفعت الغرامة.. فكفي الله المؤمنين القتال (البعض يقول خطأ كفي الله المؤمين شر القتال.. وهذا خطأ شائع فالآية الكريمة لم يرد فيها كلمة "شر").. سيتحصل رجل المرور الغرامة ويمنحك الايصال وتذهب في حال سبيلك..
لكن المخالفة الحقيقية هي إذا اتضح أنك (لا تحمل المال) معك في جيبك.. تماما مثل رخصة القيادة.. هنا تنشأ المشكلة الحقيقية التي قد تتطلب احتجاز السيارة .. حتى ولو كانت المخالفة لا تتعلق بالسيارة بل بسائقها..
في جميع بلاد الله التي تستخدم ربع ما تستخدمه إدارة المرور عندنا .. من تنكلوجيا متطورة.. لا يفترض في المواطن حمل كيس نقوده اين ما ذهب.. ليس مطلوبا منه دفع الغرامة حياً (على الهواء مباشرة).. يمنحك رجل المرور ورقة المخالفة وعليها قيمتها وتدفعها متى تيسر لك المال في البنك أو في أي منفذ تحدده لك شرطة المرور..بل ومن حقك الاعتراض على الغرامة وطلب العرض على القضاء..
لماذا هنا في بلدنا السودان .. إدارة المرور حديثة ومتطورة وعصرية في كل شيء.. الا دفع المخالفات..!!
لماذا .. تطلب ادارة المرور مزيدا من الاجهزة والتكنلوجيا المتطورة.. وتمعن في التطور .. الا في الجانب الذي يخص المواطن .. !!
لماذا يعاقب المواطن على (عدم حمل المال) .. في جيبه مع رخصة القيادة..
أتمنى أن أجد إجابة من إدارة المرور .. بمناسبة أسبوع المرور..

الأحد، 3 مايو 2009

خيال القماري سجعت -3 مايو 2009

خيال (القماري سجعت) ..!!

أدرك أن لك في مديرك رأي خطير.. وأن قراراته أخطر منه.. قرارات من حجم (أم الكوارث).. سأكشف لك السر .. سر عبقرية مديرك..
في السيرة الذاتية للمسؤول .. أنه من مواطني قرية (القماري سجعت) بولاية (سجعونا الكبرى).. درس في مدرستها الابتدائية.. وتفوق في دروسه.. حتى انتقل الى المدرسة الثانوية في منطقة (القماري نعست) المجاورة.. وواظب على التفوق.. فدخل جامعة الخرطوم.. قضى فيها بضع سنوات وتخرج.. ثم تدرج في الوظيفة العامة الى أن صار مسؤولا كبيراً..تحت يديه ترقد وتستيقظ قرارات كبيرة..
في سيرته الذاتية .. لم يخرج من البلاد إلا مرتين.. واحدة للحج.. وأخري بعدها بحوالي أربع سنوات للعمرة..رأى مطار جدة.. وبهرته بواباته الإلكترونية التي تفتح بمجرد الإقتراب منها قبل لمسها..
المسؤول الكبير تولى منصب المدير العام للتخطيط .. ومن مهامه الحتمية (التخطيط!) وللدقة لم أقل (التخبيط!).. وعلى يديه تولد قرارات أخرى كبيرة.. يعالجها بمنتهي الخبرة التي تكون منها خياله الاداري.. الخيال الذي نشأ وترعرع في قرية (القماري سجعت) ثم انطلق في قرية (القماري نعست) وتكلل أخيرا بجامعة الخرطوم .. التي سمحت له برؤية شارع الجامعة والنيل.. حتى الجمهورية..
إذا افترضنا أننا نعيش حالياً في الألفية الثالثة.. وأن التاريخ يعني حزمة مكونات حتمية ترتبط بعالم اليوم..كيف يمكن افتراض أن رجل خارج سياق التاريخ يستطيع إدارة منصبه في حيز اليوم..
بعبارة أخرى .. المكون الذي تنشأ منه عقلية أي فرد منا.. هو خلاصات ما أدركته حواسه الخمس مضافة إلى معارفه.. ومهما كانت معارفه مترفة.. وعلمه غزير.. فهو بغير إدراك حواسه لا يستطيع إدارة عمل محكومة بقواعد عالم اليوم المتقدم..
مثلا .. المهندس المعماري.. ولو كان أول دفعته وأحرز الدرجات القصوى في كل المواد.. لا يسوى شيئاً إذا كانت حواسه الخمس لم تر أو تسمع أو تلمس أبعد من مكونات حياته من قرية (القماري سجعت) حتى وصوله إلى شارع الجامعة..فالخيال هو حصيلة التجربة الذاتية .. فإذا كانت التجربة مطموسة في غامر التاريخ.. فلا يعقل أن ينجب (قرارات) ورؤية تتعايش مع عالم اليوم..
من الحكمة أن تحتوي أي سيرة ذاتية على قائمة بأسماء البلاد التي زارها صاحب السيرة.. والمدة التي قضاها في كل بلد.. وعلى ذلك تقاس سعة الخيال والأفق..
والمثل الشعبي يقول ( شق البلاد.. علم..)
هل مديرك .. العبقري ..الذي نال الدرجات القصوى في كل العلوم.. في حياته وخياله أوسع مما رأه بين قوسي (القماري سجعت).. وشارع النيل..!!
إذن لماذا تتعبه وتتعب نفسك .. وترجو منه أن يرى أبعد من خياله ..!!

الجمعة، 1 مايو 2009

قرب تعال ما تبتعد - 1 مايو 2009

(قرب تعال ما تبتعد ..)!!

في سائر الدول العربية الأخرى، يقولون عنَّا.. نحن السودانيين.. أننا شعب كسول.. يتأبط الراحة ولو على حساب مصلحته.. ومن باب الوطنية القحة يجدر زجر مثل هذه الأقاويل و(تخوين) قائلها وزجهم في قائمة أصحاب (المؤامرة) الأجنبية ضدنا.. لكن من باب الصراحة .. وطالما أن الحديث داخل البيت السوداني.. ولا يسمعنا أحد في الخارج.. لربما جاز أن نطأطي الرأس ونقول في صوت خافت ..(نعم .. نحن شعب كسول..)
والبرهان على ذلك .. ليس أن أجمل مدننا أسمها مشتق من (الكسل)..بل من أدبياتنا العفوية.. و(العفوية!) مقصود بها تلك الأدبيات التي تخرج بلا تكلف من أعماقنا وتكشف – كصورة الأشعة – نخاعنا الداخلي..
مثلاً.. في أغنياتنا العاطفية.. رغم أن الحبيب محور إهتمام ناظم القصيد.. إلا أن التعامل مع الحبيب فيه دائماً كسل.. محمد الأمين يقول في أغنيته مخاطباً الحبيب (قرب تعال .. ما تبتعد) .. مطلوب بالأمر أن يقترب هو/هي.. ويتكبد عناء الحضور..
لكن أبشع أنواع الكسل ذلك الذي يؤذي قدراتنا الإقتصادية..تدخل إلى المتجر، فتجد صاحبه على أخمل إتكاءة.. يرمقك بنظرة وكأنه يلعن الحظ التعيس الذي جاء بك لارباك راحته.. بائع بطيخ على ناصية طريق النيل في أم درمان.. أوقفت سيارتي بجواره.. ونزلت أتفرس في البطيخ.. وهو جالس تحت ظل شجرة مجاورة يتفرس في وجهي.. لما أشرت له بيدي سألني بكل برود (عاوز بطيخ؟..) ..سؤال يحمل في طياته الاجابة.. وكأنه يقول (طيب ما تشيل البطيخة.. وتجيب لي القروش هنا تحت الشجرة..).
لكن كل هذا الكسل كوم.. وكوم آخر (الكسل الرسمي..)..!! للكسل الرسمي انواع كثيرة أبرزها ما يطفح في وجه المواطن العادي في الطرقات والعمل العام.. جماعة المرور يقفون بالمرصاد في الشارع.. يستوقفون السيارات .. يقطعون (تذكرة) الغرامة .. عليها الرقم (30) ألف جنيه.. ويطلبون منك في الحال والتو سداد المبلغ..( طيب.. ليس في جيبي مال) ..( انا في عجلة من أمري للحاق بأمتحان على وشك ان يبدأ..) او ( أحمل مريضا في حالة صعبة الى المسشتفى).. كل ذلك لا يجدي .. (أدفع بالتي هي أحسن..) أو الأخشن.. هذا ضرب من (الكسل الرسمي).. لأن كل الدول التي تحترم شعوبها .. تدرك أنه ليس من واجبات المواطنة حمل المال في الجيب في أي زمان وأي مكان.. فيسلمك رجل المرور ورقة المخالفة .. ويطلب منك بكل تهذيب سدادها في البنك أو البريد متى تيسر لك الأمر.. وينبهك بكل أدب انه من حقك الإعتراض على التسوية وطلب نظر القضية بواسطة القاضي.. لأنهم شعب بلا كسل.. يتعبون أنفسهم قليلا بتحصيل الغرامة بالطريقة التي تريح المواطن لا رجل المرور..
أما الكسل (بالجد بالجد) فلا استطيع الحديث عنه ..بالجد بالجد..!!