الأربعاء، 17 يونيو 2009

عودة المستشار 17 يونيو 2009

عودة المستشار..!!

الدكتور غازي صلاح الدين.. أحيل إليه ملف دارفور أخيراً.. وكان من قبل مستشاراً للسلام تولى ملف مفاوضات قضية جنوب السودان.. والتي جرت على مراحل في عدة مدن بكينيا.. وعلى يديه ولد اتفاق(مشاكوس) الإطاري.. الذي تطور خلال عامين ونصف (من يوليو 2002 إلى يناير 2005) الى اتفاقية السلام الشامل التي تحكم السودان حاليا عبر فترة انتقالية على وشك الإنقضاء..
وبدأ غازي مهامه بزيارة دارفور.. وأطلق عدة تصريحات استهلالية.. ثم سافر إلى واشنطون ليشارك في مؤتمر حول عقبات تنفيذ اتفاق السلام الشامل في جنوب السودان.. وهو ملف ليس بعيداً عن دارفور ..
ورغم ثقتي في قدرة د. غازي على تلمس الأراء والسبل التي تفتح الخيارات على مصراعيها أمامه في رحلة الألف ميل لتحقيق السلام في دارفور.. إلا أن الحاجة ماسة – جداً – للفت نظره الى عامل الوقت.. فقضية دارفور التي أترعت بالدماء والمحن منذ العام 2003.. لم تعد تصلح لأي تلكوء أو انتظار.. وتحتاج لمفهايم ثاقبة تدرك من أين تبدأ مسيرة السلام والتسوية السياسية..
إذا كان غازي يظن أن مفاوضات الدوحة ستحقق السلام في دارفور.. فالأجدر ان يسأل نفسه ولماذا لم يتحقق السلام بعد مفاوضات واتفاق (أبوجا) .. رغم أن الوضع كان ذات الوضع.. حينها كانت حركة تحرير السودان جناج مني أركو مناوي هي الحركة الأكثر نشاطا عسكريا وسياسيا.. وكان كثيرون يظنون أن مجرد توقيع السيد مناوي على وثيقة الاتفاق تتحول حرب دارفور الى دار الوثائق المركزية في حضن التاريخ.. لكن التجربة برهنت أن السلام سلامان.. سلام يزيد من مقاعد القصر والبرلمان والمناصب الدستورية الأخرى.. وسلام آخر علي الأرض.. يتحكم في الأخير رجال يحملون السلاح هناك في فيافي دارفور.. هم الذين اذا وضعوا السلاح.. ترتاح البنادق ويعم السلام.. لكنهم اذا ظلوا في مواقعهم.. مهما كان عدد الوافدين الى الخرطوم للمناصب الدستورية كبيراً.. يظل الحال على ماهو عليه..
ليس هذا بأي حال عرضحال ضد مفاوضات الدوحة.. لكنه بالضرورة لفت نظر أن الذين هم أولى بالمفاوضات .. الذين تحمل أكتافهم البندقية في دارفور..الرجال الذين من الغباء افتراض أنهم ينامون على ظهور السيارات المدججة بالسيارات .. من باب السياحة والتسلية..
أجندة التسوية السياسية والمفاوضات الحقيقية..تبدأ بمخاطبة قضية النازحين في المعسكرات.. الذين تجمدت حياتهم في انتظار عودتهم الى مجتمعاتهم الطبيعية.. لماذ يظن بعض الساسة أن المعسكرات لا يمكن أن تفقد سكانها إلا بعد توقيع وثيقة سلام..؟؟ لماذا الانتظار اذا كان ممكنا الشروع في توفير الاستقرار لشعب دارفور..
بلا من أو أذى.. لا يحمل السلاح على كتفه الا اليائس من حاله.. لكن الرجل الذي ينتظر عودة أبنائه ظهرا كل يوم من المدرسة.. لا يصنع الحرب ولا الدمار..
من هنا يجب أن يبدأ غازي ..!!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الأخ عثمان،

للأسف يميل أغلب السياسيين للتمعن في كارثة دارفور من منطلق عملي بحت و جانب المظهر العام و الـ PR! المشكلة بالنسبة لهم لا تتجاوز ما هو ظاهر للعيان: صور نازحين بأجهزة الإعلام الخارجية، بلاغات عن هجمات جنجويد و تبعاتها من محاكمات و ديات، تقارير سلبية من سيما سمر و منظمات حقوق الإنسان، تدنّي في نسبة المنخرطين بالمدارس، أنباء عن متمردين بأسلحتهم يغيرون على المحليات و المدن، بلاغات متزايدة عن أنشطة نهب مسلح، قبائل عربية تتذمر من التهميش ... إلخ. إستراتيجية حل المشكلة بالنسبة للجميع بالدوحة ستكون قائمة على الـ Damage Limitation و العملية. لن يمانع المسؤولين و المتمردين لو تم الإتفاق على حل يوفر القدر اللازم من الثروة و السلطة و يحل المشكلة على أرض الواقع إلى درجة تمكنهم من تقليل نسبة الأخبار و التقارير السيئة و تقليل نسبة التذمر الشعبي و البلاغات للشرطة! نتمنى أن نرى عقلية مختلفة من غازي صلاح الدين!