الاثنين، 13 يوليو 2009

التعافي 13 يوليو 2009

التعافي ..!!

الشيخ د.العبيد عبد الوهاب..أستاذ بكلية الآداب جامعة الخرطوم..حافظ للقرآن .. ليس مجرد عالم يختزن العلم في صدره، بل شعلة نشاط وقاد.. يلقي المحاضرات حيثما تيسر له الوصول.. ودروس في بعض المساجد تبدأ فجراً بعد الصلاة مباشرة..حبه لنشر العلم حبب فيه شباب كثيرون.. توسموا فيه القدوة والنموذج .. تأثروا به كثيراً..
لم يكن انعزالياً أو عازلاً للآخرين.. شهد له بعض من أقرب أصدقائه ومعارفه بأنه كان خفيف الروح ومتسامحاً بأوفر تصالح مع الذات والآخر.. يعيش دنياه كأنه يعيش أبداً، ويعمل لآخرته كأنه يموت غداً.. له أسرة زوجة وأطفال، كما لكل الناس.. يحبهم ويمازحهم .. ويسعى بكسبه لتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.. يتمنى أن يراهم في كنف عيش كريم وتعليم مستقيم ..
ربما للشيخ العبيد رؤيته الخاصة وتقديره المستند على ما يقرأه ويعتقد به.. لكن ذلك لم يشيد جداراً عازلاً بينه والناس والمجتمع.. لا في مسلكه ولا في اتصاله بالآخر..صحيح أن كثيرين في الماضي والحاضر اشتطوا في فهم بعض أوجه الدين، وافترضوا أن المجتمع المدني المتخالط بمفاهيم العصر، شيطان لا يستقيم الإيمان إلا بالتعوذ منه واجتنابه وهجره وإنكاره بالقلب والجسد.. وأوغل البعض في الاعتقاد بوجوب إزالة مثل هذا المجتمع من الوجود.. فنتج عن ذلك كثير من العنف الجسدي والروحي معاً.. عنف كان أبشع فيه، أن الغرب جعل الوصمة فيه على الدين لا المتدينين ..
لكن الشيخ العبيد، لم يبعد عن مجتمعه قط.. لا روحاً ولا جسداً.. يسامر ويمازح ويخالط ويبيع ويشتري ويمشي في الأسواق.. ولا يأنف أن يصلي خلف من هم أقل منه علماً .. ويجهر بحبه لزوجته وأولاده..
لا أكتب هذه الكلمات لأدفع عنه تهمة، أو لأدمغ غيره بتهمة.. أكتبها فقط – والله العظيم – بإحساس المسؤولية عن إزالة لبس (إعلامي!!) اعترى سيرة الشيخ الشهيد.. الذي أحببته – جداً – دون أراه يوما أو سمعه .. إلا من وصف وشهادة رجال أثق في تقديرهم و قربهم منه .
و ليت الدولة، تدرأ عنها عبء المواجهة مع شباب مخلص وصادق في نواياه.. بأن تقترب منهم أكثر.. وتوفر لهم النصيحة بأوسع ما تيسر.. وترفع الغبن عن النفوس بتبني أسرة وأطفال الشيخ العبيد.. توفر لهم بيتاً يأويهم.. وليس مطلوباً إلا التكفل بما تبقى من قيمة بيت متواضع .. جمع الخيرون رُبع قيمته (مائة ألف جنيهاً) .. ولا يرهق خزينة الدولة أن توفر الباقي.. ليس مجرد سكن لأسرته..بل (سكن!) للنفوس المحتقنة بالأسى أن تدرك أن الشيخ في مقام كريم في آخرته ودنياه معاً..
والله على ما أقول شهيد..

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الاخ الاستاذ / عثمان مرغني
السلام عليكم ورحمة الله
لم اكن اظن استاذنا الفاضل ان الكلمات يمكن ان يكون لها هذا السحر وان الحروف يمكن ان تُحدث تلك السلوي حتي قرأت مقالك يوم الاثنين عن شقيقي الدكتور العبيد عبدالوهاب فكان بحق بلسمًا ضمد طرفًا من جراحاتٍ كثيره نخرت في أجسادنا حتي بلغت العظم . وأعظم ما في تلك الكلمات أنها جاءت في زمان اصبحت فيه مطارق الآلم تتنزل عليك من حيث لا تدري فشكرًا لك ولكل نفس ابيِِه شاركتنا حسًا ومعنًا .
لا أود ان أقحم عمودك المهذب المقروء - وقد القي الله عليه القبول لحكمة يعلمها سبحانه - بمداخلات الضحية والجلاد ولكني استميحك عذرًا ان اُحدث عن جانب من من حياة شيخنا شهيد العلماء كما سماه الشيخ الوالد الامين الحاج وهو تلك الشاعرية المتوقدة التي حباه الله اياها وقد اجتمع عنده فهمٌ عميقٌ لكتاب الله واحاطةٌ بالغةُ بلغتنا الجميله من اطرافها المتشعبه واداركاً لواقعٍ يعشه بحسه المرهف آخذاً معه ضوابط الشرع وحدوده، قد يضيق المكان عن الإستطراد لكن يكفي من البستان زهره ولا اجد اولي من حمد الله في شعرالشيخ الدكتور العبيد كعلامةٍ بارزةٍ وصفةٍ متكرره.
كتب من الحجاز منظومة لإخوانه واحبابه قال في بدئها :
الحمد لله علي آلاءه وجميع نعمته ورفع بلاءه
حمدًا له لا ينقضي ملء السماء والارض لا يحصي الدهور وملؤ ما
قد شاء نحمده علي الاحسان وجميع ما اسدي الي الانسان
مستغفرا من كل ذنب قد صدر مني علي غير التعمد قد بدر
بل كل ذنب جئته متعمِد ثم الصلاة علي النبي محمِد
صلوا عليه صلاة مشغولٍ به ذاك الذي فاض الفؤاد بحبه

واعرف من يردد بعض هذه الابيات في سجوده .
كذلك كان رحمه قد كتب من قديم قصدة رائعة جاء في اولها
لا الإبتداء بذكر الخمر من حكمي ولا الوقوف علي الأطلال من شيمي
لكن قولي بحمد الله ابدؤه وذكر ربي وشكري واهب النعم

كذلك سطرت يراعه مقدمة جميلةً بلغيةً مازال بعض الخطباء يفتتح بها صلاة الجمعه

الحمد للرحمن منشي السحب سبحانه ربي ومنزل الكتب
انزل للارض اليباب الديما انزل للعباد دينا ِقيما
فانبت الابدان الاجساما وعلم العقول الأفهاما
فماؤه أحي الموات الهامده ووحيه أحي القلوب الخامده

وغير ذلك كثير ارجوا الله ان يوفقني واخوان الدكتور واحبابه علي جمع شتاته ولم متفرقاته
والحمد لله اولا واخرا
عمر عبدالوهاب حسن
ooomar@hotmail.com