السبت، 6 يونيو 2009

اوباما في عالمنا 6 يونيو 2009

أوباما في عالمنا ..

باراك حسين أوباما الرئيس الأمريكي، زار المملكة العربية السعودية ثم جمهورية مصر العربية.. واختار نطقة تلاقي رمزية هي جامعتي الأزهر الشريف والقاهرة ..ليلقى خطابه في الأخيرة بحضور استاذة الجامعتين.. وبرر ذلك في خطابه أن الأزهر يمثل الأصل.. وجامعة القاهرة تمثل العصر..
في سياق الخطاب حاول أوباما أن يعيد ترسيم الصورة الذهنية للولايات المتحدة في الضمير الشعبي العربي.. فغالب كلماته كانت تحمل خطابا للشعوب أكثر من الحكومات.. استدعى سيرت الذاتية التي بدأت جذورها من عائلة مسلمة في كينيا ثم عبرت الى أحد أكبر البلاد الإسلامية، اندونيسيا.. ثم دراسته للتاريخ عموماً ومنه الإسلامي.. ليرسم بها منطقاً يسمح قليلا من الصورة الجماهيرية لأمريكا في العالم الإسلامي..
ورغم أن خطاباً واحداً لا يكفي للتأثير على الصورة الشعبية لأمريكا في العالم الإسلامي.خاصة مع بقاء صور القوات الأمريكية في العراق وافغانستان .. والدعم الأمريكي لاسرائيل.. لكن الأوجب أن تعيد الجماهير الإسلامية والعربية نظرتها لنفسها من خلال المنظار الذي ألقى به أوباما أمامها..
نقطة الضعف في علاقتنا مع أمريكا أنا نظر إليها (بالجملة).. ونفترض أن البيت الأبي في واشنطون هو كهف الشيطان الأكبر الذي لا يجوز في حقه الا الدمار والمسح من الوجود.. لكن في سيرة أوباما وحديثه نظرة أخري.. إذ اعاد التذكير بأن رجلا أسودا أفريقيا استطاع أن يعتلي ظهر أمريكا ويمسك بقرنيها .. وأن أمريكا ليست مجرد جيوش .. والإسلام هو الديانة الثانية فيها بعد المسيحية.. وأنها من حيث عدد المسلمين تمثل دولة اسلامية كبرى..
بعبارة أخرى، مواجهة شر أمريكا (العسكري) يتطلب الاستفادة من خيرها المدني.. الحريات والديموقراطية.. سلطة القانون .. العدالة والمساواة..فالمقارنة بشرقنا العربي والإسلامي هنا فاضحة..الشعوب العربية والإسلامية التي تبكي من أمريكا مرة.. تبكي من نفسها ألف مرة.. محكومة بالسوط والجلاد.. مقهورة في حرياتها ومحرومة من أدنى حقوق الإنسان..
والمنافسة مع الغرب وأمريكا تتطلب أن ندرك في عالمنا الإسلامي أن الإنسان هو محور التنمية والأنطلاق.. والإنسان المنحي الظهر .. المصفوع في وجهة لا يمكن أن يكون سيد نفسه أو مستقبله.. وأول نقطة انطلاق مطلوبة هي رفع القيود عن انسان العالم الإسلامي والعربي..
ليست القيود السياسية فحسب ، فتلك أقل جزء ظاهر من القيود .. بل القيود المدنية التي تحوله الى مجرد رقم حسابي في سجلات الدولة خالى من الحقوق والحرمات..

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

أستاذنا العزيز عثمان،

لا أدري إن كنت تتابع خطابات أوباما منذ إعلانه للترشح سنة ٢٠٠٧ و حتى تقلده للرئاسة، بلا شك الرجل متحدث بارع و على دراية واسعة بفنون مخاطبة القلوب و رفع الشعارات الجميلة على شاكلة Change we can belive in و Yes we can... إلخ! الولايات المتحدة ليست بكهف الشيطان الأكبر فهي دولة مثلها مثل غيرها و بمجتمعها المدني و بين أبناء شعبها الصالح و الطالح و الجميل و الممعن في القباحة! هناك نقطة يجب أن نتذكرها حتى نرى أمريكا الدولة و الإدارة و المجتمع الدولي بمنظار أوباما أو غيره: أمريكا و برغم الأزمة الحالية ستظل أكبر إقتصاد بالعالم، يفوق حجم إقتصادها أضعاف إقتصاد أي دولة أخرى بالعالم، سواء أراد الإمريكان أم أبوا فإن أي قرار من إداراتهم أو مؤسسهاتهم المالية أو أي ميول لمستهلكيهم سيؤثر سلبا أو إيجابا على العالم بأكمله! هذا إمتياز مستحق بلا شك للدولة الأمريكية الناجحة لكنها أيضا مسؤولية تجاه العالم الآخر ... حكومة الولايات المتحدة ليست كأي حكومة أخرى بالعالم و تأثير مؤسساتها ليس كتأثير مؤسات أي دولة أخرى بالعالم! كمواطن من العالم الثالث لا يحق لي أن أحقد عليهم و أدعوا عليهم بالبلاء (فهم بشر مثلنا!) لكن إذا كانت قراراتهم تؤثر على معيشتي و كانت ميول مستهلكيهم و أسواقهم تؤثر على حال سوق المستهلك و سوق العمل ببلدي و كانت آراء مثقفي مجتمعهم المدني تؤثر على إستقرار وطني فمن حقي أن أُسائلهم بالتحلّي بالمسؤولية تجاهي حتى في شئون هم يعتبرونها داخلية!! لو ذكرت ذلك لأوباما و أجابني ب"صراحة" لقال لي أن أمريكا تحكمها دائما مصالحها القومية! هل سمعت عن آراء أوباما تجاه إتفاقية NAFTA التجارية؟ هل سمعت عن تصريحاته الرعناء أثناء جولاته الإنتخابية عن غزو باكستان برغم أنف حكومتها الديموقراطية لكبح جماح طالبان أو القاعدة؟!! تصوير أمريكا على أنها الشيطان الأكبر بلا شك تصرف خاطئ و منحرف، و لكن تصويرهم كدولة و شعب عاديّان هو تصوير مبسّط لا يعكس الواقع