الاثنين، 19 يناير 2009

19 يناير 2009 - الفعل و رد الفعل ..


الفعل .. ورد الفعل ..!!

د. حسن الترابي عاد مرة أخرى إلى واجهة الأخبار..ورغم غزة ومآسيها أفردت له الصحف مساحات معتبرة .. فتداولت خبر إعتقاله ونقله إلى سجن كوبر.. وقالت بعض المصادر الأمنية حسب أخبار الصحف أمس .. أنه ربما يقدم إلى المحاكمة..ورغم يقيني أن الترابي درس الحدث جيداً ..ورد الفعل.. وتصرف بالصورة التي أفضت إلى التداعيات.. إلا أنني موقن أكثر بأن د. الترابي أخطأ في الحسابات السياسية مرة أخرى..التصريحات التي أدلى بها الترابي لوكالتي رويترز والفرنسية و إذاعة البي بي سي.. استمعت إليه وكان يتحدث باللغة الإنجليزية .. و مضمون ما قاله فيه علاوة على أنه يفتقر إلى البعد السياسي الوسيم.. فهو أيضاً هتك مباشر لأبسط قواعد الوطنية.. وبدون أي مؤثرات صوتية وإخراجية لشرح الأمر يمكن تبسيط وجه الخلل في موقف الترابي .. في كونه أحال قضية تمس رمزية أهم مؤسستين سياديتين هما الرئاسة والجيش إلى كنف (أجنبي!) ..لا يهم أن يكون الأجنبي فرداً أو مؤسسة مهما سمقت.. ففي النهاية هو (أجنبي!)..القضية هنا لا يمكن قياسها بمنطق عدالة غائبة أو حاضرة.. القضية تقاس بمنطق واحد فقط.. إذا كانت العدالة حاضرة في السودان فهي لا غيرها أولى بالقضية.. وإذا كانت في رأي البعض غائبة ومفقودة في السودان فالحل ليس بالنضال في الملعب الأجنبي.. بل في ممارسة هذا النضال هنا في الملعب السوداني لإحقاقها.. فيصبح في الحالتين ليس من سبيل لراشد وطنياً أن ينصح رئيس دولته وقائد الجيش أن (يستسلم!!) ويسلم نفسه طواعية لأجنبي .. لمحاكمته !! مهما كانت القضية محل النزاع مربكة أو مختلف عليها وطنياً في الداخل ويتصارع فيها أخوة الوطن بأفدح ما تيسر من الدماء والخراب..صحيح أن بين الترابي واخوته القدامى ثارات بني أمية.. لكن حُفت (الوطنية) بالمكاره .. مكاره أن تخمد شهوة التشفي في الغريم حتى ولو كان الوطن ثمن ذلك.. ومهما كانت نيران التخاصم مستعرة في القلوب لكن الحد الأدنى من الإنتماء للوطن يستوجب الإنتباه إلى أن رمزية الدولة لا يمكن إدراجها في قوائم الأسلحة القابلة للإستخدام في التقاتل السياسي والحزبي..ورئيس الدولة ليس مجرد مواطن.. وقائد الجيش ليس مجرد ضابط يضع الأوسمة على صدره وكتفه.. هناك أبعاد معنوية إذا رأى الساسة أن تُرفع وتُخفض حسب ظرف المعركة.. معركة الساسة.. تصبح الكارثة أن الوطن تحرسه الكواسر..ومع ذلك.. في تقديري أن إعتقال الترابي يزيد بلل الطين الذي تتوحل فيه البلاد.. ويمنح التوتر مزيداً من التوتر..

ليست هناك تعليقات: