الاثنين، 25 مايو 2009

ما دوامه 25 مايو 2009

(ما دوامة) ..!!

في فجر مثل هذا اليوم من العام 1969.. بثت إذاعة أمدرمان الموسيقى العسكرية (المارشات) ليعلن العقيد أركان حرب جعفر محمد النميري انهيار العهد الحزبي الثاني.. وبداية الدخول في نفق حكم قابض ..وقال البيان رقم واحد بالحرف..(ان بلادنا الحبيبة لم تنعم باستقرار منذ إعلان إستقلالها فى العام 1956)..وكان مضى على الإستقلال حوالى (13) عاماً فقط..
واستمر نظام مايو في الحكم (16) سنة كاملة.. نجح خلالها في تدمير الإقتصاد السوداني بضربة (حرة مباشرة) عن طريق قرارات التأميم والمصادرة الشهيرة.. التي أفجعت الإستثمار وأحالت المشاريع الناجحة إلى أطلال.. ثم عصف بالنظام الاداري فأطاح بالإدارة الأهلية .. وأوقد نيران الفتن السياسية التي ظلت دائمة الاشتعال ..إلى أن سقط تلقائيا في صبيحة يوم 6 أبريل من العام 1985..
ومع ذلك فأكثر ما يدعو إلى الأعتبار في سيرة نظام مايو.. أيامه الأخيرة التي سقط بعدها..فبمرور السنوات وتطوال الجلوس على كرسي الحكم..و(تكلس) الشعور السلطوي.. فقد الحاكمون غريزة الإحساس بالشعب.. ونسى الناس الآن كل خطابات الرئيس النميري الكثيرة لكنهم يتذكرون آخر خطبة عصماء قبل سفره الي أمريكا في مساء يوم الثلاثاء 26 مارس 1985 .. قال النميري..(علينا ان نقتصر في كل شيء من يأكل ثلاث وجبات يأكل وجبتين ومن يأكل وجبتين يأكل وجبة واحدة ومن يأكل وجبة واحدة يأكل نصف وجبة..)
كان ذلك البرهان الأكيد ليس على انهيار نظام مايو فحسب.. بل انهيار الجهاز العصبي كلياً بين الحاكم والشعب.. عندما يصبح الحديث الخطير عن (تجويع) الشعب كله.. مجرد كلمات يلقيها الرئيس بقلب خال من الأسى ثم يسافر إلى أمريكا..
وفي الدول ذات التقاليد الراسخة والتي تحدد فترة حكم الرئيس بسنوات معينة غير قابلة للزيادة حتى ولو كان الرئيس (عبقري زمانه) .. المقصود تجديد الإحساس بالشعب.. فمثلاً أمريكا بكل صولجان ورفاهية الدولة فيها.. الرئيس يحكم أربعة سنوات فقط ثم يحتاج للرجوع إلى شعبه لطلب فترة رئاسية أخرى.. فإذا جاد عليه بها الشعب.. أدرك أنها أربعة أخيرة غير قابلة لتمديد يرجع بعدها مواطناً عادياً.. وبمثل هذا النظام يظل الرئيس طوال وجوده في البيت الأبيض محاصرا بكوابح الإحساس بأنه (عابر سبيل).. غير مخلد.. وأنه من الشعب وإليه عائد..
النفس البشرية تواقة للسلطة.. ومهما كانت عفيفة عن المغانم .. إلا أنها في النهاية ممهورة بسنة الله التي أودعها نفس الإنسان.. والمنهج الوحيد الذي يضمن كبح نزوات السلطة أن لا يكون في ظن صاحبها أنه مخلد فيها.. يدرك أن الدستور والقانون لا يمنحه اإلا فترة انتقالية عابرة.. يرتد بعدها مواطناً في زمرة المحكومين..
وهذا هو معنى الديموقراطية.. في الدولة أو الحزب ..!!

هناك تعليقان (2):

mog يقول...

الي متي يكون هؤلاء الطغمة الفاشية جاسمين علي صدورنا مانعين حتي النفس عنا لو وجددوا سبيل الي ذلك أو فرض رسوم علية

غير معرف يقول...

الأخ عثمان ميرغني السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
وبعد
يسعدني أن أقرأ مدونتك كل يوملما تتحفنا به من حديث المدينةو آرائك الجريئة.. أنا من مواطني مدينة نيالا حيث درست بها كل المراحل التعليمية ثم الجامعة بالخرطوم و قد عرفت فيها أناس كثيرون كانوا بهذه المدينة و شبوا و ترعرعوا بها و لكن في نهاية المطاف لم يذكروها بخير أو بشر مثل عائلة (عدالرحمن مختار) التي ينحدر منها الطيب عبدالرحمن (فريق شرطة بالمعاش) و شقيقه حافظ (عازف المزمار)و الذي كان يعمل موظف ببريد نيالا حتي السبعينات و كان أيضا حارس مرمي فريق الهلال (نيالا)و لكنهم تنكروا لهذه المدينة وأدعوا أنهم من الأبيض و نحن نعرف تاريخهم منذ توافدهم الي السودان؟؟؟؟دعك عن دارفور...
الكل يعترف بأن الطالب الوافد من خارج العاصمة لا يكترث الا للقراءة و التحصيل و التفوق و كان هذا جليا في عقدي الستينات و السبعينات و معظم المتفوقين من خارج العاصمة و لا أحبذ تعبير (من الأقاليم)لأنه من المفترض و نحن في عصر العولمة و المدينة الصغيرة أن نصف بعضنا بتلك الأوصاف التي فيها شئ من الدونية أبن العاصمة و أبن الأقاليم.. اليوم وفي معظم بلدان العالم لا نجد فرقا يذكر بين العاصمة و باقي المدن من حيث المعمار أو الخدمات أو بكل ما يتصل بشؤون الشعب؟؟؟ ما يتحصل عليه الفرد في العاصمة يتحصل عليه زميله في أقصي مدينةداخل القطر الواحد و لا تكاد تلحظ فرقا كبيرا و أنت تدخل مستشفي في أي مدينة مقارنة من نظيره في العاصمة؟؟؟ الي متي نظل نقسم الناس الي أبناء عاصمة و أبناء أقاليم؟؟؟؟؟