الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

بين اليقظة والأحلام..!!

بين اليقظة والأحلام ..!!

الدكتور نافع على نافع .. في تصريحاته أمس الأول في نيالا.. قال أن الذين يبتغون زوال (الانقاذ) .. إنما يحلمون (أحلام اليقظة) .. ويبدو أن نافع يقصد مصطلحا قديما للمعارضة يختصر في (تفكيك!!) الانقاذ.. وكانت العبارة رائجة – جدا - في أدبيات المعارضة المهاجرة .. الا أنه مع توالى اتفاقيات السلام من جيبوتي الى نيفاشا الى القاهرة فأبوجا.. اضمحل رنين المصطلح .. وربما تواري خلف (البسمات كتمت دموع..)
واحدة من أهم المفاهيم الراسخة التي اعتمد عليها الدكتور حسن الترابي في فكره القيادي ..لحركة سياسية صغيرة قادها حتى أضحت تسيطر على الحكومة والمعارضة معاً.. أنه كان قادراً على القفز فوق الأسماء والمصطلحات.. استخدمت الحركة الاسلامية مصطلح (الإخوان المسلمون)..ثم (جبهة الميثاق الاسلامي) .. و الاتجاه الاسلامي (في محيط الطلاب) ثم (الجبهة الاسلامية القومية).. ثم المؤتمر الوطني (النسخة الأولى قبل اقرار التعددية السياسية في دستور 1989) .. و لم يكن الاسم يشكل حاجزا معنوياً في سياق التطور التاريخي للحركة.. وشكلت هذه الرشاقة المصطلحية واحدة من عوامل نجاح الحركة في الإنتقال السلسل عبر المراحل التاريخية..
على نقيض الحزب الشيوعي – غريمها الأول – الذي شُق عليه حتى اليوم أن يخرج من السور الحديدي للاسم والمصطلح.. رغم انهيار الشيوعية في مقرها العالمي المركزي وتفكك منظومة دولها وتسابقهم في دخول حلف الناتو..
لكن الصورة الأن تبدو مثيرة للدهشة ..!!
مصطلح (الإنقاذ) .. الذي وُجد على الساحة السياسية مع فجر الثلاثين من يونيو عام 1989.. قصد به (أكلشيه) سياسي يحدد طبيعة مرحلة انقلابية انتقالية قصيرة المدى.. بالافتراض الطبيعي أن أى عملية (إنقاذ) هي فنياً عملاً مرحلياً ينتهي باستقرار الحال الطبيعي..
وكان حرياً.. بتلقائية.. استلهام (اكلشيهات) متجددة تلائم كل ظرف متطور.. حتى تنمو فكرة الدولة في الضمير الشعبي وتتحول الحركة الانقلابية الطارئة إلى مفهوم دولة مستقرة.. وتزول شرعية الإنقلاب لصالح شرعية دستورية مستقرة ..
لكن الواقع أن المصطلح دخل في حيز (لا مساس) .. وصار حرماً مصوناً لا يجوز القفز فوقه.. فتجمدت فكرة الدولة في مربع صغير.. لا تكاد تغادره شبراً..
هذا الواقع.. واقع الإسستسلام للمصطلح وتبجيله لدرجة الارتباط الكاثوليكي.. يحجم تماما القدرة على التفكير السياسي المتطور الذي يوكاب الظرف والمرحلة.. وسيدو الأمر مربكا لدرجة الحيرة أن يكون في البلاد (حكومة وحدة وطنية) كما هو الوضع الآن.. لكن تحت (حكم الإنقاذ)..
المفهوم الذي بنت عليه الحركة الإسلامية طموحها لتولى مقاليد الحكم يقوم على فكرة عمادها تأسيس دولة موصوفة بمقومات محددة.. لكن ليس بالضرورة (اسم محدد) لا يجوز الخروج عنه ..!! فالإعتداد بمصطلح (انقاذ) وافتراض أن أى محاولة لتفكيك المصطلح، استهداف للدولة الكائنة الآن.. هو في حد ذاته ضرب لفكرة الدولة التي كانت ترسمها أدبيات الحركة الإسلامية قبل أن تتولى مقاليد الحكم..

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

يبدوا أن مقالك قد مُنع من النزول فى الصحيفة ، فقد ضاق سقف الحرية عن إستيعاب (كُليماتك ) هذه، التى يظن ضباط الأمن الذين يراقبون الصحف قبل وبعد طباعتها_أنها قادرة على قلب حكومة (الإنقاذ).. عجباً لهم، ولكم الله أيها الصحافيون والكتاب تعملون فى بيئة قاسية جداً.
أما حديث الدكتور (نافع) ، فقد صدق الرجل ، فإتفاقيات السلام ودخول الأحزاب (الديكورية) للحكومة وبعض القليل جداً من حريات ممنوحة ، كل ذلك لم يغير شىءفى بنية وقبضة وهيمنة الإنقاذ على كل شىْ (قرارات وثروة وخدمة مدنية وعسكرية....ألخ) ،ودليلنا على ذلك ظهور تصريحات شبه يومية من شركاء الإنقاذ الموقعين على الإتفاقيات وشكواهم وتبرهم من الوضع القائم وسيطرة الإنقاذ على كل شىْ..فالإنقاذ موجودة موجودة شئنا أم أبينا ، فعلى الذين شاركوا الإنقاذ أن يتخذوا قراراتهم، إما الإندماج بصورة واضحة وكلية للإنقاذ أو التحول الى صفوف المعارضة (بدل ما يكونوا تمومة جرتق سااااااكت)...وإتمام اللوحة والمسرحية التى يسميها الإنقاذيين ب(حكومة الوحدة الوطنية!!)

غير معرف يقول...

الأخ عثمان، ملاحظتك عن مصطلح "الإنقاذ" يؤكد أن المؤتمر الوطني عاجز عن مغادرة عهد التسعينات! لاحظ أن هذه الفترة مثلت للعديد من الإسلاميين قمة هرم إنجازهم المهني، هي الفترة التي إنتقل الكثيرون منهم من مرحلة النقة و الجعجعة كبرلمانيين أو معارضين أو أحزاب أقلية بالحكومة إلى التطبيق كمتخذي قرار و حكام! معظمهم كان في سن الإنجاز آنذاك (الأربعينات و أوائل الخمسينات). الأجمل من ذلك هو غياب النقد آنذاك، فما يعتبره البعض من أبناء الشعب كفشل و تدهور سيظل في عيون صناع القرار في التسعينات بالمؤتمر الوطني كنجاح باهر خال من العيوب! بغض النظر عن أدائهم خلال تلك الفترة ستظل هى قمة أو درة حياتهم المهنية (highlight of their careers!) و كلما إشتدت الصعاب عليهم ستأتي سيرة مثل هذه المصطلحات عمدا أو سهوا من قبل كوادرهم! نفس الشيئ ينطبق على مخضرمي الشيوعيين و فترة أوائل السبعينات!

غير معرف يقول...

تجاوز المسميات والعناوين البازره لكسب المصلحه الحزبيه هو عمل سياسي ذكي بالضبط كتغيير تغليف البضاعه واسم الماركه لخلق للعوده للمنافسه في السوق. اذا هو تكتيك سياسي مرن هادف وذكي. عموما يشهد لهم الشعب السوداني بالذكاء المادي البحت في الامور التي تتعلق بالكراسي لكن للاسف الشديد هو ذكاء اني لحظي فقط يحل مشكلة اليوم فقط وقد يحلها بخلق مئات المشاكل الحتميه في الغد القريب.

غير معرف يقول...

ان الناس يخافون من-الغول-لانة غول حتى ولو بالاسم فقط,لذلك فان للاسم دلالتة حتى يؤدى غرضة كالتخويف او الجذب او جلب الاحترام,لذلك فان الارتكاز والتمترس خلف مصطلح(الانقاذ)يبقى هدفا لاستدعاءذلك الغرض,فلا يمكن ان نطلب من الغول ان يغير شهادة ميلادةالى الارنب حتى يبعث فى الناس الطمانينة,فسيظل الغول غولا مالم يروهو ارنبا يتقافز اماممهم,لذلك دعنا نبحث ونكتب عن التحول من السلوك-الغولى- الى ذلك -الارنبى-وهل يتم ذلك بالدفع ام بالرغبةوهل مايحدث الان فى الساحة السياسيةهو نوع من ذلك التحول ام ان الغول يحاول ان يلبس جلدالارنب فقط حتى يظفر ببعض الفرائس,ثم يخرج انيابة من جديد.الامر الثانى الذى ارجو ان تكتب فية شيئا هو ذلك السؤال-الاعور-الذى لا نستطيع التمييز بين اجاباتة المتعددة,كيف نجعل ذلك السياسى-الذى يقودنا-يميز بين ما يظنة صواب وبين ما هو صواب حقيقة,وهل يكفى-النصح-فقط لذلك الغرض ام انة يندرج تحت مظلة(اضعف الايمان).افتح بابا كبيرا للنقاش حول هذا الموضوع لعل ذلك السياسى يعرف الصواب او نقتنع نحن بانة هو الذى على الصواب.

غير معرف يقول...

السيد المهندس عثمان ميرغنى لا اود التعليق على المقال ولكن لدى فكرة بسيطة هى لماذا لا تجعل من مدونتك منبر للاراء المحجوبة لماذا لا تعيد كل المقالات التى تحجب يوميا من الصحف بعد الاستيذان من اصحابها بالطبع تحت اى باب من ابواب مدونتك تستطيع بهذة الفكرة اعطاء رمزية للتضامن مع اصحاب المقالات المحجوبة وتضمن بذلك شريحه مهمة من القراء تبحث عن مثل هذة المقالات و يمكن ان يكون مسمار يدق فى نعش الرقابة على الصحف استطيع ان اساعد فى مثل هذا العمل
ايميلى grand.b@hotmail.com