الخميس، 2 يوليو 2009

أول بطاقة تصويت في تقرير المصير 2 يوليو 2009

أول بطاقة تصويت في تقرير المصير..

الفريق أول سلفاكير ميارديت .. النائب الأول لرئيس السودان.. ورئيس حكومة الجنوب والحركة الشعبية لتحرير السودان .. فجر مفاجأة خطيرة.. للغاية.. قال في خطاب ألقاه أمس الأول في الكنيسة الرومانية الكاثولكية بمدينة جوبا..أن العقيد معمر القذافي الزعيم الليبي .. أجتمع به في (الثالثة صباحاً!!).. خلال زيارة سلفاكير إلى ليبيا الأسبوع الماضي.. وتعهد له بدعم (إنفصال!!) الجنوب إذا اختار شعب الجنوب ذلك..
ربما حتى هنا ليس هناك ما يستوجب الدهشة.. لكن – حسب سلفكاير- قال له القذافي أنه كان خطأ من البداية الإحتفاظ بالجنوب جزءا من السودان.. إذ كان الأفضل إما فصله دولة مستقلة.. أو ضمه إلى أي من دول شرق أفريقيا..
والحقيقة.. لا تثريب على الزعيم الليبي في دعمه لإنفصال الجنوب (إذا اختار أهل الجنوب الانفصال).. فذلك حق مدعوم محلياً ودولياً بموجب إتفاق السلام الشامل الذي وقع في العاصمة الكينية نيروبي.. في 9 يناير 2005 .. بل ليس القذافي وحده من يدعم إنفصال الجنوب (إذا اختار أهل الجنوب الإنفصال) فأخيه الرئيس عمر البشير نفسه سيدعم ذلك – بحكم الدستور واتفاق السلام – وسيسافر الرئيس البشير إلى جوبا للإحتفال مع أهل الجنوب بقيام دولتهم الجديدة.. فكل ذلك مكتوب في اتفاق السلام وبضمانات محلية ودولية..ولكن ..!!
الزعيم معمر القذافي أرتكب خطأ كبير في حق السودان.. إذ منح نفسه بطاقة تصويت في تقرير مصير الجنوب .. رغم أن السودانيين في الشمال أنفسهم لا يحق لهم التصويت في تقرير مصير الجنوب.. و قطع القذافي بأن جنوب السودان ليس جزءا من السودان وكان الأولى فصله أو ضمه لشرق أفريقيا منذ أيام الاستعمار البريطاني..
مثل هذا القول من القذافي .. لا يجعله مجرد داعم مشفق لاتفاق السلام وتقرير المصير ..بل يحوله الى لاعب أساسي في فريق الإنفصال.. وهو أمر لا يضر بشمال السودان كما يتبادر إلى الأذهان.. بل بجنوب السودان نفسه، عندما يتأثر تقرير المصير برياح خارجية.. فلا يصبح المواطن الجنوبي هو وحده صاحب الحق في تقرير مصيره..
وخطورة الأمر .. أن ما قاله القذافي، لا يبدو مجرد رأي عابر.. أفضى به لضيفه.. فحسب سلفاكير أن القذافي طلبه للإجتماع الساعة الثالثة صباحاً.. في عز الليل.. وهي إشارة إن لم تكن مهمة في السياق لما ذكرها سلفاكير في خطابه.. التوقيت نفسه يعني أن الأمر إستراتيجية ليبية في التعامل مع السودان.. وتعني أن ليبيا ليست مجرد راعٍ لدولة جديدة في السودان، بل محرض لأهل الجنوب أن يختاروا الإنفصال.. مع وعد بجائزة من مشروعات التنمية التي وعدهم بها القذافي حسب تصريحات سلفكاير..
أتمنى .. أن لا يكون ما نسب للقذافي صحيحاً..فكيف يكون – وهو حاليا رئيس الاتحاد الأفريقي - مروجاً لتقسيم إحدى دوله.. في حين تقطع المادة رقم (4) (أ) و(ب) المباديء الأساسية من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي باحترام سيادة دول الاتحاد وحدودها السياسية التي نالت الاستقلال بموجبها..

هناك تعليقان (2):

حافظ يقول...

يا أخ عثمان،

للقذافي تاريخ حافل بالتدخل في شئون السودان، الرجل لم و لن يكف عن ذلك! بمعنى nothing changes! حكومتنا (مع مشكلة أوكامبو خارجيا و الوضع المتأزم داخليا) لا تملك العصا أو الجزرة لتهذيب سلوك "ملك ملوك أفريقيا"!

و بالمناسبة عجز حكومتنا عن "الرد" بحد ذاته حسنة إذ أن للإنقاذ تاريخ فاشل جدا في إتخاذ القرارات "الإنتقامية" في مثل هذه المواقف!

فللننظر للجانب المليئ من الكوب يا أستاذ: سيلفا كير وضع العقيد في وضع لا يحسد عليه أمام المجتمع الدولي و ردّة فعل القذافي ستكون و ببساطة التملّص عن وعوده و مواقفه التشجيعية تجاه إنفصاليي الحركة!

على الأقل سنضمن كفّه عن التدخل بمشكلة الجنوب... و الإكتفاء ربما بالتدخل بدارفور!!!!

غير معرف يقول...

لا أعتقد أن الجنوبيين حكومة و شعبا سيصوتون للإنفصال بسبب تصريح تأييد صادر بالساعة الثالثة صباحا من زعيم دولة إشتهر بعدم ثبات آرائه و مواقفه السياسية! ما يقلقني هو رياح الغضب العارم بالجنوب مؤخراً تجاه مسأله الإنفصال! تكاد تكون كل التصاريح الصادرة من سياسيي الحركة و برلمان الجنوب منادية بالإنفصال و لا تخلو من نبرة العنف... لا يبدو لي أن التيار المتعصّب (آلهة الحرب) بالحركة سيصبر حتى ٢٠١١ لإعلان إنفصال الجنوب. لو أخذ هذا التيار بزمام الأمور بالجنوب فقد لا نرى نهاية للحروب الأهلية... كل ما يحتاجه هؤلاء هو سبب للإشتباك مع الشمال حتى لو إنفصل الجنوب!