الاثنين، 22 يونيو 2009

يا شعبا تسامى 22 يونيو 2009

يا شعباً تسامى..!!

بكل أسى.. أضع بين أيديكم أربع صور متقاطعة.. تحكي في مجملها (الواقع الراهن) ..
الصورة الأولى .. اتصال هاتفي من مواطن سوداني يعمل ويقيم في الشقيقة المملكة العربية السعودية.. في إحدى مناطق الحدود المتاخمة للبحر الأحمر من جهة البر المواجه للسودان.. حكى لي قصة غريبة للغاية.. قال أنهم – يقصد السودانيون في المنطقة التي يقيم بها – تعودوا بين الحين والآخر على دفن بضع وعشرين جثة لشباب وشابات سودانيين.. يلقون حتفهم خلال محاولتهم التسلل عبر البحر الى السعودية... قال لي أنهم دفنوا في هذا الشهر وحده حوالي (25) جثة..
هم ضحايا عمليات التهريب عبر (السنابيك) حسب قوله.. والكلمة تعني جمع (سنبوك) وهي مركب تقليدي يستخدم في البحر الأحمر ..
قال لي مهاتفي ..أن أحد الناجين حكى لهم تجربته .. وكيف أنه رأي بأم عينيه جثث الموتى يلقى بها في عرض البحر بلا أدنى تردد خوف المسؤولية .. فالمهربون يقبضون ثمن كل حمولة المركب من البشر.. بلا ايصالات تضمن حق الوصول لا للأرواح ولا الجثث على حد سواء..
المواطن السوداني قال لي أنهم اتصلوا بالسفارة السودانية أكثر من مرة .. لكن (الخط أُغلق في وجههم..) ثم أرسلوا خطابات بـ(الفاكس) ولا جدوى.. وأن المسلسل مستمر .. هاربون عبر البحر.. يتحولون إلى جثث.. ويدفنون في صمت بلا وجيع..
الصورة الثانية، مشابهة..وهناك ليس بعيداً عنهم.. سودانيون أخرون يتسللون عبر الصحاري ويقتحمون الأسوار الشائكة و(المكهربة) للدخول إلى اسرائيل.. قليل منهم ينجح في العبور سالماً.. وكثير منهم يلتهمهم إما رصاص حرس الحدود أو السجون لمن يلقى القبض عليه قبل التسلل..
صورتان في مقابل صورتين آخرتين.. صورة وفدي الحكومة وحركة العدل والمساواة وقد علقا المفاوضات في الدوحة.. وأدليا بتصريحات إعلامية أتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن فشل الجولة.. عاد الوفدان، الأول إلى الخرطوم والثاني إلى مهجره ..أقصى ما عاناه الوفدان، غربة الأسبوعين في فنادق الشقيقة دولة قطر.. ووعثاء السفر بالطائرة .. وخلف مفاوضاتهم المملة شعب كامل يقيم في معسكرات النزوج واللجوء.. ينظر وينتظر لاشيء.. الا رحمة الله..
وصورة رابعة وأخيرة.. هناك في واشنطون .. وفدان من حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يتفاوضان حول (عوارض) إتفاق السلام الشامل.. الوسيط الأمريكي يسعى بينهما كل على حده.. وهما الشريكان في القصر الجمهوري اللذان يحكمان شعبنا..
الصورتان الأخيرتان تعنيان ..أن الجنوب لا زال بعد أربع سنوات سلام، في أزمة.. وأن دارفور بعد (6) سنوات حرب.. يزداد أزمة.. وبين الأزمتين شعب مرسوم في الصورتين.. الأولتين ..شعب يموت في البحر الأحمر هربا للسعودية.. وفي الأسلاك الشائكة ..هرباً إلى إسرائيل..

ليست هناك تعليقات: