الخميس، 6 نوفمبر 2008

5 نوفمبر 2008 - للصبر حدود..!!

للصبر حدود..!!
هذا العمود نشر بديلا للعمود بعنوان (ملحوقة) الذي حُجب بواسطة الرقابة الأمنية ..!!
وقد اتصل بي هاتفياً الدكتور عوض الجاز وزير المالية محتجا على العمود.. وقال أن الصحافة شريك في الحكم يجب أن تتولي مسئولية بث الطمأنينة في المجتمع وليس تخويفه بكوارث قادمة..

في الأخبار التي نشرتها الصحف أمس.. أن الدكتور عوض الجاز وزير المالية طلب من الشعب السوداني (مزيداً من الصبر..) .. وجميل أن تصل الشفافية الرسمية لمثل هذا المستوى من الصراحة.. ولكن ..!!
صبر الشعب السوداني لا يحتاج إلى برهان.. ولم تعد المشكلة في أن يصبر أكثر..بل في أن يتحمله الصبر أكثر.. فهذا شعب ضجر منه الصبر.. يقتله الظمأ والماء فوق ظهوره محمول..
لكن الذي يجعل الصبر أكثر مرارة من العلقم أنه لم يدخل في بروتوكولات قسمة السلطة والثروة.. بمثل ما تقسم الثروة والسلطة .. ليت الصبر يُقسم بعدالة ...فالمساواة في الظلم عدل.. فالذي يكدر صبر أهل السودان.. أنهم يصبرون على البلاء والشقاء لكم غيرهم يصبرون على النعمة والهناء.. بقدرما تنحني بيوتهم و تغرق في وحل التخلف والبيئة النكد.. تسمق بيوت وقصور الآخرين.. الذين حتى وقت قريب كانوا مجرد موظفين أو حتى عمالا يندرجون تحت لافتة (فقراء) .. ثم زارتهم ليلة القدر .. فأصبحوا من السادة الأثرياء الذين لا يحسبون من أين يأتي المال أو يذهب..
لو كان (الصبر) ضريبة حكومية توزع بالتساوي على الصابرين من أهل السودان لأمكن تمديد حبال الصبر.. بأطول ماتيسر.. لكن الصبر بطاقة توزع بعناية .. للبؤساء المحرومين.. وتحجب تماماً عن السعداء المأثورين.. والسعادة هنا ليست بمقومات الكد والجهد والعرق.. هي سعادة رسمية ..!!
من الذي يجب أن يصبر.. الذين أقصى أمانيهم وجبة واحدة في اليوم.. أم الذين يعجزهم حتى مجرد دفع رسوم الامتحان الحكومي .. في المدارس الحكومية.. أم الذين اذا مرضوا تداوا بالصبر أيضا..
ما هي مواصفات الصبر المطلوب استيراد المزيد منه لاستهلاك الشعب السوداني.. هل هو صبر على مكاره الحال الاقتصادي .. ام الاجتماعي .. أم السياسي.. ام الرياضي.. أم .. أم.. قائمة طويلة من الـ(أمات) المترعة كلها بالمرارة والغبن..
لو كان الشعب جزءا من هذه الأقدار.. لو كان هو الذي انتخب حكومة الوحدة الوطنية.. او لو كان قادرا على انتخاب مؤسساته السياسية.. أو لو كان قادرا على أن يقول بأوسع (حلقوم) نعم أو لا بما يمليه عليه حر ضميره.. لكان جائزا الصبر على صنائع الشعب.. يأكل مما صنعت يداه.. لكن على ماذا يصبر الشعب؟؟
ولماذا الشعب هو دائما المطالب بالصبر؟
لماذا لا يصبر الساسة ؟؟ في الحكومة أو المعارضة..
لماذا الصبر سلعة شعبية تباع في أسواق الأحياء الفقيرة ووسط التضاريس البشرية المحبطة.. لماذا لا تنتج الحكومة صبرا آخر يناسب الأكرمين أصحاب السطوة والحظوة..
المشكلة التي قد لا يعلمها الوزير.. من عبر التاريخ أن الشعب السوداني يصبر.. ويصبر.. ويصبر؟؟ دون أن يطلب منه أحد ذلك.. لكنه لحظة الغضب لا ينذر ولا يقدم اشعارا لأحد.. فعلها مرتين..!!

ليست هناك تعليقات: