الاثنين، 1 يونيو 2009

اعلام والسلام 1 يونيو 2009

إعلام.. والسلام..!!

إنتقل إلى رحمة الله عصر أمس الأول (30 مايو 2009) المشير جعفر محمد النميري الرئيس الأسبق لجمهورية السودان (1969-1985) عن عمر شارف الثمانين عاماً.. وشيعته البلاد رسمياً بأعلى مقام سيادي.. وقطعت الإذاعة والتلفزيون الرسمي برامجهما وأتاحا لكوكبة من المذيعين الإنتشار أفقياً ورأسياً في مساحة شاسعة على مدى يومين.. ليغطوا مراسم العزاء ثم التشييع الشعبي والرسمي..
من خلال الإذاعة.. تابعت التغطية.. بفم فاغرٍ من الدهشة المحزنة..ويا لهول المفاجأة.. إتضح – أخيراً – من خلال ما ظلت تردده الإذاعة أن الرئيس (رحمه الله رحمة واسعة) .. كان رائد (الديموقراطية) و (الحرية) .. أي والله .. بنص الكلمات التي ظلت ترددها الإذاعة.. وأنه كان (عبقرية!! الاقتصاد السوداني) ..
صحيح في مثل هذه اللحظات الحتمية .. لا يصح إلا ذكر المحاسن والتغافل عن ما سواها.. لكن الأصح أنه لا يقبل عقلاً ولا عدلاً الإفتراء على التاريخ وإدانة الشعب السوداني على الهواء مباشرة.. الشعب الذي أطاح بنظام مايو وخلعه من الحكم.. هل كان هذا الشعب ناكراً لجميل (الحرية والديموقراطية و عبقرية الإقتصاد) عندما فعل ذلك .. لماذا يتلبس الأخوة المذيعين أن المطلوب منهم وهم يمسكون بالمايكرفون في المأتم أن (يعددوا) كالنائحة بكل ما يخطر على البال دون أدنى مسؤولية.. يرددون أي كلام والسلام..
ماهي معايير الجودة والمسؤولية التي يستند إليها إعلامنا الرسمي في خطابه العام.. هل كل ما يملكه من خبرة أكثر من ستين عاماً.. تجعله يوزع المذيعين خارج الاستديو ليطلب منهم ملء الفراغ..بأي كلام وباستطلاعات معظمها لمن ارتبطوا بالنظام الأسبق والذين يبكون ذكرياتهم..
أحد مذيعي الاذاعة أمس قال بصوت متهدج أنه يقدم لنا مواطنا جاء من مدينة عطبرة خصيصا لحضور مراسم التشييع.. ثم نقل المايكفرون للمواطن..الذي بكل بساطة قال (الحقيقة أنا جيت من عطبرة أزور خالي.. وسمعت بالنبأ هنا ..جيت التشييع لأنو المرحوم من بلدنا في دنقلا..) .. حتى عواطف الناس يحاول الإعلام إعادة تدويرها Recycling ..
هذه الإذاعة التي يتحدثون فيها.. والرواتب التي يتقاضونها عن عملهم، هي من حر مال فقر شعبنا المدقع.. وهو شعب سمح ومتسامح.. يدعو بالرحمة للرئيس الأسبق ويرجو الله أن يتقبله قبولاً حسناً في ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.. لكن لا يعقل أن يفترض إعلامنا الرسمي أن تلك العواطف والمشاعر تمسح التاريخ وتحول الديكتاتورية إلى (ديموقراطية وحرية وعبقرية اقتصادية).. هذا إستخفاف بعقول شعب إنتفض في 6 أبريل 1985 وخلع الحكم عنوة وإقتداراً.. بل صفع له..
اللهم أرحم الرئيس الأسبق جعفر النميري وأنزله في جناتك العلى.. وألهم إعلامنا الرشد والحصافة..


هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

الأعجب من أقوال المذيعين, إطراء المشير سوار الذهب القائد العام للجيش في انتفاضة رجب. عجبي.

Unknown يقول...

يعتبر جعفر نميري قائد ذا شخصية قوية جدا" وهو احد متطلبات القائد الناجح وقد قام باعمال جليلة في وطنه وفي الخارج ويكفيه فخرا" أنه قام بتغطية منطقة عرفات بأشجار النيم لتظليل الحجاج فنسال الله أن يظله في يوم لاظل الا ظله، لكن هذا لا ينفي جهل مذيعي ومعدي نشرات الاخبار بما يقولون.
محمد حسن
الخوجلاب

mmahgoub يقول...

يا باشمهندس عثمان يا من فقدتك مهنة الهندسة وكسبتك الصحافة ربنا يديك العافية ويوفقك لما يحب ويرضي ويلهمك الرشد والرأي الثاقب دائما.انا من المتابعين لعمودك من بدري ولدي الكثير الذي اود قوله لك .ارجو التواصل علي الايميل .اخوك المهندس محمدمحجوب عبد الرحيم

غير معرف يقول...

الاخ عثمان ميرغني لايكفي عند الحديث عن الاعلام السوداني تناول جانب المذيعين فقط الذين لا تنقصهم السماجه والجمود شنيدي كمثال, او عدم مراعاة الفواصل كسيل جارف من نقاط او شولات كابجديات الالقاء في قراءة الاخبار كاماني عبدالرحمن ,او التضخيم المرعب للصوت لاخبار لاترقي لمستوي الهمس كما عند كبيرهم عمر الجزلي والذي اضاع فرصة عمره للتوثيق لذاكره السودان في اداعاءات وااااااات مجوفه فارغه دون عمق ضاع معها البرنامج وقبله ضيف السودان الذي غالبا ما يرحل ويترك غصة في من حلق من اراد معرفته عن قرب. مع احتفاظي له بحق انه كان رائدا في مجال التوثيق والقائمة تطول. فدعنا ننتقل منهم الي الديكور البائس الذي يجعلنا نتساءل عن المرجعية او المدرسه الفنية التي يسلكها هؤلاء لتجعل منهم عالما لايمت الي عالم اليوم بصلةلا في التصميم او حتي اختيار الالوان. ودعنا نعرج علي من يطلقون عليه مخرج الروائع شكرالله خلف الله ولتعرض اعماله علي مخرج متخصص ولينصفه او ينصفنا باخراجنا من دوامه الحركه السريعه للكاميرا لدرجه صدمه المشاهد اوالاختيار السئ بمعني الكلمه لزوايا الكاميرا تجعلك تشك في مؤهلات من يقف وراءها...قائمة النقد تطول دون ان يكون ابرازها اساءه لمنبرك الراقي بقدر ما هي انفاس ساخنه مصدرها ابتلاءات تلفزيون السودان ولا اري فيها هجوم شخصي بقدر ما هي اراء في سلوكيات عامه فرضت نفسها عليناوالحكم فيها ان تلجا هذه الجهات الي مؤسسات متخصصه لتقيم هذه الكوادر التي جعلت من تلفزيون السودان خارج حسابات التنافس الاقليمي برغم الاعوام التي قاربت الخمسين علي انشائه. ,