الجمعة، 23 يناير 2009

23 يناير 2009 - الحزب الشيوعي الجديد..!!


الحزب الشيوعي الجديد..!!


حسناً.. الرجوع للحق فضيلة.. أخيراً اقتنع الحزب الشيوعي السوداني بالخروج إلى العلن وإقامة مؤتمره العام الخامس في وضح النهار .. (وقاعة الصداقة كمان..!!) .. وهذا هو عين ما كتبته في المرة السابقة عندما أقام مؤتمر المديرية في ذات الدهاليز التي أُشتهر بها الحزب.. وبدت حينها – هذه الدهاليز- كما لو أنها خبرة وعادات يصعب التخلص منها ..أكثر منها فكرة ذات جدوى عملية..ربما لأن الحزب الشيوعي منذ مولده كان مؤسسة صدامية.. وكان يعيش معظم حلقات تاريخية على مبدأ (يا قاتل .. يا مقتول) .. ونتج عن ذلك تعرضه لتصفية جسدية قاسية في العام 1971 .. ثم عاشت قياداته تحت الأرض سنوات طويلة.. خرجت منها للعلن فترة قصيرة بين عامي 1985- 1989 ثم عادت تحت الأرض مرة أخرى بعد قليل من وصول حكم الإنقاذ للسلطة .. أدت هذه الخبرة المتراكمة إلى تشكل عقلية متوجسة حذرة يدمي عينيها العمل تحت الأضواء الكاشفة.. وتفضل الأنفاق والسراديب المحكمة الإغلاق.. وتسبب ذلك في جعل الحزب يعقد أربعة مؤتمرات عامة منذ ولد قبل أكثر من (60) عاماً.. أي بمعدل مؤتمر كل (15) عاماً..الآن .. يبدو كما لو أن الحزب الشيوعي قرر مراجعة (منهج تفكيره) والعمل في الهواء الطلق.. لكن هل يكفي مجرد عقد مؤتمر علني لتغيير واقع الحزب الشيوعي المتلبس بالقيود والحذر؟. الإجابة الأقرب للواقع .. هي لا ..الخروج إلى الفضاء الحر قد يبدأ بمؤتمر عام طليق السراح – في قاعة الصداقة – لكن بالضرورة لابد من ممارسة بروسترويكا جادة لإعادة تصحيح مفاهيم الحزب عن العمل السياسي.. فالفكرة التي تأسس عليها الحزب الشيوعي كانت أقرب الى (العقيدة) التي تُلبس النظرية والإطار الفكري شارات مقدسة تصادر حرية العقل في الإجتهاد المناهض لأسس النظرية.. وتجعل الإنتماء للحزب أقرب لـ(التعميد) .. أو (أخذ الطريقة) في أدب الصوفية..يحتاج الحزب الشيوعي أولاً إلى الإطاحة باسمه التاريخي.. الذي تخلصت منه عتاة الأنظمة الشيوعية السابقة.. والتي صار بعض دولها أعضاء في حلف الناتو.. خاصة وأن الاسم ارتبط بدلالات مؤثرة عاطفياً على عضويته تكبل قدرتهم على التفكير المنطلق في سماوات بلا حجب.. علاوة على الصورة الذهنية عند غالبية الجمهور أن الدخول تحت كنف (شيوعي) يخصم من التدين والدين معاً ..ويحتاج الحزب الشيوعي أيضاً لتجديد مفاهيم القيادة فيه.. إذا أراد الاقتراب من مصطلح (ديموقراطي) حسب أدبياته.. فالحزب الذي يؤبد الزعامة والقيادة فيه لا يستحق صفة (ديموقراطي!) إلا كما استحقتها ألمانيا الديومقراطية (الشرقية) سابقاً.. أو كما استحقها جمهور اليمن الديموقراطية! (الجنوبي) سابقاً.. أو حتى جمهورية السودان (الديموقراطية!!) في عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري..تداول السلطة داخل أسوار الأحزاب .. قبل تداولها في القصر الجمهوري والبرلمان .. هو الطريق الوحيد لبناء وطن ديموقراطي..

ليست هناك تعليقات: