السبت، 10 يناير 2009

10 يناير 2009 - الحصة تربية وطنية


الحصة تربية وطنية.!!

مدرسة خاصة في الخرطوم بحري (الأكاديمية السودانية العالمية - وزارة الخارجية).. طلبت من تلاميذها وتلميذاتها المشاركة في سوق خيري.. التلميذ عليه أن يحضر معه من المنزل طعاماً أو حلويات لتباع في المدرسة.. ويشتريها بقية التلاميذ.. ثم يتبرع التلاميذ بحصيلة آخر اليوم لصالح إخوانهم وأخواتهم تلاميذ وأطفال غزة.. المنكوبة بالإحباط العربي..هذه الفكرة قد لا تنتج ما يكفي إطعام أسرة فلسطينية واحدة لأسبوع واحد.. لكنها بكل يقين تلهم أطفال السودان كيف يتحكم ضميرهم ووجدانهم مع القضايا الوطنية.. في وطنهم الصغير السودان أو أوطانهم الكبرى في الوطن العربي أو القارة الأفريقية أو عالمهم الاسلامي.. كثيرون يغالبهم الاعتقاد الخاطيء أن الوطنية هي محض شعارات أو هتافات.. وبعض التربويين يطالبون بادخال مقررات دراسية تعلم الأطفال كيف يحبون وطنهم.. أي ما يسمونها بمادة التربية الوطنية.. لكن على أيامنا زمان في المرحلة المتوسطة.. كانت تفرض علينا مادة اسمها (التربية الوطنية).. كنا نخضع فيها لمقرر باهت مصنوع.. يفترض أننا نتعلم حب الوطن لما يصبح جزءاً من جدول الحصص ثم الإمتحانات.. ولكني أتذكر أن تلك المادة ما كانت تربي في أنفسنا الا الإحساس بأن (التربية الوطنية) عمل ممل صغير الشأن.. ليس في أهمية الرياضيات أو العلوم أو حتى الجغرافيا والتاريخ.. كنا نحس في دواخلنا أنها مادة (ملء فراغ).. وأن المعلم الذي يتولى تدريسها عادة يؤديها كعمل ثانوي جانبي غير مهم..حتى هذه اللحظة لم يتوفر للتعليم في بلادنا مفاهيم تدرك أن (التربية!!) ليست مجرد معلومات تُسكب في الحصة فتحفظ ليوم الإمتحان.. لتنسكب مرة أخرى في ورقة الإجابة.. بل هي عمل وممارسة وتهذيب للمشاعر بمثل هذا المسلك الذي قامت به تلك المدرسة الخاصة.. أن يتعلم الأطفال أنهم جزء من نسيج كبير وأن عليهم أن يساهموا فيه ولو (بشق تمرة) على قول الحديث النبوي الشريف..نريد أن يتعلم أطفالنا أن الحياة ليست مجرد تلك العلوم التي تفرض عليهم في المقررات الدراسية.. أن (الحياة عقيدة وجهاد) على قول الشاعر.. وأنها وطن له دين واجب السداد.. وأن الوطنية ليست مجرد (سينما في بحري).. وليست مجرد كلمات تصبغ الشعارات والخطب العصماء.. بل هي مفهوم ممتد.. من أدنى تعلم كيف تقف في الطابور بإحترام.. وكيف تحترم اشارة المرور.. إلى أعلى الفداء بالدم في سبيل الوطن..ليت مدارسنا العامة والخاصة تدرك أنها مؤتمنة على مستقبل وطن بأكمله.. لا حفنة تلاميذ يعبرون المرحلة.. وأن مفهوم (التربية) لابد أن يسير كتفاً بكتف مع (التعليم).. حتى لا تصبح العملية.. تعليم بلا تربية..!!

ليست هناك تعليقات: