الأحد، 11 يناير 2009

11 يناير 2009 - فناء الشعوب


فناء الشعوب..!!


الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. الذي احتار به الدليل ولم يعد يدري مايفعل أو يقول.. تحدث في مؤتمرصحفي بالقاهرة أمس.. فقال: "إذا كانت المقاومة تؤدي لتدمير الشعب الفلسطيني فلا نريدها..". ويقصد أن حركة حماس تقود شعب فلسطين إلى "هوليكوست" جديدة.. هذه العبارة تكشف ضعف فهم الرئيس الفلسطيني للأبعاد الإستراتيجية من الحروب عموماً.. ومن هذه الحرب الشرسة في غزة خصوصاً.. عندما تخوض دولة - مؤسسات - مثل إسرائيل حرباً في قطاع غزة.. من السذاجة إفتراض أن ذلك مجرد رد فعل على صواريخ "حماس" التي لا تشكل خطراً على إسرائيل.. فهي محدودة المدى والتأثير التدميري.. وليست هي حرباً "إنتخابية" يتنافس فيها حزبا كاديما بزعامة وزير الخارجية سيبني لفني و حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو.. الأمر أكبر من ذلك..هي حرب إستراتيجية مرسومة بعناية ومنذ فترة من الزمن..لاحظوا التسلسل التاريخي لصراع العرب مع اسرائيل.. فبينما رفض العرب قرار الأمم المتحدة بتقسيم المنطقة بين الإسرائيليين والعرب في العام 1948.. وكان المعروض أضعاف ما حصل عليه الفلسطينون بعد أربعين عاماً من ذلك.. وخاضت مصر والجيوش العربية الأخرى حروباً متتالية في 1956 ثم 1967 وأخيراً في عام 1973..كانت كل حرب تنقل القضية إلى مربع جديد.. يبدأ منه الحساب من الصفر مرة أخرى لكن في إتجاه جديد.. وبعد أن كانت الحروب العربية الإسرائيلية حروبا نظامية تخوضها جيوش دول المواجهة العربية.. تحولت إلى حروب مليشيات.. مرة في لبنان وهذه المرة في غزة..الإستراتيجية الإسرائيلية وصلت إلى المرحلة التي حتى فلسطين نفسها صارت قسمين.. قسم الموالاة لاسرائيل.. و المعاداة.. وتحولت قضية "تحرير فلسطين".. إلى "تحرير غزة".. ثم تغير المسار حتى من "تحرير غزة" إلى تحرير "معبر رفح".. ربما لم يفهم الرئيس الفلسطيني أن "فناء" الشعب الفلسطيني - بمقاومة أو غير مقاومة - ليس من أهداف إسرائيل.. فعلى الأقل إسرائيل تنظر للجانب المفيد من وجود قوة عاملة فلسطينية رخيصة لأداء الأعمال الهامشية في إسرائيل.. ووجود سوقٍ إستهلاكية للمنتجات الإسرائيلية في الشعب الفلسطيني..لكن يفنى الشعب الفلسطيني فعلاً عندما يصبح مجرد قطيع من السكان يبحث عن قطعة أرض يمارس فيها غريزة التكاثر الفطري حتى لا يفنى.. فيحصل على قطعة الأرض هذه في الضفة أو غزة أو حتى في المنافي..الفناء الذي تريده إسرائيل لشعب فلسطين.. ليس الفناء الذي يخشاه عباس.. ليس فناء التصفية الجسدية الذي يمحو مليوناً ونصف مليونٍ من البشر في غزة من عالم الوجود.. إسرائيل تبحث عن فناء معنوي.. تحول هذا الشعب إلى ممتلكات دولية محمية بقرارات مجلس الأمن.. عندها ستصبح الدولة الفلسطينية مجرد منطقة أمنية عازلة..

ليست هناك تعليقات: