الأربعاء، 3 يونيو 2009

مباديء الترتيبات الانفصاليه 3 يونيو 2009

مباديء الترتيبات الانفصالية ..!!

الترتيبات الانفصالية التي تضمن ميلاداً سهلاً لدولة جديدة في الجنوب Smooth Landing .. يجب ان تبنى على مباديء رشيده.. باعتبار أن الإنفصال كان هبة الإرادة السياسية وليس الجماهيرية.. و أن الجمهور شمالاً وجنوباً لا يزال مغيباً عن القرار.. حتى في ظل الإجراءات الشكلية للانتخابات أو الاستفتاء.. فلابد – إذن - ان تقوم أسس الترتيبات الإنفصالية على ترك الباب مفتوحا على مصراعيه للأجيال القادمة إن شاءت أن تتراجع من الإنفصال وترتد الى وضع الدولة الموحدة..
هذا المبدأ سيحدد مفهوما ومنهجا يفترض الحفظ على جينات الوحدة داخل الوجدان السوداني حتى ولو تعذر ذلك في الجغرافيا السياسية.. فلا يجب أن تحرض مشاعر المواطن في الشمال أو الجنوب على الطرف الآخر.. بذل كل الجهد لزرع الإحساس بأن الوحدة أو الانفصال ليس خصاما بل مجرد آلية لحل مشكلة.. وتوفير بيئة نهضة معافاة لشقي الوطن..
بهذا المفهوم يمكن تأسيس جملة مباديء وأركان تقوم عليها الترتيبات الإنفصالية..
المبدأ الأول: جميع الجنوبيين هم أعضاء في الدولة السودانية.. وانفصال الجنوب عن الشمال لا يفقدهم الإنتساب للدولة السودانية.. فيظل كل الجنوبيين في الشمال بكامل حقوق المواطنة السودانية ولن تجبرهم سلطة أو قوة على الهجرة العسكية للجنوب الا بكامل ارادتهم وطوعهم.. كما ان جميع سكان الجنوب الذين اختاروا الانفصال يتمتعون بالحريات الأربع في الدولة السودانية.. حريات الدخول والإقامة والعمل والتملك..
الواقع الذي قد يجهله الكثيرون أن الجنوبيين في بعض مناطق الولاية الشمالية صاروا أكثر عددا من الشماليين فيها.. هؤلاء هم جينات (الوطن الواحد ولو بعد حين) فيجب المحافظة عليهم وتشجيعهم على استمرار مواطنتهم في الدولة السودانية..
المبدأ الثاني: حيث ان الدولة الوليدة الجديدة في جنوب السودان ستكابد مخاض بناء الأمة والبنيات التحتية والخدمات الأساسية للانسان.. فإن الشمال يتعهد باستمرار قبول الطلاب الجنوبيين في كل مراحل التعليم العام .. والجامعات الحكومية أسوة برصفائهم الشماليين دون أى تمييز.. لحين توفر التعليم في الجنوب بدرجة مناسبة.
المبدأ الثالث: حيث أن مشاكل ترسيم الحدود (خاصة في أبيي) ستظل عالقة لبعض الوقت.. وربما تكون سببا في اندلاع حرب حدودية بين البلدين .. فمن الحكمة الإتفاق على أن ترسيم وتقسيم الحدود مقصود به تحديد الموارد الطبيعية والثروات الخاصة بكل قطر .. وليس تقسيماً بشرياً أو سكانياً للقبائل والمجموعات السكانية في خطوط التماس.. فتحافظ قبائل التماس على معاشها في الرقعة الجغرافية التي تتحرك فيها دون اى اعتبار لخطوط التقسيم السياسي..
المبدأ الرابع : ازدهار أى من الدولتين، ليس خصما على الآخر.. بل على النقيض منذلك تماما هو ميزة للدولة الأخرى.. ومن مصلحة الشمال أن يصبح الجنوب دولة مستقرة و متقدمة معتمدة على نفسها..
المبدأ الخامس : الروابط الاقتصادية والتجارية أفضل حارس للوجدان المشترك بين الشعبين.. فتهتم الدولتان بفتح الطرق البرية والنهرية والجوية للتجارة بين البلدين.. ومنح كل دولة للآخرى صفة الشريك التجاري الأول..
مرارات التاريخ الدموي بين الشمال والجنوب قد تكون هي المحامي الاول عن الإنفصال.. فإذا عجزت اتفاقية السلام بكل ماوفرته من عدالة بين الشمال والجنوب أن تداوى هذه المرارات.. فالأجدر (تسريح بإحسان..) ربما يكون سبباً يوما ما.. على يد أجيال لم تحرقها مرارات الاحتراب.. للعودة بكامل الإرادة لمظلة الوطن الواحد..ربما على يد أبناء دينكا دنقلا.. !!

هناك تعليق واحد:

حافظ كمال يقول...

أستاذنا العزيز عثمان،

أولاً أحييك على صراحتك و شجاعتك في الإعتراف بفشلنا المتوقع كحكومات و شعوب و منظمات مجتمع مدني على المحافظة على السودان كوطن واحد!! لا أدري ما الذي حدث مؤخراً و دفعك للكتابة بإسهاب و صراحة عن هذا السيناريو الذي كان الجميع ينظر إليه قبل خمس أو ست سنوات بتشاؤم و إستنكار! و لكن أؤكد لك أن ما سيحدث خلال سنتين من الآن كان محتما و ظاهرا للعيان منذ سنين طويلة ... و إن كان لابد من إنفصال الجنوب فلنجعله "تسريح بإحسان".

و لكن... لا يمكن أن تبدأ بمقال واقعي و pragmatistic و تنهيه بمبررات رومانسية قد لا تمت للواقع و قوانين الإحتمال بشيئ!! فلننظر للتاريخ يا أستاذ عثمان، هل سبق لك أن سمعت أو قرأت عن دولتين إنفصلتا عن بعضيهما بمحض إرادتهما لتتوحدا مجددا عقب ذلك؟